رحلة بيو الفضائية؟
إن سقوط نيزك ليغل في السادس والعشرين من إبريل وفي عام 1803 قد غيّر كل شيء، ففي ذلك اليوم كانت السماء هادئة جداً وتخلو من الغيوم، ومن غير سابق إنذار سقطت ألوف من الحجارة على ليغل (نورماندي السفلى في فرنسا) التي كانت تعرف حينها بسوق المواشي، (قد تم ذكر هذه الحادثة (حادثة سقوط حجارة سماوية) للمرة الأولى في التاسع من مايو خلال عام 1803 في تقارير فصل العلوم الرياضية في المعهد القومي.
وفي اليوم السادس والعشرين من شهر يونيو قام جان باتست بيو بمغادرة باريس ليتجه نحو ليغل بهدف التقصي وإثبات الأدلة الافتراضية والمادية التي تخص سقوط الحجارة السماوية على ليغل في إبريل عام 1803، فالأدلة الافتراضية كانت مقتصرة على استجابة الأفراد من مختلف الطبقات والفئات العمرية وعلى الرغم من الاختلاف بينهم في الآراء والأخلاق إلا أنهم جميعاً اتفقوا على الشهادة لذات الحدث (سقوط حجارة سماوية).
أما بالنسبة للأدلة المادية فكانت تعتمد على فحص الحجارة التي تم العثور عليها في المنطقة فحصاً دقيقاً، وم ثم مقارنتها مع الحجارة التي قد سقطت سابقاً من السماء، وذلك أفضل من أن يتم البحث عن دلائل أخرى مثل الأشطة البركانية أو الأنشطة الصناعية لتفسير سقوط الحجارة، ومن الممكن أن يكون هذا البحث غير مثمر.
فمن خلال البحث في الأدلة المادية والافتراضية قد تبين بكل وضوح أنه لا يوجد علاقة بين الحجارة التي وجدت في ليغل خلال السادس والعشرن من إبريل عام 1803 وبين حجارة المنطقة، وقد تبين أنها تشبه تلك التي تسقط من السماء، رجع بيو إلى باريس في الخامس من يوليو عام 1803، وقام بتقديم تقريره بعد ثلاث عشر يوماً على أفراد المعهد موضحاً أن هناك حجارة سماوية سقطت على أطراف ليغل في السادس من إبريل للعام الحادي عشر.
ومن بعد نشر تقرير بيو قُضي الأمر الخاص في أصل النيازك في أغسطس عام 1803، حيث أن عالم الفيزياء السويسري بيير بريفوست وخلال دوره في المكتبة البريطانية والمكتبة السويسرية قال: قلةً هي الحقائق التي تم اثباتها في الفيزياء على نحو أفضل من إثبات سقوط الحجارة النيزكية، وذكر أنه خلال بضعة شهور كانوا قد انتقلوا من الشك إلى اليقين.
وذلك كان بسبب تقرير سي بيو الذي يخص نيزك السادس من إبريل عام 11، كما أن الحجارة التي سقطت على شمال ليغل غيرت جميع التوقعات بهذا الخصوص، كما كان لتقرير بيو أثر كبير في قبول حقيقة سقوط الحجارة السماوية (النيازك)، مع العلم أن بيو هو أول عالم يقصد مواضع سقوط الحجارة النيزكية.
كما قام تشلادني بصياغة فرضيته استناداً على مؤلفاته القديمة والحديثة حينها، والتي كانت تتضمن سقوط هذه الحجارة واكتشاف الحديد الخالص ورصد النيازك، من بعد ذلك أكمل بيو مسيرته وذهب إلى ليغل ليسأل ويتقصى ويقارن ليشارك غيره من علماء عصر بونابارت في ابتكار مفهوم الرحلة العلمية.
السبب في رحلة استكشاف النيازك:
إن السبب وراء قيام بيو في رحلة الفضاء (استكشاف النيازك) يرتبط في تطوير وتحديث الشبكة السياسية والإدارية من قبل بونابرت (بونانبرت كان حينها يتجهز لاعتلاء عرش الإمبراطورية)، كما أن جان أنطوان شابتال (وزير الداخلية والعالم في عام 1832)، هو من قام بإرسال بيو إلى ليغل بهدف جمع المعلومات الدقيقة عن النيزك الذي وجد في ليغل خلال السادس من شهر إبريل لذلك العام.
حيث عمل بيو قبل وصوله إلى ليغل على الإلتقاء مع مهندسي رابطة الجسور والمياة والغابات بالإضافة إلى أساتذة الكلية المركزية ومراسل المعهد القومي وذلك كان في موقع السقوط ذاته، وقد كان الهيكل الإداري والسياسي البونبارتي يهتم باستغلال ميدان العلوم لهذا السبب تم تحويل الأحجار النيزكية آنذاك إلى كائنات علمية.
ولا سيما أسلوب بيو الذي كان له القدرة على رواج نص التقرير واستيعابه، حيث من خلاله تم قبوله في الأكاديمية الفرنسية ومن بعد ذلك بثلاث وخمسين عاماً قام الشباب العلماء بالتدرب وتطوير أفكارهم لدراسة العلوم الإنسانية (علوم تمكننا من تعلم دقة وتمايز الأسلوب ونمكن من خلالها الإحاطة بالأفكار العلمية)، والتوسع في علم الفلك وخصائص الأحجار النيزكية خاصة.
وبهذه الطريقة ومن خلال هذه الرحلة تم التوصل لأصل الحجارة النيزكية وتم العمل على وضع تقارير بشأنها وتتابع ذلك من قبل علماء آخرون مهتمون بدراسة علم الفضاء والحجارة النيزكية التي تسقط من السماء باتجاه الكرة الأرضية، أي أن هذه الرحلة كانت بمثابة دليل مرجعي للأحجار النيزكية.