القانون الدولي الاقتصادي

اقرأ في هذا المقال


تعريف القانون الدولي الاقتصادي:

يشمل القانون الاقتصادي الدولي جميع المبادئ والقواعد القانونية المطبقة على العلاقات الدولية الاقتصادية. وتحكم هذه المبادئ والقواعد تحديد عوامل الإنتاج وتدفق الموظفين ورأس المال والسلع والخدمات والعملة والاستثمار، وكذلك التبادلات بين المجالات الاقتصادية لمختلف البلدان وجمع الأموال لهذه الأنشطة لتحقيق مبادئ السيادة والتعاون والتكامل الاقتصادي والاجتماعي ورفاهية الوطن والشعب.

خصائص القانون الدولي الاقتصادي:

يتميز القانون الاقتصادي الدولي بالعديد من الخصائص العامة التي تختلف بشكل واضح عن غيرها من العلوم الاجتماعية والقانون بشكل عام، وخاصة عن فروع القانون الدولي الأخرى. ويرتبط محتوى وتطبيق القانون الاقتصادي الدولي باستقرار وتغيرات الظروف الاقتصادية الدولية. ومن هذه الخصائص ما يلي:

أصالة النشأة:

لا شك في أن القانون الاقتصادي الدولي مفهوم معاصر، لكن جذوره تكمن في ظلمة التاريخ. وتشير الاكتشافات الأثرية إلى أن أول معاهدة في التاريخ أبرمها الفرعون المصري رمسيس الثاني، وتهدف المعاهدة إلى إقامة السلام والصداقة والعلاقات التجارية.

ففي العصور القديمة، جرت محاولات جادة لتطوير قانون مقنن يتضمن القواعد الاقتصادية ضمن ما يسمى “قانون الشعب” الذي طوره الرومان القدماء لتنظيم العلاقات التجارية وغيرها مع البلدان الأخرى. وكما أظهر لنا التاريخ وجود علاقات اقتصادية دولية، عادة ما تتضمن معاهدات حسن الجوار المسائل المتعلقة بالرقابة على التجارة والملاحة بين البلدان المنشأة بموجب المعاهدة.

وتربط الاتفاقيات التجارية المدن الإيطالية ببعضها البعض، وكذلك مع معظم الإمارات الأوروبية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، وتتضمن العديد من القواعد التي تعترف بمبدأ التجارة الحرة دون تمييز أو احتكار، وتسمح بتعيين القناصل في الخارج. ورجال الأعمال الأجانب الذين يمثلون البلاد، والاهتمام والتأكد من عدم خضوعها للقوانين الداخلية وخاصة تلك التي تتضمن أعباء مالية (مثل الرسوم والضرائب وغيرها).

ومن الأمثلة على المعاهدة التي تتناول الشؤون الاقتصادية اتفاقية التبادل التجاري بين الملك هنري الثاني ملك إنجلترا وكولونيا عام 1154 م، وإعلان هنري الثالث لعام 1174 م، الذي ينص على التحكم في الحقوق والالتزامات المالية في حطام السفن. وكما أدرك الملوك البريطانيون في العصور الوسطى، مثلهم مثل الأمراء الآخرين في البلدان الأخرى، أهمية إدخال المعادن النفيسة من الذهب والفضة في التجارة الخارجية لممالكهم.

ومنذ القرن السادس عشر الميلادي، مع ظهور النظريات الرأسمالية التقليدية وسيطرتها على الحياة الاقتصادية، واقتصر دور الدولة على ضمان حد أدنى من حماية التجارة الخارجية، لكن هذا لم يمنع استمرار نهب ثروات الشعب المستعمر. ومع ذلك، بعد انتصار الثورة الشيوعية في روسيا القيصرية عام 1917، انتشرت الأفكار الاشتراكية في أوروبا، وازداد تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية في العديد من البلدان الرأسمالية بين الحربين العالميتين. ويرجى ملاحظة أن “ميثاق عصبة الأمم” المادة 23 ينص على الحاجة إلى معاملة عادلة للتجارة بين الدول الأعضاء.

وظهر النظام المالي والنقدي المعاصر بعد اتفاقية بريتون وودز في عام 1944 ، وإنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير. وفي عام 1974، تم الإعلان عن النظام الاقتصادي الدولي الجديد وميثاق الحقوق والواجبات الوطنية في الشؤون الاقتصادية.

ومن خلال إبرام العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف، تم تعزيز قواعد ومبادئ القانون الاقتصادي الدولي. وتعالج هذه الاتفاقيات والمعاهدات مختلف قضايا العلاقات الاقتصادية الدولية، مثل التبادل التجاري والدفع والتسوية الدولية وتشجيع الاستثمار ورأس المال والأفراد والسلع ونقل عوامل الإنتاج. وبالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء بعض المجموعات الاقتصادية الدولية، مثل مناطق التجارة الحرة والأسواق المشتركة، وتم إنشاء منظمات اقتصادية دولية متخصصة، مثل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعض المنظمات الإقليمية والمؤسسات الأخرى. وظهرت مفاهيم اقتصادية معاصرة مثل العولمة والشركات متعددة الجنسيات.

عالمية الأهداف:

عالمية الأهداف: يتضح من تعريف القانون الاقتصادي الدولي أن غرضه الأساسي هو تنظيم العلاقات الاقتصادية الدولية، ووفقًا لمبادئ وقواعد القانون الدولي العام والمحتوى الوارد في ميثاق الأمم المتحدة، حيث ينص على الضوابط اللازمة للسيطرة على هذه العلاقات. وفيما يلي قائمة الأهداف العامة للقانون الاقتصادي الدولي التي يمكن تكييفها وتطويرها كمّاً ونوعاً وفقاً للظروف الدولية المتغيرة:

  • المساهمة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتجنب الحروب والصراعات الاقتصادية، والبحث عن حلول عادلة وفعالة.
  • تعزيز الثقة والاعتماد المتبادل بين الدول في العلاقات الاقتصادية سيساعد على استعادة التجارة الدولية وتحقيق رفاهية الدول والشعوب.
  • القضاء على جميع أشكال التمييز، وعدم استخدام الإكراه الاقتصادي لممارسة الضغط السياسي على الفئات الضعيفة وابتزازها.
  • الموافقة على أسس التعاون الدولي لحل القضايا الدولية الكبرى وتحسين مستويات المعيشة والازدهار للبلاد وشعبها.
  • تحرير التجارة الدولية وفقا للمعاملة العادلة والمتساوية وقواعد المنفعة المتبادلة، وخاصة للدول النامية.
  • اعتماد نظام عملات عالمي لضمان استقرار واتساق المعاملات المالية الدولية لصالح جميع الدول.
  • تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يضمن تقليص الفجوة بين الدولة والشعب من حيث مستويات المعيشة والرفاهية.
  • ضمان التوازن بين مصالح الدول المنتجة للطاقة والدول المستهلكة والمواد الخام والغذاء وحماية البيئة من التلوث.
  • التنسيق بين مختلف السياسات الاقتصادية للدول والمنظمات الدولية.
  • وضع أساس عادل ومنصف لحل قضايا الديون والقروض الدولية وتعزيز المؤسسات المالية الدولية.
  • تشجيع الاستثمار الدولي والمشاريع المشتركة ونقل التكنولوجيا والمعرفة.
  • السيطرة على الشركات متعددة الجنسيات والاحتكارات الدولية لضمان حقوق البلاد وشعبها بدلاً من نهب ثرواتها ومواردها الوطنية.

فاعلية الجزاءات:

فاعلية الجزاءات يعني فاعلية العقوبات ويعني أن للعقوبات التي تدخل في نطاق القانون الاقتصادي الدولي خصائص فريدة ترجع إلى الطبيعة الخاصة للقواعد القانونية. والنظام الاقتصادي الدولي لا يُعدّ منغلقًا، فهو يتكون فقط من دول ذات سيادة، بل على العكس يعتبر نظام مفتوح يتعايش فيه العديد من الأشخاص ذوي الأنظمة القانونية المختلفة، مثل البلدان والمنظمات الدولية والمجموعات الاقتصادية والشركات والمؤسسات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية والأشخاص الطبيعيين. ولذلك، لا يمكن ترك العقوبات الناجمة عن عدم التنفيذ لتدخل الدول ذات السيادة.

وللقانون الدولي الاقتصادي عدة خصائص خاصه بالعقوبات وهي المرونة وسرعة التطبيق، والبعد عن الشكل، ونسبية الآثار والنتائج، أو التكيف مع الظروف الاقتصادية الرئيسية التي تتصف بأنها متغيرة دائماً. وهذا معروف جيد فيما يتعلق بقواعد القانون الدولي المطبق. وحالة ضمان الفعالية التقليدي بدلاً من المثالية. والواقع أن انتهاكات الالتزامات الدولية ذات الطابع الاقتصادي تتطلب أيضا اللجوء إلى عقوبات دولية ذات طبيعة اقتصادية.

فإن الغرض من اللجوء إلى مثل هذه الإجراءات ليس معاقبة المخالفين، ولكن إعادة دمجهم في المجتمع في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية لضمان التعاون الاقتصادي الدولي. ولذلك، يحظر القانون الدولي حاليًا جميع أشكال التدابير القسرية الانفرادية ذات الطابع الاقتصادي مثل الحصار والمقاطعة الاقتصادية والقيود المفروضة على أنشطة الأجانب ومصادرة الحقوق ومصادرة ممتلكاتهم، وغالبًا ما تستخدم الدول أدوات للتوتر والابتزاز لأغراض سياسية.

ويعتبر القانون الاقتصادي الدولي التوتر والابتزاز أدوات تعيق تطورها وتتعارض مع أهدافها. ولن يفوت القانون أي فرصة لإعادة تنظيم الأساليب التقليدية لحل النزاعات بموجب القانون الدولي، مثل التفاوض والوساطة والتدوير الجيد والعدالة والتحكيم، للتكيف مع خصوصيات العلاقات الاقتصادية الدولية، ويخلق الحل للنزاعات الاقتصادية الدولية آلية خاصة والعقاب الناتج. ولذلك نادراً ما تخضع مثل هذه النزاعات لاختصاص محكمة العدل الدولية، الأمر الذي يتطلب عادة إجراءات مطولة ومعقدة، إضافة إلى أن الدول وحدها لها الحق في المثول أمام المحكمة في نطاق اختصاصها، باستثناء بقية شعوب القانون الدولي. ويلعب آخرون ممن يضعون في اعتبارهم القانون الاقتصادي الدولي أيضًا دورًا حاسمًا في التأثير على العلاقات الاقتصادية الدولية، تمامًا مثل البلدان، وخاصة المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات. ولهذا السبب يفضلون استخدام التحكيم باعتباره الطريقة المثلى لحل نزاعات الاستثمار التجارية أو الدولية، حيث تتشابك المصالح العامة مع المصالح الشخصية الخاصة.

فعلى أي حال، فإن العقوبات المفروضة على عدم التنفيذ وعدم الامتثال لقواعد القانون الاقتصادي الدولي تشمل رفض التصويت على عدم الوفاء ببعض الالتزامات المالية، أو تعليق ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة أو عدم مشاركتهم في أنشطتها، أو رفض اتباعها. والفوائد من المساعدة والخدمات التي تقدمها المنظمة في المادة 19 وقد يشكل ميثاق الأمم المتحدة والمادة 5 من اتفاقية بريتون وودز لعام 1944، والتي تشكل دستور صندوق النقد الدولي، عقوبات اقتصادية محددة في ظل ظروف معينة. وفيما يتعلق بالقواعد الاقتصادية الدولية.

فإن فكرة إعادة تبني مثل هذه الإجراءات قد تعود بفوائد متعددة؛ لأنها مصممة لضمان الاستقرار القانوني والمادي للنص المطبق، وتتطلب الموافقة توافق الإرادة السياسية واكتساب فعاليتها. والقوة اللازمة المطلوبة. ولذلك، نظرًا لروح التسامح السائدة عمومًا في العلاقات الاقتصادية الدولية، هناك القليل أو الاستئناف الاستثنائي للموافقة عليها وتطبيقها.


شارك المقالة: