الفيروسات ومرض الزهايمر

اقرأ في هذا المقال


يلعب نمط الحياة والعوامل الوراثية دوراً في تطور مرض الزهايمر، ولكن يبدو أن بعض أنواع الفيروسات والبكتيريا قد تؤدي  على المدى الطويل إلى موت الأنسجة العصبية، لذلك فقد تكون العدوى الفيروسية أحد الأسباب الرئيسية للخرف والإصابة بمرض الزهايمر.

الفيروسات والزهايمر

  • يقدر عدد المصابين بمرض الزهايمر بسبعة ملايين يتم تشخيصهم في كل عام في جميع أنحاء العالم، ويوجد حوالي 5.8 مليون  مصاب به في الولايات المتحدة، ويعد مرض الزهايمر السبب الأكثر شيوعاً للخرف؛ حيث يوجد حوالي 50 مليون حول العالم يعانون من الخرف في جميع أنحاء العالم، ويشكلون نسبة 60 إلى 70% من مرضى الزهايمر.
  • إن مرض الزهايمر هو اضطراب عصبي تدريجي يتسبب في ضمور خلايا الدماغ وتلفها ثم موتها، ويؤثر ذلك على الذاكرة والإدراك، مما يؤدي إلى التدهور المستمر في التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية التي تؤثر على قدرة الشخص على العمل بشكل مستقل.
  • تم اكتشاف مرض الزهايمر من قبل الطبيب الألماني ألويس ألزهايمر في عام 1906؛ حيث لاحظ تراكم اللويحات في دماغ امرأة تبلغ من العمر 55 عاماً، والتي كانت تعاني من تدهور الذاكرة ومشاكل اللغة والسلوك غير المتوقع، تكون هذه اللويحات مصنوعة من بروتين يسمى أميلويد بيتا، ويهو بروتين غير طبيعي وسام لخلايا الدماغ ويُضعف الروابط المشبكية المهمة للإشارات العصبية، وقد يتسبب تراكم لويحات بيتا أميلويد في تكوين تشابك بروتين آخر يسمى تاو داخل الخلايا، والذي يمكن أن يؤدي في حد ذاته إلى موت الخلايا العصبية، ويترافق ذلك مع التهاب واسع النطاق في الدماغ، مما يزيد من الضرر.
  • إن بروتين تاو هو بروتين مرتبط بالأنابيب الدقيقة ويتم ترميزه بواسطة جين MAPT على الكروموسوم البشري 17.، ويتم التعبير عنه بشكل رئيسي في المحاور العصبية، ويسبب بلمرة توبولين لتجميع الأنابيب الدقيقة المستخدمة في النقل المحوري، وإذا حدثت عملية الفسفرة، فإنه يفقد الذوبان ويشكل خيوطاً مرتبطة بموت الخلايا العصبية والأمراض التنكسية العصبية.
  • من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث مرض الزهايمر: العوامل الجينية والوراثية والبيئية، وتقدم العمر، والجنس حيث يُصيب الناس أكثر من الرجال، ونمط الحياة غير الصحي مثل قلة النشاط البدني والنظام الغذائي غير الصحي، والعوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب مثل ضغط الدم المرتفع، وفرط الكوليسترول في الدم، والسكري غير المنتظم، والتدخين، والعدوى الفيروسية أو البكتيرية.
  • إن أكير عامل خطر معروف لمرض الزهايمر هو زيادة العمر، ومعظم المصابين به يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكبر، ولكنه يمكن أن يصيب الأشخاص الأقل من 65 عاماً.
  • تُشير الأبحاث التي أجريت على مدار العشرين عاماً الماضية إلى وجود صلة بين الفيروسات ومرض الزهايمر.
  • من أشهر الفيروسات التي ترتبط بمرض الزهايمر فيروس الهربس البسيط (HSV-1)، وهو فيروس من عائلة الفيروسات الهربسية، ويُسبب قرحة البرد، ومن أهم مميزات هذا الفيروس أنه من الفيروسات الكامنة، والتي تكون خاملة لسنوات في جسم الإنسان، ثم تعود للنشاط والتكاثر من جديد.
  • لقد وجدت دراسة تايوانية أن الأشخاص المصابين بعدوى فيروس الهربس البسيط (HSV-1) لديهم ما يقرب من ثلاثة أضعاف خطر الإصابة بمرض الزهايمر والخرف في وقت لاحق من حياتهم بالعكس الذين لا يتواجد هذا الفيروس بأجسامهم، وكما أن الذين تناولوا  الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج الهربس؛ قد قللوا من خطر الإصابة بمرض الزهايمر الخرف بنسبة 90%.
  • من أهم الأدلة على وجود ارتباط بين فيروس الهربس البسيط والإصابة بمرض الزهايمر هو أنه: تم العثور على الحمض النووي لهذا الفيروس في مرضى الزهايمر، والمترجمة داخل لويحات الأميلويد في القشرة الصدغية والجبهة، كما تم العثور على هذا الفيروس في مستويات مختلفة بشكل ملحوظ بين أدمغة مرضى الزهايمر.

آلية تسبب فيروس الهربس البسيط في الإصابة بمرض الزهايمر

  • تتمثل إحدى أهم السمات المرضية لفيروس الهربس البسيط (HSV-1) في قدرته على إعادة التنشيط في ظل العديد من الظروف، بما في ذلك في ذلك كبت المناعة وجراحة الأعصاب والعلاج الإشعاعي عند البشر، وإذا تم تنشيطه في الدماغ، فإنه يؤدي إلى التهاب حاد في الدماغ يعرف باسم التهاب الدماغ، والذي يمكن أن يسبب أعراضاً شديدة مثل الحمى والنوبات والسلوك غير الطبيعي وفقدان الوعي.
  • إن الطريق الرئيسي لدخول فيروس الهربس البسيط (HSV-1) إلى خلايا الدماغ عن طريق إصابته خط الخلايا الظهارية في الغشاء المخاطي  للفم أو الأنف، مما يسبب قرحة البرد، ثم يُصيب البصيلة الشمية للوصول إلى العقد اللاإرادية، حيث يُصبح هذا الفيروس كامناًً، ويتهرب من جهاز المناعة، ويمكن أن يظل الفيروس كامناً في العصب الثلاثي التوائم لفترة طويلة من الزمن.
  • يعيد فيروس الهربس البسيط (HSV-1) تنشيط الخلايا العصبية (PNS) ويصيبها في ظل ظروف الإجهاد أو نقص المناعة أو العلاج الكيميائي، ويتم نقل الكابسيد للوصول إلى الموقع الأساسي للعدوى وبدء النسخ المتماثل.
  • يعبر فيروس الهربس البسيط (HSV-1) الخلايا الظهارية والمشابك التي ترتبط بالخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي، ثم يصل إلى الجهاز العصبي المركزين خلال الخلايا العصبية الحسية في الجهاز العصبي المحيطي (PNS)، ويكون لهذه الخلايا  محاور زائفة أحادية القط.
  • يحث  فيروس الهربس البسيط (HSV-1) على تراكم لويحات بيتا اميلويد (Aβ) والتشابك الليفي العصبي (NFTs) داخل الدماغ، ويمكن لهذا الفيروس استخدام الخلايا الليمفاوية التائية لعبور الحاجز الدموي الدماغي (BBB).
  • تُحفز إصابة الخلايا التائية بالفيروس إنتاج ما يسمى TNF-α، وتزيد من إنتاج إنترلوكين  (IL-1β) في الخلايا الدبقية الصغيرة، مما يؤدي إلى انهيار الحاجز الدموي الدماغي.
  • يمكن أن ينتج اضطراب الحاجز الدموي الدماغي من خلال العديد من الأسباب مثل الشيخوخة وفرط كوليسترول الدم وارتفاع ضغط الدم والتدخين وعمل الفيروسات.
  • بمجرد أن يتم تعطيل الحاجز الدموي الدماغي، وهو ما يحدث لدى مرضى الزهايمر،  قد يدخل فيروس الهربس البسيط (HSV-1) إلى الدماغ عن طريق اختراق الخلايا المناعية، مثل الخلايا التائية أو الضامة لعبور الحاجز الدموي الدماغي.
  • يمكن أن تتسلل الضامة المصابة بفيروس فيروس الهربس البسيط (HSV-1) إلى الحاجز الدموي الدماغي من خلال إطلاق عامل نخر الورم آيه (TNF-α)، وتحفيز الخلايا الدبقية الصغيرة لإنتاج إنترلوكين (IL-1β)، كما يزيد فيروس الهربس البسيط (HSV-1) من فرط الفسفرة لبروتين تاو، والذي يتواجد في مرضى الزهايمر.
  • إن TNF-α وIL-1β هي عبارة عن سيتوكينات ضرورية لالتصاق الخلايا البطانية، وبالتالي يمكن أن تؤثر على نفاذية الحاجز الدموي الدماغي.
  • يمكن أن يدخل فيروس الهربس البسيط (HSV-1)  إلى الجهاز العصبي المركزي مباشرة من خلال الدورة الدموية؛ حيث كشفت دراسة أجريت على الفئران المحقونة بـهذا الفيروس وجوده في الدم، ثم في مناطق مختلفة من الدماغ، بما في ذلك الدماغ المتوسط ​، وبطينات الدماغ، والقشرة، والمخيخ، وتعد منطقة الدماغ المتوسط ​​طريقاً مهمًا لدخوله إلى الدماغ من خلال الدورة الدموية.
  • إن آليات التسبب في المرض الأساسية تجعل فقط  من مرضى الزهايمر إيجابية لفيروس الهربس البسيط (HSV-1)؛ لذلك قد لا يكون هذا الفيروس عاملاً مسبباً في حد ذاته، ولكنه قد يلعب دوراً في الإصابة بمرض الزهايمر من خلال التفاعلات مع جسم المصاب.

المصدر: الكتاب"أساسيات علم الفيروسات"المؤلف"فؤاد شاهين"/20042021/"Book"Human Viruses: Diseases, Treatments and Vaccines"Author"Shamim I. Ahmad الكتاب"الزهايمر مرض..أرذل العمر"المؤلف"لطفي الشرباني"/20152020/"Book"Alzheimer's Disease and Infectious Causes"Author"Elaine A. Moore


شارك المقالة: