اقرأ في هذا المقال
ما هي الشخصية في علم النفس؟
على مر القرون، تطور مفهوم الشخصية واتخذ دلالات مختلفة ومتغيرة، ومع ذلك استمر في تحمل معنى العلامات الدائمة التي تعبر عن فرد معين، بحيث تعير الشخصية على أنها مجموعة من الخصائص النفسية التي تحفز الفرد وتمكنه من البحث عن الحقيقة والخير، والشخصية متجذرة في الرغبة في ما هو حقيقي وصحيح وجيد، وقدرة تحويلها إلى عمل فعال.
تعتبر الشخصية من المصطلحات الواضحة في العديد من الاتجاهات، لكن شخصية الشخص لا تحدد السلوك بشكل كامل، بحيث ينشأ السلوك الإنساني من التفاعلات المعقدة بين التأثيرات الشخصية والظرفية، وفي بعض الأحيان قد تتغلب الضغوط على الميول التي تنشأ من تصرفات الفرد، أي أن الشخصية يمكن أن يكون لها تأثير مهم على السلوك عبر المواقف.
مفهوم بناء الشخصية في علم النفس:
مفهوم بناء الشخصية في علم النفس: هو التعلم والتطوير الذي يخضع له الأفراد عندما يكتسبون التصرفات والكفاءات ومهارات الشخصية المطلوبة، بحيث يعبر هذا المفهوم عن بناء كل من الضمير، والمفاهيم الأخلاقية والقيم الدينية، والمواقف الاجتماعية لدى الفرد من خلال نمو المعايير والإدارة الداخلية.
يعتبر مفهوم بناء الشخصية من المفاهيم المهمة في علم النفس الذي يعتني بتفسير المشاكل الهامة التي تواجه الأفراد خلال تعاملاتهم الشخصية في مجالات متعددة، فلا يوجد طفل ولد له شخصية واضحة، وإنما تقوم المفاهيم الأخلاقية، والسلوك الإيجابي بتعليمها، وهذا أمر تدريجي يمتد من السنوات الأولى حتى المراهقة للفرد.
يتمثل مفهوم بناء الشخصية في علم النفس في تعلم الطرق المعتمدة في التصرف، بحيث يجب أن يتحول الشخص من قبول قواعد محددة بغض النظر عن التصور العام للصواب والخطأ، ومن الخارج طبقا للرقابة الداخلية، وعند القيام بذلك، يجب عليه تطوير معاييره الخاصة وتطبيقها طوعًا ومدروسًا ونقدًا للذات أي أن يطور ضميرًا خاصًا به، صوتًا داخليًا لا يوافق فقط على السلوك الصحيح ولكنه يجعله يشعر بالذنب عندما يستدير في الاتجاه الخاطئ.
كيفية بناء الشخصية في علم النفس:
كيف تتطور الأبعاد المتعددة للشخصية هو موضوع خلاف كبير بين علماء النفس التنموي والتربوي، وهما أكثر مدرستين فكريتين تأثيرًا لهما أصولهما في المناهج السلوكية والبناءة لعلم النفس، مما جعل العديد من المناهج والمدارس الأخرى بتناولها، ويمكننا توضيح كيفية بناء الشخصية من خلالها كالتالي:
النهج السلوكي في بناء الشخصية:
وفقًا للسلوكيين، والمتأثرين بهم مثل فإن بناء الشخصية تخضع في المقام الأول لتأثير البيئة، ومن هذا المنظور، فإن التصرفات التي تشكل الشخصية هي نتاج حالات طوارئ التعزيز وفرص المثالية، على سبيل المثال، إذا كان الفرد يؤدي خدمات أكبر وأصعب في العمل؛ فذلك لأنه تعلم أن العواقب الإيجابية لها هي المكافآت، وإذا تمسك بالروح المعنوية؛ فذلك لأنه من خلال سنوات من الخبرة، قد تعلم أن هناك فوائد كبيرة، مثل السمعة المعززة والثناء من الآخرين، من التصرف بطريقة إيجابية.
يضع علماء نفس الشخصية الذين يعتمدون في الغالب على وجهات نظر علماء السلوك قدرًا كبيرًا من التركيز على دور شخصيات السلطة، مثل الآباء والمدرسين والمدربين، حيث أن هؤلاء الأشخاص هم الذين يتمتعون بأكبر قدر من القوة للتحكم في كيفية توزيع المكافآت، من خلال توجيه السلوكيات المرغوبة وإدارة النتائج التي تتبع الإجراءات وتعزيزها.
غالبًا ما يدعو علماء السلوك والسلوكيات الجديدة إلى التدريس المباشر لفضائل الشخصية، على سبيل المثال، يتم تشجيع المدرسين على شرح الاحترام والتعزيز والارتقاء بأنفسهم للطلاب، ثم تشكيل سلوك إيجابي لديهم من خلال مكافأة السلوك المحترم ومعاقبة الانحرافات مع التوقعات المتعددة دون التأثير الحقيقي على الشخصية.
يوفر العمل المؤثر لألبرت باندورا شيئًا من الجسر بين تقاليد التعلم السلوكي والاجتماعي لعلم النفس والنهج البنائية التي اهتمت في بناء الشخصية، فإن الشخصية بالنسبة لباندورا، متجذرة في التجارب البيئية، والمجتمع هو الحكم النهائي لما يعتبر أخلاقيًا، ومنها يستطيع الشخص تطوير واستخدام مهارات الإدارة الذاتية التي يمكن أن توفر الاستقرار للشخصية، ويمكن للعمليات المعرفية أن تعرقل الشخصية أيضًا.
النهج البنائي في بناء الشخصية:
يؤكد النهج البنائي في بناء الشخصية أن الفرد لا يعتبر لوحة فارغة جاهزة للكتابة عليها من خلال النمذجة والتعزيز حتى لو كان طفلاً، حيث يعتبر الفرد هو صانعًا للمعنى يفسر التجربة بنشاط ويختار جوانب البيئة التي يجب الاهتمام بها، وعندما يكافئ شخص بالغ طفلًا، على سبيل المثال، لا يكون التأثير تلقائيًا، بل يعتبر ذلك مبادرة خارجية لبناء الشخصية.
يتعامل علماء نفس الشخصية الذين يستمدون من نظريات بنائية مع الطفل على مستوى المعنى والعلاقة، وليس فقط مستوى الثواب والعقاب، حيث أنهم يؤكدون على عمليات معرفية مثل الحوار وديناميات المجموعة وبناء المجتمعات حيث يتم رعاية الثقة والرعاية التي تتشكل لدى الطفل تجاه العديد من المصادر الخارجية.
أساس بناء الشخصية هو العلاقات الإيجابية حيث تتشكل الميول الشخصية للفرد من خلال أنماط دائمة ومستمرة من التفاعل، وعندما يشعر الشخص بأنه معروف، وقيّم، ومضمون، ومتمكن، ويكون الشخص أكثر انفتاحًا على التأثير الاجتماعي الإيجابي.