مفهوم القلق بين المجموعات في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم القلق بين المجموعات في علم النفس الاجتماعي:

غالبًا ما يحس الأشخاص بعدم الراحة عند التفاعل مع الآخرين الذين ينتمون إلى مجموعة اجتماعية مختلفة عن تلك التي ينتمون إليها، حيث أن القلق بين المجموعات هو المصطلح المستخدم لوصف هذا الانزعاج، ففي وقت التفاعل مع أعضاء مجموعة اجتماعية مختلفة تسمى المجموعة الخارجية، غالبًا ما يتوقع الناس مجموعة متنوعة من النتائج السلبية، مثل الاستغلال أو الرفض، وفي الحالات القصوى قد يشعرون بالقلق من أن أعضاء المجموعة الخارجية بأنهم سوف يؤذونهم جسديًا.

قد يقلقون أيضًا من أن أعضاء مجموعتهم الخاصة التي تسمى المجموعة الداخلية، حيث أنهم لن يوافقوا على التفاعل مع أعضاء المجموعة الخارجية، حيث يمكن أن ينشأ القلق بين المجموعات في العلاقات بين أي مجموعتين تقريبًا.

أصول مفهوم القلق بين المجموعات في علم النفس الاجتماعي:

تشير الدراسات في البحث النفسي الاجتماعي في المنهج التجريبي حول القلق بين المجموعات إلى أن أصوله تعود إلى العلاقات السابقة بين المجموعات، إذ اتسمت العلاقات السابقة بالصراع فسيكون الناس بطبيعة الحال قلقين بشأن التفاعل مع أعضاء المجموعة الخارجية، ومنها إذا كانت هناك اختلافات جوهرية في الحالة بين المجموعتين، فإن هذا التفاوت يمكن أن يثير القلق أيضًا.

لدى أعضاء المجموعات ذات المكانة المنخفضة سبب للخوف من أن يتم رفضهم واستغلالهم من قبل أعضاء المجموعات ذات المكانة العالية، وقد يشعر أعضاء المجموعات ذات المكانة العالية بالقلق أيضًا إما لأنهم قلقون بشأن الاستياء الذي قد يوجه إليهم أو لأنهم يشعرون بالذنب بشأن الطريقة التي تعاملت بها مجموعتهم مع المجموعة الأخرى في الماضي.

العامل الآخر الذي وجد أنه يزيد من القلق بين المجموعات هو التماثل القوي مع مجموعة الفرد، حيث أنه عادةً ما يعتبر الأشخاص الذين يتحدون بشدة مع مجموعتهم الخارجية أن الجماعات الخارجية أقل شأناً، وهو الموقف الذي يشار إليه أحيانًا باسم التمركز العرقي، حيث تؤدي الوسطية العرقية إلى القلق بشأن التفاعل مع أعضاء المجموعة الخارجية بسبب ازدراء أعضاء المجموعة تجاههم.

بالإضافة إلى ذلك فإن الجهل بالمجموعة الخارجية وقواعدها ومعتقداتها وسلوكياتها يمكن أن يؤدي أيضًا إلى القلق بين المجموعات، على سبيل المثال عندما يتفاعل الناس مع أفراد من ثقافة أخرى والتي تكون معرفتهم بها محدودة، فإنهم عادةً ما يشعرون بالقلق، وعلى الرغم من أن النقص البسيط في الاتصال الشخصي مع مجموعة خارجية يمكن أن يسبب قلقًا بين المجموعات، فإن الاتصال الشخصي السلبي السابق هو سبب أقوى للقلق بين المجموعات في علم النفس الاجتماعي.

آثار مفهوم القلق بين المجموعات في علم النفس الاجتماعي:

يمكن أن يؤدي مفهوم القلق بين المجموعات إلى عدد من النتائج السلبية، حيث أن الآثار الأكثر دراسة للقلق بين المجموعات هي التحيز تجاه الجماعة الخارجية، وعدم الرغبة في التفاعل مع أعضاء خارج المجموعة، ومنها تم العثور على هذه التأثيرات في المواقف بين مجموعة متنوعة من المجموعات بما في ذلك السود والبيض والأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية أو السرطان وأولئك الذين ليس لديهم هذه الأمراض، والنساء والرجال من بين آخرين.

ببساطة لا يحب الناس الآخرين الذين يجعلونهم يشعرون بالقلق، علاوة على ذلك يمكن أن تمتد التقييمات السلبية للفئات الخارجية الناتجة عن القلق بين المجموعات إلى السياسات الاجتماعية التي يُنظر إليها على أنها تفضل المجموعات الخارجية مثل العمل الإيجابي.

