مصطلح الردع الأدنى: هو عقيدة عدم الاستخدام الأول، والتي تنص على أن المهمة الوحيدة للأسلحة النووية هي ردع خصم نووي من خلال جعل تكلفة الضربة الأولى باهظة بشكل غير مقبول، لذلك لتقديم رادع ذي مصداقية يجب أن يكون هناك ضمان بأن أي هجوم من شأنه أن يؤدي إلى ضربة انتقامية، حيث يتطلب الحد الأدنى من الردع رفض استراتيجية القوة المضادة لصالح السعي وراء قوة قابلة للبقاء والتي يمكن استخدامها في ضربة ثانية معادلة.
لمحة عن الردع الأدنى:
في الاستراتيجية النووية يُعدّ الحد الأدنى من الردع المعروف أيضاً بمسمى الرادع المحدود تطبيقاً عملياً لنظرية الردع، حيث لا تمتلك الدولة أسلحة نووية أكثر مما هو ضروري لردع الخصم عن الهجوم.
وتعتبر نظرية الردع هي إحدى نظريات إدارة الصراع التي تعتمد بشكل أساسي على الأدوات العسكرية، لذلك غالباً ما يربط البعض مصطلح الاستراتيجية بمصطلح الردع، حيث أصبح مصطلح “استراتيجية الردع” مصطلحاً شائعاً سواء في مجال التخطيط العسكري أو العلاقات الدولية.
بينما قامت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بتطوير قدرات قوية للضربة الأولى والثانية، وأثناء الحرب الباردة اتبعت جمهورية الصين الشعبية عقيدة الحد الأدنى من الردع النووي، بافتراض أن صانعي القرار يقومون بتحليلات التكلفة والعائد عند اتخاذ قرار باستخدام القوة، فإن عقيدة الصين تدعو إلى الحصول على ترسانة نووية كبيرة بما يكفي لتدمير “النقاط الاستراتيجية” للخصم بطريقة تجعل التكاليف المتوقعة للضربة الأولى تفوق التوقعات المتوقعة، حيث تبنّت الهند أيضاً هذه الإستراتيجية والتي يسمّونها الحد الأدنى من الردع الموثوق به.
سياسة الردع الأدنى:
سياسة الحد الأدنى من الردع الموثوق به لباكستان هو مبدأ دفاعي واستراتيجي، يقوم عليه برنامج الأسلحة النووية للبلاد، حيث إن هذه العقيدة ليست جزءاً من العقيدة النووية المصممة لاستخدام الأسلحة الذرية في حرب معلنة واسعة النطاق، إذا تم تجاوز شروط العقيدة بدلاً من ذلك تندرج سياسة الحد الأدنى من الردع الموثوق به في إطار الحد الأدنى من الردع، باعتباره معكوساً للتدمير المتبادل المؤكد الذي ينظر إليه على نطاق واسع، على أنه مصمم لثني الهند عن اتخاذ أي إجراءات عسكرية ضد باكستان كما فعلت في سنة 1971 عندما بدأت الحرب.
وترفض باكستان تبني سياسة عدم الاستخدام الأول، بينما تبنت القوى الإقليمية الأخرى الهند والصين هذه السياسة، حيث كان وزير الخارجية الباكستاني قد حذَّر من أنه إذا تعرضت باكستان للغزو أو الهجوم فإنها ستستخدم “أي سلاح في ترسانتها” للدفاع عن نفسها.
ويمثل الحد الأدنى من الردع طريقة واحدة لحل المعضلة الأمنية وتجنب سباق التسلح، فغالباً ما يشعر صناع القرار بالضغط لتوسيع ترساناتهم عندما يرون أنها معرضة لضربة الخصم الأولى، خاصة عندما يسعى الطرفان إلى تحقيق الميزة وإن القضاء على هذا الضعف الملحوظ يقلل من الحافز لإنتاج أسلحة أكثر تقدماً.
ومثال على ذلك تتجاوز القوة النووية للولايات المتحدة متطلبات الحد الأدنى من الردع، وهي مجهزة لضرب البعض من الأهداف في بلدان متعددة ولديها القدرة على تنفيذ ضربات مضادة ناجحة بثقة عالية، حيث رداً على ذلك تواصل الصين تحديث قواتها النووية لأن قادتها قلقون بشأن بقاء ترسانتهم في مواجهة تقدم الولايات المتحدة في الاستطلاع الاستراتيجي والضربات الدقيقة والدفاع الصاروخي.
مساوئ الردع الأدنى:
أحد مساوئ الحد الأدنى من الردع هو أنه يحتاج فهماً دقيقاً لمستوى الضرر الذي يعده الخصم غير مقبول، خصوصاً إذا تغير هذا الفهم بمرور الزمن، بحيث لم يعد الردع الذي كان يتسم بالمصداقية في السابق ذا مصداقية، حيث يجب أن تأخذ استراتيجية الحد الأدنى من الردع أيضاً في الحسبان القوة النارية النووية التي يمكن “فقدانها” أو “تحييدها” أثناء هجوم العدو المضاد.
بالإضافة إلى ذلك فإن الحد الأدنى من قدرة الردع قد يقوم بتشجيع الدولة عندما تواجه قوة نووية متفوقة، كما لوحظ في العلاقة بين الصين والولايات المتحدة، أخيراً في حين أن الركض وراء الحد الأدنى من الردع خلال مفاوضات الأسلحة يسمح للدول بإجراء تخفيضات دون أن تصبح عرضة للخطر، فقد يكون المزيد من التخفيضات غير مرغوب فيه بمجرد الوصول إلى الحد الأدنى من الردع؛ لأنها سوف تزيد من ضعف الدولة وتوفر حافزاً للخصم لتوسيع ترسانته النووية سراً.