تشكل الشكاوى المتعلقة بصعوبات التعلم أو اضطرابات الانتباه أو تأخر النمو، أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لإحالة الأطفال إلى أطباء أعصاب الأطفال أو علماء النفس أو معالجي النطق واللغة، في معظم الحالات تحدث الإحالات في السنوات القليلة الأولى من المدرسة الابتدائية، إنّ التأثير الذي يمكن أن تحدثه هذه الصعوبات على نمو الطفل يخلق الحاجة إلى التشخيص الدقيق وتحديد المتطلبات التعليمية المحددة ودعم الأسرة.
نموذج تقييم الفحص النفسي العصبي للأطفال
العوامل المتعددة التي قد تساهم في ظهور صعوبات التعلم أو المشكلات السلوكية، بما في ذلك العوامل البيئية، كما تدعو إلى اتخاذ إجراءات منسقة من قبل فرق الرعاية الصحية والتعليم، باختصار يثير الفشل في المدرسة أسئلة تتعلق بدمج فرق متعددة التخصصات وفعالية نماذج التقييم النفسي، للوصول إلى التشخيص الديناميكي والتخطيط لاستراتيجيات التدخل المبكر.
يتضمن التشخيص القائم على الأداء الأكاديمي الضعيف في المقام الأول، التمييز بين صعوبات التعلم والإعاقات الفعلية، قد يكون سبب صعوبات التعلم عن طريق عدم كفاية التعليم، كذلك العوامل ذات الصلة العائلية الظرفية والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية أو الوجدانية والعاطفية، يمكن كذلك أن تكون ثانوية بالنسبة التعديلات الحسية والاضطرابات النفسية ونقص الفكري والأمراض المزمنة أو العصبية.
يشار إلى النماذج التشخيصية متعددة التخصصات بشكل خاص لفهم عالمي لصعوبات التعلم، هو أمر ضروري لتخطيط برامج التدخُّل في السياقات التعليمية والصحية، يعتبر النهج العصبي النفسي في مثل هذه النماذج مهم بشكل خاص أيضاً؛ لأنّه يتضمن تحليل أداء الأطفال في الوظائف المعرفية المعقدة مثل الإدراك والانتباه والذاكرة واللغة، تمكن نتائج التحليلات من تحديد الأنواع الفرعية لصعوبة التعلم المرتبطة بملفات سريرية أو نفسية عصبية أو نفسية اجتماعية محددة.
بالتالي يمكن أن تساهم في تحديد تدخلات تعليمية أكثر دقة، أيضاً يجب مراعاة الأسئلة المتعلقة بالأنظمة الأسرية والتعليمية والاجتماعية في عملية التحقيق التشخيصي، بهذا المعنى يبدو اعتماد النظام (DSM-IV) متعدد المحاور واعد بشكل خاص، إنّه نموذج للتشخيص السريري ويتكون من محاور ترتبط كل منها بمجالات معلومات مختلفة، بما في ذلك المشكلات النفسية والاجتماعية والبيئية.
إنّ التشخيص المناسب لاضطرابات التعلم يعتمد على إجراءات التحقيق المعقدة وعلى إشراك فريق متخصص، بشكل عام تكون إجراءات التقييم مثل التشخيص النفسي أو الفحص العصبي النفسي طويلة ومعقدة، غالباً ما يتعذر الوصول إليها من قبل السكان ذوي الدخل المنخفض، بسبب التكلفة المالية الباهظة التي ينطوي عليها ذلك، فإنّ جدوى التقييم النفسي العصبي التقليدي في الوحدات الصحية، مع العديد من الاجتماعات الفردية وتطبيق الاختبارات والإجراءات المختلفة، قد تم استجوابه من قبل بعض الباحثين في مجال الرعاية الصحية.
تمّ إنشاء بروتوكولات تقييم متعددة التخصصات، بما في ذلك الفحص الجيني السريري والفحص النوعي العصبي النفسي، لاستخدامها في هؤلاء الأطفال، كان الهدف هو وضع نموذج فحص يشتمل في نفس الوقت على احتياجات الأطفال والأسر وكذلك احتياجات المعلمين، أيضاً السعي إلى التحسين من خلال جهد جماعي متكامل في عملية التشخيص.
تمّ إجراء تقييم متعدد التخصصات للأطفال من قبل فريق من حوالي سبعة متخصصين، تليها اجتماعات لتحليل النتائج، كانت الإجراءات المشار إليها هي سوابق المريض والاختبارات الجينية السريرية والفحص النوعي النفسي العصبي، أخيراً التحقيق السلوكي والتي تصل إلى 3.5 ساعة من التقييم الإجمالي لكل طفل، يتم وصف جميع الإجراءات بالتفصيل أدناه، التقى الفريق يومياً في نهاية الإجراءات من أجل مناقشة الفرضيات التشخيصية للأطفال الأربعة الذين شوهدوا في اليوم ، بناءً على معايير DSM-IV والنظام متعدد المحاور.
استمرت هذه اللقاءات قرابة الساعتين، في وقت لاحق عقدت اجتماعات أخرى مع المهنيين من المدارس، من أجل تقديم النتائج وطرح اقتراحات التدخلات ذات الصلة بكل حالة، تمّ استكمال سوابق الذاكرة من خلال تحقيق في الحالات الطبية ذات الصلة، بما في ذلك الصرع والأمراض السابقة والحالية وأوجه القصور الحسية والحركية، بعد سوابق المريض تمّ إجراء الاختبارات الجينية السريرية بما في ذلك قياسات الجسم البشري والفحص البدني من قبل اختصاصي الوراثة السريرية.
طرق الفحص العصبي النفسي:
في البداية تمّ إجراء تقييم عالمي للتنمية الفكرية باستخدام مصفوفات (Raven) الملونة، بالنسبة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 عام، تمّ استخدام معدل الذكاء المقدر بناءً على اختبارين من مقياس (WISC-III)، بعد ذلك تمّ إجراء التقييم النفسي العصبي المبسط، المكون من اختبارات نوعية وكمية على أساس الاختبارات النفسية العصبية التقليدية، تمّ تنظيم الفحص النفسي العصبي النوعي مع الأخذ في الاعتبار أداء الطفل في وظائف محددة، يمكن للمهنيين المختارين تطبيق المهام المختارة سريعاً بشكل غير واضح من قبل المتخصصين الصحيين للحصول على نتيجة فحص أولية.
بالتالي تقليل الإدراك الذاتي للفاحص للحالة العامة للطفل والأداء المعرفي، تمّ تقييم الأداء في كل مهمة من حيث النوعية، حيث تمّ تسجيله على أنّه (0) عندما لا يؤدي الطفل أياً من عناصر المهمة بشكل مناسب، مثلاً عندما ينفذ الطفل واحد على الأقل من عناصر المهمة بشكل كافي، كذلك عندما تمّ تنفيذ جميع العناصر بشكل مناسب، كما هو متوقع لفئة عمرية معينة، يتم وصف المهارات التي تم التحقيق فيها أدناه.
- الرعاية الذاتية: تم تقييم الجوانب المتعلقة بالرعاية الذاتية من حيث استقلالية الطفل في ارتداء الملابس والأكل والنظافة، في سن ما بين 5 و 7 سنوات، كان أداء الطفل يعتبر مناسب حتى عندما كانت هناك حاجة لإشراف الوالدين في هذه المجالات، من هذا العصر فصاعداً، كان الاستقلال التام متوقع.
- الرسومات: طُلب من الأطفال الرسم الحر وتقييم الأداء وفقاً لتطور الرسومات المنتجة، من ثم كان من المتوقع وجود أرقام يمكن التعرف عليها في العينة التي تمّ فحصها، التي شملت الفئة العمرية من 5 إلى 14 عام، من 5 سنوات فما فوق بينما كان من المتوقع وجود مشاهد كاملة من سن 7 سنوات.
- ذاكرة العمل: استند التحقيق في الذاكرة العاملة اللفظية إلى التكرار الشفهي لمتواليات مكونة من 2 و 3 أرقام، في البداية بترتيب مباشر ثم بترتيب عكسي، للتحقق من الذاكرة العاملة المكانية المرئية، تمّ استخدام مهمة تتكون من صفحة بها 5 مربعات زرقاء موزعة عشوائياً على خلفية بيضاء، طُلب من الطفل أن يشير إلى سلسلة من مربعات 2 و 3 قدمها الفاحص في البداية، أولاً بترتيب مباشر ثم بترتيب عكسي، تم استخدام صفحة إضافية بها أرقام لمساعدة الفاحص في تحديد التسلسلات.
- المهارات البصرية البناءة: تتكون مهمة المهارات البناءة البصرية من نسخ أربعة أشكال بسيطة (شكل حرف T ودائرة وصليب ومعين)، مع تقييم الأداء بناءً على الفحص العصبي للطفل، بناءً على هذه المعايير من المتوقع التكاثر الكافي للأرقام الثلاثة الأولى من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 6 سنوات، من المتوقع أن يكون التكاثر المناسب للمعين من الأطفال من سن 7 وما فوق.
- الانتباه الانتقائي البصري: تمّ التحقيق في مهارات الانتباه الانتقائي البصري من خلال مطالبة الأطفال، بالعثور على 6 شخصيات مستهدفة، تمثل أشياء مألوفة على التوالي، تمّ عرض الأهداف بين 50 شخصية مشتتة، وزعت عشوائياً على صفحة ذات خلفية بيضاء، كان الحد الأقصى للوقت المسموح به لاختيارهم 5 دقائق.
- اللغة: تم اختبار مهارات الكلام والتعبير اللفظي والفهم اللفظي في تقييم اللغة، تمّ تحليل جوانب مهارات الكلام والتعبير اللفظي بناءً على ملاحظات سرعة الكلام وتسلسل الكلام المنطقي الزمني وبنية الجملة، تضمن التحقيق في مهارات الاستيعاب تحليل إجابات الأطفال على الأسئلة التي طرحها الفاحص بعد العرض الشفوي لقصة قصيرة، لتقييم المهارات التعبيرية طُلب من الأطفال سرد قصة بناءً على الرسومات المجانية.
التقييم السلوكي:
استند تقييم المشكلات السلوكية إلى قائمة مراجعة سلوك الطفل، من أجل هذا التقييم ساهم وجود مشاكل سلوكية متعلقة بالأعراض التي تدل على الاكتئاب والقلق واضطراب التحدي المعارض واضطراب السلوك واضطراب نقص الانتباه على المستوى السريري، في تشخيص الاضطرابات التي تم تشخيصها لأول مرة أثناء الطفولة.
تمّ تعديل نماذج الانحدار اللوجستي باستخدام طريقة (Backward Stepwise Wald)، تتكون مجموعة المتغيرات التابعة من كل من محوري التشخيص المعبر عنها فقط بمعيار التشخيص الموجب أو السلبي، تتألف المجموعة المستقلة من ستة مقاييس مستمدة من الفحص النفسي العصبي وهي، الرعاية الذاتية والرسومات والذاكرة العاملة والبناء البصري والانتباه واللغة، تمّ أيضاً تقسيم المقاييس بطريقة تقسم العينة إلى درجات متغيرة أو درجات عادية.
بناءً على البيانات الطبقية تمّ حساب نسب الأرجحية لكل من المجالات الستة، وفقاً لوجود أو عدم وجود تشخيص إيجابي، لكل من المحاور على حدة، تمّ التحقق من المتغيرات المستقلة التي كان لها ارتباط كبير مع كل من المحاور على حدة، أخيراً يتم عرض البيانات المتعلقة بنسبة الإجابات الصحيحة لكل محور استناداً إلى المتغيرات المستقلة المهمة، فقط ومع وجود جميع المتغيرات المستقلة، كما تمّ حساب مؤشرات كفاية النموذج لكل من المحاور.