مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعتبر مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس من أكثر المفاهيم الذي يوضح ويبين المشاعر والعواطف غير السارة التي يشعر بها الفرد؛ وذلك عندما يواجه مواقف تستدعي التفكير في شيئين معاً، ومنها اهتم العديد من علماء النفس في التناقض المعرفي الملحوظ من حيث تطويرها وتطبيقها ووضع العديد من البحوث النفسية المرتبطة بها.

مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس

يعتبر مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس التي تم اختراعها ووضعها عام 1957 بشكل عام من أهم المفاهيم وخاصة في علم النفس الاجتماعي وأكثرها استفزازًا، ببساطة فإن مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس يعتبر هو حالة توتر تحدث عندما يكون لدى الفرد في وقت واحد إدراكين تتمثل في أفكار أو مواقف أو معتقدات أو قيم أو آراء، حيث أنها تكون غير متسقة نفسياً مع بعضهما البعض، ويكون الإدراكان متعارضين إذاً، وبالنظر إلى هذين الإدراكين وحدهما فإن عكس أحدهما يتبع الآخر.

نظرًا لأن تجربة مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس ممكن أن تكون غير سارة في بعض الأوقات، يتم تحفيز الناس لتقليلها إما عن طريق تغيير أحد الإدراك أو كليهما بطريقة تجعلهم أكثر توافقًا أو أكثر انسجامًا مع بعضهم البعض، أو عن طريق إضافة المزيد من الإدراك والوعي الذي يساعد على الجسر وسد الفجوة بين الإدراك الأصلي، على سبيل المثال إدراك الفرد بأنه يدخن السجائر سيكون متناقضًا مع معرفته بأن تدخين السجائر يسبب السرطان والكثير من الأمراض.

الطريقة الأكثر مباشرة لتقليل التناقض هنا هو الإقلاع عن التدخين، لكن لنفترض أن هذا الفرد قد حاول الإقلاع عن التدخين وفشل في ذلك، كيف يمكنه تقليل التناقض الظاهري هنا؟ قد يحاول إقناع نفسه بأن التدخين ليس بهذا السوء من خلال انتقاد البيانات العلمية، أو بالاعتقاد بأن الفلاتر تحبس معظم المواد الضارة، أو من خلال تركيز انتباهه على أن الذي يدخن عبوتين يوميًا ويبلغ من العمر 93 عامًا ولا يزال قويًا.

تساعد كل هذه الإدراك في تقليل بعض من مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس وخاصة المرتبط بالتدخين، من خلال الإشارة إلى أن التدخين قد لا يكون ضارًا كما يُعتقد عمومًا، حيث انه تمشيًا مع هذا المنطق وجد بعض الباحثين أن المدخنين الشرهين الذين ذهبوا إلى عيادة الإقلاع عن التدخين، أقلعوا عن التدخين لفترة ثم عادوا إلى التدخين بكثافة، وبالتالي نجحوا في تقليل إدراكهم لمخاطر التدخين.

البحث النفسي الأساسي في مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس

أنتجت نظرية ومفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس مجموعة واسعة من النتائج المثيرة للاهتمام والاستفزازية، حيث يمكننا طرح قائمة ببعض التجارب النفسية الكلاسيكية للبحث النفسي في مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس من خلال ما يلي:

التناقض المعرفي الملحوظ بعد القرار

تقترح النظرية أنه كلما اتخذنا قرارًا صعبًا، سنختبر التناقض المعرفي الملحوظ؛ وذلك لأن جميع الجوانب السلبية للبديل المختار تتعارض مع اختياره، وبالمثل فإن جميع الجوانب الإيجابية للبديل المرفوض تتعارض مع رفضه، حيث أوضح الباحثين أنه في غضون دقائق قليلة بعد اتخاذ قرار صعب، قلل الناس من التناقض المعرفي الملحوظ عن طريق تفريق تقييمهم للبدلين، وأقنعوا أنفسهم بأن البديل المختار أكثر جاذبية مما اعتقدوا في الأصل وأن البديل المرفوض كان أقل جاذبية، مما كانوا يعتقدون في الأصل.

الجهد والتناقض المعرفي الملحوظ

تقترح النظرية أنه مع تساوي كل الأشياء الأخرى، كلما عملنا بجد من أجل شيء ما وكلما أحببناه أكثر، فالإدراك هنا أننا قد عملنا بجد من أجل شيء ما، يتعارض مع أي شيء سلبي حوله، ولتقليل التناقض المعرفي الملحوظ سنحاول تشويه تصورنا للعنصر في اتجاه إيجابي، حيث وجد علماء النفس أن الأفراد الذين مروا ببداية شديدة من أجل الحصول على القبول في مجموعة مناقشة مملة، وصنفوا هذه المجموعة على أنها أكثر جاذبية من الأشخاص الذين تم قبولهم في المجموعة بجهد ضئيل أو بدون مجهود.

الامتثال المستحث والتناقض المعرفي الملحوظ

إذا تم حث الأفراد على الإدلاء ببيان مخالف لمعتقداتهم الفعلية، فكلما قل الحافز المقدم لهم، وكلما كان التغيير في إيمانهم الفعلي في اتجاه البيان الذي قدموه؛ حيث يحدث هذا لأنه كلما زاد الإغراء في شكل مكافآت أو عقوبات محددة أو يمكن تقديمها للشخص قل التناقض المعرفي الملحوظ، وبالتالي إذا كان الناس يتقاضون أجرًا دولارًا أمريكيًا فقط مقابل قول كذبة، فسيواجهون تناقضاً أكثر مما لو دفعوا 20 دولارًا، ولتقليل التناقض المعرفي الملحوظ هنا سيقنعون الأفراد أنفسهم بأن البيان الذي أدلوا به كان في الواقع قريبًا من معتقداتهم الحقيقية.

تطور مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس

تسبب مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في إثارة ضجة كبيرة في علم النفس، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها أظهرت حدود الحكمة التقليدية، والتي كانت تستند أساسًا إلى نظرية التعزيز، ففي الواقع أصبحت الحكمة الجديدة أنه إذا كان الشخص يريد أن يجعل شخصًا ما يفعل شيئًا غير سار، فستكون المكافآت العالية مفيدة، كما تقترح نظرية التعزيز ولكن إذا كان هذا الشخص يريد أن يعجب هذا الشخص بما يفعله أو يؤمن بحقيقة ما يفعله يقول، أقل مكافأة ممكنة ستنتج أكبر تغيير.

كما هو الحال مع معظم النظريات النفسية تطورت نظرية مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس، في السنوات التي تلت ظهورها، وربما كان أهم تغيير جوهري يتعلق بمفهوم الذات، حيث جادل علماء النفس المعرفيين أنه في أي حالة متناقضة وواضحة لا ينتج التناقض المعرفي الملحوظ عن طريق أي من الإدراكين المتناقضين، بدلاً من ذلك فإن الإدراك بشأن سلوك معين يتعارض مع مفهوم الذات لدى الشخص، وفقًا لمفهوم الذات يوجد تناقض واضح وملحوظ بين الإدراك بالقول أنا شخص يتمتع بالنزاهة والإدراك بالقول لقد كذبت.

كان للتغيير في التركيز تداعيات كثيرة، على المستوى المفاهيمي أوضح النظرية في التناقض المعرفي الملحوظ من خلال تحديد المكان الذي تنطبق فيه وما لا ينطبق، وعلى المستوى التوليدي فتح التناقض المعرفي الملحوظ الباب أمام مجموعة واسعة من الأبحاث والتنظير حول الفوارق في السلوك الإنساني الذاتي مثل العمل القائم في عام (1991) حول التحقق الذاتي، والعمل القائم عام (1988) على تأكيد الذات، والعمل القائم عام (1992) على الرياء.

تطبيقات مفهوم التناقض المعرفي الملحوظ في علم النفس

منذ نشأة التناقض المعرفي الملحوظ كانت تطبيقات النظرية على قضايا العالم الحقيقي واضحة، حيث يستمر هذا التطبيق حتى يومنا هذا، ومنها تم استخدام نظرية التناقض المعرفي الملحوظ بنجاح للمساعدة في إيجاد حل لمجموعة متنوعة من المشاكل، مثل علاج رهاب الثعابين، وحث طلاب الجامعات على الحفاظ على المياه من خلال أخذ زخات مطر قصيرة، وتقليل التحيز بين طلاب الجامعات.


شارك المقالة: