ما هي نظرية المد الغازي والكويكبات في تفسير نشأة المجموعة الشمسية؟
من الواضح جداً أن البحث عن أصل المجموعة الشمسية بشكل كامل هو أمر معقد جداً، ولهذا السبب فإن بعض الباحثين عملوا على أن يختصروا المشكلة وأن يقوموا بافتراض أن الشمس هي نفسها التي كانت موجودة منذ القدم، كما أنهم حاولوا أن يقوموا بتفسير كيفية انفصال الكواكب السيارة عنها.
إن أكثر النظريات شهرة والتي ظهرت في هذا المجال هي النظرية التي اقترحها العالمان الأمريكيان (تشمبرلين ومولتون)، والتي تم معرفتها باسم نظرية الكويكبات، حيث تتلخص بشكل واضح،أي أنها تنص على مبد أن الكواكب السيارة تشكلت من أجزاء من سطح الشمس، حيث أنها كانت ممتدة من قبل وقد انبعجت عندما مر بالقرب منها نجم آخر كان أكبر منها.
تسببت قوة جاذبية هذا النجم في حصول مد على سطح الشمس المقابل له، كما أنه في نفس الوقت حصل انفجارات قوية في سطح الشمس بسبب التفاعلات التي تحصل فيها، وقد تسببت قوة الجاذبية النجمية بالإضافة إلى قوة الطرد الناجمة عن الانفجارات في انفصال الأجزاء الممتدة عن الشمس، ولكنها بقيت مع ذلك تتأثر في جاذبيتها.
أما بالنسبة للنجم الآخر فقد كان تأثيره قد بدأ في التناقص بسبب ابتعاده، ومع ذلك فقد بقيت جاذبيته في بعض الوقت تمنح تأثير واضح، حيث أن هذا التأثير كان محدودًا في الأجزاء التي انفصلت عن الشمس، كما أن هذا التأثير هو الذي قام بمنح الأجزاء المنفصلة حركة دورانية حول الشمس وحول ذاتها.
وهذه الأجزاء لم تكن قد تصلبت بعد ولهذا السبب فإنها تفككت خلال دورانها وتغيرت إلى أجزاء صغيرة، حيث أخذ كل منها يتصلب بعيدًا عن الآخر، وتشكلت منها كويكبات كثيرة، وعلى الرغم من ذلك فإن الكوكيبات الكبيرة ومن خلال قوة جاذبيتها استطاعت أن تجمع حولها بالتدريج الكوكيبات الأصغر، إلى أن تشكلت منها في آخر الأمر الكواكب السيارة المعروفة ومنها كوكب الأرض.
وكما هو الحال بالنسبة لجميع النظريات الباقية والتي تعرضت لبحث هذا الموضوع، فقد تم توجيه الكثير من الانتقادات لهذه النظرية؛ والسبب في ذلك أنها عجزت عن توضيح بعض الحقائق الهامة، مثل تواجد الكواكب السيارة كلها في مستوى واحد، وتلائم الأبعاد التي تفصلها عن بعضها البعض وعن الشمس.
كما أنها عجزت عن توضيح ارتفاع كثافة المواد التي تتشكل منها الأرض كلما تعمقنا باتجاه مركزها، فلو أنها تشكلت كما توضح النظرية مع تجمع الكويكبات الصغيرة حول أحد الكويكبات الكبيرة، فإنها لن تتمكن من أن تقدم توضيحياً مقنعاً عن ترتيب المواد التي تتشكل منها الكواكب مثل كوكب الأرض، والذي ترتفع كثافة مواده بشكل واضح كلما تعمقنا باتجاه مركزه.
كما يوجد نظرية جيمس جيتر Jeffreys، حيث أن هذه النظرية لا تعتبر إلا تعديل لنظرية الكويكبات، فإنه خلال سنة 1929 قام هذان العالمان البريطانيان بمحاولة أن يتجنبا جزء من أوجه النقص في هذه النظرية، حيث أنهم قاموا بذكر أنه لا يوجد داع لافتراض أن الأجزاء التي انفصلت عن الشمس كانت صغيرة في بداية الأمر، وأنها كانت قد بردت من قبل أن تتجمع لتشكل الكواكب.
كما قام الجيولوجيين بدلًا عن ذلك بافتراض أنه قد يكون انفصل عن الشمس لسان طويل قد يصل إلى البعد الذي يلتف فيه فلك أبعد الكواكب عنها وهو كوكب نبتون، كما أن هذا اللسان كان سميكًا خلال الوسط ويتناقص سمكه باتجاه الطرفين، فلما تقطع بعد ذلك وتشكلت منه الكواكب كان من الطبيعي أن يكون أكبر الكواكب في الوسط وأن تتوزع حوله الكواكب الأصغر بشكل مرتب تقريبًا.
وهذا يتفق بشكل كبير مع ما هو معروف عن ترتيب الكواكب السيارة حول الشمس، وعلى الرغم من أن هذا التعليل يمكن أن يفسر عدداً من المظاهر العامة الخاصة في المجموعة الشمسية ومنها توزيع الكواكب السيارة حول الشمس بالاعتماد على أحجامها فإنه بقي عاجزًا عن توضيح بعض الحقائق الأخرى المعلومة لدينا.
ومن أهم الحقائق هو دوران الشمس حول ذاتها بشكلٍ قوي وبطيء، ومن ثم التباين الكبير بين تركيب الشمس وتركيب أغلب الكواكب، فالشمس تتكون بشكل عام من عناصر غازية خفيفة مثل الهيدروجين والهيليوم في حال أن الأرض وأغلب الكواكب الأخرى تتكون من مواد معدنية مثل الحديد والألمنيوم، لهذا السبب قد تعرض رأي جينز وجيفريز لكثير من النقد، وبرزت غيره آراء أخرى ما زالت أيضًا محلًا للنقد والجدل، كما تم وضع تصور تقريبي للسان الذي افترض جينز وجيفريز أنه انفصل عن الشمس، وتقديم تفسيراُ عن علاقة ذلك بتوزيع الكواكب حسب أحجامها.