ما هي الثورة الاشتراكية؟

اقرأ في هذا المقال


إنها ثورة اجتماعية تحرك المجتمع بصورة حاسمة، وغالباً ما يصاحبها أو يتبعها استعمال العنف من النظام الرأسمالي إلى طريق بناء النظام الاشتراكي.

الهدف من الثورة الاشتراكية:

الهدف من هذه الثورة تحرير العلاقات الإنسانية من مبدأ جواز استغلال الإنسان للإنسان من خلال ترسيخ المساواة الأخلاقية المادية، أيضاً إلغاء ظاهرة الملكية الفردية لوسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل والامتيازات المادية المصاحبة لذلك، والتمركز الاجتماعي للطبقة الملكية واضطهاد وحرمان وتخلف الطبقات الفقيرة.

مدارس الثورة الاشتراكية:

يوجد العديد من المدارس الاشتراكية الكبرى التي تختلف في وجهات نظرها حول الثورة الاشتراكية، أيضاً يوجد نظرية اليسار القومي والنظرية الماركسية بالإضافة إلى الديمقراطية الاجتماعية اليمينية.

ربما فقدت المدرسة الأخيرة إيمانها بالثورة الاشتراكية عندما تحولت إلى اتباع النهج الإصلاحي للنظام الرأسمالي، حيث ابتعدت عن الحازم والراديكالي و “الثوري” في التطبيق الاشتراكي ثم غابت النظرة الثورية الاشتراكية.

أما ماركس و أنصاره فيرى الاشتراكية على أنها نتاج طبيعي للعملية الديالكتيكية المادية وتطور المجتمع من مرحلة ما بعد الرأسمالية التي تقودها البروليتاريا، وذلك من خلال الثورة الاشتراكية بدأت تقويض البرجوازية الدولة وإقامة دكتاتورية البروليتاريا مع ما يرافق ذلك من إلغاء الملكية الفردية وتصفية الطبقات الملكية القديمة، تمهيداً لانتشار الثورة الاشتراكية على نطاق عالمي تمهيداً لبناء الشيوعية العالمية وإلغاء الدولة وتطبيق المبدأ: “من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته”.

لينين والثورة الاشتراكية:

طور لينين وجهة النظر هذه عن طريق تحليله للإمبريالية والنظام الرأسمالي في حالة أزمة وقال: “إن الثورة سوف تجري في أضعف دائرة إمبريالية ليست الأكثر تقدماً كما ذهب ماركس”، وضرورة بناء الاشتراكية في بلد واحد أو عدة دول واتباع سياسة التعايش السلمي بين الأنظمة المتصارعة، بدلاً من الانخراط في معارك مفتوحة وصراع عنيف دائم مع الأنظمة الطبقية المادية من أجل حماية الثورة الاشتراكية عندما تحدث في روسيا أو في بلدان أخرى.

لقد مضى لينين ليقول إن الثورات القومية البرجوازية الديمقراطية يمكن أن تتحول إلى ثورات اشتراكية، كما حدد لينين ملامح الثورة الاشتراكية في المفهوم الشيوعي في فترة دكتاتورية البروليتاريا فيما يتعلق بالتحول الاشتراكي في الريف والاقتصاد المخطط والثورة الثقافية، مع ذلك فإن العديد من الشيوعيين أدخلت الأحزاب والمفكرون الشيوعيون تعديلات جذرية على نظريات لينين.

رأي اليسار القومي بالثورة الاشتراكية:

أما اليسار القومي وأنصار الثورة الاشتراكية في العالم الثالث رأوا أن الثورة الاشتراكية هي نتاج النضال من أجل تحرير الإنسان من الاستغلال والتبعية؛ من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، بناء أساس متين من الديمقراطية الشعبية، إطلاق العنان لقدرات الجماهير، نهضة الأمة وإثراء حياة الجماعة والفرد تمهيداً للمساهمة في تقدم الحضارة الإنسانية.

أيضاً أن هذه الثورة يتحقق بالتحالف بين القوى والطبقات الثورية التقدمية المعادية للإمبريالية والرأسمالية العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين بتحويل الدولة من أداة لقمع الجماهير إلى أداة للتغيير الثوري المنشود، حيث يتم تأميم وسائل الإنتاج الرئيسية، وإعادة تخطيط الاقتصاد وتصحيح مناهج التربية والتعليم والثقافة والإعلام، مع الهدف إلى نشر الوعي والثقافة الثورية على أوسع نطاق عام ممكن وخاصة للأجيال القادمة.

مقارنة النظرة الماركسية ونظرة اليسار القومي:

يتم التمييز بين المدرستين الاشتراكيتين الثوريتين عن طريق بعض الاختلافات المهمة:

المدرسة الماركسية تقول نظرية الحتمية التاريخية، حيث تكاد الثورة تحدث ميكانيكيا (ومن ثم يتجاهل ماركس دور الحزب) وتقوم بالتركيز على الجماعة على حساب الفرد (داعياً إلى دكتاتورية طبقية) متجاهلاً أهمية اعتبار العامل القومي في النضال، أيضاً كإطار للمجتمع (يركز على الثورة العالمية) والنظر إلى نظرة ثاقبة لتفاعل البنية الفوقية مع البنية التحتية ويتجاهل تأثير القيم والروحية والعوامل المعنية على السلوك البشري.

أما اليسار الوطني فهو يعطي الروابط الوطنية أهمية موضوعية ونضالية يركز على أهمية الجماعة دون إهمال الفرد ويحرص على الديمقراطية، دون أن تكون وسيلة للانغماس في القوى المعادية للثورة الاشتراكية، حيث يولي أهمية كبيرة للجوانب الأخلاقية والمعنوية والثقافية.

في العالم الثالث ترتبط الثورة الاشتراكية بالنضال الجماهيري ضد الإمبريالية وغالباً ما تكون مناهضة الاستعمار وسيلة لتعبئة الجماهير وإطلاق العنان لقواها، وبالتالي تحقيق من خلال المشاركة الشعبية وثورات ديمقراطية وطنية التي يمكن أن تتحول بسرعة في اتجاه بناء ثورة اشتراكية؛ لأن عملية النضال والتطلع إلى التقدم تفصل بين أعداء الجماهير والعوائق التي تحول دون تقدمهم، حيث إنهم يضعفون الطبقات المستغلة في الخندق المعادي ويربطون بذلك النضال الوطني بالنضال الاجتماعي.


شارك المقالة: