ما هي الخصوصية الأمريكية؟

اقرأ في هذا المقال


الخصوصية الأمريكية هي النظرية القائلة بأن الولايات المتحدة تختلف بطبيعتها عن الدول الأخرى.

لمحة عن الخصوصية الأمريكية:

الخصوصية الأمريكية ظهرت من الثورة الأمريكية وتحوَّلت إلى ما أسماه العالم السياسي سيمور مارتن ليبسيت “أول أمة جديدة” وطوّر إيديولوجية أمريكية فريدة “الأمريكية”، حيث تقوم هذه الإيديولوجية على الحرية والمساواة أمام القانون والمسؤولية الفردية والجمهورية والديمقراطية التمثيلية واقتصاد عدم التدخل، وغالباً ما يشار إلى هذه الإيديولوجية نفسها باسم “الاستثنائية الأمريكية”، لذلك بموجب هذا التعريف الآخر ينظر إلى أمريكا على أنها متفوقة على الدول الأخرى أو لديها مهمة فريدة لتغيير العالم.

وتطورت نظرية الخصوصية في أميركا بمرور الزمن ويمكن أعادتها إلى البعض من المصادر، حيث كان عالم السياسة (Alexis de tokfel) أول كاتب وصف البلاد بأنها “استثنائية” في سنة 1831 وسنة 1840.

فلقد قام الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين بصياغة العبارة الفعلية “الخصوصية الأمريكية” في سنة 1929 كنقد لفصيل تنقيحي من الشيوعيين الأمريكيين، وناقش بأن المناخ السياسي الأمريكي فريد وجعله “خصوصية” لعناصر محددة من النظرية الماركسية.

ويرفض بعض الكتاب نظرية الاستثنائية الأمريكية مدعين أن جميع البلدان استثنائية ولا توجد اختلافات جوهرية بين الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخرى، حيث ترفض الدراسات الحديثة النظرية؛ لأنها تعتمد على وجهة نظر مفادها أنه كان هناك إجماع ليبرالي منذ تأسيس أمريكا، بدلاً من ذلك ترى كل من الليبرالية والجمهورية المدنية على أنها أيديولوجيات متنافسة داخل الولايات المتحدة.

أصل الخصوصية الأمريكية:

على الرغم من أن مفهوم الخصوصية الأمريكية يرجع إلى الأفكار التأسيسية فقد تم استعمال المصطلح لأول مرة في سنة 1861، لكنه اكتسب استعمالاً أوسع في عشرينيات القرن الماضي.

ويزعم البعض أن عبارة “الخصوصية الأمريكية” نشأت مع الحزب الشيوعي الأمريكي في ترجمة إنجليزية لإدانة صدرت سنة 1929 من قبل الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين ضد الشيوعيين المؤيدين لجاي لوفستون؛ لاعتقاد الأخير أن الولايات المتحدة كانت مستقلة عن الماركسي قوانين التاريخ “بفضل مواردها الطبيعية وقدرتها الصناعية وغياب التمييز الطبقي الصارم”.

ومع ذلك فقد تم تحدّي هذا الأصل لأن تعبير “الخصوصية الأمريكية” قد استعمل بالفعل من قبل (Brouder & Zack) في نيويورك في 29 يناير سنة 1929 قبل زيارة لوفستون إلى موسكو، بالإضافة إلى ذلك لاحظ فريد شابيرو محرر كتاب ييل للاقتباسات أن “الخصوصية” قد استعملت للدلالة إلى الولايات المتحدة وصورتها الذاتية أثناء الحرب الأهلية من قبل صحيفة نيويورك تايمز في 20 أغسطس سنة 1861.

ومن الأمثلة المبكرة على استخدام المصطلح إعلاناً صدر في المؤتمر الشيوعي الأمريكي لسنة 1930 والذي أعلن أن “عاصفة الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة دمرت بيت أوراق الخصوصية الأمريكية”.

فلقد أصبحت العبارة غامضة بعد الثلاثينيات حتى روجت لها الصحف الأمريكية في الثمانينيات لوصف التفرد الثقافي والسياسي لأمريكا، حيث أصبحت العبارة موضع خلاف بين المرشحين الرئاسيين باراك أوباما وجون ماكين في الحملة الانتخابية الرئاسية لسنة 2008، حيث هاجم ماكين أوباما بزعم عدم تصديق المفهوم.

أساس الخصوصية الأمريكية:

بعد نهاية الحرب الباردة في سنة 1991 تبنى مفكرو وصناع السياسة من المحافظين الجدد فكرة “إمبراطورية أمريكية”، وهي مهمة وطنية لتأسيس الحرية والديمقراطية في الدول الأخرى وخاصة الدول الفقيرة، حيث أنه بعد هجمات 11 سبتمبر سنة 2001 الإرهابية أعادت إدارة جورج دبليو بوش توجيه السياسة الخارجية إلى الإصرار على الحفاظ على القوة العسكرية والاقتصادية العليا لأمريكا، وهو موقف يتوافق مع الرؤية الجديدة للإمبراطورية الأمريكية ويقول يونج إن حرب العراق 2003-2011 جسدت الخصوصية الأمريكية.

وفي سنة 2012 كانت الخصوصية الأمريكية تقوم على أربع ركائز: (1) القانون العام، (2) الفضيلة والأخلاق الموجودة في المسيحية البروتستانتية، (3) رأسمالية السوق الحرة و (4) حرمة الملكية الخاصة.

نقد الخصوصية الأمريكية:

يقول المؤرخ مايكل كامين إن الانتقادات الموجهة للموضوع قد أثيرت في السبعينيات في أعقاب حرب فيتنام، حيث أنه وفقاً لكامين قرر العديد من المثقفين أن “آدم الأمريكي فقد براءته وفسح المجال أمام جاليفر الذي لا حول له ولا قوة”، حيث تظهر أوجه شبه مع أوروبا في قضايا مثل الحراك الاجتماعي.

وبحلول الثمانينيات كان مؤرخو العمل يؤكدون أن فشل حزب العمال في الظهور في الولايات المتحدة لا يعني أن أمريكا كانت مواتية بشكل استثنائي للعمال، ثم بحلول أواخر الثمانينيات بدأ نقاد أكاديميون آخرون يسخرون من الشوفينية المتطرفة التي أظهرها الاستخدام الحديث للاستثناء.

وأخيراً في منتصف الثمانينيات ناقش المؤرخون الاستعماريون الطابع الفريد للتجربة الأمريكية في سياق التاريخ البريطاني، ومن ناحية أخرى دافع ويلنتز عن “أشكال أمريكية مميزة للنزاع الطبقي” وقال فونر إن هناك طابعاً مميزاً للنقابات العمالية الأمريكية.


شارك المقالة: