ما هو مصير القانون الدولي العام؟

اقرأ في هذا المقال


مصير القانون الدولي العام:

كان القانون الدولي لفترة زمنية طويلة محور بحث من قبل فقهاء القانون الدوليين. وكانت القواعد القانونية الناتجة عن القانون الدولي موضوعًا لمسائل وخلافات لا نهاية لها تقريبًا حتى ظهرت مرة أخرى. وتم نسج النظريات والبحوث القانونية حول هذا القانون، والتي تغطي مختلف المجالات والفروع المتعلقة بالنظام القانوني الدولي بأكمله. وفي ظل زخم المناقشة المستمرة للقانون الدولي، برزت قضية الحق في إنفاذ القانون، وهي من أكثر القضايا إثارة للقلق بالنسبة للباحثين القانونيين وإحدى أصعب التحديات التي تواجه القانون الدولي، ومن بينها قضية أساسية هي القانون الدولي.

إن الانتهاكات لقواعد القانون الدولي التي يشهدها العالم اليوم تطرح أولاً السؤال عما إذا كان وجود القانون الدولي ممكناً، وما دامت القواعد غير قابلة للتنفيذ، يكفي إرساء مبادئ منظمة الأمم المتحدة وصياغة القواعد القانونية الدولية. ومن وجهة نظر قانونية، لا يزال القانون الدولي قانونًا مستقلاً، له قواعده وآليات عمله الخاصة، وله سلطات قسرية على من يتعامل مع قواعده، بما في ذلك العقوبة والعقاب على كل انتهاك وانتهاك لقواعده. وعلى الرغم من أن هذا الطرح مقبول من الناحية القانونية والنظرية، إلا أن تطبيقه العملي في الساحة الدولية لا يزال بعيدًا عن تحقيق آماله. وهناك تزايد للانتهاكات عن طريق الحروب والصراعات الإقليمية والنزاعات الدولية وبسبب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتتخذ هذه الإجراءات أشكالًا وطرقًا مختلفة.

وتعتبر هذه الأفعال، من الناحية القانونية، من أعمال القانون الدولي، ولها فرعين، هما القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ، لكن تأثير هذين القانونين لا يؤثر على مرتكبي هذه الجرائم. وفيما يتعلق بالانتهاكات المستمرة، لا يزال المجتمع الدولي عاجزًا عن تنفيذ القانون الدولي وآليات المتابعة الدولية بشكل أساسي لوكالات الأمم المتحدة. حيث أصبحت القواعد الدولية الصارخة بحيث تعرب السلطة ووكالاتها فقط عن رضاها عن البيانات الشفوية والمكتوبة، وتعبر عن الأسف وعدم الرضا عن انتهاكات القانون الدولي.

إن إنشاء الأمم المتحدة هو بالأساس لصون السلم والأمن الدوليين بين الدول، وهذا من المقاصد الأساسية التي اعتمدتها الأمم المتحدة في ميثاق سان فرانسيسكو، وتدوينها في القانون الدولي وصياغة قواعدها يعكس هذه النية. وهذا هو ولادة النظام القانوني الدولي ويعتبر نقطة البداية. ولكن الممارسة الدولية أكدت دائماً أن هذا الهدف ما زال حبراً على ورق، وبالتالي لا يمكن الحديث عن السلام أو الأمن الدولي على أساس الحرب والاضطراب في مناطق مختلفة من العالم.

حيث اندلعت التوترات هذه التدخلات بين الدول. وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي قد بذل جهودًا لا يمكن إنكارها لصياغة قواعد القانون الدولي، وتنفيذ متطلباته على الأرض، وترتيب المسؤولية عن الانتهاكات لقواعده، إلا أن هذه الجهود غالبًا ما تتعارض مع المقاومة الشرسة أحيانًا لأسباب متعددة. والاحتجاج بشكل رئيسي بمبدأ السيادة. ولا يتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.

على الرغم من أن القانون الدولي يقيد مبدأ السيادة الوطنية من السيادة المطلقة إلى السيادة المقيدة، خاصة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان التي يتناولها القانون الدولي لحقوق الإنسان، فقد وضع القانون الدولي تعاريف واضحة، لكن الممارسة أظهرت أن تعزيز احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية الوطنية على مستوى النظام القانوني المحلي لبلد ما، حيث لا يزال تنفيذ قواعد القانون الدولي حقيقة وليس عقبة قانونية. وهذه المشكلة التي واجهت القانون الدولي وعانى منها حيث تجعله في نهاية المطاف قانونًا ثابتًا على جميع الدول، بالإضافة الى أن هذه المشكلة أدت الى فقد قواعده القانون، وحتى آلية تكليف تنفيذ القانون الدولي ما زالت ضعيفة الى الآن، ولا تزال بعيدة عن التطبيق الفعلي،

لا تزال الآلية القضائية الدولية إحدى الآليات الرادعة لتطبيق قواعد القانون الدولي، فعلى سبيل المثال، يعد إنشاء المحكمة الجنائية الدولية تطورًا أساسيًا وحاسمًا للقانون الدولي، فهي تمكن المحكمة من متابعة ومقاضاة الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان والاعتداءات. حيث  يُعاقب المجرم بموجب القانون الدولي الإنساني وعلى الرغم من ذلك، فإن الآلية القضائية تواجه أيضًا العديد من الصعوبات في الممارسة، ففي الواقع تم إنشاء المحكمة عام 2002 وما زالت تواجه تحديات وصعوبات بالتصديق على ميثاقها.

يرتبط مصير القانون الدولي بشكل أساسي بمدى تطبيقه للقواعد. فمن ناحية، يتعلق الأمر بالإرادة الدولية، ومن ناحية أخرى، يتعلق الأمر بوجود آلية يمكنها ترتيب سلطة إنفاذ القواعد القانونية الدولية. فهذه إحدى السمات الأساسية والإلزامية للقانون، وهي أيضًا ترتيب للعقوبات على مخالفة القانون، ويمكن استخدام القوة القانونية حتى عند الضرورة.


شارك المقالة: