اقرأ في هذا المقال
تنفيذ القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني:
من أجل ضمان إمكانية تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني على أرض الواقع، تم اللجوء إلى الآليات الإجرائية وغيرها من الآليات المؤسسية لضمان حسن تنفيذ هذه القواعد. وقد سعت الدول من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى إلى اتخاذ مجموعة من التدابير من أجل تنفيذ هذه القواعد، وهذه التدابير ليست موجودة فقط في أوقات النزاع المسلح ولكن أيضًا يوسعون عملهم ليشمل وقت السلم.
وقد تم اللجوء إلى الإجراءات التي تضع القانون الدولي الإنساني موضع التنفيذ، وبعضها إجراءات وقائية يتم اتخاذها في زمن السلم ومنها: ضرورة الانضمام إلى الاتفاقيات المختلفة للقانون الدولي الإنساني من جهة، والسعي إلى مواءمة الاتفاقيات الداخلية. وأما بالنسبة للإجراءات الرادعة التي يتم اتخاذها في حالة مخالفة أحكام هذا القانون، فيمكن استخدام الولاية القضائية العالمية لمعاقبة الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني؛ وذلك لمنع الإفلات من العقاب.
وتقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، منذ عام 2003، بالاشتراك مع جامعة الدول العربية، بإعلان أبحاث مشتركة بما يخص تطبيق القانون الدولي الإنساني في المنطقة العربية. ومن عام 2015 إلى عام 2018، تقوم هذه الأبحاث والتقارير لمحة شاملة عن الجهود الإقليمية وجهود الدول العربية الفردية من أجل نشر القانون الدولي الإنساني وخلطه في التشريعات الوطنية، حيث عكس هذا التقرير ما حققته الدول على الرغم من التحديات والمعاناة التي شهدتها المنطقة على مدار سنوات من الصراع، كما أكد التقرير التزام الدول العربية بتطبيق القانون الدولي الإنساني من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية.
ويضع القانون الإنساني الدولي، قواعد تفصيلية تسعى إلى الحد من آثار النزاع المسلح لغايات إنسانية. ويحمي القانون الدولي الإنساني على وجه التحديد أولئك الذين لم يشاركوا في القتال أو الذين توقفوا عن المشاركة في القتال، ويفرض حدوداً على أساليب ووسائل الحرب.
ويتألف القانون الدولي الإنساني من معاهدات دولية وقواعد عرفية تهدف إلى معالجة القضايا الإنسانية الناشئة مباشرة عن النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أو غير دولية. وتشكل اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977 و2005 جوهر معاهدات هذا القانون.
ولقد وافقت جميع دول العالم اتفاقيات جنيف، ونالت بروتوكولات اتفاقيات جنيف الإضافية بقبول كبير. وتستكمل هذه المواثيق الأساسية بمجموعة متنوعة من المعاهدات الدولية الأخرى، حيث إن الانضمام إلى هذه الأدوات كحزب ليس سوى خطوة أولى ولكنه يعتبر خطوة أساسية، حيث يجب بذل جهود إضافية لتنفيذ القواعد الواردة في هذه الصكوك، من أجل تفعيل القانون.
وعلى الرغم من العدد الكبير من المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بقواعد القانون الدولي الإنساني، يجب توضيح أن الأمم المتحدة لم تتمكن بعد من وضع آليات فعّالة لإجبار جميع الدول على تنفيذ التزاماتها بموجب المواثيق الدولية، على غرار العقوبات التي تفرضها القوانين الوطنية على المواطنين الذين ينتهكون القانون. وكما أن الاعتبارات السياسية كثيرا ما تعطل أو تعرقل عمل هيئات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.
الصكوك الأساسية للقانون الدولي الإنساني:
سواء كنّا نتعامل مع نزاع مسلح دولي أو نزاع غير دولي، فإن الضحية البشرية لهذا النزاع بحاجة إلى مساعدة إنسانية وحماية تضمنها قواعد القانون الدولي الإنساني، ولعل أهم هذه الصكوك هي:
- إعلان سانت بطرسبرغ لعام 1868 الخاص بمنع القذائف المتفجرة.
- إعلان لاهاي لعام 1899 بشأن الغازات الخانقة واتفاقيات لاهاي الأخرى.
- اتفاقيات لاهاي لعام 1907.
- اتفاقية جنيف الأولى لعام 1949 الخاصة بتحسين حال الجرحى بالقوات المسلحة في الميدان.
- اتفاقية جنيف الثانية لعام 1949 الخاصة بتحسين حال الجرحى وغرقى القوات المسلحة في البحار.
- اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 الخاصة بأسرى الحرب.
- اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة حماية المدنيين وقت الحرب.
- البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية.
- البروتوكول الثاني لعام 1977 لاتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية.
- اتفاقية الأمم المتحدة لحظر أو تقييد أسلحة تقليدية معينة.
للهيئات التنفيذية الخاصة بالأمم المتحدة دور مهم تؤديه في تطبيق القانون الدولي الإنساني. وهذه الأجهزة الرئيسية للمنظمة وفقًا للمادة 1 بند 7، من الميثاق هي: الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية، حيث نصت الفقرة الثانية من ذات المادة السابقة على جواز إنشاء الأجهزة الأخرى اللازمة إذا لزم الأمر.
وبناء على ذلك ومع نهاية القرن العشرين، تمكن المجتمع الدولي من التوصل إلى صيغة مقبولة لنظام أساسي للمحكمة الجنائية الدولية للإسهام، إلى جانب التدابير والآليات الأخرى على الصعيد الدولي والصعيد المحلي، في تلبية متطلبات الأمن الجماعي الدولي ككل ومكافحة الجريمة الدولية والحفاظ على استقرار الأمن الدولي.