الحركات الأرضية المولدة للقارات:
عند الكلام عن الحركات الأوروجينية المؤدية بفعل انضغاط جانبي يعتري حفرة ترسب إلى تشكل سلاسل جيوسنكلينالية وطيات قاع يجب أن نترك مكاناً لنماذج أخرى من حركات تظهر على شكل ذبذبات شاملة لرقع قارية أطلق عليها العلماء الجيولوجيين اسم الحركات المولدة للقارات والتي هي بالواقع عبارة عن تظاهرات ملموسة لمبدأ التوازن القاري الشهير، ومن الممكن في أيامنا هذه ملاحظة حركات ممثالة، فبعض السواحل مثل خليج دوارنونية في بريتانيا وساحل الفلاندر، حيث أنها تغوص تدريجياً.
في حين أن السواحل الأخرى على العكس تنهض مثل أعمدة معبد سيرابيس في منطقة بوزول (قرب نابولي) التي خرشتها الرخويات الآكلة للحجر، وعوم بعض الأرصفة المرجانية على سواحل المحيط الهادي والسواحل الإسكندينافية، وبتعبيرٍ آخر يُعتبر البحر حالياً طاغياً في بعض المناطق ومتقهقراً في الأخرى، مما يعني أن الأمر كان مماثلاً خلال الأزمنة الجيولوجية، ومن المؤكد أن مناطق تصلب قديمة مثل المجن السيكندينافي والمجن الكندي يجب اعتبارهما كرقع نهوض اندفعت شاقولياً من الأسفل وكلياً بفعل حركات مولدة للقارات.
وأفضل البراهين الجيولوجية عن تنقلات خطوط السواحل القديمة هي التي حصلنا عليها من دراسة الطغيانات والانحسارات البحرية التي تسمح لنا أحياناً بإقتفاء حركات البحر خطوة بخطوة، وفي ذلك تكمن أهداف الستراتيغرافيا الجوهرية، إلى أن كل حركات البحار التي لاحظنا آثارها هي نسبية وتستطيع أن تنجم على حد سواء من غوص أو نهوض الركائز القارية أو عن ذبذبات المستوى البحري، لهذا نجد الآراء موزعة بين أنصار الاتجاهين ولا نزال غير قادرين على أن معرفة إحدى هاتين النظريتين.
إن فرضية التنقل المطلق للمستوى البحري والتي دشنت تحت اسم حركات مستوى البحر حسب العالم سويس لم تعد تتوائم مع معلوماتنا عن توازن السوائل، بالرغم من أنه من الميسور قبولها بسبب ظاهرة حركات المد والجزر والتبدلات الممكنة في سرعة دوران الأرض، غير أن الاتجاه الحالي بالإنحياز بالأحرى نحو نظرية التذبذبات البطيئة للأرض، وقد سمحت الأبحاث التي قام بها العالم هوغ عن الطغيانات أو الانحسارات، وقالت بأن الحركات الأرضية لا تكون محدودة مكانياً حسب درجة العرض بل تحدث بآنٍ واحد في المناطق القطبية وفي المناطق الإستوائية.
وكما دلت الأبحاث الجيولوجية أن الأرض بعد أن اجتاحها البحر أخذت بالنهوض بشكلٍ متفاوت، هذا وقد أمكن صنع خرائط بنيونية لهذه الغضاريات، حيث تظهر الحركات التي خضعت لها الأرض منذ الاجتياح البحري.