ما هو مبدأ نظرية تكتونيك الصفائح الأرضية؟
من المعروف لدى الجيولوجيين أن التشوهات التي تصيب مواد القشرة الأرضية ما هي إلا نتيجة لحوادث عميقة تتم على مستوى المعطف العلوي، ويمكن التأكيد حالياً على أن هذه الحركات تتم في الأستينوسفير (على عمق من 70 إلى 150 وحتى 800 كيلو متر).
أي أن هذه الحركات هي المسبب لانتقال الليتوسفير (وهو ذو سماكة تتراوح من 70 إلى 150 كيلو متر) المتوضع فوق الأستينوسفير، وأن تشوهات القشرة الأرضية (التي هي جزء من الليتوسفير بسماكة 40 كيلو متر تقريباً) ما هي إلا نتيجة لهذه الحركات.
هذه الاعتبارات البسيطة تبين أنه من غير المجدي محاولة تفتيش عن فهم الميكانيكية الأرضية اعتباراً من الملاحظات السطحية، وأنه لا بد من دعم هذه الملاحظات بالمعطيات الجيوفيزيائية والجيوكيميائية عن المناطق العميقة من القشرة الأرضية والمعطف العلوي.
وهذا يعني أنه لا بد من تضافر عدد كبير من العلوم لتفسير ميكانيكية وتطور الأرض؛ أي التعاون بين الجيولوجيين والجيوفيزيائيين والجيوكيميائيين، وقد جائت نظرية تكتونيك الصفائح لتقدم طرحاً جديداً بعتمد على هذه المعطيات كافة محاولة تفسير عدد من المشاكل الهامة بدءاً من حركة الصفائح المتعددة المكونة للأرض.
لقد تم وضع المبادئ الأساسية لهذه النظرية تدريجياً منذ أكثر من 60 عاماًن وهي تستخدم عدداً كبيراً من الأفكار عن توزع القشرة الأرضية وانزياح القارات التي وضعها تايلور وفيغنر، وعن تجدد قاع المحيطات التي وضعها العالم هيس.
ولكن هذه الأفكار لم تتكامل مع بعضها لتكون نظرية متماسكة إلا بعد أن توضحت الخواص الريولوجية (مرونة، لدونة، لزوجة، انصهار) للطبقات المختلفة المكونة للغطاء (ليتوسفير، استينوسفير، ميزوسفير)، وكذلك العلاقات بين انتقال وجهود الليتوسفير من جهة والنشاط الزلزالي للكرة الأرضية من جهة أخرى.
تحديد مفهوم تكتونيك الصفائح:
تسعى نظرية تكتونيك الصفائح إلى تقديم نموذج حركي يسمح بفهم التكتونيك الحالي على سطح الأرض، هذا النموذج مبني على مفهوم بسيط؛ وهو أن جوهر الطاقة الميكانيكية المبددة على سطح الأرض يكون ضمن بعض الأحزمة المولدة الضيقة الخاضعة لتشوهات جديدة ونشاط زلزالي قوي.
هذه الأحزمة المولدة والتي هي ذات طبيعة مختلفة تحدد الإطار لعدد من الصفائح الأرضية (صفائح محيطية، صفائح قارية)، ويبدو أنها لم تخضع تشوهات حالية هامة، ولذلك فمن المنطق افتراض أن هذه الأحزمة المميزة بنشاط اهتزازي هي عبارة عن نطاقات تداخل بين صفائح كبيرة صلبة تغطي سطح الأرض.
وهذه هي الفرضية الأساسية لنظرية تكتونيك الصفائح الأرضية التي يمكن أن نصيغها، حيث أن النطاقات المولدة هي النطاقات التي تكون مسرحاً لحركات متباعدة بين صفائح صلبة، تظهر هذه الأحزمة بثلاث أشكال تبعاً لنوع التشوه؛ فعندما تنزاح الصفائح تتشكل نتوءات محيطية قد تترافق بتشكل سطوح قشرة جديدة إذا ما صعدت ماغما عميقة.
وعندما تقترب الصفائح من بعضها البعض تتشكل سلاسل جبلية نتيجة تصادم صفيحتين مع بعضهما البعض، أو نتيجة لانطمار إحدى الصفيحتين تحت الأخرى، حيث يصغر سطح الصفائح وذلك يكون في مرحلة مطورة، وأخيراً تتشكل أحزمة مولدة بسيطة لدى انزلاق إحدى الصفائح على الأخرى، وذلك مع محافظة كل من الصفيحتين على سطحها.
إن التأكد بواسطة البرنامج الأمريكي للحفر الجيوئيدي العميق من فرضية تجدد قاع المحيطات لواضعها هيس وعلاقتها الطبيعية مع توزع الشواذ المغناطيسية، تؤكد أن هذه الحركات التباينية هي من مرتبة عدة سانتي مترات كل سنة؛ أي عدة ملايين الكيلو مترات (كل عدة ملايين من السنين).
إن هذه الدراسات وضحت للجيولوجيين والجيوفيزيائيين أن التشوهات غير الزلزالية التي تكون بين الصفائح الأرضية من الممكن إهمالها بالنسبة لهذه الحركات، ويمكن القبول بتقريب أولي، وذلك التقريب ينص على أن القبب الكروية صلبة بشكل تام وأن أطرافها تتشكل بسبب وجود نشاط زلزالي يرافق هذا التشكل.
هذا يعني أنه من الممكن أن نحدد من خلال طريق بسيطة الحدود بين هذه الصفائح، ونتمكن من وصف هندسة انتقالها بواسطة عبارات حركية لأجسام صلبة متوضعة على الكرة الأرضية، إن ظهور نظرية تكتونيك الصفائح الأرضية تفرض علينا اعتبار المفاهيم الجديدة لتحليل التكتونيك ضمن إطارها العام.
ومن هذه المفاهيم هي أن نعتبر جميع الصفائح التي تكون الكرة الأرضية صلبة وتقوم بحركات نسبية، على الرغم من أنه لا فرق كبير وواضح بين الصفائح التي تحتوي على قارات وبين تلك التي التي تحتوي على محيطات، مع التأكد من وجود اختلاف كبير بين حركات هذه الصفائح وحركة الأستينوسفير المتوضعة عليه.
فعلى سبيل المثال إن نطاقات الزلازل تتوافق مع أشرطة ضيقة مفصولة عن بعضها بنطاقات واسعة غير زلزالية وهي عبارة عن الصفائح الكبرى.