ما المقود بالهيكل والتكوين للقمر؟
جاءت معظم المعرفة حول الجزء الداخلي للقمر من بعثات أبولو ومن المركبات الفضائية الروبوتية، بما في ذلك (Galileo وClementine وLunar Prospector) التي رصدت القمر في التسعينيات، وبدمج جميع البيانات المتاحة أنشأ العلماء صورة للقمر كجسم متعدد الطبقات يتكون من قشرة منخفضة الكثافة، ويتراوح سمكها من 60 إلى 100 كيلو متر (40 إلى 60 ميلاً) وتغطي وشاحاً أكثر كثافة، والذي يشكل الغالبية العظمى من حجم القمر.
ويوجد في المركز على الأرجح نواة معدنية صغيرة غنية بالحديد نصف قطرها حوالي 350 كم (250 ميلاً) على الأكثر، وفي وقت ما بعد فترة وجيزة من تكوين القمر كان لللب دينامو كهرومغناطيسي مثل الأرض، والذي يفسر المغناطيسية المتبقية التي لوحظت في بعض الصخور القمرية، ولكن يبدو أن مثل هذا النشاط الداخلي قد توقف لفترة طويلة على الأرض والقمر.
وعلى الرغم من هذه المكاسب في المعرفة لا تزال هناك شكوك مهمة، فعلى سبيل المثال يبدو أنه لا يوجد تفسير مقبول بشكل عام للدليل على أن القشرة غير متناظرة؛ أي أن تكون أكثر سمكاً في الجانب البعيد من القمر مع وجود ماريا في الغالب على الجانب القريب، وقد يساعد فحص العينات المحفورة بشكل طبيعي من أحواض التصادم الكبيرة في حل هذه الأسئلة وغيرها في تاريخ القمر.
ما المقصود بحركات القمر؟
كانت دراسة حركات القمر محورية في نمو المعرفة ليس فقط عن القمر نفسه، ولكن أيضاً حول أساسيات ميكانيكا السماوات والفيزياء، ونظراً لأن النجوم تبدو وكأنها تتحرك غرباً بسبب دوران الأرض اليومي وحركتها السنوية حول الشمس؛ لذلك يتحرك القمر ببطء باتجاه الشرق ويرتفع متأخراً كل يوم ويمر بمراحل الربع الأول الجديد والربع الكامل والربع الأخير والجديد مرة أخرى كل شهر.
وقد كانت التقويمات الصينية والكلدانية والمايا طويلة الأمد محاولات للتوفيق بين هذه الحركات المتكررة ولكن غير المتكافئة، ومنذ زمن المنجمين البابليين وعلماء الفلك اليونانيين حتى الوقت الحاضر بحث المحققون عن انحرافات صغيرة عن الحركات المتوقعة، واستخدم الفيزيائي الإنجليزي إسحاق نيوتن ملاحظات القمر في تطوير نظريته عن الجاذبية في أواخر القرن السابع عشر، وكان قادراً على إظهار بعض تأثيرات الجاذبية الشمسية في تشويش حركة القمر، ومع حلول القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كانت الدراسة الرياضية للحركات القمرية المدارية والدورانية تقدم مدفوعاً جزئياً بحاجة إلى جداول دقيقة للمواقع المتوقعة للأجرام السماوية (ephemerides) للملاحة.
بينما تطورت النظرية مع تحسن الملاحظات استمر ظهور العديد من التناقضات الصغيرة والمحيرة، وقد أصبح من الواضح تدريجياً أن بعضها ينشأ من عدم انتظام معدل دوران الأرض والبعض الآخر من تأثيرات المد والجزر الطفيفة على الأرض والقمر، حيث جلب استكشاف الفضاء الحاجة إلى زيادة الدقة بشكل كبير، وفي الوقت نفسه أدى توافر أجهزة الكمبيوتر السريعة وأدوات المراقبة الجديدة الوسائل لتحقيق ذلك، والعلاجات التحليلية (النمذجة الرياضية لحركات القمر بسلسلة من المصطلحات التي تمثل تأثير الجاذبية للأرض والشمس والكواكب) أفسحت المجال لطرق تعتمد على التكامل العددي المباشر لمعادلات الحركة للقمر.
تتطلب كلتا الطريقتين مدخلات كبيرة تستند إلى الملاحظة لكن استخدام الأخير أدى إلى زيادات كبيرة في دقة التنبؤات، وفي الوقت نفسه تحسنت الملاحظات الضوئية والراديوية إلى حد كبير، فالعواكس الخلفية التي وضعها رواد فضاء أبولو على سطح القمر سمحت بتقنيات جديدة لعلم الفلك الراديوي، بما في ذلك قياس التداخل الأساسي الطويل جداً يسمح برصد مصادر الراديو السماوية عندما حجبها القمر.
إن هذه الملاحظات التي لها دقة في ترتيب السنتيمترات مكنت العلماء من قياس التغيرات في سرعة القمر الناتجة عن تبادل زخم المد والجزر الأرضي، وفهم متقدم لنظريات النسبية وأدت إلى تحسين المعرفة الجيوفيزيائية لكل من القمر والأرض.
ما هي أسباب حركات القمر؟
1. الغلاف الجوي: على الرغم من أن القمر محاط بفراغ أعلى مما يحدث عادة في المعامل على الأرض، إلا أن غلافه الجوي واسع النطاق وذو أهمية علمية عالية، وخلال فترة النهار التي تبلغ أسبوعين تُطرد الذرات والجزيئات من خلال مجموعة متنوعة من العمليات من سطح القمر وتتأين بفعل الرياح الشمسية، ثم تُدفَع بالتأثيرات الكهرومغناطيسية على شكل بلازما عديمة الاصطدام.
يتم تحديد موقع القمر في مداره سلوك الغلاف الجوي لجزء من كل شهر عندما يكون القمر على الجانب المواجه للشمس من الأرض، حيث تصطدم غازات الغلاف الجوي بالرياح الشمسية غير المضطربة في أجزاء أخرى من المدار، كما أنها تتحرك داخل وخارج الذيل الممدود للغلاف المغناطيسي للأرض، وهي منطقة شاسعة من الفضاء، حيث يسيطر المجال المغناطيسي للكوكب على سلوك الجسيمات المشحونة كهربائياً.
بالإضافة إلى ذلك توفر درجات الحرارة المنخفضة على الجانب الليلي من القمر وفي الحفر القطبية المظللة بشكل دائم مصائد باردة للغازات القابلة للتكثيف، وقامت الأجهزة التي وضعها رواد فضاء أبولو على سطح القمر بقياس الخصائص المختلفة للغلاف الجوي للقمر، لكن تحليل البيانات كان صعباً لأن رقة الغلاف الجوي جعلت التلوث من الغازات التي نشأت من أبولو عاملاً مهماً، والغازات الرئيسية الموجودة بشكل طبيعي هي النيون والهيدروجين والهيليوم والأرجون.
وبالإضافة إلى الغازات القريبة من السطح وسحابة الصوديوم والبوتاسيوم الواسعة التي تم اكتشافها حول القمر، تدور كمية صغيرة من الغبار على بعد أمتار قليلة من سطح القمر ويعتقد أن هذا معلق كهربائياً.
2. سطح القمر: باستخدام منظار أو تلسكوب صغير يمكن للمراقب رؤية تفاصيل الجانب القريب من القمر بالإضافة إلى نمط ماريا والمرتفعات، وعندما يمر القمر بمراحله يتحرك الفاصل ببطء عبر قرص القمر وتكشف ظلاله الطويلة عن ارتياح الجبال والحفر، فعند اكتمال القمر يختفي الارتياح ويحل محله التباين بين الأسطح الفاتحة والأغمق، وعلى الرغم من أن البدر يتألق في الليل إلا أن القمر هو في الواقع جسم مظلم يعكس فقط نسبة قليلة (البياض 0.07) من ضوء الشمس الذي يضربه، وبدءاً من رسومات العالم الإيطالي جاليليو في أوائل القرن السابع عشر واستمراراً حتى القرن التاسع عشر قام علماء الفلك بتعيين وتسمية الميزات المرئية بدقة تصل إلى بضعة كيلو مترات، وهو أفضل ما يمكن تحقيقه عند مشاهدة القمر تلسكوبياً من خلال الغلاف الجوي المضطرب للأرض.
وقد تُوج العمل بأطلس قمري كبير مرسوم باليد قام به مراقبون في برلين وأثينا، ثم تبع ذلك فجوة طويلة حيث حوّل علماء الفلك انتباههم إلى ما بعد القمر حتى منتصف القرن العشرين، وعندما أصبح من الواضح أن السفر البشري إلى القمر قد يكون ممكناً في النهاية، وفي الخمسينيات من القرن الماضي تم تجميع أطلس كبير آخر وهذه المرة صورة فوتوغرافية نُشرت عام 1960 تحت رعاية القوات الجوية الأمريكية.
ناقش علماء الفلك منذ فترة طويلة ما إذا كانت الخصائص الطبوغرافية للقمر ناتجة عن البراكين، لكن فقط في القرن العشرين اتضحت هيمنة التأثيرات في تشكيل سطح القمر، وكل منطقة من المرتفعات مليئة بحفر شديد (وهذا دليل على الاصطدامات المتكررة بأجسام كبيرة)، ويعد بقاء الهياكل ذات التأثير الكبير المماثلة على الأرض نادراً نسبياً بسبب النشاط الجيولوجي للأرض والطقس.
من ناحية أخرى تظهر ماريا أقل بكثير من الحفر، وبالتالي يجب أن تكون أصغر سناً، إن الجبال هي في الغالب أجزاء من الحواف الصاعدة لأحواض التصادم القديمة، وقد حدث نشاط بركاني داخل القمر لكن النتائج في الغالب مختلفة تماماً عن تلك الموجودة على الأرض، وكانت الحمم التي غمرت في الفيضانات لتشكل ماريا شديدة السيولة يقتصر الدليل على بناء الجبال البركانية كما حدث على الأرض على عدد قليل من الحقول الصغيرة والقباب المنخفضة.
3. آثار التأثيرات والبراكين: يتم ملاحظة العواقب السائدة للارتطامات في كل مشهد قمري، وعلى النطاق الأكبر توجد الأحواض القديمة التي تمتد مئات الكيلو مترات، ومن الأمثلة الرائعة على ذلك حوض أورينتال أو ماري أورينتال الذي يمكن رؤية جدرانه الجبلية من الأرض بالقرب من طرف القمر (الحافة الظاهرة للقرص القمري) عندما يكون اهتزاز القمر مناسباً، كما تتميز الأسوار متعددة الحلقات بأنها من سمات أكبر الأحواض، حيث يتم تمييزها من خلال فيضان الحمم الجزئي للمناطق المنخفضة بين الحلقات، ويبدو أن حوض أورينتال هو أصغر حوض اصطدام كبير على سطح القمر.
قد نشأ اسم أورينتال من أعراف رسم خرائط القمر، وخلال العصر العظيم للرصد التلسكوبي في القرنين السابع عشر والتاسع عشر كانت صور القمر تظهر عادةً في الجنوب في الجزء العلوي لأن التلسكوبات قلبت الصورة، ويشير الشرق والغرب إلى تلك الاتجاهات في السماء؛ أي أن القمر يتحرك باتجاه الشرق ولذا كان طرفه الرئيسي شرقاً، وبالتالي فإن الجزء من الحوض الذي يمكن رؤيته من الأرض يسمى (Mare Orientale).
من أجل رسم الخرائط تم أخذ إحداثيات القمر للنشوء بالقرب من مركز الوجه القريب من الجانب عند تقاطع خط الاستواء وخط الزوال المحدد بواسطة متوسط الاهتزازات، وقد تم الاتفاق على فوهة صغيرة (Mösting A) كنقطة مرجعية، ومع اعتبار القمر عالماً وليس مجرد قرص يتحرك عبر السماء يتم تبادل الشرق والغرب، وهكذا فإن (Orientale) على الرغم من اسمها تقع على خطي طول القمر الغربي.