تحتاج الشركات إلى فهم كيف يرى الناس منتجاتهم وماذا يريدون، لذا فإنّ سؤال العملاء عن هذا في مجموعة مركزة يبدو فكرة رائعة، يمكن أن توفر مجموعات التركيز شكلاً قيماً من البحث النوعي، ممّا يمنح الشركات نظرة ثاقبة لمعتقدات المستهلكين ورغباتهم ومواقفهم المحيطة بالمنتج، مع ذلك في حين أنّ مجموعات التركيز يمكن أن توفر بعض البصيرة، فإنّ تاريخ الاختبارات الإسقاطية، في علم النفس يقدم قصة تحذيرية حول الاعتماد فقط على هذا النوع من البيانات النوعية المبلغ عنها ذاتياً.
موضوعية مجموعات التركيز والاختبارات الإسقاطية:
ابتداءً من أوائل القرن العشرين طوّر علماء النفس والأطباء النفسيون اختبارات إسقاطية لتشخيص الاضطرابات النفسية والوصول إلى معتقدات المرضى ورغباتهم اللاواعية، تستند هذه الاختبارات إلى نظرية سيغموند فرويد في الإسقاط، يُعتقد أنّها تسمح للمعتقدات والرغبات اللاواعية بالظهور من خلال هيكلها المفتوح والذي كان يُعتقد أنّه أقل تهديدًا للناس، في الاختبار الإسقاطي يُعرض على شخص ما مجموعة من الصور الغامضة أو المجردة التي يمكن تفسيرها بعدة طرق.
المثال الأكثر شهرة هو اختبار بقع حبر رورشاخ، التي يتم تصويرها عادةً في الاختبارات النفسية، يُطلب منهم التحدُّث عمّا يرون وما الذي تجعلهم الصور يفكرون فيه، كان يعتقد أنّ الناس سوف يعرضون أفكارهم اللاواعية على الصورة، بالتالي يكشفون عن الأجزاء المخفية من شخصيتهم والتي يمكن بعد ذلك تحليلها وتفسيرها من قبل الطبيب النفسي الذي يدير الاختبار النفسي.
تمّ الإعلان عن الاختبارات الإسقاطية كأداة تشخيصية متطورة، حتى تمّ فحصها في الثمانينيات والتسعينيات، حيث لم تعد نظرية التحليل النفسي مؤيدة، تكمن مشكلة الاختبارات الإسقاطية في أنّها تفتقر إلى الصلاحية والموثوقية وهما الجانبان الحاسمان لأيّ تقييم نفسي، تشير الموثوقية إلى مدى اتساق نتائج اختبار معين، الاختبار الموثوق به سيعطي نفس النتائج مراراً وتكراراً، أما الصلاحية فتشير إلى ما إذا كان شيء ما يقيس بالفعل ما يدعي أنّه يقيسه.
الاختبارات الإسقاطية غير موثوقة لسببين؛ أولاً من غير الواضح ما إذا كان ما يقوله الناس يعكس في الواقع أي شيء له مغزى عن نفسهم، في بعض الأحيان قد يكون الأمر كذلك وغالباً لا يكون كذلك، غالباً ما يكون من المستحيل معرفة الفرق، ثانياً حتى إذا كانت ردود شخص ما تعكس شيئ ذا مغزى، فإنّ النتائج تخضع لتفسير الفاحص، أظهرت الأبحاث في الاختبارات الإسقاطية أنّ تفسيرات نفس البيانات تختلف اختلاف كبير، بالتالي فإنّ هذه الاختبارات تسفر عن نتائج مختلفة اعتماداً على من يقوم بتفسيرها.
من غير الممكن أن يكون الاختبار صالح إذا لم يكن موثوق به، الموثوقية شرط ضروري ولكن ليس شرط كافي للصلاحية، لكن يتم اختراق الصلاحية نظراً لأنّه ليس من الواضح ما تكشفه تقارير الأشخاص عن نفسهم، لهذه الأسباب لم يعد الأطباء الجادون يستخدمون الاختبارات الإسقاطية للتشخيص، لكن فقط لكسر الجليد لبدء المحادثة.
من نواحي عديدة تشبه مجموعات التركيز الاختبارات الإسقاطية، يُطلب من الأشخاص التفاعل مع شيء لم يروه من قبل، كذلك التعليق عليه بطريقة ما مثل دور المريض في الاختبار الإسقاطي، ثمّ يقوم مراقب أو أكثر بتفسير ردودهم على غرار دور الطبيب النفسي في الاختبار الإسقاطي، تعاني مجموعات التركيز من نفس المشكلات المتعلقة بالموثوقية والصلاحية مثل الاختبارات الإسقاطية.
نظراً لأنّ الناس غالباً ما يكونون غير مدركين للجوانب الحرجة في أذهانهم، فمن الصعب معرفة ما إذا كانت تقاريرهم تعكس حقاً رؤى ذات مغزى لعملية اتخاذ القرار، علاوة على ذلك يعتمد تفسير النتائج بشكل حاسم على من يقوم بالترجمة الفورية، كما يعلم أي شخص عمل مع مجموعات التركيز، غالباً ما يختلف تفسير النتائج على نطاق واسع بين المراقبين؛ لأنّ أجندات المراقبين ومعتقداتهم يتم دمجها حتماً في ما يعتقدون أنّ تقارير الناس تعنيه، الإسقاط هو طريق ذو اتجاهين.
غالباً ما تكشف استنتاجات المراقبين عن تحيزاتهم أكثر مما تكشف عما قاله المستجيبون بالفعل، هذا لا يعني أنّ مجموعات التركيز لا تقدم أي قيمة، حتى هذه البيانات النوعية الذاتية أفضل من عدم وجود بيانات ولكن يجب أن يكون واضح أنّ المعلومات التي يتم جمعها وتحليلها من مجموعات التركيز، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، يمكنهم توفير كاسحات جليدية جيدة والمساعدة في معرفة كيف يمكن أن يفكر الناس في منتج ما، لكن من الصعب معرفة ما إذا كانت نتائجهم صحيحة أم أنّ استنتاجاتهم موثوقة.