اقرأ في هذا المقال
ماذا قيل عن النيازك في نهاية القرن الثامن عشر؟
تم وضع فرضية تشلادني الجريئة في نهاية القرن الثامن عشر، حيث قام عالم من وتنبريغ (ألمانيا)، يسمى إرنت فلورنز فريدريش تشلادني بنشر كتاباً صغيراً من 63 صفحة في كل من لايبزغ وريغا، وكان الكتاب يتحدث عن أصل كتلة الحديد التي قام بالاس بالعثور عليها بالإضافة إلى كتل حديدة أخرى مشابهة وظواهر ثانية مرتبطة بهذه الكتل.
حيث أن النيازك والكرات النارية بالإضافة إلى سقوط الحجارة هي الظواهر الأخرى التي قال عنها تشلادني، وقد وضح خلال كتابه عن النيازك وسقوط الحجارة (أو الكتل الحديدية) بأنهما صعيدان مختلفان لظاهرة واحدة، أي أنهما عبارة عن اختراق جسم فضائي للغلاف الجوي وبسرعة فائقة.
أما بالنسبة للكتل الحيديدة المشابهة لتلك التي قام بالاس بالعثور عليها فهي عبارة عن أجسام سقطت على الأرض خلال العصور القديمة، ويقوم تشلادني في كتباة بالدفاع عن فكرة تتلخص في أن الكتل الحيديدة والحجارة الساقطة من السماء لا ترتبط بأي علاقة مع الأرض، فهي إما ان تكون شظايا كواكب أو أجسام صغيرة لم تتمكن من التكتل في جسم أكبر حجماً.
لكن إن ردورد الفعل التي اتقبلت كتاب تشلادني كانت تخلو من أي حماس، إذ أن أغلب العماء وجدوا فيه انتهاكاً للفيزياء النيوتونية وانتهاكاً لفيزياء أرسطو، حين اعتقد أنه يمكن لأجسام صلبة أن تتواجد في الفضاء الخارجي وتكون ما بين الكواكب، وكان هناك شكوك في طبيعة ومستوى شهود سقوط الحجارة وخاصة لدى القرويون.
لكن يوجد عدد من العلماء مثل غوتنبرغ جوهان بلومنباخ الذي ينتسب للمذهب الطبيعي وغيره ممن انحازوا دون أي تحفظ إلى أطروحة تشلادني، على الرغم من ذلك قام تشلادني من خلال مزيج رائع من المعرفة الواسعة والسفطائية بتوضيح عدم انتماء هذه الكتل في أي حال من الأحوال إلى مجال التعدين.
وقال أنهما ينتميان إلى علم الأرصاد الجوية وعلم الفلك ( أي أنها لم تتشكل على الأرض ولا في الغلاف الجوي الخاص في كوكب الأرض بل تشكلت في مناطق كونية بعيدة) فهذه القطع الصغيرة لا تعتبر إلا شهب معدنية.
أصبحت مسألة أصل النيازك موضع للجدل القائم في المجتمع العلمي الأوروبي وفي فرنسا بشكل خاص وبريطانيا وسويسرا وألمانيا أيضاً، كما عزز هذا الجدل ما حدث من قوط لنيازك مذهلة مثل: نيزك سيينا siena (إيطاليا عام 1794) ونيزك ولد كوتج wold cottage في بريطانيا عام 1795 ونيزك إفورا مونتيه evora monte في البرتغال عام 1796 بالإضافة إلى نيزك فاراناسي في الهند عام 1798.
وخلال نهاية القرن الثامن عشر تطور الكثير من المجالات العلمية وأصبح تبسيط للفكر العلمي على ضفتي بحر المانش (القناة الإنجليزية) وهذا أيضاً كان يصب في البحث عن أصل النيازك، وكان هناك من يؤمن في وجود الحجارة الساقطة من السماء بشكل كبير وهو جوزيف بانكس، فقد كان عتقد أنها تشكلت في الغلاف الجوي في حال أنه بوجد آخرون (مثل عالم الجيولوجيا السويسري غيوم أنتوان دي لوك) كان متأكد من أنها ليست إلا حجارة أرضية قذفتها البراكين أو العاصير.
ما هي تحاليل هاورد Howard الكيميائية للنيازك؟
في عام 1802 ومع تشجيع من جوزيف بانكس، عمل خبير الكيمياء الشاب إدوار سي هارود على تحليل كسرات معدنية من أربعة احجار نيزكية ساقطة بالإضافة إلى أربعة أنواع من الحديد الخالص، فبين أن كل العينات التي تم تحليلها تتضمن على 10% من عنصر النيكل ليقوم بذلك في اثبات أن لكل هذه العينات أصلاً مشتركاً.
وهذه الأجسام التي عثر عليها بعد الآلاف من الكيلو مترات وما تحمله من أمور مشتركة كانت كدليل من وجهة نظر هاروود يؤكد فرضية تشلادني الجريئة، لكن من المعروف أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا قيام خبيرالمعادن الأرضية الفرنسي المهاجر إلى إنكلترا الذي يدعى (جاك لويس كونت بوربون) بالعمل على فصل مكونات هذه النيازك.
حيث أنه عمل على عزل المكونات الكوندريتية والكريات الغريبة والبيريت الحديدي (كبريت الحديد) والحبوب المعدنية في هذه الصخور، حيث أن الحبوب المعدنية هي التي الوحيدة التي كانت تمتلك على النيكل بنسبة تمكننا من مقارنته مع محتوى النيازك الحديدية.
لكن إن اكتفى هارود بتحليل الصخرة كلياً فقط فإنه لن يكن قادراً على الكشف عن النسب المرتفعة من محتوى النيكل ولما تمكن من ربط الصخور الساقطة من السماء بأنواع الحديد الخالص، وعلى الرغم من التحاليل الكيميائية التي قام بها هارود فقط بقي الكثير من المتشككين الذين يرفضون فكرة نشأة النيازك خارج الأرض.