التلوث الحضري

اقرأ في هذا المقال


ما هو التلوث الحضري؟

على الرغم من عدم وجود تعريف مقبول عالميًا يشير مفهوم التلوث الحضري إلى وجود أو إدخال مواد سامة أو ضارة في المدن والمناطق الحضرية، قد يأتي التلوث الحضري من مصادر طبيعية ولكن الأكثر ضررًا هو تلك الانبعاثات المرتبطة بالأنشطة البشرية، تتفاقم عادة مصادر التلوث البشرية مثل المصانع والصناعات والنقل وما إلى ذلك في المدن؛ بسبب التركيز المحلي للبشر والأنشطة البشرية، فعلى سبيل المثال يتأثر التلوث في المدن بالخيوط البيئية العالمية مثل الاحترار العالمي والتحديات البيئية الناشئة محليًا مثل إدارة النفايات وإعادة التدوير وتوليد الضوء والضوضاء.
يؤثر التلوث على الهواء والماء والأرض والمحيطات وحتى المناخ مما يؤثر على جودتها ويزعج الإنسان والظروف البيئية، حيث تعتبر المدن مساهماً رئيسياً في مشاكل التلوث؛ لأن هناك علاقة مباشرة بين الكثافات السكانية ومستويات التلوث، فعلى سبيل المثال تقدر الأمم المتحدة أنه بحلول عام 2050 سيعيش أكثر من ثلثي سكان العالم في المدن وتشمل عواقب هذه الزيادة تحولاً كبيراً للمساحة الحضرية المادية والمناطق المجاورة لها.
ومن المثير للاهتمام أن المدن تشكل تحديًا وفرصة للمشكلات البيئية حيث تحد لأن المدن هي محور التركيز الرئيسي للتلوث، فعلى سبيل المثال تستهلك المدن 75٪ من الطاقة في العالم وهي مسؤولة عن أكثر من 80٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم، مع ذلك فإن التركيز المتزايد لسكان العالم في المدن يشكل أيضًا فرصة لأنه يمكنهم تقديم نمط حياة مستدام ولأن كثافتهم تكمن من الكفاءة بسبب وفورات الحجم.

أنواع التلوث الحضري:

حدد تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2017 أهم قضايا التلوث عبر المناطق مثل تلوث الهواء وتلوث المياه والمواد الكيميائية والنفايات هذه الأشكال من التلوث موجودة وتتفاقم في المدن، حيث يعد التلوث الضوضائي الحضري ثالث أكثر أنواع التلوث البيئي خطورة في المدن.
يمكن تصنيف أنواع التلوث الحضري كما يلي:

تلوث الهواء:

يتلوث الهواء الحضري باستمرار من المصادر الطبيعية مثل البراكين وحرائق الغابات والعواصف الترابية ورذاذ ملح البحر أو من المصادر المتعلقة بالأنشطة البشرية مثل محطات توليد الطاقة والصناعة والأسر والنقل والزراعة ومعالجة النفايات، حيث يتزايد تلوث الهواء في المدن بسبب السكن والكثافة السكانية وتراكم الصناعة وحركة المرور.
فيما يتعلق بملوثات الهواء هناك مجموعتان كبيرتان حسب مصدرهما: الملوثات الأولية هي تلك التي تنبعث مباشرة في الغلاف الجوي كأول أكسيد الكربون أو ثاني أكسيد الكبريت والملوثات الثانوية وتتكون الملوثات الثانوية مثل الأوزون بسبب التفاعلات الكيميائية بين الملوثات الأخرى وغازات الغلاف الجوي، من المهم التمييز بين أنواع الملوثات عند معالجة مشاكل تلوث الهواء من أجل اختيار التدبير الصحيح للتنفيذ لأن خفض بعض الانبعاثات المسؤولة يمكن أن يعني زيادة في تركيزاته، فعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدي انخفاض انبعاثات أكسيد النيتروجين إلى زيادة تركيزات الأوزون المحلية.
إن ملوثات الهواء التي تؤثر بشكل أساسي على صحة الإنسان هي الجسيمات(PM) والأوزون(O3) وثاني أكسيد النيتروجين(NO2) وثاني أكسيد الكبريت(SO2) وأول أكسيد الكربون(CO).
تعتبر المادة الجسيمية (pm) هي الأهم لأنها تؤثر على عدد أكبر من الناس من أي ملوثات هواء أخرى، يشير PM إلى الجزيئات الضارة للعناصر المختلفة التي يمكن استنشاقها، حيث تشمل هذه الجسيمات تلك التي يقل قطرها عن 10 ميكرون والجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها أقل من 2.5 ميكرون والتي تمثل أكبر خطر على الصحة بسبب قدرتها على دخول رئتي الناس ومجرى الدم.
الأوزون على مستوى الأرض هو ملوث ثانوي لأنه لا ينبعث مباشرة في الهواء ولكن يتشكل بسبب التفاعلات الكيميائية في وجود ضوء الشمس، لذلك اعتمادًا على المنطقة فقد تختلف آليات تكوين الأوزون وفقًا للمواد الموجودة وكثافة ضوء الشمس، هذا الملوث مسؤول عن مجموعة متنوعة من مشاكل التنفس وأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو، يضر الأوزون بالنباتات والمواد ويعمل بمثابة “غاز دفيئة” يساهم في تأثير الدفيئة.
يعتبر ثاني أكسيد النيتروجين أحد المكونات الهامة للأوزون والجسيمات، حيث يتم إنشاء هذا الغاز بشكل رئيسي من قبل المصادر الصناعية وحركة المرور؛ لأنه ينبعث في الهواء نتيجة احتراق الوقود، عندما يتفاعل NO2 مع الماء والأكسجين والمواد الكيميائية الأخرى فإنه يتسبب في هطول الأمطار الحمضية والهواء الضبابي مما قد يضر بالبحيرات والغابات والمتنزهات الطبيعية والمياه الساحلية، تشير بعض الدراسات إلى أن هذا الملوث مرتبط بقضايا الربو والصفير.
يتم إنشاء ثاني أكسيد الكبريت عن طريق احتراق الوقود المحتوي على الكبريت، حيث يمكن أن يضر هذا المركب بالجهاز التنفسي البشري، بالإضافة إلى ذلك ينتج عن توليد ثاني أكسيد الكبريت ترسب الأحماض مما قد يؤثر على جودة التربة والمياه ويضر بالبحيرات والغابات والنباتات.
أول أكسيد الكربون هو غاز عديم اللون لا رائحة له ولا طعم، كما أنه غير قابل للتآكل سام للغاية وله كثافة مماثلة لهواء وقابل للاشتعال للغاية ويتم إطلاقه أثناء الاحتراق، ليس من الشائع العثور على مستويات عالية جدًا من CO في الهواء الطلق ولكن عندما يكون موجودًا يكون خطرًا بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب بسبب الكمية المحدودة من الأكسجين الذي يسافر إلى القلب.

تلوث المياه والمياه العذبة والبحرية والساحلية:

يتم احتواء معظم المياه في الأرض في المحيطات والأغطية الجليدية هذه الحقيقة تعوق إمكانية استغلالها، لهذا السبب يتم تلبية معظم الطلب البشري على المياه من خلال مياه الأمطار وموارد المياه الجوفية على الرغم من أن هذه الكمية محدودة للغاية، بالإضافة إلى ذلك يؤدي التصنيع والنمو السكاني في المدن إلى زيادة استهلاك المياه وتدهور نوعية المياه.
في المناطق الحضرية يمكن أن تتواجد المياه كمياه سطحية ومياه جوفية اعتمادًا على مكان وجودها، يقع الأول في البحيرات والخزانات والبرك والأنهار والجداول بينما توجد المياه الجوفية في وحدات صخرية مسامية، حيث يعتمد تلوث المياه على نوع المياه المتأثرة لأن الأنواع المختلفة من التعرض للملوثات ستحدد التلوث الناتج.
العوامل الفيزيائية مثل الحرارة أو الإشعاع يمكن أن تعزز إنشاء الملوثات الحيوية في الماء، مع ذلك فإن المصادر الرئيسية لتلوث المياه هي المواد الكيميائية التي تبقى مذابة أو معلقة في الماء وتتسبب في تفاعلات بيئية يمكن أن تؤدي إلى تكوين تلوث المياه، بعض الأمثلة على الآثار المحتملة على صحة الإنسان بسبب المواد الكيميائية هي الطفرات الخلوية أو ظهور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية يتعرض البشر والبيئة للتلوث الكيميائي ليس فقط من خلال المياه ولكن أيضًا من خلال الطعام الملوث وبيئات العمل الملوثة والبخاخات والمنظفات والمنسوجات ومستحضرات التجميل ومواد البناء والأثاث.
تقسم مصادر تلوث المياه إلى مجموعتين كبيرتين هم المصادر الثابتة وغير الثابتة، تشمل المصادر الثابتة ما يلي: مياه الصرف الصحي (البلدية والصناعية) والجريان السطحي والرشح من مواقع التخلص من النفايات والتسلل من أعلاف الحيوانات، حيث تشمل المصادر غير الثابتة ما يلي: الجريان السطحي من الزراعة والجريان السطحي من المراعي والنطاقات والجريان السطحي في المناطق الحضرية من المناطق غير المغطاة والمناطق المجاري التي يزيد عدد سكانها عن 100000 نسمة، يوجد عدد من الأنشطة على الأرض التي تولد ملوثات مثل قطع الأشجار وتحويل الأراضي الرطبة والبناء وتطوير الأراضي أو المجاري المائية.

تلوث التربة والأراضي:

يمكن أن يكون تلوث التربة والأراضي في المناطق الحضرية ناتجًا عن المصادر الطبيعية (كيمياء التربة، الجيولوجيا، الملح، الانزلاقات الأرضية) أو من مصادر بشرية (الزراعة البرية، الصناعة، المستخلصات، النفايات، مياه الصرف الصحي، النقل، إنتاج الطاقة)، التربة والأرض هي أساس كل نظام من أصل طبيعي أو بشري، في المدن تلعب التربة دورين رئيسيين: دعم التنمية الحضرية واحتضان الحدائق حيث تلعب الحدائق دورًا بيئيًا هامًا في المجتمعات الحضرية.
تعتبر دورات المياه والمغذيات والبيولوجية المعطلة هي الأسباب الرئيسية لفقدان التربة المستخدمة في التنمية الحضرية أو البنى التحتية للنقل معظم وظائفها، يعتمد تقييم جودة التربة على ما يتم استخدامه، حيث يتم إجراء هذا التقييم من خلال المؤشرات الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية، يزداد تدهور التربة الحضرية للأسباب التالية:

  • ختم التربة (الغطاء الدائم للتربة بمادة غير منفذة).
  • تآكل التربة (الذي له تأثير على المسطحات المائية مثل المياه العذبة).
  • التصحر.
  • تحمض التربة (بسبب ترسب ملوثات الهواء الحمضية).
  • التهديدات للتنوع البيولوجي للتربة.
  • تلوث التربة.

تلوث النفايات:

تضاعف إنتاج النفايات بين 1970 و 2000 ويتزايد باستمرار، بالإضافة إلى ذلك يظهر برنامج الأمم المتحدة للبيئة علاقة واضحة ومباشرة بين كمية النفايات الصلبة للأفراد ومستوى الدخل في بلدانهم، في بعض البلدان (معظمها من البلدان ذات الاقتصادات النامية أو المتخلفة) المعدات والمهارات اللازمة للتعامل مع إدارة أنواع مختلفة من النفايات شحيحة وبالتالي فإن التأثيرات البيئية والمخاطر الصحية أكبر من تلك الموجودة في البلدان المتقدمة.
هناك أنواع مختلفة من النفايات مثل: نفايات الطعام والنفايات التجارية والصناعية ونفايات البناء والهدم والنفايات الزراعية ونفايات الغابات ونفايات التعدين ونفايات المحاجر، تساهم الكوارث في توليد النفايات أيضًا، تعتبر النفايات المشتقة من المواد الكيميائية ملوثًا شاملًا لأن التأثير يغطي أشكالًا مختلفة من التلوث (على سبيل المثال يمكن أن تساهم المواد الكيميائية في تلوث الهواء وكذلك تلوث المياه ويمكن أن تسهم النفايات في التربة وتلوث المياه)، لذلك فإن الآثار المترتبة على النفايات على البيئة والصحة متعددة الأوجه ومتشابكة مع العديد من مصادر التلوث الأخرى.


شارك المقالة: