ما هو دور السلاسل التفاضلية في تصنيف الصخور النارية؟
تتميز الصخور النارية باحتوائها على فلزات أولية رئيسة محدودة مثل الأوليفين والمايكا والفلسبار، بالإضافة إلى الكوارتز والفلدسباثوئيد (Feldspathoid)، ويمكن لهذه الفلزات أن تجتمع مع بعضها باتحادات متنوعة وبجميع النسب، حيث إن العديد من الجيولوجيين قاموا بوضع تصانيف شكلية متنوعة معتمدين في بعضها على وجود أو عدم وجود بعض الفلزات التي يعتبرونها فلزات رئيسية.
وقام البعض من الجيولوجيين بتطوير هذه التصانيف، آخذين بعين الاعتبار الناحية الكمية للفلزات الرئيسية؛ (أي النسبة المئوية للفلزات المختلفة)، كما لجأ البعض في العقود الآخيرة إلى تصانيف كيميائية أو تصانيف كيميائية فلزية، والتي تتطلب تحاليل كيميائية دقيقة للصخور أو الفلزات وحسابات بتروكيميائية طويلة ومعقدة كالحسابات العيارية وغيرها.
ولكن التصنيف المثالي للصخور النارية هو التصنيف الذي يعتمد على الناحية المنشأية، ولقد وضعت الخطوات العلمية في هذا الاتجاه، حيث إن أهم هذه الخطوات هو الإقرار بالسلاسل النارية الصخرية التي يتراوح مجال تركيبها من الصخور المافية أو فوق المافية وإلى الفلسية، إلا أن جميعها وبشكل عام تمتلك مظاهر معينة.
زمر السلاسل الصخرية النارية:
1. سلسلة الصخور النارية الثولييتية: تبدي المهل الثوليتية تغيراً ملحوظاً في تركيبها، حيث تتراوح من ثولييت أوليفيني تحت مشبع بالسيليكا إلى ثولييت كوراتيزي مشبع بالسيليكا، وتعتبر السلسل الصخرية الثولييتية نسبياً ذات إغتناء بالحديد خلال السلسلة، وتظهر كذلك درجات مختلفة من الإغتناء المطلق في الأعضاء المتوسطة.
تتضمن الصخور الثولييتية النموذجية على البازلت الثولييتي والبازلت الأوليفيني والأندزايت الثوليتي والداسايت الحديد والريو داسايت الحديدي والريولايت الحديدي، بالإضافة إلى أنواع متعددة من الغابرو وبعض الصخور فوق الأساسية والديورايت الحديدي والديورايت الغرانيتي الحديدي والغرانيت الحديدي.
2. سلسلة الصخور الناريّة الكلسيّة القلوية: هي نسبياً ذات افتقار بالحديد خلال السلسلة وتُظهر إغتناء قليلاً أو عدم إغتناء مطلق في الأعضاء المتوسطة، وهي بشكل عام أغنى بالألومينا من سلسلة الصخور الثولييتية.
تتضمن الصور الكلسية القلوية النموذجية البازلت الكلسي القلوي والأنديزيايت لاتيت والداسيت والريو داسيت والريولايت، بالإضافة إلى بعض صخور الغابرو وبعض الصخور فوق المافية والديورايت والغرانيت.
3. سلسلة الصخور القلوية: يعتبر المهل البازلتي القلوي أكثر غنى بالقلويات من المهل الثولييتي والمهل الكلسي القلوي، ويتراوح مجال البازلت القلوي تحت المشبع بالسيليكا إلى الباسانيت الأكثر عدم إشباع بالسيليكا.
كما أن الأنواع شديدة الإشباع بالسيليكا (عالية القلوية أيضاً مثل النيفيلينيت والأوليفين والكيمبريلت وهي ذات صلة حميمة مع البازلت القلوي، ولكن الدراسات التجريبية الحديثة تحت الضغوط العالية تشير إلى أن بعض هذه الصخور الأساسية القلوية تحت المشبعة بالسيليكا مستقلة في المعطف العلوي تحت شروط كيميائية خاصة.
تتضمن الصخور النارية اللقلوية النموذجية الأنواع المعتدلة القلوية مثل: البازلت القلوي والبازلت الأوليفيني القلوي والموجيريت والغابرو القلوي، بالإضافة إلى الأنواع الأعلى بالقلوية مثل: الباسنيت والأسكاسيت والصخور فوق القلوية، وتتضمن الأنواع الفلسية مثل: السيانيت النفيليني والسيانيت الكلسي القلوي والريولايت والغرانيت القلوي.
ومهما يكن فإن الكثير من الأعمال يجب أن يتم إنجازها مثل فرز الأنواع الصخرية المتنوعة ضمن كل من السلاسل الثلاثة قبل أن نشيد تصنيف منشأي حقيقي.
التصنيف الجيولوجي المنشأي للصخور النارية:
من الضروري حالياً أن يكون هناك قناعة بالتصنيف الملائم، والذي يميز نوعاً من العلاقات في الصخور المتشابهة أو القريبة من بعضها البعض، والكثير من المحاولات قد تمت في هذا المجال، وهذا التصنيف المنشأي يعتمد على كل مما يلي:
1. نمط الوجود: ففي المكان الأول فإنه يمكن لنا وضع تقسيمات للصخور النارية، حيث تعتمد على نمط الوجود إلى تقسيمات بركانية واندساسات ضحلة أو تحت سطحية واندساسات عميقة أو بلوتونية.
حيث كان الجيولوجيين أول من استعمل هذه التقسيمات التي ما زالت مستعملة في بعض التصانيف الجيولوجية في وقتنا الحاضر، ويجب استعمال هذه الطريقة مع بعض المرونة، حيث تختلط الأمور في بعض الأحيان.
ففي كثير من حالات الاندساسات النارية العميقة التي تداخلت في الصخور المحيطة الباردة نجد أن الأطراف لهذه الكتل الدسية متجلدة وذات نسيج وبنيات مجهرية ناعمة، كما أنها تملك جميع الخصائص لصخور الاعماق الضحلة، كذلك فإن الجدار والعدسات الرقيقة والأطراف المتجلدة والاندساسات النارية قد تملك كل الخصائص والمميزات البركانية، ولهذا فإنه من الصعب أحياناً تحديد نمط التواجد وطبيعته لبعض الصخور، إذ يجب الاعتماد على درجة التبلور لإعادتها إلى أحد أنماط التواجد، ولهذا فقد استعملت هذه المصطلحات حالياً للدلالة على درجة التبلور أكثر منها للدلالة على نمط التواجد.
لذا يقال أن الصخور النارية خشنة الحبات إذا كان حجم الحبات الوسطي لمكوناتها هو أكبر من 5 ملي متر، ومتوسط الحبات إذا كان متوسط الحجم يقع بين 1 إلى 5 ملي متر، وناعمة الحبان إذا كانت بين 1/2 إلى 1 ملي متر، وناعمة جداً إذا كان حجم الحبات الوسطي أقل من 1/2 ملي متر.
وطبقاً لتلك الأسس في الصخور الاندساسية هي تلك الصخور ذات الحجوم الحبيبية المتوسطة إلى الخشنة والصخور المتوسطة الأعماق تكون ناعمة الحبات، أما الصخور البركانية فتكون ناعمة جداً إلى زجاجية، وقد يكتفي بعض الجيولوجيين بتقسيم الصخور النارية إلى نوعين من التبلور، كما أن أول هذه الأنواع هو التبلور الظاهر، حيث يمكن فحص المكونات بالعين المجردة وتكون الصخور مبلورة بشكل كامل وذات نسيج حبيبي في الغالب، أما النوع الثاني فهو التبلور الخفي، حيث فيها لا يكون للعين إمكانية تمييز ورؤية المكونات.
2. التركيب الفلزي وتسمية الصخور: تتألف معظم فلزات الصخور النارية من السيليكات أو سيليكات الألمنيومللمعادن المختلفة، والتي يمكن تقسيمها إلى مجموعتين مختلفتين المجموعة الأولى تسمى بالفلزات الأولية؛ وهي الفلزات التي قد تبلورت مباشرة من المهل المصهور نتيجة لعمليات التبرد.
المجموعة الثانية تسمى بالفلزات الثانوية وهي الفلزات التي قد تم تشكلها لاحقاً للتبلور؛ نتيجة لفساد الفلزات الأولية أو بسبب تفاعلات غير مهلية كفلزات المحاليل الحارة أو من عمليات التحول كالسبرينتين والإيدينبرجيت والهيدنبرجيت والأكتنيوليت والإيبيدوت والسيريسيت والتالك والكربونات والكاولينيت وغيرها.
إن الفلزات الأولية يتم تقسيمها إلى ثلاثة أنواع تبعاً لنسبة وجودها في المكونات للصخر الناري، وفيما يلي ذكر هذه الأنواع:
1. فلزات رئيسية والتي تحدد تسمية الصخر وتقسم إلى نوعين حسب تركيبها الكيميائي والدرجة اللونية، إما أن تكون فلزات بيضاء سيليكاتية كأنواع الفلسبار والفلسباثوئيد والمسكوفيت والكوارتز، أو أن تكون فلزات قاتمة سيليكاتية حديدية مغنيزية مثل: الأوليفين والبيروكسين والأمفيبول والبيوتيت.
2. فلزات أولية من الدرجة الثانية تتواجد بنسب قليلة لا تتجاوز 5% من مجموع المكونات الصخرية ولا تؤثر على طبيعة أو تسمية الصخر، ويمكن استعمالها مثل تحديد نوعي للصخور مثل غرانيت ميكاوي.
3. فلزات أولية من الدرجة الثالثة، وتوجد أيضاً بنسب قليلة مثل الأبتايت والماغنيتايت والإلمنت والسبينل والزركون والغرينا.
كان ولا يزال اعتماد التصنيف للصخور النارية على التركيب الفلزي، وفي هذا التصنيف جاءت تسميات الصخور النارية على ما جاء في اعمال الجيولوجيين والمعطيات التي تم نقاشها بين الجيولوجيين، حيث يأتي عادة التركيب الفلزي في المقام الثاني عند تصنيف الصخور النارية، وعلى ذلك تعتمد أكثر التصانيف بشكل عام، حيثُ أن الفلزات التي تلعب دوراً في تصنيف الصخور محدودة العدد وننعتها بالفلزات الرئيسية، ويتم تحديد مجموعات الصخور المتنوعة من وجود أو عدم وجود بعض الفلزات الأساسية.
حيث إن أبسط هذه التصانيف هي تلك التي تأخذ بالناحية الكمية والكيفية وتبعاً لذلك فستكون أكثر تقيداً، حيثُ يجب تعيين الكميات الفعلية الحقيقية للفلزات المتنوعة الموجودة؛ أي تعيين صيغة الصخر، ولقد تم في كل التقسيمات التمييز بين الفلزات الأساسية (التي يؤثر وجودها أو غيابها على تسمية الصخر) وبين الفلزات الثانوية العرضية التي توجد عادة بكميات قليلة ولا تدخل بالأغراض التشخصية المتميزة.
دور العامل الكيميائي والتركيب الكيميائي في تصنيف الصخور النارية:
قد أدخل الجيولوجيين العامل الكيميائي في بعض التصانيف التي تعتمد بشكل رئيسي عن الناحية الفلزية، حيثُ قاموا باستخدام مقهوم الإشباع السيليكاتي في هذه الدراسة التصنيفية، ففي حالة أن الصخر فوق مشبع بالسيليكا فإن ذلك سيؤدي إلى ظهور الكوارتز الحر، أما إذا كان الصخر تحت مشبع بالسيليكا فإنه سيحتوي على فلزات فقيرة بالسيليكا مثل: الأوليفين أو الفلدسبائويد.
وإذا كان على الحدود فسنجد الافتقار بالكوارتز من ناحية أو الافتقار بالأوليفين أو الفلدسبائويد من ناحية اخرى، والحالة ذات الأهمية البالغة هنا عندما يكون صخر مشبع بالصوديوم، حيث يؤدي إلى تشكيل البايروكسين الصودي أو الامفيبول الصودي.
لقد استعمل التركيب الكيميائي في المقام الثالث عند تصنيف الصخور النارية، ولقد قدمّت عدة تصانيف مدروسة بناء على التركيب الكيميائي وتعاني كل هذه التصنيفات وتجابه كذلك اعتراضات هامّة، كما يعتبر بعض الجيولوجيين أن الصخر لا يمكن تصنيفة إلا بعد إجراء التحليل الكيميائي له متجاهلين الخصائص الهامة للبنية والفلزات في هذه التصانيف.
وتقع الأهمية للتصانيف في البيتروكيميائية في الإمكانية بتقديم المقارنة للتحاليل الكيميائية للصخور مع بعضها البعض، كما تمَّ بناء ثلاث تقسيمات رئيسيّة أُفقية بناء على الوجود الأساسي للكوارتز إذا كان متواجداً بحجم أكثر من 10% أو للفلدسباثوئيد إذا كان متواجداً أيضا بحجم أكثر من 10% أو بناء عدم الوجود الأساسي للكوارتز أو للفلدسباثوئيد.