مفهوم وأهمية وتأثير البروز في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم البروز في علم النفس الاجتماعي:

يشير مفهوم البروز في علم النفس الاجتماعي إلى أي شيء أو شخص أو سلوك أو سمة وغيرها يكون بارزًا أو واضحًا أو ملحوظًا مقارنةً بمحيطه المجاور، حيث أنه عادة ما يتم إنتاج مفهوم البروز في علم النفس الاجتماعي من خلال الجدية أو عدم التوقع أي الصدفة، ولكن يمكن أيضًا تحقيقه عن طريق تحويل انتباه الفرد إلى هذه الميزة التي لديه.

يعتمد مفهوم البروز في علم النفس الاجتماعي عادة على السياق، بحيث لن يكون الطفل بارزًا بشكل خاص في مدرسته، ولكنه سيكون البروز أوضح في دار لرعاية المسنين مثلاً، ولن يكون فعل البكاء بارزًا في الجنازة، بل سيكون في مقابلة عمل وهكذا، ويمكن اعتبار السمة البارزة على أنها الشكل الذي يبرز مقابل أرضية كل السمات الأخرى غير الواضحة.

أهمية البروز في علم النفس الاجتماعي:

البشر لديهم قدرة محدودة على معالجة المعلومات، حيث أنه لا يمكنهم حضور كل جانب من جوانب الموقف، بينما تحدد مفهوم البروز في علم النفس الاجتماعي المعلومات التي من المرجح أن تجذب انتباه المرء ويكون لها أكبر تأثير على تصور المرء للعالم، ولسوء الحظ فإن المعلومات الأكثر بروزًا ليست دائمًا الأكثر دقة أو أهمية.

قد تؤدي التغطية الإعلامية التي تتميز بسمة البروز إلى المبالغة في تقدير تواتر الأخطار غير العادية نسبيًا على سبيل المثال حوادث الطائرات، والتقليل من أهمية التهديدات الأكثر شيوعًا مثل سرطان القولون التي لا تحظى بتغطية بارزة، بحيث لا يدرك الناس عادة مدى تأثير البروز عليهم.

تأثيرات البروز في علم النفس الاجتماعي:

لقد ثبت أن مفهوم البروز في علم النفس الاجتماعي يؤثر على إدراك الناس لأسباب الأحداث، وخاصة سلوكيات الآخرين، حيث أنه يوجد للسلوك الإنساني سببان محتملان يتمثلان في سمات الشخص الذي يؤدي السلوك الإنساني، أو جوانب الموقف الذي حدث فيه السلوك.

أظهر الباحثين في علم النفس الاجتماعي مرارًا وتكرارًا أن الموقف الذي تحدث فيه السلوكيات عادة لا يكون بارزًا جدًا للمراقبين، وبدلاً من ذلك يركز المراقبين دائمًا تقريبًا على السلوك البشري نفسه، مما يؤدي بهم إلى استنتاج سمات الشخص الخاصة به، فإذا صدم شخص ما في حادث سير، فمن المرجح أن يعتقد أن هذا شخص لئيم أكثر من أنه يمر بيوم سيء.

على الرغم من أن السلوكيات بارزة جدًا للمراقبين إلا أن السياق الظرفية غالبًا ما يكون أكثر بروزًا للممثلين أنفسهم، على سبيل المثال هذا الشخص مبتسم لأن على المرء أن يبتسم في مقابلات العمل، ويكون مثير للاهتمام بحيث زادت بعض الدراسات من بروز سلوك الممثلين لأنفسهم، على سبيل المثال من خلال جعلهم يؤدون مهمة أمام مرآة أو مشاهدة شريط فيديو لأنفسهم وهم يؤدون هذا السلوك، وفي هذه الحالة عزا الممثلين سلوكهم إلى تصرفاتهم الخاصة وليس إلى الموقف، تمامًا كما يفعل المراقب على سبيل المثال هذا الشخص أبتسم لأنه شخص سعيد.

كيف يتعامل الباحثين مع سمة البروز في علم النفس الاجتماعي؟

يمكن للباحثين في علم النفس الاجتماعي زيادة بروز الشخص بعدة طرق تتمثل من خلال ما يلي:

  • يمكنهم ببساطة توجيه انتباه المراقبين إلى ذلك الشخص.
  • يمكنهم تغيير الخصائص المرئية للشخص بالنسبة للآخرين في الموقف، على سبيل المثال قد يرتدي شخص ما قميصًا بألوان زاهية بدلاً من قميص باهت، أو يرتدي كرسي هزاز بدلاً من الجلوس بلا حراك.
  • يمكن للباحثين ترتيب الموقف بحيث تكون الميزة أكثر وضوحًا للمراقبين.

في تجربة كلاسيكية قام بها شيلي تايلور وسوزان فيسك على سبيل المثال جلس ممثلان في مواجهة بعضهما البعض لإجراء محادثة للتعرف، بينما جلس المراقبين الآخرين في دائرة حولهم، إذا تمكن أحد المراقبين من رؤية وجه أحد الممثلين أفضل من الآخر، فمن المعتقد أن هذا الممثل البارز قد حدد نغمة المحادثة، ولها تأثير أكبر على سلوك الفاعل الآخر غير المتميز.

تم عرض نتائج مماثلة من خلال جعل المراقبين يشاهدون محادثة مسجلة بالفيديو معروضة من زوايا مختلفة للكاميرا، سيتم الحكم على الممثل الأكثر بروزًا بصريًا على سبيل المثال إظهار وجهه بواسطة الكاميرا من قبل معظم الأشخاص للتحكم في المحادثة، ففي تطور مثير للاهتمام في هذه التجربة، المحادثة التي تتم ملاحظتها هي بين ضابط شرطة وشخص ما يعترف بجريمة، كان الأشخاص الذين رأوا وجه ضابط الشرطة أكثر ميلًا للنظر إلى الاعتراف على أنه قسري أي بسبب ضابط الشرطة.

أظهرت أبحاث أخرى أن مجرد الجلوس على رأس طاولة سيزيد من بروز المرء ويجعل المراقبين يحكمون على هذا الشخص على أنه يتمتع بصفات قيادية أكثر، بغض النظر عن السلوك القيادي الذي سيقوم به أو قام به من قبل، فإن سمة البروز في علم النفس الاجتماعي تظهر بمجرد ملاحظة أي سلوك متميز مما يعني التفرد به.

البروز والجنس والعرق في علم النفس الاجتماعي:

يمكن أن تؤثر سمة البروز في علم النفس الاجتماعي على تصورات الأشخاص الذين ينتمون إلى الأقليات أو المجموعات النمطية، حيث تلاعب الباحثين التجريبيين في علم النفس الاجتماعي بتفرد جنس الممثل أو عرقه من خلال تغيير تركيبة المجموعة التي ينتمي إليها الممثل.

في إحدى الدراسات في البحث النفسي التجريبي استمع المشاركين إلى محادثة مسجلة على شريط بين ستة رجال، ظهرت صورة لكل رجل على الشاشة أثناء حديثه، مما أتاح للباحثين التلاعب بنسبة الرجال السود إلى البيض في المجموعة، مقارنةً بموقف مع تمثيل متساوٍ لكلا العرقين، كان يُنظر إلى الشخص الذي شغل مكانة فردية فكان الشخص الأسود الوحيد في الغرفة على أنه تحدث أكثر، وكان أكثر تأثيرًا في المحادثة، وأظهرت دراسات مماثلة أن المرأة الوحيدة في غرفة مليئة بالرجال من المرجح أن تكون مقولبة أكثر من المرأة في بيئة أكثر توازناً.

تؤثر سمة البروز في علم النفس الاجتماعي أيضًا على تصورات جماعة بأكملها، حيث تميل مجموعات الأقليات الصغيرة إلى أن تكون أكثر بروزًا من مجموعات الأغلبية الأكبر، وغالبًا ما يرى المراقبين أن أعضاء المجموعات الأصغر أكثر تشابهًا مع بعضهم البعض من أعضاء المجموعات الأكبر من حيث الأهداف المتشابهة والقدرات والمهارات والأداء المتوازن في المهام المعتدلة، ومن المثير للاهتمام أن أعضاء المجموعات البارزة هم أكثر عرضة للمبالغة في تقدير مدى اتفاقهم مع بعضهم البعض، وإظهار تحيز أقوى لصالح مجموعتهم.

بالإضافة إلى ذلك أظهرت الأبحاث أنه نظرًا لأن عمليات الاقتران البارزة أكثر توفرًا في الذاكرة، فمن المرجح أن يتم المبالغة في تقديرها عندما يتذكر الناس تواترها لاحقًا، وقد يساهم هذا في إدامة بعض الصور النمطية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: