حالة نظرية الأوتار الكونية

اقرأ في هذا المقال


ما هي حالة نظرية الأوتار الكونية؟

يمثل تفسير وظائف العالم تبعاً لنظرية الأوتار هو الاهتمام الأساسي في العالم مع التأكيد المبدئي على الانعكاسات التي يحدثها هذا التفسير لمفهومنا عن المكان والزمان، وعلى عكس عروض كثيرة أخرى للتطورات العلمية فإن ما هو معروض هنا لا يمثل في حد ذاته نظرية مكتملة تماماً، تأكدت باختبارات تجريبية قوية ومقبولة كلياً من مجتمع العلماء والسبب في ذلك يعود إلى أن نظرية الأوتار هي بناء نظري عميق وذات مستوى رفيع وحتى في ضوء التقدم المؤثر الذي تم خلال العقدين الأخيرين ما زال هناك الكثير قبل أن ندعي أننا قد توصلنا إلى السيطرة الكاملة عليه، بناء على ذلك فإن نظرية الأوتار تمثل عملاً ما زال في مرحلة التطور.
وأن ما تم جزئياً منه قد أظهر بالفعل أموراً مدهشة في طبيعة المكان والزمان والمادة، فالنجاح الأعظم هنا هو التوافق بين النسبية العامة وميكانيك الكم والأكثر من ذلك وبخلاف أي نظرية سابقة فإن نظرية الأوتار تملك المقدرة على الإجابة على الأسئلة الأولية المتعلقة بأهم مكونات الطبيعة الأساسية والقوى، وللروعة المتميزة لكل من الإجابات والإطار الذ تقترحه تظرية الأوتار لتلك الإجابات نفس الدرجة من الأهمية مع إن ذلك يصعب شرحه، لقد وجد أن هناك في نظرية الأوتار الكثير من سمات الطبيعة التي قد تبدو تفاصيل تقنية إعتباطية مثل عدد المكونات الرئيسية التي تميز الجسيمات وخصائص كل منها إنما نشأت من مظاهر جوهرية وملموسة في هندسة الكون.
وإذا كانت نظرية الأوتار صحيحة فإن النسيج المايكرو سكوبي لعالمنا عبارة عن متاهة ذات أبعاد كثيرة تكون مجدولة بشكل غزير تتذبذب وتلتوي فيها أوتار العالم بهيئة لا نهائية وفي إيقاع متناسق يلفظ قوانين الكون، وبعيداً عن كونها تفاصيل إعتباطية فإن خواص قوالب بناء الطبيعة الأساسية تتشابك بعمق مع نسيج المكان والزمان، وفي النهاية لا يمكن أن يحل شيء محل التنبؤات المحددة القابلة للإختيار والتي يمكن أن تحدد ما إذا كانت نظرية الأوتار قد أزالت بصدق قناع الغموض والذي يخبي أعمق الحقائق عن عالمنا أم لا، وقد يمضي بعض الوقت قبل أن يبلغ مستوى فهمنا أعماقاً كافية للوصول إلى هذا الغرض.
مع أن الاختبارات التجريبية يمكن أن تعطينا دعم ظرفي لنظرية الأوتار خلال ما يقرب من 10 سنوات كما أن نظرية الأوتار قد قامت حديثاً بحل معضلة مركية تختص بالثقوب السوداء، وهي معضلة مرتبطة بأنتروبية بيكينشتاين هوكينغ التي استعصت بعناد على الحل بالطرق التقليدية لأكثر من 25 سنة، وقد أقنع هذا النجاح الكثيرين بأن نظرية الأوتار في طريقها لتمنحنا فهماً أعمق للكيفية التي يعمل بها الكون، ويوجد إدورد ويتين (أحد الرواد والخبراء المتميزين في نظرية الأوتار) الوضع بقوله نظرية الأوتار هي جزء من فيزياء القرن ال 21 لكنها سقطت صدفة في القرن ال 20 وهو تقويم أوضحهه أول مرة العالم الإيطالي المرموق دانيال آماتي.
وبشكلٍ ما فإن الأمر يبدو كما لو أننا أعطينا أسلافنا من القرن التاسع عشر حاسباً فائقاً من النوع الحديث من دون أن نعطيهم تعيمات التشغيل، وعن طريق التجربة والخطأ الإبداعي فإنهم قد يتوصلون إلى تلميحات عن قدرة الحاسب الفائق لكن ذلك سيتطلب جهوداً عنيفة ومطولة لإكتساب المقدرة على تشغيله، وهذه التلمحات عن إمكانات الحاسب تشبه نظرتنا الخاطفة للمقدرة التفسيرية لنظرية الأوتار التي كان من الممكن أن تقدم حافزاً في غاية القوة للحصول على الإمكانات الكاملة، وينشط حافز مماثل اليوم جيلاً من علماء الأرض النظريين في ملاحقة الفهم التحليلي الذي يسمى شامل والدقيق لنظرية الأوتار.
وتشير ملاحظات ويتين وآخرين من الخبراء في المجال ذاته أنه قد تمر عقود بل من المحتمل قرون قبل أن تكون نظرية الأوتار نظرية كاملة ومفهومة قد يكون ذلك صحيحاً وفي الحقيقة فإن رياضيات نظرية الأوتار معقدة لدرجة لدرجة أن لا أحد اليوم يعلم المعادلات الدقيقة للنظرية، وفي المقابل فإن علماء الأرض يعرفون هذه المعادلات بالتقريب وحتى تلك المعادلات المقربة معقدة لدرجة أنها لم تحل إلا جزئياً حتى الآن ومع ذلك فإن مجموعة مشجعة من الإنجازات المفاجئة التي حدثت في النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين (الإنجازات التي أجابت عن اسئلة نظرية إلى درجة تفوق التصور من الصعوبة حتى الآن).
قد تشير في الحقيقة إلى أن الفهم الكمي الشامل لنظرية الأوتار أقرب كثيراً مما كان يعتقد في السابق ويقوم العلماء من جميع أنحاء العالم بتطوير تقنيات قوية جديدة للتغلب على طرق التقريب المتعددة المستخدمة حتى الآن.


شارك المقالة: