تعريف نزاع العمل الجماعي في قانون العمل:
أطلق القانون الساري على هذا النوع من النزاعات اسم “نزاعات العمل”، وعرّفها على أنها نزاعات جماعية لها تأثير على المصلحة المشتركة للعمال والتي تنشأ بينهم وبين أصحاب العمل في مشروع واحد أو أكثر، أو في نطاق مهنة واحدة أو أكثر أو الصناعات فيما يتعلق بنتائج تطبيق القانون.
فإن العمل وتعليماته وعقده الفردي هي وجهات نظر متضاربة، وتتخذ هذه الاختلافات طابع نزاعات العمل إذا كان من الصعب حلها وديًا للطرفين المتنازعين. وتجدر الإشارة إلى أن قانون العمل رقم 1958 الذي تم إلغاؤه أطلق على هذه النزاعات اسم “نزاع صناعي”، وعرفه بأنه كل نزاع بين أصحاب العمل والعمال أو الموظفين أو بين فئتين أو أكثر من أصحاب العمل، أو بين فئتين من العمال أو الموظفين فيما يتعلق بالتوظيف، أو شروط وأحكام العمل.
ومصطلح نزاع صناعي، لا يتوافق مع واقع المنازعات الجماعية؛ لأن الصراع لا يقتصر على المجال الصناعي فقط، بل يتعدى إلى القطاعات أخرى مثل القطاعات التجارية والزراعية وغيرها. وقد صحح المشرع ذلك في قانون العمل رقم 151 لسنة 1970 الملغي كما فعل المشرع في منفذ قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 والذي أسماه المنازعات العمالية لكي يكون نزاعاً جماعيًا.
شروط نزاع العمل الجماعي في قانون العمل:
يجب استيفاء شرطين في نزاع العمل الجماعي؛ الأول يتعلق بأطراف النزاع والثاني يتعلق بموضوعه، وتعتبر جماعية عندما يكون أحد أطرافها مجموعة من العمال، وكذلك عندما يأخذ هذا النزاع في الاعتبار المصلحة المشتركة للعمال، ويتحقق الشرط الأول عندما يكون طرف العمال في النزاع على حاله ولا يشترط أن يكون نقابة، بينما يكفي أن يكون للطرف الثاني صاحب عمل واحد، في ما هو الشرط الثاني الذي يتحقق عندما يؤثر موضوع النزاع على المصلحة العامة للعمال.
على عكس النزاع الفردي الذي يأخذ فقط المصلحة الشخصية للعامل في عين الاعتبار، مثل الخلاف الذي يحدث بين العامل وصاحب العمل بسبب فشل الأخير في تنفيذ بعض التزاماته تجاه العامل، ويعتبر النظر في مثل هذا الخلاف من اختصاص القضاء العادي وفي بعض الدول اختصاص القضاء العمالي، بينما يجد أن الخلاف الجماعي يختلف عن ذلك نزاع يتوسع في نطاقه، مثل نزاع يتعلق بشروط السلامة في المشروع أو متعلق بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل بشكل عام ويعتبر أيضًا نزاعًا جماعيًا.
والخلاف الذي يحدث بين النقابات العمالية حول تمثيلها وكذلك الخلافات بين جمعيات أو نقابات أصحاب العمل إذا كان الخلاف متعلقًا بقانون العمل هو مثال على الخلاف الذي ينشأ حول تمثيل أصحاب العمل في اللجان المختلطة في المشاريع، ولكن لا يعتبر نزاعًا جماعيًا إذا كان الخلاف متعلقًا بالمنافسة بين أصحاب العمل.
ومع ذلك، فإن الموضوع وثيق الصلة عندما يتعلق الأمر بفصل صاحب العمل لعامل أو عدد من العمال من الواضح أن هذا الإجراء ذو طبيعة فردية، ولكن قد يكون له طابع جماعي إذا كان يؤثر على المصلحة المشتركة للعمال، كما هو الحال بالنسبة لأي منهم، إذا كان هناك فرد واحد هو الشخص الذي نشأ الخلاف حوله، ولكن ما يهم هو التعدي على الحق المطالب به من قبل جميع العمال، وكأن التقصير حدث بسبب حرية الرأي أو لأن العمال لجأوا إلى الإضراب؛ لذلك لجأ صاحب العمل إلى فصل عدد منهم، أو كأن الفصل كان بسبب نشاط نقابي.
وذهبت محكمة النقض المصرية في قرارها لتأييد ما تقدم، حيث جاء في قرارها سواء اتضح من القرار المطعون فيه أن الشرط هو إعادة الموظفين المفصولين من الشركة بالفصل التعسفي من الشركة أو تعويضهم بمقابل يتناسب مع وضع كل منهم، وتختص بالنظر في هذه الهيئة في اعتباراتها، وليس لها وفق القانون إلا الفصل في الخلافات المتعلقة بالعمل أو به.
وهذا الذي بني على أساسه القرار مشوب بقصور وخطأ في تطبيق القانون؛ لأن الخلاف حتى لو كان يتعلق بحالة عامل أو أكثر، يبدو في ظاهره أنه نزاع فرد من حيث العدد، ولكن هذا الخلاف يصح اعتباره جماعيًا مع المهنة التي يقصدها القانون، ويصح عرضها على مجموعة من العمال أو مجموعة منهم مخلصون، إذا لم يناقش أحد أسباب هذا الفصل وكونه مرتبطًا بالمصلحة المشتركة لمجموعة العمال، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وفيما يتعلق بحكمه بعدم الاختصاص فإن رأى القضاء في فرنسا أن النزاع المتعلق بإنهاء خدمات قسم من عمال المشروع لأسباب اقتصادية لا يعتبر جماعيًا، ما لم يخفي إغلاقًا جزئيًا وراءه الشركة ولجأ إليه مالك كإجراء ضد الإضراب العمالي.