اقرأ في هذا المقال
قام النظام النازي وشركاؤه باستهداف اليهود، وقتلوا بشكل منهجي في الحرب العالمية الثانية، أثناء الفترة من عام 1941 إلى عام 1945، في واحدة من أكبر عمليات الإبادة الجماعية في تاريخ البشرية. كان اضطهاد وقتل اليهود جزءاً من مجموعة أوسع من الاضطهاد والقتل الممنهج، من قبل نظام هتلر والمتعاونين معه ضد العديد من المجموعات العرقية والسياسية المختلفة، تحديداً الإبادة الجماعية لشعب الغجر والمعاقين، والمعارضين السياسيين وغيرهم الكثير.
مفهوم الهولوكوست:
المعروفة أيضاً بإسم المحرقة، كانت الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين في الحرب العالمية الثانية. لقد قتلت ألمانيا النازية والمتعاونون معها، بشكل منهجي حوالي ستة ملايين يهودي، أي حوالي ثلثي السكان اليهود في أوروبا، في جميع أنحاء أوروبا التي تحتلها ألمانيا، من خلال سياسة الإبادة من خلال العمل في معسكرات الاعتقال، وفي غرف الغاز وعربات الغاز في معسكرات الإبادة الألمانية، وعلى رأسها أوشفيتز، بيتشيك، تشيمنو، مايدانيك، سوبيبور وتريبلينكا في بولندا المحتلة.
بداية الهولوكوست:
نشر الطبيب الألماني ألفريد بلويتز أفكاره حول علم تحسين النسل البشري، سنة 1904 من خلال التغييرات الاجتماعية، من أجل إنشاء مجتمع أكثر فطنة للتقليل من المعاناة الإنسانية. بعد هذه الكتابات نشر كتاباً في سنة 1920 للمؤلف كارل بايندينك، الذي كتب الكتاب بالاشتراك مع الطبيب النفسي ألفريد هوج، حيث كان الكتاب يدور حول فكرة تسريع القتل الرحيم للمعالجين المستعصيين، ولا يوجد أي ذكر إطلاقاً في هذا الكتاب لإبادة أي عرق أو جماعة بسبب انتمائهم إلى دين معين.
في سنة 1933 بلغ عدد اليهود في أوروبا أكثر من تسعة ملايين، لقد عاش معظم يهود أوروبا في البلدان التي احتلتها الدولة النازية أثناء الحرب العالمية الثانية. قبل سنة 1945 قتل الألمان والمساعدين لهم، حوالي اثنين من كل ثلاثة يهود أوروبيين كجزء من الحل النهائي، وهو السياسة النازية لقتل يهود أوروبا. على الرغم من أن اليهود كانوا الهدف المقصود للعنصرية النازية، مع ذلك بلغ عدد الضحايا 200000 من الغجر، وقتل 200000 شخص معاق عقلياً أو جسدياً في برنامج “القتل الرحيم”.
يظن العديد أن المنشورات المذكورة، قد استخدمها النازيون لاحقاً لتكملة خطتهم، من أجل إبادة اليهود المعروفين بإسم Endlösung der Judenfrage. في الأول من أبريل سنة 1933، أي بعد وقت قصير من صعود النازيين إلى السلطة في ألمانيا، أعلن الحزب مقاطعة كاملة للأعمال التجارية والمنتجات التجارية، التي يمتلكها اليهود في ألمانيا ليوم واحد، حيث ادعى المتحدثون النازيون أن المقاطعة، كانت ثأراً ضد اليهود الألمان والأجانب، بمن فيهم الصحفيون الأمريكيون والإنجليز، الذين انتقدوا النظام النازي.
في يوم المقاطعة وقفت قوات العاصفة مهددة أمام المتاجر المملوكة لليهود، حيث تم طلاء نجمة داوود السداسية باللون الأصفر والأسود، على آلاف الأبواب والنوافذ، حيث وضعت لافتات كتب عليها : “لا تشتروا من اليهود، واليهود هم البلاء الذي يصيبنا”، وفي بعض المدن كانت القوات الخاصة تجوب الشوارع، مرددة شعارات معادية لليهود وغناء أغاني حزبية، أيضاً في مدن أخرى صاحب المقاطعة أعمال عنف، مثل: مدينة كيل حيث قتل محام يهودي.
