المُراهقون بشكل عام معرَّضون للمشاكل النفسية، التي تُؤثر سلباً على شخصيّتهم ومسيرتهم الحياتيّة، ذلك على الأهل أن يقفوا إلى جانبهم ويساعدوهم على تخطّي هذه الأسباب والشُّعور بالرَّاحة أكثر مع شخصيّتهم. لكي تكسب ثقة ابنك المُراهق عليك فهم آلية تفكيره، وابتكار الحُلول التي يعتقد أنّها تفيده وتُوصله إلى الرّاحة و السّعادة التي يُريدها ويبحث عنها، لِذلك عليك معرِفة ما يتجسَّد وراء تصرُّفات المراهق من أفكار، مثل السبب الذي يقوده إلى العزلة.
العزلة عند المراهق
الغياب التاّم أو شِبه التام للتّواصل مع المُجتمع، ذلك يكون بين الكائنات الاجتماعية، غالبًا ما تكون العزلة لا إراديّة، أي تحدث من غير إرادة الشخص نفسه، مما يُميّزها عن الميول والأفعال الانعزاليّة التي يقُوم بها الشخص مُتعمداً.
تعددت أسماء العزلة ولكن المظاهر واحدة، لا تشبه الوُحدة المتّصلة في غياب التّواصل المُؤقت مع البشر، ويمكن أن تكون العُزلة الاجتماعيّة مشكلة لأيّ شخص مهما كان سنّه، فقد تظهر في كل فئة عُمرية، مع احتمال أن تنشأ مشاعر الوحدة والخوف أو انخفاض تقدير الذات مما قد يؤثر بشكل سلبي بالتالي التعرُّض لأضرار نفسيّة حادة.
مظاهر العزلة عند المراهقين
- الخجل الزائد.
- ضعف الاتصال بالآخرين.
- عدم الشعور بالارتياح الداخلى.
- يعانى المراهق من ضعف فى التوافق النفسي والاجتماعي.
أسباب العزلة عند المراهقين
السخرية من المراهق من قبل الأصدقاء
يُعاني الكثير من المُراهقين من سوء التّعامل من قبل الأصدقاء، هذا ما يدفعهم إلى التهرُّب من الانخراط مع الآخرين في المُجتمع؛ مما يجعلهم يميلون إلى الانطواء على أنفسهم، الانعزال عن الآخرين كي يبتعدوا عن تعليقات الأصدقاء التي في الغالب تجرح مشاعرهم في هذه المرحلة من العُمر، وبالتالي يتفادى المُراهق في هذه المرحلة الاختلاط في النّشاطات واللقاءات.
عدم الثقة بالنفس عند المراهق
هناك أسباب عديدة قد تدفع المُراهق إلى الانعزال والانطواء على النّفس، منها عدم الثّقة بالذّات، الأمر الذي يأتي نتيجة عدم تقبُّله لنفسه سواء على صعيد الشّكل والتفكير والتعبير، لذا قد تجدُون أنّ أبناءكم المُراهقين غير مُرتاحين لنظرات الآخرين لهم أو أنّهم يتذمّرون باستمرار من شكلهم الخارجيّ أو أنّهم لا يجيدون التصرُّف أو التكلّم بشكل صحيح، لذلك يجب أن تقوموا بمُساندتهم في تقوية شخصيتهم البارزة، التمتّع بالثقة بالنفس؛ ليخرجوا من انعزالهم وانطوائهم إلى الخارج.
الفشل العاطفي عند المراهقين
تُشغل الناحية العاطفية في حياة المراهق نصف اهتماماته؛ فالتعرُّف إلى الحياة العاطفية يعد هاجساً بالنسبة العُظمى للمراهقين، أيّ خطوة فاشلة قد تقُوده إلى ما يُمكن تسميته باليأَس العاطفي وبالتالي مع مرور الوقت تصبح العُزلة جزءً من حياته.
الفشل الدراسي عند المراهقين
هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى تراجع التحصيل الأكاديمي، التأثير على قدرة الطالب على استيعاب المعلومات، الاستفادة منها في الواقع العملي.
الضغط الجنسي عند المراهق
عندما يفتقد المراهق إلى شخص يفهمه ويفهم رغبته الجنسيّة، يوجّهه إلى كيفية التُّعامل معها، يلجأ إلى العُزلة والهُروب من هذهِ الرّغبة إلى نفسه فهو يجهل أبعادها.
الهوس التقني عند المراهق
إنّ وجود الانترنت جعل غرفة المُراهق عالمه الوحيد والمريح، حيث أنّ هذا النّوع من العُزلة يعتبرعزلة عن الواقع، فالعُزلة التقنيّة هي انفراد المراهق بنفسه مع منصّات التّواصل والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تُلبي كافة رغباته، لذلك عليك أن تكون صديقاً للمُراهق وتحاول فهمه، فالصّراعات التي تدُور في داخله كافية لكي يكون عدائياً مع نفسه.
إجبار المراهق على القيام بأعمال تفوق قدراته
يجب عدم تحميل المراهق فوق قُدراته، لأنّ هذه المُمارسات تجعله يشعُر بالعجز والخوف من الفشل، مما يدفعُه إلى العزلة عن الأُسرة والأُصدقاء. ينصح بضرورة تنمية قدرات المراهق العقليّة والجسديّة قبل تكليفه بأيّ عمل يقوم به يفوق عمره الزّمني، إضافةً إلى تشجيعه على تكوين صداقات مع أقرانه الجيدين وتنمية مواهبه الخاصّة كالغناء والرسم، لأنّ ذلك سيكون سبباً كافياً في زيادة ثقته بنفسه.
الدلال الزائد للمراهق
إنّ تدليل الأبناء منذ الصغر يعد أحد الأسباب الهامة للعزلة الاجتماعية، خاصةً أنّ الطفل ينشأ معتمداً على والديه وعاجزا عن إدارة أموره بنفسه، ثم يُصبح غير ناضج انفعالياً واجتماعياً.
الاكتئاب عند المراهق
أثبتت البُحوث العلميّة أن 33 بالمئة من المراهقين يُصابون بالعُزلة الاجتماعية نتيجة شعورهم بالاكتئاب، إذ ترتفع هذه النسبة بين الفتيات المراهقات.
علاج مشكلة العزلة لدى المراهقين
- إشعار المراهق بالمحبّة والرّحمة والحنان والقُبول والاطمئنان وتوفير الأمن.
- تدريب المراهق على إثبات ذاته والتعبير عن مشاعره.
- تنمية الثّقة فى نفسه، روح المُغامرة والتحدي، من خلال الإنجاز والكفاءة فى النّجاح الدراسي والمُسابقات الرياضية والثقافية والأدبية والانشطة المختلفة.
- العمل على تغيير نظّرة المراهق السلبيّة عن ذاته، إلى نظرة إيجابيّة من خلال نقاط القوة فى شخصيّته وتعزيزها بشكل جيد.
- تدريب المراهق على رفض طلبات الآخرين، قول كلمة لا عندما تتعارض مع رغباته وأفكاره فهذا يؤكد ذات المراهق.
- تدريب المراهق على المهارات الاجتماعيّة، تكوين صداقات من خلال لعب الأدوار، تمثيل الشخصيّات المرِحة والمُنبسطة القادِرة على التّفاعل مع الأفراد والجماعات.
- إشراك المراهق في المواقف الاجتماعيّة، من خلال مواقِف الحياة المُختلفة، مثل المُناسبات واللقاءات العامّة.
- إزالة الحساسيّة الزائدة، جلد الذات، الانشغال بالهُموم والمٌشكلات.
- استخدام المدح والثناء وتشجيع المراهق بالقيام بالتصرفات الايجابية، تجنُّب استخدام الإِهانة والتوبيخ والنّقد واللّوم.
- اصطحاب المراهق إلى مجالس الكِبار، حضور الديوانيّات والمُناسبات الاجتماعيّة والثقافيّة والدينيّة.
- تعزيز الانتماء لجماعة الأَصدقاء والأقران من خِلال دعوتهم لمُشاركته فى الأُمسيات والمُناسبات، مثل لعب البلاستيشن أو شرب القهوة.
دور الأسرة في معالجة العزلة عند المراهقين
- الفهم الكامل لما يُعاني منه المُراهق من قلق وعصبيّة وتمرُّد، القيام بامتصاص غضبه؛ لأنّ هذه المرحلة هي مرحلة الإِحساس المُرهف، مما يجعل المُراهق شخصاً سهل الاستثارة والغضب، لذلك على الأَهل بثُّ الأمان والاطمئنان في نفس المراهق.
- تعليم المُراهق الأحكام الشرعيّة الخاصة، مثل الصّيام والصّلاة والطّهارة والاغتسال، يعتبر ذلك مدخلاً لإعطائه الفُرصة للتساؤل حول أي شيء يُدور في ذهنه حول هذه المسألة، حتى لا يُضطر لأن يأخذ معلوماته من جهات خارجيّة، يمكن أن تضرُّه أو ترشده إلى خطأ ما أو حرام.
- يحتاج المراهق إلى من يتفهمّ حالته النفسيّة، يراعي احتياجاته الجسديّة، لذا فهو بحاجة إلى صديقٍ ناضج يجيب عما يدور في ذهنه بتفهم وعطف وصراحة، صديق يستمع إليه حتى النهاية دون مقاطعته أو السخرية منه أو الشك فيه.
- أنّ نقوم بتوجيه المراهق بصورة دائمة وغير مُباشرة، إعطاء مساحة كبيرة للنّقاش والحِوار معه، التّسامح معه في بعض المواقف الاجتماعيّة، تشجيعه على التحدُّث والحِوار بطلاقة مع الآخرين، تعزيز ثقته بنفسه وتأكيد ذاته.
- اختيار الوقت المُناسب لبدء الحوار مع المراهق بعيداً عن الآخرين.