قبل ظهور أدوية الفصام كانت العلاجات قاسية للغاية، فكانت العلاجات القديمة، تحول سلوك المصاب ليصبح خارج نطاق السيطرة.
هل يساعد التدريب العقلي على تحسين حالات الفصام
تعمل الأدوية المضادة لمرض للفصام على تهدئة المظاهر التي تخيف الأشخاص بالعادة، إذ تخفض مستوى التصورات الغريبة والرؤى المنوعة، ولكن بالنسبة لبعض الأشخاص فإن هذه الأدوية لا تعمل بصورة فعالة، وذلك نتيجة للآثار الجانبية السلبية التي تنجم عنها، فهي تجعل الأشخاص يكتسبون وزن إضافي، أو قد تسبب لهم حالة من الرعاش أو تتسبب لهم بالخمول والنعاس، وقال بعض المرضى لا يريدون القضاء على هلوساتهم كونها تكّون جزء من شخصيتهم.
أكد بعض الباحثين بأن مضادات الفصام لا تعمل فعلياً على علاج المرض نفسه، بل هي في الحقيقة تعالج أحد مظاهره، إذ أن الأدوية لا تعالج الاختلالات المعرفية المخفية التي تعيق قدرة الأشخاص على الحصول على حياة ناجحة.
والفصام هو انقسام العقل، وعادةً ما يعتقد الأغلب بأنه، هو مرض يسبب للمصاب به أفكار غريبة، مثل الاعتقاد بوجود الغبار الكوني، إلّا أن هذه الأعتقادات التي يحملها العامة عن الفصام لا تمثل وجهة نظر العلم.
ولفهم حقيقة الفصام، يجب في البداية البحث عن الكيفية التي يبدأ فيها هذا المرض، فإذا تم تتبع حياة المصابين بالذهان في مراحلها الأولى، فيتم ملاحظة أن الأطفال يكبرون بصورة جيدة من غير ظهور أي مشاكل تذكر، ولكن في مرحلة ما وغالباً في مرحلة المراهقة يمكن ملاحظة ظهور تدني في مستوى انتاجياتهم، مثل حدوث تغيّر في مستواهم الدراسي مثلاً، أو الانحياز لأن يصبحوا أكثر عزلة عن المجتمع.
والمفترض أن تكون فترة المراهقة هي الفترة التي يزدهر فيها الفكر، ولكن بالنسبة للمراهقين الذين يتطور لديهم مرض انفصام الشخصية، فما يحصل في هذه المرحلة من حياتهم هو العكس تماماً، حيث يبدون أكثر فقدان للتركيز، لذلك يمكن تعريف الفصام بأنه في الأساس عبارة عن تراجع في وظائف المخ الرئيسية، وغيرها من القدرات المعرفية مثل الذاكرة والمهارات الحركية الرئيسية حيث أنه يشابه تقريباً الخرف الذي يصيب الشباب.
الأشخاص الطبيعيين يمكنهم سماع صوت إنذار سيارة من مسافة بعيدة، ولكنهم بالكاد ينتبهون له، إذ أن الدماغ يستطيع أن يعرف مباشرة أن صوت الإنذار ليس ظاهر ويمكن تجاهله، ولكن لدى الأشخاص المصابين بالفصام فإن الأمر يبدو وكأن الفلتر العقلي قد تعطل.
حيث يقوم الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالفصام بمحاولة معالجة جميع المعلومات التي تواجه الشخص وكأنها جميعاً ذات معنى، وبنفس الأهمية، وإن تتراكم هذه المنبهات الإضافية، والبيانات الإضافية، هذا هو يؤدي للإصابة بالهلوسة، فأن العقل يحاول أن يعطي كافة تلك المعلومات معنى، مما يؤدي إلى ظهور الهلوسة.
والغاية الحالية للباحثين بما يخص مرض انفصام الشخصية هو مساعدة الأشخاص المصابين بالفصام على التفكير بصورة أكثر وضوح، عوضاً من إزالة الأوهام من رأس المرضى خلال الأدوية، وإحدى الأساليب المقترحة للوصول إلى هذه الغاية هي باستعمال الأدوية التي تهدف إلى تحسين الذاكرة ووظائف الدماغ الرئيسية.
ولكن بما أن شركات الأدوية لم تستطع حتى الآن الوصول لإنتاج دواء يساعد على تحسين هذه الوظائف بصورة فعّالة، فقد اتجه الأطباء لوصف الأمور التي قد تكون مفيدة للدماغ مثل ممارسة الرياضة، وحالياً تقوم دكتورة في عيادة صحة عقلية بإجراء دراسات لمعرفة ما إذا كان يمكن أن يتم إعادة تعليم الدماغ باستعمال الألعاب الالكترونية المخصصة لتدريب الأشخاص الذين يعانون من مرض انفصام الشخصية من خلال التحكم بعدم التركيز، والتركيز على تعليمات بسيطة.
ولكن هذه الطريقة ليست ناجحة مع كافة مرضى انفصام الشخصية، فإن الأشخاص الذين يعانون من سماع الأصوات أو الأوهام العنيفة للغاية لا يمكن أن يستفيدوا من هذه التقنية، فهم بحاجة لتقنية توقف تدفق هذه الأصوات، لهذا فإن الدواء لا يزال هو الحل الأفضل لهذه الحالات.