المبادئ المشتركة بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من وجود مفارقات بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فلا يزال هناك شيء مشترك بينهما؛ لأن كلا القانونين يسعيان لحماية القيم الإنسانية النبيلة، وتدور هذه القيم حول حماية بقاء الإنسان. وبالتركيز على كرامته وإنسانيته، لم يفكر أبدًا في التمييز غير العادل بين الناس بسبب لون البشرة أو الجنس أو المعتقدات أو أي اعتبارات أخرى.

المبادئ المشتركة بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان:

هناك بعض المبادئ المشتركة بين هذين القانونين والتي لا يجوز انتهاكها، وهي ملزمة سواء في وقت السلم أو أثناء النزاع المسلح.

أولاً: مبدأ عدم التعرض:

لكل شخص الحق في احترام حياته وكرامته الجسدية والمعنوية وكل ما لا يمكن فصله عن شخصيته، فحق الحياة هو أغلى حق للإنسان فإذا لم يقر فليس هناك أي معنى لباقي الحقوق الأخرى على الإطلاق. وهذا المبدأ يعتبر مبدأ عام بين القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فعلى صعيد ما هي حقوق الإنسان نجد أنّ البند الأول من المادة (4) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عندما سمحت إمكانية الخروج عن تطبيق بعض الحقوق في حالة الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة، حيث جاءت البند الثاني من نفس المادة لتنص على عدم جواز الخروج على الحقوق الآتية:

  • الحق في الحياة.
  • عدم الخضوع للتعذيب أو العقوبة أو المعاملة الشديدة والغير إنسانية أو المهينة.
  • عدم الخضوع للاسترقاق أو الاستعباد.
  • مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
  • الحق في الاعتراف بالشخصية القانونية.

ثانياً: مبدأ عدم التمييز:

يعني هذا المبدأ أنّ يعامل الأشخاص دون تمييز على الجنس أو الجنسية أو اللغة أو المركز الاجتماعي أو الثروة أو الآراء السياسية أو الدينية، أو أي معيار مماثل وفي جميع الأوقات الطبيعية أو الاستثنائية .

وقد تم تقنين مبدأ عدم التمييز في الكثير من الصكوك الصادرة عن الأمم المتحدة، ومنها إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التميز العنصري والمعاقبة عليها لعام 1963، والإعلان الخاص بالقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين والعقيدة لعام 1981، وإذا كان هذا المبدأ مسلم به في نطاق حقوق الإنسان، فإنه كذلك في مجال القانون الدولي الإنساني فالمادة (3) من اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 ألزمت معاملة الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية بإنسانية ودون تمييز.

وهناك أشكال تميز، جائز بها وربما كانت إلزامية وهي التعامل مع (النساء والأطفال والمسنين)، والى جانب المعاملة غير المتساوية من حيث الكمية، فإن الاتفاقيات تقرر وبشكل أكثر وضوحاً عدم المساواة من حيث الزمان، فهي تقضي بأن الأسباب الطبية الطارئة هي التي تعطي الأسبقية في ترتيب العلاج، وعليه فالعلاج أولاً لأولئك الذين يكون التأخير في علاجهم مميتا أو على الأقل ضاراً جداً عن باقي الجرحى الآخرين وعلى نفس الأسلوب يتوجب إن يتم إعطاء المواد الغذائية على أساس الحاجة الأكثر الحاحاً.

ثالثاً: مبدأ الأمن:

لكل شخص حق السلامة الفردية والعيش بطمأنينة وعدم جواز اعتقاله أو سجنه أو نفيه تعسفاً، ولا يجوز حرمانه من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون، ويكون كل فرد متهم بجريمة بريء إلى أن تثبت إدانته لها قانونياً في محاكمة علنية تكون قد وفَّرت له جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه، ويمكن أن نستنتج بعض المبادئ العملية خاصه بهذا المبدأ ألا وهي:

  • لا يجوز تحميل شخص مسؤولية عمل لم يرتكبه.
  • لكل فرد حق الاستفادة بالضمانات القانونية المعتادة، حيث لا يجوز أنْ يتعرض شخص للقبض عليه واعتقاله تعسفاً ولا يعتبر مذنباً إلا على أساس قانوني وبموجب حكم صادر من محكمة مشكلة بوسيلة اعتيادية، وتتوافر فيها اشتراطات عدم التمييز وتتاح فيها للمدان الدفاع عن نفسه، وهذه المتطلبات القانونية تنبع بها الإنسان سواء في حالة السلم أم الحرب.
  • لا يحق لأي شخص أن يتخلى عن الحقوق التي تمنحها له الاتفاقيات الإنسانية، إذ فهناك هناك بعض الحقوق التي نظرا لأهميتها الحيوية للإنسان أو للجماعة لا يجوز التنازل عنها حتى لو تم ذلك برضا الشخص المعني، والسبب أنّ الرضا في هذه الحالة لا يسقط الحماية المقررة أو الواجبة؛ لأن الفرد ليس له صفة في التخلي عن مثل تلك الحقوق وقد جزمت اتفاقيات جنيف الأربعة في المادة (7) من الاتفاقية الأولى والثانية والثالثة والمادة (8) من الاتفاقية الرابعة على ذلك.

شارك المقالة: