اقرأ في هذا المقال
- مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس
- ما هو الفرق بين العار ومفهوم الشعور بالذنب في علم النفس
- تكيف المشاعر الأخلاقية في مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس
مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس هو عاطفة يساء فهمها على نطاق واسع، حيث عانى طويلاً من سمعة سيئة غير مستحقة، حيث تزخر الصحافة الشعبية بالمقالات التي تقدم النصائح حول كيفية عيش حياة خالية من الشعور بالذنب، ويعتبر العديد من المعالجين تقليل الشعور بالذنب أحد أهدافهم العلاجية قصيرة المدى، ولا أحد يريد أن يُنظر إليه على أنه أم تسبب الشعور بالذنب.
مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس
تشير الأبحاث النفسية الحديثة إلى أن مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس بشكل عام هو المشاعر الأكثر تكيفًا، مما يفيد العلاقات الاجتماعية والشخصية بعدة طرق، دون التكاليف العديدة الخفية للعار، حيث تم تصنيف مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس على أنه أحد المشاعر الأخلاقية والوعي الذاتي والاجتماعي والإشكالي، مما يؤكد مدى تعقيد هذه التجربة العاطفية والأدوار العديدة المختلفة التي يلعبها الشعور بالذنب في حياة الناس.
تعود الاعتبارات النظرية المنهجية لمفهوم الشعور بالذنب في علم النفس على الأقل إلى سيغموند فرويد، الذي رأى الذنب كرد فعل لانتهاكات معايير الأنا العليا، وفقًا لفرويد ينتج مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس عندما تتعارض السلوكيات غير المقبولة الموجهة نحو الأنا أو الدوافع الإنسانية القائمة على الهوية مع المطالب الأخلاقية للأنا العليا، ومنها رأى فرويد الشعور بالذنب كجزء من التجربة الإنسانية العادية، لكنه رأى أيضًا أن مشاعر الذنب التي لم يتم حلها أو المكبوتة عنصر أساسي في العديد من الأعراض النفسية.
لعقود من الزمان ظل مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس إلى حد كبير في نطاق نظرية التحليل النفسي، وتم إجراء القليل جدًا من الأبحاث العلمية حول مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس حتى منتصف الستينيات.
ما هو الفرق بين العار ومفهوم الشعور بالذنب في علم النفس
غالبًا ما يستخدم الناس مصطلحي الشعور بالذنب والعار بالتبادل، كمشاعر أخلاقية تمنع السلوك السلبي أو كمشاعر إشكالية تلعب دورًا رئيسيًا في مجموعة من الأعراض النفسية، لكن الكثير من الأبحاث النفسية الحديثة تشير إلى أن هذه تجارب عاطفية متميزة، كل من الشعور بالذنب والعار هو مشاعر لوم الذات التي يمكن أن تنشأ استجابة لمجموعة واسعة من الإخفاقات والتجاوزات والأخطاء الاجتماعية.
يركز جوهر الاختلاف بين العواطف المتمثلة في العار ومفهوم الشعور بالذنب في علم النفس على تركيز التقييم السلبي للفرد، عندما يشعر الناس بالذنب فإنهم يشعرون بسوء تجاه سلوك معين تجاه شيء فعلوه، عندما يشعر الناس بالخجل فإنهم يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم، أو بطريقة ما التراجع عن الضرر الذي حدث، وبالتالي فإن الشعور بالذنب يكون أكثر ميلًا لإبقاء الناس يشاركون بشكل بناء في الموقف المحفز بالذنب.
ميزة مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس هي أن نطاق اللوم أقل شمولاً وبعيد المدى منه في حالة العار، في الشعور بالذنب يكون الشاغل الأساسي للفرد هو سلوك معين، بعيدًا إلى حد ما عن الذات؛ نظرًا لأن الشعور بالذنب لا يهدد الهوية الأساسية للفرد، فمن غير المحتمل أن يتسبب في إنكار دفاعي أو انتقام من العار، في الواقع مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس يضع الناس في مواجهة مشكلة يمكن التحكم فيها أكثر من الخجل، إن تغيير السلوك السلبي أسهل بكثير من تغيير النفس السيئة.
تكيف المشاعر الأخلاقية في مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس
تشير خمس مجموعات من النتائج البحثية إلى أن مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس هو تكيف المشاعر الأخلاقية الأكثر تكيفًا بالنسبة للعار، أولاً يؤدي كل من الخجل والشعور بالذنب إلى دوافع متناقضة أو ميول فعلية، عادة ما يرتبط العار بالرغبة في الإنكار أو الاختباء أو الهروب، فعادة ما يرتبط الشعور بالذنب بالرغبة في الإصلاح، وبهذه الطريقة يكون الشعور بالذنب عرضة لتوجيه الناس في اتجاه بنّاء واستباقي وموجه نحو المستقبل، في حين أن العار يمكن أن يدفع الناس نحو الانفصال والتباعد والدفاع.
ثانيًا يبدو أن هناك رابطًا خاصًا بين الشعور بالذنب والتعاطف، حيث يتضمن التعاطف الشخصي القدرة على اتخاذ وجهة نظر شخص آخر، لمعرفة والشعور حقًا بما يشعر به الشخص الآخر، في المقابل يحفز التعاطف السلوك الإيجابي الاجتماعي، ويمنع العدوان وهو عنصر أساسي في العلاقات الدافئة والمجزية، حيث تظهر العديد من الدراسات التي أجريت على الأطفال والمراهقين والبالغين أن الأفراد المعرضين للشعور بالذنب هم أفراد متعاطفون بشكل عام.
على النقيض من ذلك يرتبط الشعور بالخجل بضعف القدرة على التعاطف الموجه نحو الآخرين والميل إلى استجابات الضيق الشخصية الموجهة نحو الذات، وتظهر نتائج مماثلة عند التفكير في مشاعر الخزي والذنب في الوقت الحالي، بغض النظر عن الفروق الفردية عندما يصف الناس تجارب الذنب الشخصية، إنهم ينقلون قدرًا أكبر من التعاطف والاهتمام بضحايا تجاوزاتهم، مقارنة بأوصاف تجارب العار، فمن خلال التوجه على السلوك السلبي على عكس الذات السيئة، فإن الأشخاص الذين يعانون من الشعور بالذنب يكونون متحررين نسبيًا من عملية الخجل المتمحورة حول الذات، بدلاً من ذلك فإن تركيزهم على سلوك معين يسلط الضوء على عواقب هذا السلوك على الآخرين المنكوبين ، مما يسهل الاستجابة المتعاطفة.
ثالثًا ربما بسبب الصلة بين الشعور بالذنب والتعاطف، حيث يميل الأشخاص المعرضين لمفهوم الشعور بالذنب في علم النفس إلى إدارة غضبهم والتعبير عنه بطريقة بناءة، على الرغم من أن الأفراد المعرضين للشعور بالذنب هم من المرجح أن يصبحوا غاضبين في مجرى الحياة اليومية مثل الشخص العادي، فإنه بمجرد الغضب يميلون إلى العمل على معالجة المشكلة بطريقة منفتحة وغير عدائية، باستخدام غضبهم لإجراء تغييرات للأفضل.
على سبيل المثال عندما يتم تحفيز الأشخاص الغاضبين والمعرضين لمفهوم الشعور بالذنب في علم النفس لإصلاح الموقف، يقل احتمال أن يصبحوا عدوانيين، ويزيد احتمال مناقشة الأمر بصراحة وعقلانية، على النقيض من ذلك فإن الأشخاص المعرضين للشعور بالعار تجاه الذات بأكملها هم أكثر استعدادًا لاستخدام الاستراتيجيات العدوانية وغيرها من الاستراتيجيات المدمرة للتعبير عن الغضب.
رابعًا تشير النتائج المستخلصة من دراسات أُجريت على أشخاص من مختلف مناحي الحياة إلى أن مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس مفيد في مساعدة الناس على تجنب الخطيئة والمثابرة على المسار الأخلاقي طوال الحياة، على سبيل المثال بين طلاب الجامعات يرتبط مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس بتأييد عناصر مثل لن أسرق شيئًا أحتاجه، حتى لو كنت متأكدًا من أنني قد أفلت من العقاب، فالمراهقين المعرضين للشعور بالذنب هم أقل ميلًا للانحراف عن أقرانهم غير المعرضين للشعور بالذنب.
أخيرًا خلافًا للاعتقاد السائد فإن مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس الخالي من الخجل لا يحمل معه تكاليف باهظة في التكيف النفسي والرفاهية، عند استخدام تدابير حساسة للتمييز بين الخزي حول الذات والشعور بالذنب حول سلوك معين، فإن الميل إلى الشعور بالذنب لا يرتبط أساسًا بالأعراض النفسية، وتتلاقى العديد من الدراسات المستقلة ويرتبط العار ولكن ليس الشعور بالذنب، بالقلق والاكتئاب وتدني احترام الذات ومجموعة من المشكلات النفسية الأخرى.