مفهوم الامتثال السلوكي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


وفقًا لبحوث الأخلاق السلوكية يحتفظ كل منا بهوية أخلاقية نحافظ عليها في حالة توازن من خلال الانخراط في سلوكيات أخلاقية أو غير أخلاقية، فنحن نسجل كلا الجانبين باستمرار من خلال مقارنة صورتنا الذاتية عن شخص جيد بما نفعله بالفعل، عندما ننخرط في عمل غير أخلاقي فإن هويتنا الأخلاقية مهددة ونبحث بنشاط عن فرصة لفعل شيء أخلاقي واستعادة التوازن، بعبارة أخرى نقوم بتعويض العجز في الجانب الجيد من بطاقة قياس الأداء.

مفهوم الامتثال السلوكي في علم النفس

يشير التأثير الاجتماعي إلى الطرق التي يؤثر بها الناس على معتقدات الآخرين ومشاعرهم وسلوكياتهم، بحيث أننا كل يوم نتعرض للقصف بمحاولات لا حصر لها من قبل الآخرين للتأثير علينا، وعلى هذا النحو لطالما كانت دراسة التأثير الاجتماعي موضوعًا رئيسيًا للبحث لعلماء النفس الاجتماعي والباحثين في العديد من العلوم الاجتماعية الأخرى على سبيل المثال التسويق والسلوك التنظيمي والسياسي.

يميز علماء النفس عادة بين أربعة أنواع من التأثير الاجتماعي تتمثل في الامتثال السلوكي وهو عندما يغير الفرد سلوكه استجابة لطلب صريح أو ضمني من شخص آخر، وغالبًا ما يشار إلى الامتثال على أنه شكل نشط من أشكال التأثير الاجتماعي من حيث أنه عادة ما يبدأ عن قصد من قبل شخص ما، حيث يتم تصورها أيضًا على أنها شكل خارجي للتأثير الاجتماعي من حيث أن تركيزها ينصب على تغيير السلوك الإنساني الصريح.

على الرغم من أن الامتثال السلوكي في علم النفس الاجتماعي قد يحدث أحيانًا نتيجة للتغييرات في المعتقدات الداخلية للأشخاص أو عن طريق المشاعر، فإن هذه التغييرات الداخلية ليست الهدف الأساسي للامتثال، كما أنها ليست مطلوبة بالضرورة لنجاح الطلب، في المقابل يشير التوافق إلى تعديل الناس لسلوكياتهم أو مواقفهم أو مشاعرهم أو معتقداتهم لتلائم معيار المجموعة.

يُنظر إلى المطابقة عمومًا على أنها شكل سلبي للتأثير في أن أعضاء المجموعة بحيث لا يحاولون بالضرورة التأثير على الآخرين، ومنها يقوم الناس فقط بمراقبة تصرفات أعضاء المجموعة وتعديل سلوكياتهم أو وجهات نظرهم وفقًا لذلك، حيث يمكن أن يكون تركيز التوافق إما خارجيًا من خلال سلوكيات علنية أو داخليًا من خلال القيم والمعتقدات والعواطف في الطبيعة.

تعتبر الطاعة هي تغيير في السلوك نتيجة لأمر مباشر من شخصية مرجعية، حيث أن الطاعة تعبر عن شكل نشط من أشكال التأثير ومماثل لمفهوم الامتثال السلوكي من حيث أنها عادة ما تبدأ مباشرة من قبل شخصية مرجعية وعادة ما تكون خارجية في أن السلوكيات العلنية هي بشكل عام محور تركيز الأوامر، والإقناع الذي يشير إلى محاولة نشطة لتغيير مواقف أو معتقدات أو مشاعر شخص آخر، عادةً عبر شكل من أشكال التواصل.

الإقناع هو أيضاً شكل نشط من أشكال التأثير وهو داخلي في تركيزه حيث أن التغييرات في معتقدات الناس أو مشاعرهم هي الهدف من هذا التأثير، وعادة يتم التعامل مع الإقناع على أنه أدبيات متميزة عن تلك الخاصة بالأشكال الثلاثة الأخرى للتأثير الاجتماعي، وعادة ما يتم تضمينه كمجال رئيسي للبحث في أدبيات المواقف الأوسع.

لذلك فيمكننا القول أن مفهوم الامتثال السلوكي في علم النفس هو طريقة جديدة نسبيًا للتفكير في كيفية معالجة التحول الذي تحركه الأخلاقيات لثقافة الجماعات المكونة حسب الأهداف المطروحة، حيث يحاول الباحثين في العديد من المجالات النفسية الاجتماعية النظر خارج مجموعة الأدوات التقليدية لفهم ما يحفز الأفراد على التصرف بشكل غير أخلاقي.

خلفية مفهوم الامتثال السلوكي في علم النفس

لخلق الوعي وسط مجتمع فإن الامتثال السلوكي حول الطرق الجديدة للاستفادة من العلوم السلوكية لمعالجة مشكلة سوء سلوك الأفراد، ظهر الموضوع على جدول أعمال أحداث الامتثال البارزة التي عقدت مؤخرًا، أدار منتدى النزاهة العالمي لمكافحة الفساد التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية جلسة حول الرؤى السلوكية كمدخلات قيمة لعملية إعادة التفكير في سياسات النزاهة، بالتالي اتفق فريق الخبراء على أن دمج عامل السلوك الإنساني في النهج التقليدية القائمة على الامتثال سيعزز فعاليتها.

وعلى نفس المنوال في المؤتمر السنوي لأسبوع الامتثال للمهنيين المتخصصين في الامتثال والمخاطر شارك المتحدث الرئيسي كريستوفر آدكنز وجهات نظره حول الطرق الجديدة لتصميم برامج محددة عالية التأثير بناءً على رؤى من علم الدماغ وعلم النفس الاجتماعي، وتم إيلاء اهتمام خاص لإعادة تصميم جزء التدريب والاتصالات من هذه البرامج والمناهج.

ومع ذلك لا يزال هناك فصل واضح بين المعرفة العلمية المتراكمة وبرامج الامتثال والأخلاقيات الفعلية، ومع زيادة الضغوط لبناء وتحسين الثقافات الأخلاقية داخل المنظمات المتنوعة والخاصة بالصحة النفسية وكيفية الحفاظ عليها وتحسينها، لم يعد العمل في صوامع واحدة خيارًا لمسؤولي الامتثال.

أهم التحيزات في الامتثال السلوكي في علم النفس

تحدى البحث الأخير في الأخلاق السلوكية الافتراض القائل بأن اتخاذ القرار غير الأخلاقي هو عملية معرفية، حيث يؤدي التقدم الأكاديمي في هذا المجال إلى توسيع نطاق النظرة إلى أخلاقيات المجموعات والامتثال بشكل كبير، ومنها توضح التجارب التي تم إجراؤها أن العوامل الاجتماعية والنفسية تؤثر على القرارات الأخلاقية في الأعمال والمستقبل لأعضاء المجموعة الواحدة.

التحيزات اللاواعية أو الضمنية هي فئة واحدة ضمن مجموعة من السلوك اللاواعي الذي يقود أفعال الإنسان في مفهوم الامتثال السلوكي في علم النفس، أي التأثير على سلوكنا دون وعي فعلي من جانبنا، على الرغم من أنه ليس من الجيد أو السيئ أن يكون لدينا تجربة هذه التحيزات فإن الاعتراف بأننا جميعًا نمتلكها هو خطوة أولى نحو المعيار الأخلاقي المنشود.

سيساعد دمج نتائج تجارب الأخلاقيات السلوكية في التدريب والتواصل بين المجموعات على خلق وعي بالفجوة بين مدى أخلاقياتنا وسلوكنا الفعلي، علاوةً على ذلك فإن هذا المنظور الإضافي سيجعل رسالة الامتثال أكثر جاذبية ولا تنسى وبالتالي تحسين فعالية جهود التدريب.

تحدث تحيزات الخدمة الذاتية في عدة مراحل من عملية صنع القرار في عملية الامتثال السلوكي في علم النفس، حيث تتمثل بالقيام بتنبؤات مفرطة في التفاؤل بشأن سلوكنا المستقبلي، والميول البشرية الموثقة جيدًا لتقديم تنبؤات غير دقيقة حول سلوكنا، مما يجعلنا كبشر ننتظر الفرص والمواقف لمراقبة حلقة ردود الفعل التي تصدر منا ومن غيرنا، يقول علماء النفس الاجتماعي أن الأشياء المختلفة تدفع سلوكنا عندما نتخيل حدثًا مستقبليًا، نفكر في المبادئ والمواقف رفيعة المستوى، ومع ذلك عندما نواجه الموقف الفعلي، فإننا نركز على التفاصيل والاعتبارات، ويصبح سلوكنا تلقائيًا حيث ننتقل إلى وضع القتال أو الهروب للاستجابات السريعة والبديهية.

بعد اتخاذ القرار غير الأخلاقي تتأكد التحيزات التي تخدم الذات بعد اتخاذ القرار أننا لا ننزعج من التناقض بين سلوكنا الفعلي والمعتقدات الأخلاقية عن أنفسنا، حيث يعتبر الدماغ البشري جيد جدًا في إيجاد تفسير معقول لاستجاباته التلقائية، ونبدأ في إهمال اللوم  أو تبرير السلوك غير الأخلاقي بأن الجميع يفعل ذلك، أو ننسى الذكريات التي لا تدعم صورتنا الذاتية أو نضبط معاييرنا الأخلاقية لمصلحتنا الخاصة


شارك المقالة: