الفيزياء النووية - Nuclear Physics

اقرأ في هذا المقال


ما هي الفيزياء النووية؟

يتعامل هذا الفرع من الفيزياء مع بنية النواة الذرية والإشعاع من النوى غير المستقرة، والتي تكون حوالي 10000 مرة أصغر من الذرة، الجسيمات المكونة للنواة والبروتونات والنيوترونات، تجذب بعضها البعض بقوة بواسطة القوى النووية بحيث تكون الطاقات النووية أكبر بما يقرب من 1،000،000 مرة من الطاقات الذرية النموذجية. لذلك “نظرية الكم” ضرورية لفهم البنية النووية.

يعد البحث في الفيزياء النووية جزءاً لا يتجزأ من البحث عن معرفة وفهم العالم الذي نعيش فيه، تتكون كل المادة من تسلسل هرمي من لبنات البناء، تتكون الكائنات الحية وكذلك محيطنا الجامد من جزيئات، والتي بدورها تتكون من ذرات، تتواجد كتلة الذرات بالكامل تقريباً في النوى. تتكون النوى من البروتونات والنيوترونات، والتي تتكون في النهاية من الكواركات (quarks) والغلوونات (gluons).

يهتم علم الفيزياء النووية بخصائص المادة “النووية”. تشكل هذه المادة المراكز الهائلة للذرات التي تمثل 99.9٪ من العالم الذي نراه، تقع المادة النووية ضمن لبنات البناء البروتونية والنيوترونية لهذه النوى، وتظهر بشكل جماعي في النجوم النيوترونية وفي المادة التي نشأت في الإنفجار العظيم. يدرس الفيزيائيون النوويون بنية وخصائص هذه المادة بأشكالها المختلفة، من خليط الكواركات والغلوونات الموجودة عند ولادة كوننا إلى التفاعلات النووية في شمسنا التي تجعل الحياة ممكنة على سطح الأرض.

أصول وأساسيات الفيزياء النووية:


يعود إدراكنا لوجود نواة ثقيلة في مركز الذرة إلى عمل العالم “رذرفورد” في العقود الأولى من هذا القرن، أعقب العمل تطورات أساسية ومثيرة، مثل اكتشاف النيوترونات والتفاعلات النووية وتحويلات العناصر والنظائر والطبيعة التفصيلية للنشاط الإشعاعي، تبع هذه الاكتشافات في تتابع سريع، بالتوازي مع تطور العلم بأنّ هناك حاجة إلى إطار جديد ثوري “ميكانيكا الكم” لوصف الظواهر أو مقاييس الذرة والنواة، بدأت هذه الفترة أيضاً في فهمنا لكيفية قيام العمليات النووية بتغذية الشمس.

مثل الذرات المثارة، يمكن أن تصدر النوى المشعة غير المستقرة (سواء كانت طبيعية أو منتجة صناعياً) إشعاعاً كهرومغناطيسياً. تسمى الفوتونات النووية النشطة (بأشعة جاما)، تطلق النوى المشعة أيضاً جسيمات أخرى: الإلكترونات السالبة والموجبة (أشعة بيتا)، مصحوبة بالنيوترينوات، ونواة الهيليوم (أشعة ألفا).

تتضمن أداة البحث الرئيسية للفيزياء النووية استخدام حزم الجسيمات (مثل البروتونات أو الإلكترونات) الموجهة كمقذوفات ضد الأهداف النووية، يتم الكشف عن الجسيمات المرتدة وأي شظايا نووية ناتجة، ويتم تحليل إتجاهاتها وطاقاتها للكشف عن تفاصيل الهيكل النووي ومعرفة المزيد عن هذه القوة، القوة النووية الأضعف التي تسمى بالتفاعل الضعيف، هي المسؤولة عن انبعاث أشعة بيتا، تستخدم تجارب الاصطدام النووي حزماً من جسيمات عالية الطاقة، بما في ذلك جزيئات غير مستقرة تسمى “الميزونات” الناتجة عن الاصطدامات النووية الأولية في مسرعات يطلق عليها إسم مصانع الميزون. تبادل الميزونات بين البروتونات والنيوترونات مسؤول بشكل مباشر عن القوة الشديدة.

في النشاط الإشعاعي وفي الاصطدامات التي تؤدي إلى الانهيار النووي، يتم تغيير الهوية الكيميائية للهدف النووي كلما حدث تغيير في الشحنة النووية، في تفاعلات الانشطار والاندماج النووي التي يتم فيها تقسيم النوى غير المستقرة، على التوالي، إلى نوى أصغر أو دمجها إلى نوى أكبر، فإنّ إطلاق الطاقة يتجاوز بكثير أي تفاعل كيميائي.

فيزياء الجسيمات – Particle physics:

أحد أهم فروع الفيزياء المعاصرة هو دراسة المكونات الأساسية دون الذرية للمادة، وهي الجسيمات الأولية، ظهر هذا المجال الذي يُطلق عليه أيضاً “فيزياء الطاقة العالية”، في الثلاثينيات من القرن الماضي من المناطق التجريبية المتطورة في الفيزياء النووية والأشعة الكونية.

درس الباحثون في البداية الأشعة الكونية، وهي الإشعاعات عالية الطاقة خارج كوكب الأرض التي تسقط على الأرض وتتفاعل في الغلاف الجوي. ومع ذلك، بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ العلماء تدريجياً في استخدام مسرعات الجسيمات عالية الطاقة لتوفير الجسيمات دون الذرية للدراسة. تعد نظرية المجال الكمي، وهي تعميم لـ (QED) على أنواع أخرى من مجالات القوة، ضرورية لتحليل فيزياء الطاقة العالية. لا يمكن تصور الجسيمات دون الذرية على أنّها نظائر صغيرة للأشياء المادية العادية مثل كرات البلياردو، لأنّ لها خصائص تبدو متناقضة من وجهة النظر الكلاسيكية. وهذا يعني أنّه في حين أنّهم يمتلكون الشحنة والدوران والكتلة والمغناطيسية، وخصائص معقدة أخرى، إلاّ أنّهم مع ذلك يُنظر إليهم على أنّهم يشبهون النقطة.

خلال النصف الأخير من القرن العشرين، تطورت الصورة المتماسكة للطبقات الأساسية للمادة التي تتضمن نوعين من الجسيمات دون الذرية: الفرميونات (الباريونات واللبتونات)، التي لها زخم زاوي نصف متكامل (الدوران 1/2، 3/2) ويختلقون الأمور العادية، والبوزونات (الغلوونات، والميزونات، والفوتونات)، والتي لها دوران متكامل وتتوسط القوى الأساسية للفيزياء.

يُعتقد أنّ اللبتونات (على سبيل المثال: الإلكترونات، الميونات، تاوس) الغلوونات، والفوتونات هي جسيمات أساسية حقاً. ويُعتقد أنّ الباريونات (مثل النيوترونات والبروتونات) والميزونات (على سبيل المثال: البيونات والكاون)، والمعروفة باسم الهادرونات، تتكون من عناصر غير قابلة للتجزئة تُعرف بإسم الكواركات، والتي لم يتم عزلها مطلقاً.

الكواركات والباريونات – Quarks and Baryons:

تأتي الكواركات في ستة أنواع، ولها جسيمات مضادة مطابقة، تُعرف باسم الكواركات المضادة، الكواركات لها شحنة موجبة ثلثي أو سالبة ثلث شحنة الإلكترون، بينما الكواركات المضادة لها شحنة معاكسة مثل الكواركات، كل ليبتون له جسيم مضاد له خصائص تعكس خصائص شريكه (الجسيم المضاد للإلكترون سالب الشحنة هو الإلكترون الموجب، أو البوزيترون، النيوترينو هو مضاد النوترينو)، بالإضافة إلى خواصها الكهربائية والمغناطيسية، تشارك الكواركات في كل من القوة الشديدة (التي تربطها ببعضها البعض) والقوة الضعيفة (التي تكمن وراء أشكال معينة من النشاط الإشعاعي)، بينما تشارك اللبتونات في القوة الضعيفة فقط.

تتشكل الباريونات، مثل النيوترونات والبروتونات، من خلال الجمع بين ثلاثة كواركات، وبالتالي فإنّ شحنة الباريونات تكون (−1 أو 0 أو 1)، تتكون الميزونات (Mesons)، وهي الجسيمات التي تتوسط القوة الشديدة داخل النواة الذرية، من كوارك واحد وواحد مضاد، جميع الميزونات المعروفة لها شحنة (−2 أو 1 أو 0 أو 1 أو 2)، معظم تركيبات الكواركات الممكنة أو الهادرونات، لها عمر قصير جداً، والعديد منها لم يُرى أبداً على الرغم من ملاحظة مسرعات إضافية مع كل جيل جديد من مسرعات الجسيمات الأكثر قوة.

الحقول الكمومية – Quantum fields:

تتكون الحقول الكمومية التي تتفاعل من خلالها الكواركات واللبتونات مع بعضها البعض ومع نفسها من كائنات تشبه الجسيمات تسمى الكوانتا (والتي اشتق اسمها من ميكانيكا الكم). كانت الكميات الأولى المعروفة هي تلك الخاصة بالمجال الكهرومغناطيسي، وتسمى أيضاً “الفوتونات” لأنّ الضوء يتكون منها، تقترح النظرية الموحدة الحديثة للتفاعلات الضعيفة والكهرومغناطيسية، والمعروفة باسم نظرية “Electroweak”، أنّ القوة الضعيفة تنطوي على تبادل جسيمات تبلغ كتلتها حوالي 100 ضعف كتلة البروتونات، وقد رُصدت هذه الكميات الضخمة “أي جسيمان مشحونان”، (W+ وW-) وجسيم محايد (W0).

في نظرية القوة القوية المعروفة باسم الديناميكا اللونية الكمومية (QCD)، فإنّ ثمانية كوانت، تسمى الغلوونات، تربط الكواركات لتشكيل الباريونات وأيضاً تربط الكواركات بالكواركات المضادة لتكوين ميزونات، القوة نفسها يطلق عليها “قوة اللون” (colour force)، (هذا الاستخدام غير المعتاد لمصطلح اللون هو تناظرية قسرية إلى حد ما لمزج الألوان العادية).

ويقال أنّ الكواركات تأتي بثلاثة ألوان وهي الأحمر والأزرق والأخضر. (تُنسب الأضداد من هذه الألوان الخيالية، ناقص الأحمر (minus – red)، ناقص الأزرق (minus – blue)، ناقص الأخضر (minus – green)، إلى الكواركات المضادة) مجموعات ألوان معينة فقط، أي لون محايد أو “أبيض” (على سبيل المثال: مزيج متساوي من الألوان المذكورة أعلاه يلغي بعضها البعض، مما يؤدي إلى عدم وجود لون صافٍ)، يُخمن وجودها في الطبيعة في شكل يمكن ملاحظته.

تكوّن الغلوونات والكواركات نفسها، كونها ملونة، محصورة بشكل دائم (مرتبطة بعمق داخل الجسيمات التي تشكل جزءاً منها)، بينما يمكن ملاحظة المركبات ذات الألوان المحايدة مثل البروتونات مباشرة. تتمثل إحدى نتائج حبس اللون في أنّ الجسيمات التي يمكن ملاحظتها إما محايدة كهربائياً أو لها شحنة تعد مضاعفات متكاملة لشحنة الإلكترون. تم اختبار عدد من التنبؤات المحددة لـ(QCD) بشكل تجريبي ووجدت أنّها صحيحة.


شارك المقالة: