مفهوم الاستدلال على التوافر في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تُعرف التأثيرات التي تحدد سهولة استدعاء الذهن باسم تأثيرات التوافر، حيث أن الاستدلال على التوافر في علم النفس هو إجراء حكمي للاعتماد على أخذ العينات العقلية ويتم توضيحه في العديد من المواقف والأحداث وخاصة تلك التي تتعلق بالعمليات المعرفية والعمليات العقلية، ومنها تميل دراسة الاستدلال على التوافر إلى التركيز على الأخطاء المنهجية في صنع القرار البشري وغالبًا ما تساعد هذه الأساليب الاستدلالية في فهم الحالات الشاذة لاستنتاج التوقعات من الأدلة.

مفهوم الاستدلال على التوافر في علم النفس

يصف مفهوم الاستدلال على التوافر في علم النفس استراتيجية عقلية يحكم فيها الناس على الاحتمال أو التكرار أو الحد الأقصى بناءً على السهولة التي يمكن بها وكمية المعلومات التي يمكن استحضارها إلى الذهن، على سبيل المثال قد يحكم الناس على المخاطر التي يمكن تخيلها بسهولة مثل الهجمات العدوانية أو حوادث الطائرات على أنها أكثر احتمالية من مخاطر الإنفلونزا أو حوادث السيارات التي يصعب تخيلها ولكن من الناحية الموضوعية أكثر احتمالية.

أسباب ونتائج مفهوم الاستدلال على التوافر في علم النفس

كان مفهوم الاستدلال على التوافر في علم النفس واحدًا من ثلاثة أساليب استدلالية قضائية أو اختصارات عقلية، جنبًا إلى جنب مع التمثيل والتثبيت والتعديل، والتي افترض عاموس تفيرسكي ودانيال كانيمان أن الناس يتبنونها لتبسيط الأحكام المعقدة؛ وذلك نظرًا لأن المعلومات المتعلقة بالأحداث الأكثر احتمالية أو تواترًا أو متطرفة تكون متاحة بشكل أكبر من المعلومات حول الأحداث الأقل احتمالية أو المتكررة أو المتطرفة، فإن الاستدلال على التوافر عادة ما ينتج أحكامًا دقيقة.

ومع ذلك يمكن أن ينتج عن الاستدلال أحكام متحيزة وخاطئة كما يتضح من تصور الناس أن السلوكيات السلبية أكثر خطورة من السلوكيات العدوانية مثلاً؛ لأن التوافر المعرفي يمكن أن يتأثر بعوامل مثل التغطية الإعلامية أو الوضوح والتي لا علاقة لها بالاحتمال والتكرار أو الطرف.

يعتقد الباحثين أن الاستدلال على التوافر مسؤول جزئيًا عن العديد من التحيزات القضائية، حيث يميل الأشخاص الذين يعيشون معًا على سبيل المثال إلى المطالبة بقدر كبير من المسؤولية عن الجهود التعاونية مثل غسل الأطباق وبدء الجدال، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه من الأسهل على الأشخاص التفكير في مساهماتهم الخاصة بدلاً من التفكير في مساهمات مساكنهم.

يبالغ الناس أيضًا في تقدير حجم الارتباط بين التشخيصات السريرية على سبيل المثال الاكتئاب والقلق والاختبارات التشخيصية غير الصالحة على سبيل المثال رسم وجه عابس؛ وذلك لأن التشخيصات والاختبارات التي تجتمع معًا متاحة أكثر من التشخيصات والاختبارات غير ذات الصلة.

يميز الباحثين بين جانبين من جوانب مفهوم الاستدلال على التوافر في علم النفس، حيث أن كمية المعلومات المسترجعة والتجربة الذاتية لاسترجاع المعلومات على سبيل المثال السهولة المتصورة التي يمكن للناس أن يتذكروا بها التجارب السلبية غالبًا ما يكون حجم المعلومات المسترجعة وتجربة استرجاع المعلومات مرتبكين، وهذا يعني أن المعلومات التي يتم استرجاعها بكثرة يتم استرجاعها بسهولة أكبر.

وفي سلسلة من التجارب أوضح نوربرت شوارتز وزملاؤه أن تجربة استرجاع المعلومات تؤثر على الأحكام المستقلة وأحيانًا على الرغم من كمية المعلومات المسترجعة، في إحدى التجارب طُلب من المشاركين سرد إما ثلاثة أو تسعة أمثلة للأمراض المزمنة.

الاستدلال على التوافر في الإدراك الاجتماعي في علم النفس

عند تقييم تواتر أو احتمالية وقوع حدث ما أو تزامن حدوث عدة أحداث، غالبًا ما يستخدم الأفراد استراتيجية تعتمد على السهولة التي يمكن بها استرجاع أجزاء من المعلومات أو توليدها من الذاكرة من خلال الاستدلال على التوافر في علم النفس.

قد يواجه صاحب العمل الذي يرغب في قياس معدل البطالة في مجتمعه مشكلة الحصول على المعلومات ذات الصلة من المصادر الرسمية، ولكن إذا لم يكن لديهم الحافز أو القدرة على القيام بذلك، فيمكنهم محاولة التفكير في أصدقاء أو معارف عاطلين عن العمل، وكلما زادت سهولة قدرتهم على القيام بذلك كلما ارتفع تقديرهم لمعدل البطالة.

ترتبط الظواهر القضائية الإضافية في المجال الاجتماعي بتوافر الكشف عن مجريات الأمور، وأحد الأمثلة على ذلك هو الخطر الذي يعتمد تقييمه على تكرار حدوث نوع من الأحداث، وبالتالي فإن ركوب الدراجة النارية أمر محفوف بالمخاطر إلى الحد الذي تحدث فيه الحوادث بشكل متكرر، ومع ذلك قد يتم فصل التكرار الفعلي لحدث ما والسهولة التي يتبادر إلى الذهن بها إذا كان من المرجح أن يتم الإبلاغ عن أحداث معينة في وسائل الإعلام.

وتجدر الإشارة إلى أن الاستدلال على التوافر في علم النفس وتأثيره في الإدراك الاجتماعي له مكونان نفسيان عادة ما يكونان مرتبكين من خلال المحتوى الذي يتبادر إلى الذهن والسهولة أو الجهد الذي يتم تجربته أثناء استرداد المعلومات من الذاكرة.

وتظهر العديد من الدراسات في مجال علم نفس الصحة التأثير المباشر لسهولة الاسترجاع من ذوي الخبرة على تقييم المخاطر، على سبيل المثال وجد أن درجات أعلى لمخاطر الاتصال بأمراض القلب عندما طُلب من المشاركين إدراج ثلاثة عوامل تتمثل في سهلة التوليد بدلاً من ثمانية يصعب توليدها تزيد من مخاطرهم.

يتم أيضًا إجراء أحكام المواقف من تكوين الموقف من خلال الوظيفة والبنية حول موضوعات الحياة اليومية على أساس التوافر الإرشادي في ظل ظروف معينة، حيث ذكرت مواقف أكثر إيجابية تجاه النقل العام من جانب الأشخاص إذا طُلب منهم سابقًا إنشاء ثلاث حجج بدلاً من سبع حجج لصالح النقل العام، وتم إنشاء هذه الأمثلة التجريبية بحيث ارتبط استرجاع المزيد من المعلومات بسهولة تذكر أقل خبرة، تشير النتائج إلى أنه في ظل ظروف دون المستوى الأمثل، يعتمد الحكم على تجربة استرجاع المعلومات وليس على محتوى ما يتم استرجاعه.

الاستدلال على التوافر في الأحكام الذاتية في علم النفس

إذا كان الاستدلال التمثيلي يميل إلى التغاضي عن حجم الفئة فسيتم استخدام دليل الاستدلال على التوافر بشكل أساسي للحكم على حجم الفئة أو بالأحرى الحجم النسبي، حيث يرتبط حجم الفئة بالاحتمال بقدر ما يؤخذ الاحتمال أحيانًا على أنه النسبة، في المجتمع ككل للحالات التي تنتمي إلى فئة معينة، أو تمتلك بعض السمات المحددة، والإحصائي الذي يريد تقدير الترددات النسبية يرسم عينة عشوائية.

النظير المعرفي لإجراء الإحصائي في الاستدلال على التوافر هو أخذ عينة في العقل أي أن يستحضر إلى الذهن، إما عن طريق البحث النشط أو تلقائيًا، ومع ذلك فإن أخذ العينات في العقل ليس عشوائيًا، إنه يخضع للعديد من التأثيرات التي تحدد السهولة التي تتبادر إلى الذهن الأمثلة، ومن الأمثلة على هذه التأثيرات البروز والحداثة والقدرة على التخيل في علم النفس ولحسن الحظ حتى التردد الفعلي.


شارك المقالة: