نظرية التعلم السلوكية

اقرأ في هذا المقال


تطوير مفهوم جديد للتعلم

ساعدت المدرسة السلوكية على تطوير مفهوم جديد للتعلم، وقامت بالتركيز على السلوك الذي يتم تعليمه والظروف التي تحدث فيها عملية التعلّم، حيث تقوم على تغيير ارتباط مفهوم التعليم في إحدى مراحل تطورّه من المثيرات إلى السلوك المعزّز. تؤكد هذه المرحلة على أهمية استخدام الأدوات من أجل مساعدة المعلم على التعزيز بدلاً من الاكتفاء بالإلقاء؛ لأنّ المعلم ليس لديه القدرة على تحقيق هذا التعزيز لوحده، تساعده عملية التعليم بشكل كبير على خلق هذا التعزيز وتنميته تربوياً.

مفاهيم النظرية السلوكية

  • السلوك: قام سكينر بتعريفه على أنّه مجموعة من ردود الفعل التي تنتج عن مثيرات المحيط القريب، يتم تعزيزه فيزداد حدوثه في المستقبل أو لا يتلقى أي تعزيز فتقل احتمالات حدوثه في المستقبل.
  • المثير والاستجابة: تقوم على تغيير السلوك، بسبب استجابة لمثير خارجي.
  • التعزيز والعقاب: يتم عن طريق التجارب التي قام بها إدوارد لي ثورندايك، حيث يبدو أنّ أخذ التحسينات والمكافآت تقوم بدعم السلوك وتثبيته، أمّا العقاب فيقلل من الاستجابة وبالتالي من تدعيم وتثبيت السلوك.
  • التعلم: هو عملية تغيُّر تكون شبه دائمة في سلوكيات الأفراد.

النظرية السلوكية وتطورها

ساعدت أفكار سكنر وطروحاته على تغييرات عديدة في التفكير التربوي والبيداغوجيا بشكل عام، يرى سكنر أنّ الطفل في البيداغوجيا الكلاسيكيّة كان يتعلَّم حتى يفلت من العقاب، عند غياب كل أشكال الدعم.

إنّ السلوكية كمدرسة من مدارس علم النفس ظهرت عام 1913 على يد واطسون، الذي انتقل من علم نفس الحيوان إلى سيكولوجية الأطفال؛ هذا لا يعني بشكل مطلق أنّه أنشأ هذه المدرسة من فراغ أو بمجهود فردي، بل سبقه إلى ذلك علماء آخرون، فهو يعلن بنفسه سنة 1912 أنَّ السلوكيين في النهاية رأوا أنّه من غير الممكن أن يقنعوا بالعمل في اللامحسوسات والأشياء غير الواضحة، فقد صمّموا ذلك على إحدى اثنتين؛ إمّا أن يتخلوا عن علم النفس أو يحيلوه علماً طبيعياً.


اعترف واطسون بمجهودات من سبقوه، أعلن قرارهم الحاسِم الذي لا بدّ أن يكون أحد اختيارين فإمّا إدخال علم النفس مع العلوم الطبيعية، هم بذلك يلحون بجعل موضوع هذا العلم قابلاً للقياس، لذلك قاموا بالتركيز على السلوك كموضوع للعلم بدل النفس والروح اللامحسوسين، أيضاً اختيار المنهج العلمي الذي يخضع  السلوك للدراسة.

مبادئ نظرية التعلم السلوكية

1. التعلم من خلال التكييف

التكييف الكلاسيكي: التكييف الكلاسيكي، الذي طوره إيفان بافلوف، يركز على كيفية تعلم الأفراد من خلال الارتباط بين المحفزات. في تجاربه الشهيرة مع الكلاب، أظهر بافلوف كيف يمكن تحفيز استجابة شرطية (مثل إفراز اللعاب) عند تقديم محفز غير مشروط (مثل الطعام) مع محفز شرطي (مثل صوت الجرس). بعد عدة تكرارات، بدأ الكلاب في إفراز اللعاب استجابة لصوت الجرس وحده، مما يدل على تعلم استجابة شرطية.

التكييف الإجرائي: التكييف الإجرائي، الذي طوره بورهوس فريدريك سكنر، يشير إلى كيفية تعلم الأفراد من خلال تعزيز أو عقاب سلوكيات معينة. في هذا النوع من التكييف، يتم تعزيز السلوكيات المرغوبة عن طريق المكافآت أو العقوبات، مما يزيد من احتمالية تكرار السلوكيات المرغوبة ويقلل من السلوكيات غير المرغوب فيها. يستخدم سكنر صندوق سكنر (Skinner Box) لتوضيح كيفية تأثير التعزيز والعقاب على السلوك.

2. التعلم من خلال المحاكاة

تعتبر المحاكاة أو التعلم بالملاحظة جزءًا من النظرية السلوكية، حيث يتعلم الأفراد من خلال مراقبة سلوك الآخرين ونتائج هذا السلوك. على الرغم من أن هذا المفهوم مرتبط بشكل أكبر بنظرية التعلم الاجتماعي لباندورا، إلا أنه يعكس مبدأ أن السلوكيات يمكن تعلمها من خلال مشاهدة الآخرين ومحاكاة سلوكياتهم.

3. تعزيز السلوكيات

التعزيز الإيجابي: التعزيز الإيجابي هو عملية تعزيز السلوكيات من خلال تقديم مكافآت بعد حدوث السلوك المرغوب. على سبيل المثال، إذا قام الطالب بإنجاز مهمة مدرسية بنجاح وحصل على مكافأة، فإن ذلك يعزز من احتمالية قيامه بنفس السلوك في المستقبل.

التعزيز السلبي: التعزيز السلبي يشير إلى إزالة محفز غير مرغوب فيه بعد حدوث السلوك المرغوب. على سبيل المثال، إذا تم إزالة واجب منزلي كعقوبة بعد أن يظهر الطالب تحسناً في أدائه، فإن ذلك يعزز من السلوك الإيجابي.

4. العقاب

العقاب الإيجابي: العقاب الإيجابي ينطوي على تقديم محفز غير مرغوب فيه بعد حدوث سلوك غير مرغوب فيه. على سبيل المثال، قد يتم فرض عقوبة مالية على الموظف إذا تأخر عن العمل، مما يقلل من احتمالية تكرار التأخير.

العقاب السلبي: العقاب السلبي ينطوي على إزالة مكافأة أو محفز مرغوب فيه بعد حدوث سلوك غير مرغوب فيه. على سبيل المثال، إذا فقد الطالب الامتيازات الاجتماعية بسبب عدم إتمام واجباته، فإن ذلك يهدف إلى تقليل السلوك غير المرغوب فيه.

تطبيقات نظرية التعلم السلوكية

1. التعليم

تُستخدم نظرية التعلم السلوكية بشكل واسع في مجال التعليم من خلال تقنيات مثل التعزيز الإيجابي، والتعلم القائم على الأهداف، والتدريب المكثف. يمكن للمعلمين استخدام أساليب التعلم السلوكي لتحفيز الطلاب، وتعزيز سلوكيات التعلم الإيجابية، وتقليل السلوكيات السلبية.

2. العلاج السلوكي

في مجال العلاج النفسي، تُستخدم تقنيات التعلم السلوكي لعلاج مشكلات سلوكية مختلفة مثل الفوبيا، واضطرابات السلوك، والقلق. يشمل العلاج السلوكي استخدام تقنيات مثل التعزيز، والتعريض التدريجي، والتدريب على مهارات التكيف.

3. إدارة الأعمال

تُطبق نظرية التعلم السلوكية في إدارة الأعمال من خلال تصميم أنظمة مكافآت وعقوبات لتحفيز الأداء وتحسين الإنتاجية. يمكن للشركات استخدام التعزيز الإيجابي لتحفيز الموظفين على تحقيق الأهداف، وتطبيق العقوبات لتقليل السلوكيات غير المرغوب فيها.

تقدم نظرية التعلم السلوكية إطاراً قوياً لفهم كيفية تأثير المحفزات والعقوبات على السلوكيات البشرية. من خلال التركيز على التكييف، والتعزيز، والعقاب، توفر النظرية أدوات فعالة لتعديل السلوكيات وتعزيز التعلم. على الرغم من بعض الانتقادات المتعلقة بتجاهل العمليات العقلية الداخلية، تظل النظرية السلوكية أداة قيمة في مجالات التعليم، والعلاج النفسي، وإدارة الأعمال، وتعليم المهارات السلوكية.


شارك المقالة: