ما هو التمايز في الأحجار النيزكية؟
إن الجسم الكوني المتمايز يتكون من نواة فلزية بالإضافة إلى وشاح وقشرة سليكاتية والوشاح الصلب والقشرة التي تتكون من صخور (وهي التي تكون ذات الوزن الأخف من الوشاح) فتطفو إلى حد ما فوق الوشاح، ومن الممكن أن ينتج بعض الصهارة بسبب انصهار مناطق محدودة من الوشاح الجزئي فتتكون الصخور في هذه الأحجار النارية.
وخلال تشكل الصخور النارية هذه فإنها تقوم بضم عناصر كيميائية من الحجارة النارية، مما تعمل على تغيير تكوين السائل الأم، لهذا السبب فإن الصخور التي تتشكل لاحقاً لا تكون ذات تركيب الصخور نفسها التي أنشئت في وقت سابق وهذا ما يعرف باسم التبلور المجزأ.
إن الصخور أو الصهارة التي تتكون في الأعماق تعرف باسم الصخور الديسية، أما الصخور التي تتكون تحت أو على السطح فإنها تعرف باسم الصخور الطردية، ويوجد ما يعرف بالصخور الركامية وهي عبارة عن الصخور التي تنتج بسبب تكتل البلورات المكونة داخل هذه الحجر النارية والمستقرة فيها.
علاقة الصخور النيزكية بعملية التمايز:
من الممكن أن نستفيد من الصخور النيزكية اللاكوندريتية والصخور النيزكية الحديدية والمختلطة من أجل الكشف عن أسرار عمليات التمايز وعن تطور الأجسام السماوية ذات الحجم الأعظم، كما أنه يجب التذكير بأهمية الصخور النيزكية الكوندريتية في دراسة الظواهر الفيزيائية ولا سيما أننا نعتقد اتصاف الأجسام المتمايزة في الأساس بتركيب كوندريتي، إن جميع النماذج الجيوكيميائية التي تخص كوكب الأرض يوجد فيها التركيب الكوندريتي بشكل مضمون.
إن الصخور النيزكية اللاكوندريتية تقوم بتقديم عينات لأسطح الكويكبات مثل اليوكريت والديوجينيت والأوبريت بالإضافة إلى الأنغريت والصخور النيزكية المريخية والصخور النيزكية القمرية وغيرها من الصخور الأخرى المتفرقة، كما أن تنوع هذه الصخور النيزكية من ناحية التركيب المعدني والكيميائي يعتبر دليل قوي على مدى تأثير أسطح الكويكبات من منظور جيولوجي.
إن كل من الهاورديت واليوكريت والديوجينيت أيضاً جميعها تتمتع بنفس التركيب النظائري للأكسجين، ومن المعتقد أنها ذات منشأ كوكبي وهو كوكب فيستا، ويتم الإشارة إليها باسم إتش أي دي HED، تعتبر اليوكريت أكثر الصخور اللاكوندريتية انتشاراً ومن أهم مكوناتها هو معدن البيروكسين ومعدن البلاجيوكليز، وفي الغالب تكون بيضاء أو ذات لون رمادي.
فاليوكريت عبارة عن صخور نارية تشكلت على سطح كويكب فيستا، ومن الممكن أن تكون صخور نارية طردية (أي أنها صخور بركانية تشكلت بسبب تدفق الحمم البركانية)، أو أن تكون صخوراً ديسية تكونت تحت السطح، مع العلم بأنها تشكلت على أية حال بسبب انصهار جزئي لوشاح كويكب فيستا.
وتعتبر الدوجينيت ذات اللون الأخضر والتي تشكل صخوراً تراكمية بشكل أساسي من البايروكسين، أما بالنسبة للهاورديت فهو عبارة عن خليط ميكانيكي من شظايا اليوكريت والديوجينيت، وقد تشكلت على سطح كويكب فيستا بسبب سحق اليوكريت والديوجينيت، كما أن الهاورديت تكون منطوية على قطع من الحجارة النيزكية الكوندريتية الكربونية التي انتهى بها المطاف على سطح كويكب فيستا بسبب قصف الكويكبات والمذنبات بشكل متواصل.
يوجد توافق بين كل من تركيب سطح فيستا الكيميائي وبين المنشأ الكوندريتي، ولذلك من الممكن أن كويكب فيستا قد كان ذو طبيعة كوندريتية قبل تمايزه، حيث إن مجموعة الصخور النيزكية الكوندريتية من نوع CM2 تعتبر المادة الأنسب التي تشكل منها هذا الكوكيب عند نشأته، وعندما تم اكتشاف الألمنيوم 26 في اليوكريت كان دليلاً على تمايز فيستا في مرحلة مبكرة من تاريخ المنظومة الشمسية.
لا بد من فهم أن الأحجار النيزكية (إتش إي دي) لا تستطيع عرض عينات كاملة تشمل كل سطح فيستا، إذ أنه يتضح من دراسة عمر تعرضها أن خمس حوادث تصادم تكون كافية لرسم صورة لكل الأحجار النيزكية (إتش إي دي) التي هي ذات عمر تعرض أقل من خمسين مليون عام، لكن في الحقيقة لا يمكن لخمس عينات فقط أن تمنح صورة وافية بجسم ذو قطر طوله حوالي 500 كيلو متر.
أما بالنسبة لصخور الأوبريت فهي صخور ذات بياض شديد واختزال قوي وهي غنية بالأنستايت، ومن المعتقد أنها تكونت بسبب انصهار تمايز جسم كان ذو تركيب الصخور النيزكية والكوندريتية التي تحتوي على الأنستايت، وعندما تم اكتشاف بعض من الأحجار النيزكية الأنغريت في الصحراء الكبرى مما بدأ الاهتمام بهذه الصخور، فهي عبارة عن صخور بازلتية من أشهر مكوناتها معدن الباريوكسين الغني بعنصر الألمنيوم وعنصر التيتانيوم.
نحن لا نتمكن من استخراج عينات من داخل الأرض، لكن يوجد البعض من الصخور النيزكية مثل الصخور النيزكية الحديدية والمختلطة تسمح لنا بالنفاذ للنواة والوصول إلى الحد الذي يفصل بين النواة ووشاح الكويكبات.