مقدمة في علم نفس الشخصية

اقرأ في هذا المقال


لا يركّز علماء نفس الشخصية على فهم شخصية الإنسان الطبيعية فحسب، بل يقومون بالتركيز على الاضطرابات الشخصية المحتملة التي قد تؤدي إلى الضيق أو الصعوبة في مجالات الحياة الرئيسية، ذلك من خلال القدرة على تحديد المشكلات التي يواجهها الأشخاص في المنزل أو المدرسة أو العمل أو في علاقاتهم، يكون علماء النفس أكثر قدرة على مساعدة الأشخاص على تطوير مهارات للتعامل مع أعراض اضطرابات الشخصية والتعامل معها.

مقدمة في علم نفس الشخصية:

غالباً ما يستخدم الناس الصفات الوصفية للسمات في وصف خصائصهم وخصائص الأشخاص الآخرين، إنّها تعكس صفات عقل الشخص والموقف تجاه الآخرين وتأثيرها على الآخرين، كذلك رغباتهم والاستراتيجيات التي يستخدمونها من أجل تحقيق الأهداف؛ التعريف المقبول للشخصية هو مجموعة الصفات والآليات النفسية داخل الفرد المنظمة والمستمرة نسبياً والتي تؤثر على تفاعلاته مع البيئات النفسية والجسدية والاجتماعية والتكيف معها.

الصفات النفسية:

السّمات النفسية هي الخصائص التي تحدد كيف يختلف الفرد عن الآخر أو يشبهه؛ على سبيل المثال الخجل والكلام كلاهما من السمات، تصف السمات ميول الفرد المتوسطة بدلاً من سلوكه اللحظي، كلما تجنب شخص ما المواقف الاجتماعية؛ زادت قدرتنا على تسميتها بالخجل، يبحث بحث سمات الشخصية في عدد السمات الموجودة وكيفية تنظيمها وأصولها ونتائج أو ارتباط السمات، تساعد السمات في وصف الأشخاص وفهم اختلافاتهم، يمكن أن تساعد في تفسير السلوك، أيضاً يمكنهم المساعدة في التنبؤ بالسلوك والتفضيلات المستقبلية.

الآليات:

تشير الآليات النفسية إلى عمليات الشخصية، هذه تختلف عن السمات من حيث أنّها تنطوي على نشاط معالجة المعلومات؛ تتكون من ثلاثة مكونات أساسية وهي المدخلات وقواعد القرار والمخرجات، قد تجعل الآلية الناس حساسين لمحفزات بيئية معينة (المدخلات) وتجعلهم يفكرون في مسارات معينة للعمل على الآخرين (قواعد القرار)، كما يتصرفون بطريقة معينة (المخرجات)؛ الانبساط هو مثال جيد للآلية.
تميل الشخصية إلى البقاء من حالة إلى أخرى مستقرة إلى حد ما ومتسقة؛ السّمات والآليات ليست عشوائية ببساطة، لكنّها منظمة ومرتبطة ببعضها البعض، يمكن تنشيط جوانب مختلفة من الشخصية وفقاً للحالة المحددة، تميل السمات إلى أن تكون دائمة خاصّة في سن البلوغ، بهذه الطريقة تختلف السمات عن الحالات التي تكون عابرة ولحظية، في حين أنّ السّمات دائمة نسبياً ويمكن أن تتغير ببطء بمرور الوقت، تؤثر سمات وآليات الشخصية على حياتنا وكيف نتصرف وكيف نرى أنفسنا ونتفاعل مع الآخرين ونختار بيئاتنا ونحدد أهدافنا ونتفاعل مع المحفزات الجديدة.

التفاعل بين الشخص والبيئة:

تشمل التفاعلات الفردية مع المواقف التصورات والاختيارات والاستفزازات والتلاعب، تشير التصورات إلى كيفية تفسيرنا لبيئتنا، يتضمن الاختيار اختيار المواقف والتفاعلات التي نختار الدخول فيها، الاستفزازات هي ردود الفعل التي ننتجها في الآخرين، أمّا التلاعب هي الطرق التي نحاول بها التأثير على سلوك الآخرين، يشمل التكيف أو الأداء التكيفي تحقيق الأهداف والتكيف والطريقة التي نتعامل بها مع التحديات والمشكلات، قد يكون لبعض سمات الشخصية السلبية على ما يبدو وظيفة تكيفية.
يمكن أن تشكل بيئة الفرد تحديات فريدة يمكن أن تهدد البقاء على قيد الحياة بشكل مباشر، توجد هذه التحديات أيضاً في البيئة الاجتماعية، تحفز التحديات البيئية السلوكيات وتلهمنا لتركيز انتباهنا وتجبرنا على التكيف، التحديات داخل نفسية هي تلك التي تحدث داخل العقل مثل احترام الذات.

تحليل الشخصية:

ثلاثة مستويات من الشخصية والثقافة تشمل الطبيعة البشرية (الشبه بالآخرين) والفروق الفردية والجماعية (التشابه مع البعض الآخر فقط) والتفرد الفردي (عدم التشابه مع الآخرين)، يمكن أيضاً اعتبار هذه الأمور المسلمات والتفاصيل والتفرد، تصف الطبيعة البشرية سمات وآليات الشخصية التي تميز البشر والتي يمتلكها الجميع تقريباً، كما تشمل الحاجة إلى الانتماء والقدرة على الحب.
الفروق الفردية هي تلك الطرق التي يتشابه بها الأشخاص مع بعض الأشخاص فقط؛ على سبيل المثال مستوى الانبساط، عندما تختلف مجموعة كاملة من الأشخاص عن مجموعة أخرى؛ فإنّ هذه تسمّى الاختلافات بين المجموعات مثل الفئات العمرية والثقافات المختلفة والجنس.
لا يوجد شخصان متشابهان تماماً وهذا هو التفرد الذي يهتم به علماء النفس غالباً، تتضمن دراسة الأفراد بطريقة غير طبيعية النظر في الفروق الفردية الموزعة بين السكان، يستخدم هذا لتحديد السمات العالمية مقابل الفردية، كما تتضمن دراسة الأفراد إيديوجرافياً النظر في دراسات حالة فردية وفريدة من نوعها؛ نظراً لأنّ النظريات حول الطبيعة البشرية تميل إلى أن تكون عامة وأن البحث الفعلي يميل إلى التركيز على الفروق الفردية والجماعية؛ فهناك شرخ بين النظريات الكبرى والبحث المعاصر.

البحث المعاصر:

وضع سيغموند فرويد نظرية حول الطبيعة البشرية؛ مؤكداً على غرائز الجنس والعدوان والبنية العالمية للهوية، كذلك الأنا والأنا العليا، كما اقترح مراحل عالمية للتطور النفسي الجنسي، تمّ الاعتماد على نظريات فرويد الكبرى والعديد من علماء النفس المؤسّسين الآخرين لصياغة النظريات والبحوث المعاصرة.
تركز الكثير من الأبحاث المعاصرة حول الشخصية على الاختلافات بين الأفراد والجماعات، إنّ نقد أبحاث الشخصية الحالية هو أنّه بدلاً من التعرف على الشخصية ككل، يركز البحث في الغالب على الجوانب الفردية للشخصية، على هذا النحو يمكن اعتبار مجال الشخصية غير متماسك، مع ذلك فإنّ إضافة أبحاث العديد من علماء النفس معاً يمكن أن يؤدي إلى صورة أوضح.

المجال البيولوجي:

يعتمد المجال البيولوجي على الافتراض الأساسي بأنّ الكثير من الفكر والسلوك البشري يعتمد على علم الأحياء، يتعامل هذا المجال مع علم الوراثة وعلم النفس البيولوجي والتطور، يركز بحث الشخصية الوراثية على وراثة السمات، تتناول أبحاث علم النفس البيولوجي تفاعل الجهاز العصبي والهرمونات والعمليات الفيزيائية الأخرى على الشخصية، تتناول الأبحاث التطورية الدور التكيفي للشخصية وكيف أن التطور حدد سمات معينة لتكون أكثر أهمية للبقاء من غيرها.
يتعامل المجال داخل النفس مع العمليات العقلية الداخلية للشخصية، غالباً تلك التي تعمل دون الإدراك الواعي، تشكل آليات الدفاع والمفاهيم الفرويدية للعقل الباطن أساساً للبحث داخل النفس.

المجال المعرفي التجريبي والاجتماعي:

يتعامل المجال المعرفي التجريبي مع الإدراك والخبرة الذاتية، بما في ذلك الآليات التي تنطوي عليها معالجة المعلومات، كما يتناول الجوانب الوصفية للذات واحترام الذات والتحفيز والعاطفة، أمّا المجال الاجتماعي فيؤكد لأبحاث الشخصيّة أنّ الشخصية تتأثر بالسياق الاجتماعي والثقافي وتؤثر عليه، يتضمن هذا دراسة كيفية تفاعل الرجال والنساء وكيف يتلاعب الناس بالآخرين وكيف تؤثر الشخصية على عاداتنا الاجتماعية.

نظرية الشخصية:

تخدم نظريات الشخصية ثلاث وظائف؛ فهي توفر دليلاً للباحثين وتنظم النتائج المعروفة وتضع تنبؤات حول السلوك والظواهر النفسية التي لم تتم ملاحظتها بعد، تختلف النظريات عن المعتقدات من حيث أنّها تستند إلى ملاحظات منهجية تمت ملاحظتها واختبارها، هناك خمسة معايير علمية تستخدم لتقييم نظريات الشخصية؛ الأول الشمولية، يضمن أنّ النظرية الجيدة تشرح جميع الحقائق والملاحظات ضمن مجالها؛ المعيار الثاني هو القيمة الاستكشافية التي تحدد ما إذا كانت النظرية يمكن أن تعمل كدليل للاكتشافات المستقبلية.
الثالث هو قابلية الاختبار؛ حيث يجب أن تكون هناك تنبؤات دقيقة بما يكفي لإمكانية اختبار النظرية بشكل شرعي، الرابع هو البخل؛ من الأفضل أن تحتوي النظرية على القليل من المقدمات والافتراضات (البخل)، مع ذلك لا تزال بعض النظريات المعقدة ضرورية، المعيار العلمي الخامس هو توافق النظرية مع القوانين والنظريات العلمية الأخرى وقدرتها على الاندماج عبر مجالات المعرفة.

النظرية النهائية الكبرى:

بينما يحتوي علم الأحياء على نظرية موحدة كبرى وهي التطور؛ إلّا أنّ أبحاث الشخصية لا تحتوي على نظرية واحدة حالياً، اقترح فرويد وعلماء نفس آخرون البعض لكنّهم لا يستوفون جميع المعايير، قد يؤدّي العمل في كل مجال من المجالات الستّة لعلم نفس الشخصية في النهاية إلى مثل هذه النظرية.


شارك المقالة: