مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي:

ينطوي مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي على تميز الشخص فيما يتعلق بالآخرين، حيث يمكن أن يعكس هذا التفرد السلوكيات الإنسانية الفعلية أو تصورات الشخص فيما يتعلق باختلافاته الفردية بينه وبين غيره، حيث أنه يمكن للناس أن يتفاوتوا في الدرجة التي يرغبون بها في مثل هذا التميز، حيث يرغب البعض بشدة في التخصص أي الحاجة الكبيرة للتميز والبعض الآخر لا يريدون التميز عن الآخرين أي انخفاض الحاجة إلى مفهوم التميز.

تاريخ مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي:

ربما يكون البحث النفسي عن مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي ظاهرة حديثة؛ وذلك لأن الناس منذ قرون كانوا مهتمين بقضايا البقاء الأساسية ولم يكن لديهم الوقت للاهتمام بتفردهم وتميزهم عن غيرهم، ومع ذلك في القرنين التاسع عشر والعشرين والحادي والعشرين كان الناس أكثر ثقة في تلبية احتياجاتهم ورغباتهم الأساسية للبقاء، وبالتالي تحولوا إلى القضايا التي تتمثل وتنطوي على الحفاظ على مفاهيمهم الذاتية الخاصة بهم وتميزهم عن غيرهم، وهكذا في المجتمعات التكنولوجية والمكتظة بالسكان بشكل متزايد أصبح الناس أكثر تركيزًا على الأمور المتعلقة بتفردهم.

على الرغم من وجود كتب وقصص من القرنين السابع عشر والثامن عشر عن الأشخاص الذين كانوا قلقين بشأن الحفاظ على تميزهم المعروف تحت المصطلح الألماني الشبيه أو فرد مشابه، قبل منتصف السبعينيات كان الرأي المشترك بين علماء النفس الاجتماعي هو أن الناس لا يريدون أن يكونوا مميزين.

نشأت هذه النظرة الأخيرة المناهضة للفرد من النظرة الشاملة والكلية من بحث المطابقة، حيث أظهر أن الناس غالبًا ما يريدون مواكبة الجمهور، وأبحاث الجاذبية الشخصية التي أظهرت أن الناس يريدون أن يكونوا متشابهين قدر الإمكان مع الآخرين، وبالمثل خلال فترة ما قبل السبعينيات نظر علماء النفس الإكلينيكي وعلماء الاجتماع إلى أي اختلافات أظهرها الناس على أنها غير طبيعية أو منحرفة أو مرضية.

مع الانتقال إلى السبعينيات وأوائل الثمانينيات بدأ باحثين مهتمين في علم النفس الاجتماعي في إجراء عمليات تلاعب تجريبية قوية كانت تهدف إلى دراسة كيف سيكون رد فعل الناس عندما يتلقون حلقة ردود الفعل التي تشير إلى أنهم متشابهين للغاية مع الآخرين.

على عكس نتائج ما قبل السبعينيات أظهرت نتائج هذه الأبحاث الجديدة في البحث النفسي التجريبي أن الناس لم يعجبهم هذا التشابه الكبير للغاية، وبالفعل أرادوا أن يشعروا ببعض الإحساس بالخصوصية والتميُّز فيما يتعلق بالآخرين، حيث تم تطبيق مصطلحات التفرد والحاجة إلى التفرد ونظرية التميز على هذا البحث الأخير، وفي وقت لاحق لها سميت هذه النظرية النفسية بنظرية التميز الأمثل.

دليل على مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي:

تضمنت الدراسات حول الحاجة إلى مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي بشكل أساسي إجراء اختبارات تقرير ذاتي تطلب من المشاركين في البحث وصف أنفسهم على مجموعة متنوعة من الأبعاد والمعايير والقيم وبعد ذلك تقديم التعليقات لهؤلاء الأشخاص حول مدى تشابههم مع الأشخاص الآخرين الذين يُفترض أنهم أجروا نفس الاختبارات النفسية.

في الواقع كانت ملاحظات التشابه هذه زائفة لكن المشاركين في البحث صدقوها، وقبل اجتماعاتهم المزعومة مع هؤلاء الأشخاص الآخرين تم اتخاذ تدابير ووسائل مختلفة لردود الفعل العاطفية والسلوكية للمشاركين في البحث النفسي، بالتالي أظهرت النتائج أنه عندما حصل الناس على ملاحظات تفيد بأنهم كانوا متشابهين للغاية، مقارنة مع آخرين متشابهين إلى حد ما، مع الآخرين الذين أجروا نفس الاختبارات النفسية، أفاد هؤلاء الأشخاص السابقين بأنهم يشعرون بمزيد من المشاعر السلبية والانخراط في السلوكيات الإنسانية لإعادة تأسيس تخصصهم.

مثلا تضمنت السلوكيات الإنسانية التي تهدف إلى إظهار تفردها وتميزها تأييد الكلمات الوصفية الذاتية غير العادية، والتوافق بشكل أقل والتعبير عن الأفكار الأقل شيوعًا، وإنتاج المزيد من الاستخدامات الإبداعية للأشياء، وتقييم الأشياء النادرة وجديدة أيضاً في هذه النقطة الأخيرة، حيث أنهتم استخدام الحاجة إلى مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي لشرح سبب انجذاب الأشخاص إلى المنتجات التي لا تتوفر إلا لعدد قليل من الأشخاص، على سبيل المثال اسرع للأسفل بينما يستمر التوريد، وكذلك سبب تغيير أنماط المنتجات للكل تجعل هذه المنتجات جذابة جدًا للناس.

تم أيضًا تطوير مقاييس التقرير الذاتي والتحقق من صحتها لقياس الدرجة التي يكون لدى الشخص فيها حاجة منخفضة أو معتدلة أو عالية للتميز ومفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي، بعبارة أخرى يرغب بعض الأشخاص بشكل خاص في إظهار المواقف والمعتقدات والسلوكيات الإنسانية والتصرفات المميزة وما إلى ذلك، في حين لا يريد الآخرين مثل هذا التميز والتفرد، منها تم استخدام مقاييس الحاجة إلى التفرد هذه بنجاح للتنبؤ بميل الناس إلى البحث عن أنشطة غير عادية وسلع نادرة.

إن الأبعاد المقبولة اجتماعيا والتي يمكن للناس أن يظهروا فيها تميزهم تسمى سمات التميز الشخصية، ويظهر البحث النفسي التجريبي أن الناس يستخدمون السمات التالية لإظهار تخصصهم وتميزهم وتفردهم الذي يتمثل من خلال ما يلي:

  • المواقف والظروف الضمنية والمزدوجة والمعاكسة وغيرها.
  • المعتقدات والقيم التي تميز كل شخص عن غيره.
  • المظهر الشخصي بما في ذلك الملابس.
  • الأصدقاء والأصحاب والمقربين من العلاقات الواسعة سواء الصداقة أو زملاء العمل أو القيادين.
  • خصائص وسمات الشخصية.
  • عضوية المجموعة.
  • التوقيعات والتنبؤات المتنوعة للمستقبل والمهارات القادمة.
  • العروض أو المنتجات الاستهلاكية.

علاوة على ذلك يُظهر الناس تفردهم وتميزهم في تلك الأبعاد المهمة لمفاهيمهم الذاتية، على سبيل المثال الشخص الذي يعتبر مظهره الشخصي أمرًا حاسمًا يرتدي ملابس تظهره أو تظهر على أنها مختلفة عن الآخرين.

يُظهر البحث النفسي أن الناس يريدون عمومًا ترسيخ شعور بالخصوصية والتفرد عند إعطائهم ملاحظات تفيد بأنهم متشابهين إلى حد كبير مع الآخرين، علاوة على ذلك يستخدم معظم الناس سمات وخصائص مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي المقبولة اجتماعيًا لإظهار بعض الإحساس والعواطف بالخصوصية بالنسبة للآخرين، أخيرًا تكشف مقاييس التقرير الذاتي في علم النفس أيضًا أن بعض الأفراد يرغبون بشدة في إظهار تميزهم وتفردهم كسمة شخصية خاصة بهم دون غيرهم.

أهمية مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي:

البحث عن مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي يسمح للناس بتحقيق الرضا عن تخصصهم الحالي، أيضًا قد يؤدي البحث عن مفهوم التميز إلى زيادة التنوع في المجتمع؛ يحدث هذا لأن الأشخاص ذوي الاحتياجات العالية للتميز يسعون إلى أهداف واهتمامات مختلفة عن غيرهم، وبذلك يفتحون مجالات جديدة يمكن للآخرين النجاح فيها.

في السعي وراء مفهوم التميز في علم النفس الاجتماعي من المرجح أيضًا أن ينتج الناس مهارات ومعارف ومعتقدات وقيم ومواقف جديدة مبتكرة وإبداعية قد تكون مفيدة في حل المشكلات والأزمات المتنوعة، حيث إن الاعتراف بالتميز والسعي وراءه يعززان تسامحًا مجتمعيًا أكبر وتقديرًا للاختلافات بين الناس.


شارك المقالة: