مادة الترابط الدقيقة في النيازك الكوندريتية

اقرأ في هذا المقال


ما هي مادة الترابط الدقيقة في النيازك الكوندريتية؟

من أهم مكونات الأحجار النيزكية الكوندريتية هي محتبسات الألمنيوم الكلسي والكريات الكوندريولية، أما المكون الثالث في النيازك الكوندريتية هي عبارة عن مادة الترابط، وهي تجمع غير منتظم من معادن ذات حجم أقل من المايكرومتر، كما أن مادة الترابط قد تغيرت بشكل جذري في أغلب النيازك الكوندريتية بسبب التحول الحراري أو التغير المائي الحراري.
إن المكونات المعدنية في مادة الترابط ودقتها تجعلها في الحقيقة أكثر حساسية لهذه التغيرات من الكريات الكوندريولية أو محتبسات الألمنيوم الكلسي، وقد تم حفظ مادة الترابط الأساسية في أحجار نيزكية بدائية نادرة لم تتعرص إلى لكمية محدودة (ذلك إن كان هناك تعرض) من التحول الحراري أو التغير المائي الحراري (مثل الحجر النيزكي الكربوني الذي يدعى أسفر 094).
إن مادة الترابط هذه تحتوي على السيليكات والكبريتات، ومن المعروف بأنه يوجد كمية من السليكات غير المتبلورة وذلك بسبب عدم تعرضها إلى درجات حرارة عالية، ويتم دراسة مادة الترابط بشكل أساسي لهذين المكونين وهما: الحبيبات الشمسية والمادة العضوية التي تمثل مواد تكون المنظومة الشمسية التي نفذت من تلك الأحداث التي كونت الكريات الكوندريولية ومحتبسات الألمنيوم الكلسي.
يوجد حبيبات قبل شمسية، حيث أن جامعة شيكاغو في عام 1987 قد شهدت اكتشافاً ذو أهمية بالغة، حيث تم العثور على حبيبات فردية من معدن الألماس ومن كربيد السيليكون ذات تركيب نظائري غير معروف في الأحجار الكوندريتية البدائية، وهذا التركيب النظائري للحبيبات الذي يختلف بشكل جذري عن تركيب المنظومة الشمسية يدل على تكون هذه المعادن قريباً من النجوم التي وجدت قبل المنظومة الشمسية، ومن هنا جاء تسميتها باسم الحبيبات قبل الشمسية.
وبقاء هذه الحبيبات بحالة صلبة محفوظة في الأحجار النيزكية يدل على أن التجانس النظائري الذي تتصف فيه المادة في المجموعة الشمسية لم يتلف بشكل تام، وتم تقدير كميات الحبيبات قبل الشمسية في النيازك الكوندريتية البدائية بالبضع من الأجزاء في المائة، مع أن عزلها في الأحجار النيزكية البدائية هو أمر صعب جداً، ففي الغالب تكون الحبيبات قبل الشمسية أصغر من مايكرومتر واحد.
كما أن الفلكييون قد توقعوا وجودها في السبعينات لكن حينها لم نكن نملك أي طريقة لتمييزها (من ناحية التركيب النظائري الشاذ) عن المادة المعدلة في المنظومة الشمسية، كما أنه كان من المحتمل توقع اتصافها بمقاومة عالية ولا سيما أنها تمكنت من مقاومة المجانسة النظائرية التي تخص المنظومة الشمسية، وخلال عام 1987 وبعد عقدين من الأبحاث غير المجدية توضح امتلاك بقايا العصف الحمضي على الحبيبات قبل الشمسية.
لقد تم اكتشاف الكثير من الحبيبات قبل الشمسية منذ ذلك الوقت، حيث أتاحت تقنيات جديدة (مثل مطياف الكتلة الأيونية الثانوية)، ذات دقة مكانية عالية بالكشف عن السليكات قبل الشمسية، ولم يكن من المقتدر أن يتم الكشف عن الحبيبات قبل الشمسية من خلال الطرق المنطوية على العصف الكيميائي.
وفي الوقت الحالي يتوافر لدينا في داخل المختبرات سيليكات وسيلسيد (الكربون والنيتروجين) وغرافيت وأكاسيد (السبينيل والهيبونيت والكورندوم)، تكونت حول نجوم أخرى، وعمر هذه الحبيبات قبل الشمسية مازال مجهولاً ومدة وجودها في الوسط البينجمي تم تقديرها بأنها تقع بين بضعة ملايين وبين مليار سنة.

كيفية دراسة التركيب النظائري للحبيبات الدقيقة:

إن دراسة التركيب النظائري الذي يخص هذه الحبيبات يمكننا من فهم الاصطناع النووي النجمي، أي فهم الآليات التي تعمل على توليف مجمل النظائر في النجوم بفضل تفاعلات نووية، مع العلم أن عمليات الاصطناع النووي النجمية كانت محصورة في الإطار النظري، أي أنها محصورة في سياق المشاهدات الطيفية المنحرفة والتي تكون بعيدة عن الدقة إلى أن يتم اكتشاف الحبيبات قبل الشمسية.
البعض من النيازك الكوندريتية الكربونية تحتوي على كمية قليلة من المادة العضوية تلك التي تتكون من مادة عضوية قابلة للذوبان (مثل الأحماض الأمينية) ومادة عضوية غير قابلة للذوبان، فمثلاً فإن التركيب الكيميائي المتوسط في المادة العضوية التي تكون غير قابلة للذوبان والتي تخص النيزك أوركوي هو( C100H72O18N35S2 وهو حجر نيزكي كوندريتي غني جداً في المادة العضوية)، مع العلم أن المادة الأرضية القريبة من هذه المادة العضوية الناتجة خارج الأرض هي الكيروجين.
والمادة العضوية غير القابلة للذوبان تتميز بامتلاكها الكثير من أوجه الشذوذ النظائري مقارنة بتركيب الأحجار النيزكية الكوندريتية، وفي الغالب تكون غنية بالدوتريوم، ومن الممكن أن تنتج أنواع مثل هذه الشذوذات عن طريق بعض التفاعلات الكيمائية الجارية في وسط ذو برودة شديدة مثل السحب الجزيئية.
ولم يتم ذكر الفلز هنا بسبب ندرة حبيبات الفلز البدائية وافتقادها أيضاً في أحجار النيازك الكوندريتية، فالفلز ذو حساسية بالغة للتحول الحراري، وقد تحول تركيب الفلز حتى في أحجار النيازك الكوندريتية البدائية مثل النيزك الكوندريتي العادي سيماركونا.


شارك المقالة: