مصطلح القوة المضادة: في الاستراتيجية النووية يُعتبر هدف القوة المضادة هو الهدف الذي له قيمة عسكرية مثل: صومعة إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، أو قاعدة جوية تتمركز فيها قاذفات مسلحة نووياً، أو منفذاً محلياً لغواصات الصواريخ الباليستية أو منشأة قيادة وتحكم.
لمحة عن القوة المضادة:
الهدف من استراتيجية القوة المضادة (مهاجمة أهداف القوة المضادة بالأسلحة النووية) هو تنفيذ ضربة نووية وقائية تهدف إلى نزع سلاح الخصم من خلال تدمير أسلحته النووية قبل إطلاقها، وهذا من شأنه أن يقلل من تأثير الضربة الانتقامية الثانية. ومع ذلك، فإن هجمات القوات المضادة ممكنة في الضربة الثانية خاصة بالأسلحة.
ويتم تمييز هدف القوة المضادة عن الهدف ذي القيمة المقابلة والذي يتضمن السكان أو المعرفة أو الموارد الاقتصادية أو السياسية للخصم، وبعبارة أخرى فإن الضربة المضادة تكون ضد جيش العدو والضربة المقابلة تكون ضد مدن العدو.
وتعتبر من التكتيكات وثيقة الصلة بضربات قطع الرأس والتي تدمر مرافق القيادة والسيطرة النووية للعدو، وبالمثل لديها هدف للقضاء أو الحد من قدرة العدو على شن ضربة ثانية، وبالطبع يجب الإشارة إلى أن أهداف القوة المضادة تكون دائماً بالقرب من مراكز السكان المدنيين التي لن يتم تجنبها في حالة هجوم القوات المضادة.
نظرية القوة المضادة:
في الحرب النووية يتم تجزئة أهداف العدو إلى جزأين: القوة المضادة والقيمة المقابلة، وهدف القوة المضادة هو عنصر من عناصر البنية التحتية العسكرية، حيث غالباً ما يكون إما أسلحة محددة أو القواعد التي تدعمها.
فإن ضربة القوة المضادة هي هجوم يستهدف تلك العناصر، لكنه يترك البنية التحتية المدنية والأهداف المقابلة سليمة قدر الإمكان، وتشير القيمة المقابلة إلى استهداف مدن الخصم والسكان المدنيين، حيث إنّ الهجوم المثالي للقوات المضادة لن يقتل أي مدنيين.
وإن الهجمات العسكرية عُرضة للتسبب في أضرار جانبية خصوصاً عند استعمال الأسلحة النووية، ومن الجانب النووي يوجد البعض من الأهداف العسكرية بالقرب من المراكز المدنية، حيث من المؤكد أن الضربة المضادة الأساسية التي تستعمل حتى رؤوساً نووية صغيرة نسبياً ضد دولة ما، ستؤدي بالتأكيد إلى وقوع البعض من الضحايا المدنيين.
أيضاً فإن اشتراط استخدام ضربات أرضية لتدمير الأهداف المحصنة قد ينتج عنه تداعيات أكثر بكثير من الدفقات الجوية المستخدمة لضرب أهداف معادلة، ممّا يوفر إمكانية أن تتسبب ضربة القوات المضادة في وقوع المزيد من الضحايا المدنيين على المدى المتوسط أكثر من الضربة المضادة، وقد ينظر إلى أسلحة القوة المضادة على أنها توفر قدراً أكبر من الردع الموثوق به في أي نزاع مستقبلي من خلال توفير خيارات للقادة، حيث كان أحد الخيارات التي نظر فيها الاتحاد السوفييتي في السبعينيات هو وضع الصواريخ في المدار.
القوة المضادة خلال الحرب الباردة:
القوة المضادة هي نوع من الهجوم تم اقتراحه في الأساس أثناء الحرب الباردة، وبسبب الدقة المنخفضة من الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات كانت ضربات القوة المضادة ممكنة في البداية فقط ضد أهداف كبيرة جداً غير محمية مثل: المطارات القاذفة والقواعد البحرية، لذلك مع دقة محسنة كثيراً جعلت من الممكن شنّ هجمات مضادة ضد المنشآت العسكرية المحصنة للخصم مثل: صوامع الصواريخ ومراكز القيادة والسيطرة.
ولقد اتخذ كلا الجانبين في الحرب الباردة خطوات لحماية بعض قواتهما النووية على الأقل من هجمات القوة المضادة، حيث في مرحلة ما أبقت الولايات المتحدة القاذفات بشكل دائم في حالة طيران؛ حتى تظل عاملة بعد أي هجوم للقوات المضادة وظلت قاذفات أخرى جاهزة للإطلاق في غضون مهلة قصيرة، ممّا سمح لها بالهروب من قواعدها قبل أن تدمرها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المنطلقة من الأرض.
ولقد أدى نشر الأسلحة النووية على غواصات الصواريخ الباليستية إلى تغيير المعادلة إلى حد كبير؛ حيث من المرجح أن تدمر الغواصات التي تنطلق من مواقع قبالة الساحل المطارات قبل إطلاق القاذفات يقلل من قدرتها على النجاة من هجوم، مع ذلك فإن الغواصات نفسها محصنة إلى حد كبير من ضربات القوة المضادة ما لم تكن راسية في قواعدها البحرية، وقد أرسل كلا الجانبين العديد من هذه الأسلحة خلال الحرب الباردة.
وكان تبادل القوة المضادة أحد السيناريوهات التي تم المجادلة بها لحرب نووية محدودة محتملة، وكان المفهوم أن أحد الطرفين قد يشن هجوماً مضاداً ضد الآخر، حيث يتعرف الضحية على الطبيعة المحدودة للهجوم ويرد بالمثل.