التراكيب الملحية:
يعتبر nettleton في عام 1934 أول من حاول توضيح ميكانيكية نشأة التراكيب الملحية، حيث أشار إلى التراكيب الملحية بأنها تنشأ بسبب صعود الملح باتجاه الأعلى، والسبب في ذلك هو اختلاف الكثافة بين الملح وبين الصخور المحيطة به، واعتماداً على هذه الدراسة فإن أهم العوامل التي يلزم توفرها لنشأة القباب الملحية هو تواجد طبقة من الرواسب الملحية تسمى باسم طبقة الصخور المصدرية، التي تمتماز بأنها ذات سمك كبير ومغطاة برواسب سميكة.
يُعد الانسياب اللدن للملح هو المسئول عن تشكيل القباب الملحية إذ أن الملح يتميز بكثافة تكون أقل من كثافة الصخور الرسوبية الأخرى المحيطة به، لهذا السبب نجده يميل إلى الحركة باتجاه الأعلى بحيث أن المادة التي تكون ذات كثافة أقل ترتفع خلال المادة ذات الكثافة الأكثر الموجودة في الأعلى.
والسبب في ذلك أن الملح يختلف عن باقي الصخور الرسوبية بضعفه فهو يملك القدرة على الجريان مثل الجريان اللزج تحت الضروف التي تسلك فيها باقي الصخور الرسوبية سلوك المواد الهشة، وفي حال تم العثور على طية بسيطة في طبقة الملح المصدرية فإن الملح يوف يتحرك نحو الأعلى مشكلاً سدادة ملحية، وتتقوس صخور الغطاء التي من الممكن أن تتعرض إلى قوى شد مما يتسبب في نشأة الفوالق بها.
ما هي ميكانيكية تكون التراكيب الصخرية الملحية؟
ثم تلت هذه الدراسة الكثير من الدراسات التي حاولت توضيح ميكانيكة نشأة التراكيب الملحية والتي نتجت عن عدة ميكانيكيات رئيسية تم اعتبارها المسئولة عن نشأة التراكيب الملحية، حيث لخصتها المصادر الحديثة بثلاث ميكانيكيات، هي انعكاس الكثافة والحمل التفاضلي والانتشار الجزئي، من الممكن أن تتشكل التراكيب الملحية بسبب تأثير ميكانيكية واحدة أو اشتراك عدد من الميكانيكيات السابقة.
فبالنسبة لانعكاس الكثافة يعتبر الملح مادة غير مسامية وبشكل أساسي هي مادة غير قابلة للانضغاط، لهذا السبب عندما يطمر تحت أكوام من الرواسب فإنه لا يصبح أكثر كثافة بل يكون أقل كثافة مع العمق، حيث أنه عند الأعماق الكبيرة تصبح حرارته مرتفعة وبالتالي تقل كثافته ويزداد حجمه.
كما أن الصخور الرسوبية الأخرى مثل الحجر الرملي والسجيل تتشكل من رواسب تحتوي على أصل مسامي مرتفع ولهاذا السبب هي تصبح ذات كثافة أكبر مع العمق بسبب أن الضغط المتشكل من خلال العمود الصخري يجعلها محكمة، هذا التباين في السلوك يتسبب في زيادة كثافة الصخور الرسوبية الأخرى عن كثافة الملح عند عمق أكبر من حوالي 450 إلى 1500 متر، وبالتالي يحدث ما يعرف باسم انعكاس الكثافة.
وتعني انعكاس الكثافة أن الصخور ذات الكثافة الأعلى تقع فوق الصخور التي تكون ذات كثافة أقل، كثافة الملح تحديداً تسوي 2.2 غرام لكل سانتي متر مكعب في حال أن كثافة الصخور الرسوبية التي تقع فوق الملح بشكل مباشر تساوي تقريباً 2.5 غرام لكل سانتي متر مكعب.
إن حالة انعكاس الكثافة تعرف بأنها حالة عدم استقرار حيث أن الملح يحتوي على طفواً موجباً ونعني بالطفو الموجب هو أن المواد التي تكون ذات كثافة قليلة تحاول على أن ترتفع فوق المواد ذات التي تكون ذات كثافة عالية، والمثال المشهور على قوة الطفو الموجب هو الدفع التي تشعر فيه اليد عند محاولة إبقاء بالون مملوء بالهواء تحت الماء، وفي حال أن قوة الطفو الموجب كانت مجاوزة لمقاومة الملح وكانت كافية لرفع الطبقات العليا التي تقع فوق صخور الملح المصدرية فإن في هذه الحالة شوف تتشكل التراكيب الملحية.
أما بالنسبة للحمل التفاضلي فإنه يحدث على طبقة الملح عندما تكون القوة المؤثرة اتجاه الأسفل على طبقة الملح والتي تنتج من وزن الطبقات العليا متغيرة جانبياً، إن الحمل التفاضلي ينتج عندما يحصل تغير في سمك الطبقات سواء كانت الطبقات الملحية أو الطبقات التي تقع فوقها.
يوجد ثلاث أسباب ليحدث الحمل التفاضلي وهي الزيادة في سمك الطبقة الملحية وحدوث طي أو ما يعرف بالتفلق في الطبقات العليا، وأخيراً حدوث عمليات تعرية، وآخر الميكيانيكيات هي الانتشار الجذبي، حيث أن مجموع الحمل التفاضلي وقوة الطفو تقوم بدفع الملح نحو الأعلى في الطبقات العليا إلى أن تصل لمستوى الطفو الطبيعي، فالمستوى الطبيعي هو العمق الذي لا توجد فيه قوة طفو إضافية للملح.
إن كثافة الرواسب تكون مساوية لكثافة الملح لكن ذلك يتم عند أعماق ممتدة بين 450 متر إلى 1500 متر تحت مستوى سطح الحوض وتعتمد على المكونات، من الممكن أن يبدأ الملح بالجريان جانبياً عند مستوى الطفو الطبيعي وهذه العملية تتم بواسطة الجاذبية.