مفهوم تأثير الأغلبية في علم النفس الاجتماعي

مفهوم تأثير الأغلبية في علم النفس الاجتماعي:

يتم إكمال العديد من المهام والقرارات بواسطة مجموعات من الأشخاص بدلاً من شخص واحد، بحيث يتمثل أحد تحديات المهام والقرارات الجماعية في أن أعضاء المجموعات لا يتفقون دائمًا مع بعضهم البعض، وقد يرى بعض أعضاء المجموعة أن وجهة نظر أو سلوكًا واحدًا هو الأفضل، بينما قد يرى أعضاء المجموعة الآخرين أن وجهة النظر أو السلوك الإنساني المعاكس هو الأفضل، على سبيل المثال قد تختلف مجموعات العمل حول خطط العمل، وقد تختلف الفرق الطبية حول تشخيص المريض.

في العديد من المواقف التي يختلف فيها أعضاء المجموعة لا يتم تمثيل الآراء المتعارضة بالتساوي في المجموعة، على سبيل المثال قد يعتقد 4 محلفين في هيئة محلفين مؤلفة من 12 شخصًا أن المدعى عليه غير مذنب، في حين يعتقد الثمانية الباقين أن المدعى عليه مذنب، حيث يتم التعبير عن وجهة نظر واحدة من قبل أغلبية عددية مثل 4 محلفين يدعون غير مذنبين، ويتم التعبير عن وجهة نظر معارضة من قبل الأغلبية العددية مثل 8 محلفين يدعون مذنبين.

على الرغم من أن المجموعات الفرعية قد تختلف في جوانب مثل السلطة أو الوضع أو الخصائص الفردية، فإن مصطلح الأغلبية يشير إلى عدد الأشخاص الذين يدعمون كل وجهة نظر، بحيث أنه قد تسعى كل من مجموعات الأغلبية جاهدة لتغيير وجهات النظر المعارضة لأعضاء المجموعة الأخرى.

يشير مفهوم تأثير الأغلبية في علم النفس الاجتماعي إلى تأثير مجموعة الأغلبية على آراء أو سلوك أعضاء مجموعة الأغلبية، وعلى الرغم من أن أعضاء الأغلبية قد يشتركون في هدف التأثير على أعضاء المجموعة الذين لديهم آراء متعارضة، إلا أنهم يختلفون في دوافعهم الأساسية، واستراتيجيات تحقيق التأثير ونتائج تلك الاستراتيجيات.

دوافع مفهوم تأثير الأغلبية في علم النفس الاجتماعي:

على الرغم من أن الأغلبية يُنظر إليها عادةً على أنها أكثر نفوذاً من غيرها من المفاهيم الخاصة بأعضاء الجماعة، إلا أن أعضاء مجموعة الأغلبية قد يكونون متحمسين بشكل خاص للتأثير على آراء وسلوكيات المجموعة في مواقف معينة، مثل عندما يتم استثمار أفراد الأغلبية بشكل كبير في نتيجة مهمة المجموعة أو القرار.

يكون هذا مرجحًا بشكل خاص إذا كانت نتيجة المهمة أو القرار لها آثار مباشرة على أعضاء مجموعة الأغلبية، على سبيل المثال قد تقرر مجموعة العمل أن الطريقة الفعالة لتوفير المال هي التخلص من الأقسام، وهنا فإن أعضاء الأغلبية في مجموعة العمل الذين قد يفقدون وظائفهم نتيجة لهذا القرار لديهم مصلحة قوية في الضغط من أجل خطة بديلة لا تلغي أقسامهم.

في بعض الأحيان قد يتم تحفيز أعضاء الأغلبية للتأثير على أعضاء المجموعات الثانية؛ ذلك لأن أعضاء الأغلبية لديهم معرفة أو خبرة أكثر من غيرهم تقريباً، على سبيل المثال قد تضم الأغلبية في الفريق الطبي الأطباء الأكثر خبرة في المجموعة، إذا كان فريق الأطباء على خلاف بشأن التشخيص، فقد يكون الخبراء في الأغلبية متحمسين بشكل خاص لتوجيه القرار الذي تتخذه المجموعة، وقد يحاول عدد قليل من الخبراء إقناع أعضاء الأغلبية بالثقة في معرفة وخبرة غيرهم.

الخصائص الشخصية لأعضاء مجموعات الأغلبية قد تشجعهم أيضًا على التأثير في نتيجة مهمة أو قرار جماعي، على سبيل المثال من المرجح أن يتحدث أعضاء الأغلبية الذين هم منفتحين جدًا أو يتمتعون بتقدير كبير لذاتهم إذا اختلفوا مع الأغلبية، وقد يشعر بعض أفراد الأغلبية بالتهديد لأن هناك مجموعات تفوقهم عددًا، وقد يشجع هذا الشعور بالتهديد أعضاء الأغلبية على زيادة عدد مؤيديهم ليكونوا مساويين أو يتجاوزون غيرهم في الحجم.

قد يشعر أعضاء مجموعة الأغلبية بمسؤولية شخصية للدفاع عن آرائهم إذا كانت وجهات نظرهم قوية جدًا أو مهمة جدًا بالنسبة لهم، على الرغم من أنه من الأسهل في كثير من الأحيان الوقوف إلى جانب الأغلبية لإيصال المجموعة إلى اتفاق، إلا أن الأغلبية قد تكون متحمسة لاتخاذ موقف ومحاولة التأثير على رأي غيرها أو سلوكها لأسباب عديدة.

استراتيجيات مفهوم تأثير الأغلبية في علم النفس الاجتماعي:

تختلف الاستراتيجيات التي تستخدمها مجموعات الأغلبية للتأثير على مجموعات غيرها اختلافًا جوهريًا عن الاستراتيجيات التي تستخدمها المجموعات الأخرى، بشكل عام يسعى أعضاء مجموعة الأغلبية إلى الحفاظ على الوضع الراهن، أو رؤية الأغلبية الحالية وسلوكها داخل المجموعة، بينما يسعى العديد من المجموعات الأخرى إلى تغيير الوضع الراهن.

بطريقة أخرى يعمل أعضاء العديد من المجموعة على تغيير الطريقة التي تعتقد بها المجموعة أو تتصرف بشكل عام، في المقابل يميل أعضاء مجموعة الأغلبية إلى لعب دور دفاعي أكثر للحفاظ على رؤية المجموعة وسلوكها كما هي، للحفاظ على الوضع الراهن يركز أعضاء الأغلبية على حث أعضاء المجموعة على الامتثال للتأثير عليهم لتأييد موقف الأغلبية علنًا، بغض النظر عن معتقداتهم والقيم الخاصة بهم.

مما يتوجب على أعضاء الأغلبية جذب انتباه غيرها من المجموعات والمؤسسات الأخرى المهمة، بعد ذلك يجب على أعضاء الأغلبية التعبير بشكل متسق عن وجهة نظرهم البديلة وتقديم مبرر قوي لها، فالهدف هو إلقاء الشك أو عدم اليقين على رأي الأغلبية وتقديم وجهة نظرهم على أنها أفضل بديل، بالتالي يجب أن يكون أعضاء الأغلبية ثابتًا في دعمهم لموقفهم بمرور الوقت، وبهذه الطريقة تظهر الأغلبية أن الموقف البديل موثوق وأنها ملتزمة بوجهة النظر، ويجب عليها التأكيد على أن الطريقة الوحيدة لاستعادة الاستقرار والاتفاق في المجموعة هي تغيير أعضاء المجموعات لآرائهم.

عامل مهم آخر في التأثير الاجتماعي للأغلبية هو العلاقة بين المجموعات في عمل مشترك في الوقت الذي يحدث فيه الخلاف، إذا أقام أعضاء الأقلية علاقات أو تبادلوا الخبرات مع أعضاء الأغلبية مثلاً، فقد تكون محاولات التأثير على الأقلية أكثر نجاحًا، على سبيل المثال قد يكون أعضاء الأقلية قد اتفقوا مع أعضاء الأغلبية في المهام أو القرارات السابقة، نتيجة لذلك قد يكون أعضاء الأغلبية أكثر ترحيبًا بوجهة نظر معارضة من أعضاء الأقلية الذين أقاموا علاقة إيجابية مع الأغلبية في الماضي.

نتائج مفهوم تأثير الأغلبية في علم النفس الاجتماعي:

بشكل عام قد يختلف التأثير الاجتماعي للأغلبية عن غيرها من المجموعات في درجة ونوع نتائج استراتيجياتهم، فعادة ما يكون التأثير الاجتماعي الذي تثيره مجموعة الأغلبية أكثر خصوصية وغير مباشر من تأثير مجموعات أخرى، بالإضافة إلى ذلك قد لا تظهر آثار تأثيرها على الفور، ومع ذلك قد يؤدي تأثيرها إلى تغيير المعتقدات الخاصة لأعضاء مجموعة الأغلبية، مما قد يؤدي إلى تغييرات في السلوك الخارجي لاحقًا.