تم انتهاء المقاطعة الرسمية خلال منتصف الليل، حيث تبع هذه الآلية قرارات من قبل الرايخ الثالث، في سنة 1933 بطرد اليهود من المؤسسات الحكومية. في الاجتماع السنوي للحزب النازي، الذي عقد في نورمبرج في سنة 1935، تم إصدار العديد من القوانين العرقية، التي سميت فيما بعد بقوانين نورمبرغ للأسر الحاكمة. يمنع على اليهودي الزواج من غير اليهودي والعكس صحيح، حيث سحبت الجنسية الألمانية عن اليهود وسحب حق التصويت في الانتخابات عنهم، في 15 تشرين الثاني سنة 1938 صدر قانون يمنع التلاميذ اليهود، من دخول المدارس العامة الألمانية.
لقد تم استخدام مصطلح الحل النهائي أو الملاذ الأخير لأول مرة، من قبل أدولف أيخمان الذي أشرف على عمليات الهولوكوست، وحوكم وأعدم من قبل محكمة إسرائيلية في سنة 1962 في سجن الرملة. تمت مناقشة خطة الحل النهائي في مؤتمر داخلي للحزب النازي، عقد في منطقة وانسي جنوب غرب برلين سنة 1942، حيث تمت مناقشة آلية إبادة يهود أوروبا. كما حضر هذا الاجتماع هاينريش هيملر، الذي كان أحد أقوى وأشرس رجال أدولف هتلر، لقد ذكر ملخص محضر الاجتماع أن الطريقة السابقة، لتشجيع اليهود على الهجرة من ألمانيا، قد تغيرت إلى الإقصاء القسري.
إن الهولوكوست ومواد الحل النهائي قامت بتبريرها الفلسفة النازية، باعتبارها وسيلة للتحرر ممن اتخذتهم دون البشر، وأن الشعب الألماني باعتباره عرق نقي له الحق في السيطرة على العالم، أيضاً أن العرق الآري يفوق في جودته الأعراق الأوروبية الخليطة، مثل: الغجر والبولنديون واليهود والسلافييون والألطيون والأفريقيون، بالإضافة أن بعض فصائل المجتمع حتى إذا كانوا من العرق الآري، مثل: المثليين جنسياً والمجرمين والمعاقين جسمياً، أو عقلياً والشيوعيون والليبراليون والمعارضون لفلسفة النازية، وشهود يهوه كانوا حسب الفكرة النازية من طبقة تحت البشر.
خطة مدغشقر والهولوكوست:
لقد كان اقتراح الحكومة النازية في ألمانيا، وضع خطة مدغشقر لترحيل السكان اليهود، من أوروبا إلى جزيرة مدغشقر. قام فرانز راديماخر رئيس قسم اليهود، في وزارة العلاقات الخارجية في الحكومة النازية، بطرح الفكرة في يونيو 1940 قبل انهيار فرنسا في معركة فرنسا. دعا الاقتراح إلى استسلام مدغشقر، ثم مستعمرة فرنسية لألمانيا كجزء من شروط الاستسلام الفرنسي، حيث تم تأجيل الخطة في سنة 1940 قبل التخلي عنها في سنة 1942.
المحرقة:
بدأ اقتراح الإبادة الجماعية وإمكانياتها، بإبادة المعاقين في برنامج ACCION T4، حيث صمم النازيون بعد البدء بالأطفال المشوهين إبادة كافة المعاقين، بدأوا بالحقن المميتة والمجاعة وتقدم الموضوع إلى إطلاق نار جماعي، ثم غرف غاز للقتل بغاز أول أكسيد الكربون، حيث كانت تلك الغرف هي التي ألهمت النازيين، لإبادة أعداد كبيرة من اليهود فيما بعد.
معسكرات الموت هي مفاهيم تستعمل، لوصف مجموعة خاصة من معسكرات الاعتقال، التي تتميز عن معسكرات الاعتقال الجماعي التي تم ذكرها سابقاً. لم يكن من المتوقع أن يتعايش المعتقلون في هذا النوع، من المعسكرات أكثر من 24 ساعة بعد وصولهم إلى المعسكر، حيث يعتقد أن معظم النزلاء في معسكرات الاعتقال، تم نقلهم إلى معسكرات الإبادة بعد سنة 1942.
القائمون بعملية الهولوكوست:
هناك اعتقاد شائع بأن قسماً كبيراً من الجيش الألماني، المدنيين الألمان، وحدات من الشرطة الألمانية، الجستابو وميليشيا SS بقيادة هاينريش هيملر، كبار المسؤولين في وزارات الداخلية والعدل والنقل والاتصالات و الخارجية، أيضاً بعض الأطباء الألمان الذين شاركوا في التجارب وعمليات القتل رحيم T-4، ربما شاركوا بطريقة أو بأخرى في الهولوكوست.
لا يمكن وضع يد على جهة معينة مسؤولة عن الهولوكوست، لكن الاعتقاد السائد هو أن ميليشيا SS كان لها دور أكبر في تنسيق الحملات، حيث انبعث حراس معسكرات الاعتقال الجماعي والإبادة من هذه الميليشيات. كانت المنظمة تسمى Totenkopfverbände، الذي يعني في الألمانية “رأس الموت”، كان شعارهم جمجمة ذات عظام متقاطعة. كما انبثقت ميليشيا قوات الأمن الخاصة فرق قتل تسمى Insatzkruppen، التي تعني في الألمانية “مجموعات المهام”، وبحسب سجلاتهم قتلت هذه المجموعة أكثر، من مليون شخص غير مرغوب فيهم.
لقد شاركت بعض دول المحور خصوصاً، إيطاليا وكرواتيا والمجر وبلغاريا في تنسيق الهولوكوست، الذين ساعدوا في نقل اليهود الذين كانوا على أراضيهم، إلى معسكرات الاعتقال ومعسكرات الإبادة. لقد قتل 380.000 يهودي بشكل مباشر، وأرسل بينيتو موسوليني 8369 يهودياً إلى معسكرات الإبادة.
يعد المسؤول الأساسي عن إصدار الأمر، لبدء عمليات المحرقة في نظر التاريخ هو هتلر، بالرغم من عدم وجود أوراق رسمية متعلقة بشكل مباشر بإسمه بالعمليات. لقد قام أدولف هتلر وجوزيف جوبلز وزير الدعاية النازي، بالاحتفاظ بهذه التسجيلات.
بعد الحرب العالمية الثانية، تم إجراء العديد من التجارب والأبحاث النفسية، لإيجاد إجابات مقنعة حول كيفية اتباع الشخص لأوامر، قد تعتبر غير أخلاقية أو غير إنسانية، حيث تعد أشهر هذه التجارب تجربة عالم النفس الأمريكي، ستانلي ميلجرام في يوليو 1961، حيث قام بتجنيد متطوعين مقبولين ثقافياً واجتماعياً، وتوزيع الأدوار عليهم دون أن يعرف المتطوعون الغرض الرئيسي من التجربة.
وضع ميلجرام شخصاً ما في غرفة مغلقة لا يمكن لأحد رؤيتها، حيث تم توجيه هذا الشخص لتهجئة بعض الكلمات عن طريق الخطأ، في الجانب الثاني من الغرفة كان هناك شخص مجهز بقائمة من الكلمات، التي طلب منه توصيلها إلى شخص في الغرفة لتهجئة الصورة.
إذا أخطأ الشخص فعلى السائل أن يضغط على زر، يؤدي إلى صدمة الشخص بجرعة كهربائية مع زيادة الجرعة، وفي كل مرة يرتكب الشخص خطأ آخر، حيث لم يكن هناك في الواقع أي جرعة كهربائية، لكن السائل لم يعرف هذه الحقيقة والشخص في الغرفة، كان يتظاهر بالصراخ من الألم في كل مرة يضغط فيها على الزر. لم يكن لدى جميع المشاركين أي اعتراض على تنفيذ هذا الأمر، مما أدى إلى استنتاج مفاده أن الشخص لديه ميل إلى اتباع الأوامر، إذا كان يعتقد أنها صادرة عن أشخاص مسؤولين، حتى لو كانت هذه الأوامر مخالفة للمنطق.