يتسبب هذا النوع من القلق بين المجموعات أيضًا في اعتماد الناس على أنماط التفكير الراسخة والمعتادة، مثل الصور النمطية، حيث تتكون القوالب النمطية من الخصائص السلبية في الغالب المنسوبة إلى مجموعات خارجية معينة، ومنها قد يتسبب القلق بين المجموعات أيضًا في أن يدرك الناس أن الجماعات الخارجية متجانسة، وهذا يعني أن أعضاء هذه المجموعات جميعهم متماثلون.

بالإضافة إلى ذلك قد يتداخل القلق بين المجموعات مع القدرة على أداء مهام التفكير الإدراكي المعقدة، حيث أنه أحد الآثار الأكثر إثارة للفضول للقلق بين المجموعات هو أنه يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات مبالغ فيها تجاه أعضاء خارج المجموعة، ففي معظم الحالات هذا يعني أن الأشخاص يستجيبون لأعضاء خارج المجموعة بشكل سلبي أكثر من أعضاء المجموعة.

كيفية الحد من مفهوم القلق بين المجموعات في علم النفس الاجتماعي:

لأن القلق بين المجموعات له مثل هذه الآثار السلبية على العلاقات بين المجموعات في علم النفس الاجتماعي، فمن المهم اتخاذ خطوات للحد منه، حيث يمكن تقليل القلق بين المجموعات عندما يشعر الناس بالتعاطف تجاه أعضاء المجموعة الخارجية، أيضًا يمكن أن تقلل أنواع معينة من الاتصال بين المجموعات من القلق بين المجموعات، وللحد من هذا القلق بين المجموعات يجب أن يكون الاتصال بين أشخاص متساوين في الوضع، ويجب أن يركز على الأفراد المعنيين بدلاً من عضويتهم الجماعية، ويجب أن يشمل التعاون ويجب أن يحظى بدعم شخصيات السلطة ذات الصلة.

يمكن أن تكون البرامج التي تم إنشاؤها خصيصًا لتحسين العلاقات بين المجموعات، مثل تلك التي تركز على التعلم التعاوني والحوارات المنظمة بين المجموعات، فعالة كوسيلة للحد من القلق بين المجموعات، ففي الحالات التي يوجد فيها صراع طويل الأمد مثل بين المجموعات العرقية أو القومية أو الثقافية.

منها يمكن لوسائل الإعلام أيضًا أن تلعب دورًا إيجابيًا من خلال توفير معلومات حول الجماعات الخارجية التي تقلل من الجهل وتؤكد على الإنسانية المشتركة والأهداف المشتركة التي يتقاسمها مجموعات، وبالطبع يمكن للأفراد الذين يدركون أن الآخرين قد يتعرضون للشعور بالقلق بين المجموعات اتخاذ خطوات لتهدئة أعضاء خارج المجموعة أثناء التفاعلات بين المجموعات.

فيما يتعلق بالطرق المختلفة التي يقلل بها الاتصال من القلق بين المجموعات، تشير دراسات الاتصال غير المباشر إلى الدور المحتمل لديناميكيات المجموعة في تسهيل أو تقليل القلق بين المجموعات، حيث يجادل رايت وآرون وماكلولين فولب وروب بأن أعضاء المجموعة يمكن أن يؤثروا على مواقف الآخرين من خلال إثبات ونمذجة الاتصال الإيجابي بين المجموعات، حيث ثبت أن الاتصال الممتد أي وجود أصدقاء لديهم أصدقاء عبر المجموعة يقلل من القلق بين المجموعات وبالتالي يقلل من التحيز، بينما تعمل الصداقة المباشرة والممتدة عبر المجموعة كضغط عام أو آلية التخزين المؤقت التي تقلل القلق بين المجموعات.

في مكان آخر تم الاعتراف على نطاق واسع بعمل منظري الاتصال في فحص دور الهويات المشتركة أي الهوية الجماعية في تقليل القلق بين المجموعات والتغلب على الانقسام، من هذا المنظور فإن الدرجة التي يمكن من خلالها لأعضاء المجموعات المختلفة إعادة تصنيف أنفسهم كأعضاء بهوية أكثر شمولاً وتفوقًا تتنبأ بتقليل التهديد بين المجموعات، حيث يتم إعادة تصنيف أعضاء المجموعة الخارجية السابقين على أنهم أعضاء في المجموعة.

ومع ذلك فقد ركز هذا العمل في المقام الأول على التحول المعرفي المتأصل في تحديد مجموعة مشتركة، بدلاً من فحص التغييرات المصاحبة في عمليات داخل المجموعة، على وجه التحديد فقد أهملت الدرجة التي يمكن أن تساعد بها العمليات الداعمة داخل المجموعة في التغلب على التأثيرات الاستقطابية للانقسام والمعارضة.


شارك المقالة: