منهجية البحث النفسي المختلط في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعتقد علماء النفس في منهجية البحث النفسي المختلط في علم النفس أن هناك علامات مشجعة على أن هذه المنهجية بدأت تتطور إلى نموذج مشروع، حيث بدأت كتب البحث النفسي الأساسية في تضمين أقسام حول منهجية مختلطة، ويعتقد علماء المنهج المختلط أن هذا النموذج سيزيد من قدرة الباحثين على الاستفادة من نقاط القوة في المنهجيات الكمية والنوعية دون الحاجة إلى التضحية بنقاط القوة في منهجية واحدة مقابل نقاط الضعف الأخرى.

منهجية البحث النفسي المختلط في علم النفس

تتضمن منهجية البحث النفسي المختلط في علم النفس كلاً من طرق البحث النوعية والكمية، حيث توفر طرق البحث النوعي أوصافًا تفصيلية حول الظواهر وقد تشمل مقابلات وملاحظات وتحليلات للوثائق والسجلات والتحف والصور والأفلام، ومنها يختار الباحثين هذه المنهجية عندما يهتمون بالوصف السردي الغني مع وفرة من التفاصيل العميقة.

من ناحية أخرى تشتمل طرق البحث الكمي على تصميمات تجريبية وشبه تجريبية عشوائية وعمليات مسح وتقييمات مكتوبة أو شفهية وغيرها من الأدوات المعيارية التي يمكن من خلالها قياس الاستجابات على نطاق عددي، ثم يتم استخدام الإجراءات الإحصائية لتحليل الاستجابات العددية، في بحث الأساليب المختلطة يتم استخدام كل من الأساليب النوعية والكمية في جمع البيانات أو تحليل البيانات في نفس الدراسة.

نماذج منهجية البحث النفسي المختلط في علم النفس

يرتكز نوع المنهجية التي يستعملها الباحثين على منظور البحث النفسي أو النموذج، حيث تم تطوير المحادثات العلمية في هذا المجال بشكل كبير لكل من النماذج الكمية والنوعية، فعلى مدى العقد الماضي بدأ علماء النفس في المنهج المشترك في إضافة المزيد إلى هذا النقاش، ويمكن توضيح نماذج منهجية البحث النفسي المختلط في علم النفس من خلال ما يلي:

1- الكمي

يعمل الباحثين الكميين البحت عمومًا من النموذج الوضعي وما بعد الوضعي، أي أنهم يعتقدون أنه يمكن قياس الظواهر وتفسيرها على أفضل وجه باستخدام الطريقة العلمية، والتي كانت النموذج السائد عبر تاريخ أبحاث العلوم الاجتماعية، حيث يستخدم الباحثين الكميين تصميمات ذات خبرة يتم فيها تعيين المشاركين عشوائيًا لمجموعة معالجة، أو المجموعة التي تتلقى العلاج المحدد، أو المجموعة الضابطة، وهي المجموعة التي لا تتلقى العلاج.

على سبيل المثال في دراسات الأدوية سيتم تعيين بعض الأشخاص بشكل عشوائي لتلقي دواء، وسيتلقى بعض الأشخاص المعينين في المجموعة الضابطة علاجًا وهميًا مثل تأثير الدواء الوهمي، حيث يمكن للباحثين بعد ذلك إدارة أداة معيارية في تقييم يقيس نتائج الدراسة لكلا المجموعتين، ويتم إجراء التحليل الإحصائي لمقارنة النتائج.

النوع الثاني من التصميم الذي يستخدمه الباحثين الكمي هو التصميم شبه التجريبي، والذي يتضمن كلاً من مجموعات المعالجة والمراقبة، ولكن لا يتم تعيين الموضوعات بشكل مخربط لأي من المجموعتين غالبًا ما تُستخدم التصميمات شبه التجريبية عند التعامل مع مجموعات سليمة حيث لا يكون التعيين غير المنظم ممكنًا مثل الفصول الدراسية للطلاب.

النموذج الكمي الثالث الذي يستخدمه الباحثين هو التصميم السببي المقارن، ففي الدراسات المقارنة السببية لا يفرض الباحث أي علاج، بدلاً من ذلك يتم إجراء البحث بعد وقوع الحدث أو بأثر رجعي، حيث يبحث الباحث عن علاقات السبب والنتيجة بناءً على اختلافات المجموعة، على سبيل المثال قد يبحث الباحث في كيفية ارتباط الدعم العائلي بين الأمهات الجدد بمستويات اكتئابهن بعد الولادة.

2- النوعي

يعمل الباحثين النوعيين البحت من النموذج التفسيري البنائي، حيث يعتقدون أن طريقة فهم الظواهر هي من خلال استكشاف تفسيرات الناس، ومنها يستخدم الباحثين النوعيين تصميمات مثل دراسة الحالة، والأثنوجرافيا، والظواهر، والنظرية الأرضية، والتحقيق السردي، ويتم جمع البيانات بشكل طبيعي قدر الإمكان في سياق البحث من خلال استخدام الملاحظات والمقابلات وجمع الوثائق والسجلات.

تتضمن بعض الأمثلة على البحث النوعي دراسة حالة لتقنيات الاستشارة في العيادة، والأثنوجرافيا لممارسة مستشار المدرسة اليومية على مدى فترة زمنية طويلة، وفحص استخدام المستشارين للحدس في دراسة الظواهر، في حين أن هناك العديد من الأساليب التفصيلية للتحليل النوعي، يتم تحليل البحث النوعي بشكل قاطع أو موضوعي ويقرأ الباحث البيانات لتحديد أوجه التشابه والاختلاف.

3- طرق مختلطة

في بحث الأساليب المختلطة غالبًا ما يكون نموذج الباحث من خلال التعامل مع كل شيء بأساليب مرنة، حيث يعتقد هؤلاء الباحثين المرنين أنه ليس فقط أنه من المقبول استخدام نماذج متعددة في نفس الدراسة البحثية ولكن يمكن أن تكون الأساليب النوعية والكمية مكملة، فبالنسبة لمنهجية المختلطة، يصبح ما يصلح هو العامل الدافع، يقدّر الباحثين المرنين كلاً من الذات والهدف، ويعتقدون أن سؤال البحث هو أهم قضية.

سؤال البحث وليس الإطار يجب أن يقود هذه الطريقة من خلال الجمع بين الأساليب النوعية والكمية، حيث يمكن للباحثين اكتشاف المشكلات التي قد لا يتم اكتشافها بخلاف ذلك، ومع ذلك فقد رفض نقاد الباحثين المرنين هذا النموذج باعتباره ساذجًا ومبسطًا ومفرطًا في التطبيق، وقد يجادل أحد علماء المنهج المختلط بأن التركيز غير المبرر على النظرية والنماذج قد انتقص من الحاجة إلى التركيز على نقطة البحث، والتركيز على المشكلة وليس النظرية هو أحد أسباب ظهور المنهجية المختلطة كمجال يتطلب الاحترام.

تاريخ منهجية البحث النفسي المختلط في علم النفس

سميت البحوث المنهجية المختلطة بالحركة المنهجية الثالثة، حيث لم يكن البحث بالطرق المختلطة مقبولًا دائمًا ولا يتم قبوله حاليًا من قبل جميع خبراء منهج البحث، على الرغم من أنها منهجية جديدة، فقد تم إجراء بحث متعدد الأساليب طوال القرن العشرين، ومن أواخر الخمسينيات وحتى أواخر السبعينيات كان البحث بالطرق المختلطة في مرحلة تكوينية، خلال هذا الوقت بدأ الباحثين في الجمع بين الاستطلاعات والمقابلات وكذلك استخدام نتائج البيانات النوعية والكمية لدعم بعضهم البعض.

رأى بعض الباحثين هذا المزج بين الأساليب على أنه مزيج من النماذج المتنافية، وكانت مسألة الصراعات النموذجية ولا تزال صعبة على بعض الباحثين للتغلب عليها، لذلك تميزت الثمانينيات وأوائل التسعينيات بهذا النقاش حول النموذج، وأولئك الذين آمنوا بقوة سواء في الأساليب النوعية أو الكمية، لم يعتقدوا أنه من المناسب الجمع بين النماذج.

على سبيل المثال اعترض الباحثين الكميين على استخدام الأساليب النوعية في تصميمات البحث التجريبية القائمة على أسس علمية على أساس أن التصاميم لها تسلسل هرمي منهجي تُفضَّل فيه الأساليب الكمية وتُنقل الأساليب النوعية إلى دور تكميلي.

على الرغم من استمرار هذا النقاش للعديد من الباحثين بحلول نهاية القرن العشرين، بدأ بعض الباحثين في تحديد منهاجيتهم على أنها مزيج أو خليط من البحث النوعي والكمي، ومن منتصف التسعينيات حتى الوقت الحاضر كان هؤلاء الباحثين يحاولون تطوير إجراءات بحثية مختلطة الأساليب، لقد عملوا على التعاريف والتدوين ونظام التصنيف للمجموعات المختلفة لبحوث الطرق المختلطة.


شارك المقالة: