ما هي الصبغيات؟

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الصبغيات:

الكروموسومات أو الصبغيات هي هياكل شبيهة بالخيوط تقع داخل نواة الخلايا الحيوانية والنباتية، حيث يتكون كل كروموسوم من البروتين وجزيء واحد من الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (DNA)، ويحتوي الحمض النووي الذي ينتقل من الآباء إلى الأبناء على التعليمات المحددة التي تجعل كل نوع من الكائنات الحية فريدًا، ومصطلح الكروموسوم يأتي من الكلمات اليونانية للون (صفاء) والجسم (سوما)، إذ أطلق العلماء هذا الاسم على الكروموسومات؛ لأنها هياكل خلوية أو أجسام ملطخة بشدة ببعض الأصباغ الملونة المستخدمة في البحث.

يحافظ التركيب الفريد للكروموسومات على الحمض النووي ملفوفًا بإحكام حول بروتينات تشبه البكرة تسمى الهستونات، بحيث بدون مثل هذه العبوات ستكون جزيئات الحمض النووي طويلة جدًا لتناسب الخلايا، على سبيل المثال إذا تم فك جميع جزيئات الحمض النووي في خلية بشرية واحدة من هيستوناتها ووضعت من طرف إلى طرف فستمتد 6 أقدام.

حتى ينمو الكائن الحي ويعمل بشكل سليم يجب أن تنقسم خلاياه بشكل مستمر وإنتاج خلايا جديدة تأتي محل الخلايا القديمة، في أثناء الانقسام الخلوي يكون ضروري أن يبقى الحمض النووي سليمًا وموزعًا بالتساوي بين الخلايا، إذ تعتبر الكروموسومات جزءًا أساسيًا من العملية التي تضمن نسخ الحمض النووي بدقة وتوزيعه في الغالبية العظمى من انقسامات الخلايا، ومع ذلك تحدث الأخطاء في مناسبات نادرة.

بنية الصبغيات:

قد تؤدي التغييرات في عدد أو بنية الكروموسومات في الخلايا الجديدة إلى مشاكل خطيرة، على سبيل المثال عند البشر يحدث نوع واحد من سرطان الدم وبعض أنواع السرطان الأخرى بسبب الكروموسومات المعيبة المكونة من قطع متصلة من الكروموسومات المكسورة.

من المهم أن تحتوي الخلايا التناسلية مثل الحيوانات المنوية والبويضات على عدد الصحيح من الكروموسومات، وأن تكون لها البنية الصحيحة، وإلا فقد يفشل النسل الناتج في النمو بشكل سليم، على سبيل المثال يمتلك الأشخاص المصابون بمتلازمة داون ثلاث نسخ من الكروموسوم 21  بدلاً من النسختين الموجودتين في الأشخاص الآخرين.

تختلف الكروموسومات من حيث عددها واشكالها بين الكائنات الحية، حيث تحتوي معظم البكتيريا على كروموسوم دائري واحد أو اثنين، بينما يحتوي البشر والحيوانات والنباتات الأخرى على كروموسومات خطية مرتبة في أزواج داخل نواة الخلية، إذ ان الخلايا البشرية الوحيدة التي لا تحتوي على أزواج من الكروموسومات هي الخلايا التناسلية أو الأمشاج التي تحمل نسخة واحدة فقط من كل كروموسوم، حيث عندما تتحد خليتان تناسليتان تصبحان خلية واحدة تحتوي على نسختين من كل كروموسوم، ثم تنقسم هذه الخلية وتنقسم خلفاؤها عدة مرات، مما يؤدي في النهاية إلى إنتاج فرد ناضج بمجموعة كاملة من الكروموسومات المزدوجة في جميع خلاياها تقريبًا.

تحمل خلايا البشر والكائنات الحية معقدة التركيب على نوعًا أصغر بكثير من الكروموسومات المشابهة لكروموسومات في البكتيريا إلى جانب الكروموسومات الخطية الموجودة في النواة، حيث تم العثور على هذا الكروموسوم الدائري في الميتوكوندريا وهي هياكل تقع خارج النواة والتي تعمل كمراكز قوة للخلية.

يعتقد العلماء أنه في الماضي كانت الميتوكوندريا بكتيريا تعيش بحرية ولها القدرة على تحويل الأكسجين إلى طاقة، وعندما غزت هذه البكتيريا الخلايا التي تفتقر إلى القدرة على الاستفادة من طاقة الأكسجين احتفظت بها الخلايا وبمرور الوقت تطورت البكتيريا إلى الميتوكوندريا الحديثة.

 السنتروميرات:

إن المنطقة المقيدة للكروموسومات الخطية تسمى (centromere)، وعلى الرغم من أن هذا الانقباض يسمى (centromere) الا أنه عادة لا يقع بالضبط في وسط الكروموسوم، وفي بعض الحالات يقع في نهاية الكروموسوم تقريبًا، حيث يشار إلى المناطق الموجودة على جانبي السنترومير باسم أذرع الكروموسوم.

تساعد السنتروميرات في الحفاظ على محاذاة الكروموسومات بشكل صحيح في أثناء عملية انقسام الخلية، حيث يتم الاستعداد لنسخ الكروموسومات لإنتاج خلية جديدة، يعمل السنترومير كموقع ارتباط لنصفي الكروموسوم المكرر، والذي يعرف باسم الكروماتيدات الشقيقة.

ما هي التيلوميرات؟

تعرف التيلوميرات بأنها امتدادات متكررة من الحمض النووي توجد في نهايات الكروموسومات الخطية، تقوم على حماية نهايات الكروموسومات بطريقة تشابه الطريقة التي تمنع بها أطراف أربطة الحذاء من الانهيار، وفي العديد من أنواع الخلايا تفقد التيلوميرات في كل مرة تنقسم فيها الخلية جزءًا بسيطًا من حمضها النووي، ففي النهاية عندما يختفي كل الحمض النووي للتيلومير لا يمكن للخلية أن تتكاثر وتموت.

خلايا الدم البيضاء وعدة خلايا أخرى تحتوي على إنزيم خاص يمنع الكروموسومات الموجودة فيها من فقدان التيلوميرات الخاصة بها، والتي لها القدرة على الانقسام بشكل متكرر، بحيث بسبب الاحتفاظ بتيلوميراتها يمكن أن تعيش هذه الخلايا أطول من الخلايا الأخرى، كما تلعب التيلوميرات أيضًا دورًا في الإصابة بالسرطان، وعادة لا تفقد كروموسومات الخلايا الخبيثة التيلوميرات الخاصة بها، مما يساعد على تغذية النمو غير المنضبط الذي يجعل السرطان مدمرًا للغاية.

عدد الكروموسومات التي يمتلكها البشر:

لدى البشر 23 زوجًا من الكروموسومات ليصبح المجموع 46 كروموسومًا، وفي الواقع لكل نوع من أنواع النباتات والحيوانات عدد محدد من الكروموسومات، إذ تحتوي ذبابة الفاكهة، على سبيل المثال على أربعة أزواج من الكروموسومات بينما تحتوي نبتة الأرز على 12 كروموسومًا والكلب 39، ويتم توريث الكروموسومات في البشر ومعظم الكائنات الحية المعقدة الأخرى، ويتم توريث نسخة واحدة من كل كروموسوم من الوالد الأنثى والأخرى من الوالد الذكر، وهذا يفسر لماذا يرث الأطفال بعض سماتهم من أمهاتهم والبعض الآخر من والدهم؟

يختلف نمط الوراثة عن الكروموسوم الدائري الصغير الموجود في الميتوكوندريا، وتحافظ خلايا البويضات على الميتوكوندريا أثناء الإخصاب، لذا فإن الحمض النووي للميتوكوندريا يُورث دائمًا من الأم الأنثى، في البشر ارتبطت بعض الحالات، بما في ذلك بعض أشكال ضعف السمع والسكري بالحمض النووي الموجود في الميتوكوندريا، والذكور لديهم كروموسومات مختلفة عن الاناث، حيث إنها تختلف في زوج من الكروموسومات المعروفة باسم الكروموسومات الجنسية، ولدى الإناث كروموسومان X في خلاياهن بينما لدى الذكور كروموسوم X واحد وكروموسوم Y واحد.

وراثة نسخ متعددة أو غير كافية من الكروموسومات الجنسية يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة على سبيل المثال، الإناث اللواتي يمتلكن نسخ إضافية من الكروموسوم X، في الاغلب تكون أطول من المتوسط ​​وبعضهن مصابات بتخلف عقلي، ويعاني الذكور الذين لديهم أكثر من كروموسوم X واحد من متلازمة كلاينفيلتر، وهي حالة تتميز بقامة طويلة وغالبًا ما تؤدي إلى ضعف الخصوبة.

متلازمة تيرنر هي متلازمة أخرى ناتجة عن عدم التوازن في عدد الكروموسومات الجنسية، والنساء المصابات بـ (Turner) لديهن كروموسوم X واحد فقط قصيرات جدا، وعادة لا يمرون بمرحلة البلوغ وقد يعاني البعض من مشاكل في الكلى أو القلب، كما تم اكتشاف الكروموسومات عندما لاحظ العلماء الذين نظروا إلى الخلايا تحت المجهر الكروموسومات لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، ومع ذلك في ذلك الوقت كانت طبيعة ووظيفة هذه الهياكل الخلوية غير واضحة، واكتسب الباحثون فهمًا أفضل للكروموسومات في أوائل القرن العشرين من خلال دراسات توماس هانت مورغان الرائدة، إذ قام مورغان بالربط بين الكروموسومات والسمات الموروثة من خلال إثبات أن كروموسوم X مرتبط بالجنس ولون العين في ذباب الفاكهة.


شارك المقالة: