انتشار الراديو الشفقي - Auroral Radio Propagation

اقرأ في هذا المقال


يُعد مشهد الشفق القطبي في السماء ليلاً مثيراً للدهشة، حيث يأخذ شكل توهجات ملونة جميلة متغيرة السماء برشاقة، وعادةً ما تكون الألوان خضراء وحمراء على الرغم من أنّه في بعض الأحيان يمكن رؤية صبغات مزرقة، كما يُعد الشفق القطبي مشهداً جميلاً يمكن رؤيته ولكنّه أيضاً مؤشر على نشاط في السماء يمكن أن يؤدي أيضًا إلى بعض التغييرات الدراماتيكية في الانتشار الراديوي.

الشمس وتأثيرها على الانتشار الراديوي:

تنتج الشمس كمية هائلة من الطاقة بعضها يوفر لنا الضوء والحرارة هنا على الأرض، كما أنّه يولد الأشعة فوق البنفسجيةوالأشعة السينية التي لها تأثير على الانتشار الراديوي، ونتيجةً لذلك يتشكل الأيونوسفير في الغلاف الجوي العلوي، وهذا يتيح لموجات الراديو أن تنعكس أو تنكسر بشكل صحيح إلى الأرض، ممّا يتيح الاتصالات الراديوية العالمية على الموجات (HF) أو الموجات القصيرة.

تتميز مستويات الطاقة المنبعثة من الشمس بأنّها ليست دائماً ثابتة، وهذا بدوره يؤثر على حالة الأيونوسفير والذي بدوره يؤثر على الانتشار الراديوي عالي التردد، كما يمكن أن تعطي مراقبة الطاقة من الشمس مؤشراً جيداً عن حالة الاتصالات الراديوية قصيرة الموجة، ويمكن استخدام ذلك من قبل مستخدمي نطاقات الراديو (HF) بما في ذلك هواة الراديو ومحطات البث على الموجة القصيرة والمستخدمين التجاريين.

حدوث الاضطرابات في الشمس يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات هائلة على أشكال الانتشار الراديوي، كما يمكن للتوهجات الشمسية وكذلك الانبعاث الكتلي الإكليلي أن يسبب في تغير حالة الغلاف المتأين تماماً وتؤدي إلى نشاط شفقي، كما تُعد الكتل الصغيرة والمتوسطة الحجم هي السبب الرئيسي للشفق القطبي، كما تتكون هذه الثورات البركانية الضخمة من ثورات بركانية عملاقة على سطح الشمس ترمي كميات هائلة من المواد إلى الفضاء إلى جانب حدوث زيادة هائلة في مستوى الإشعاع المنبعث.

في ظل الظروف العادية، تبعث الشمس مادةً وهذا يشكل ما يعرف بالرياح الشمسية وعندما تحدث (CMEs) تزداد الرياح الشمسية بشكل كبير وهذا يؤثر على الأرض عند وصولها، أمّا بالنسبة لهواة الراديو قد يعني هذا تدهور الأداء على نطاقات راديو الهواة على الموجات المترية (VHF)، بينما في الموجات المترية (VHF) يمكن أن يوفر فرصة لشكل فريد من الانتشار الراديوي.

تأثير الاضطرابات الشمسية على الانتشار الراديوي:

تُعد الطريقة التي تتفاعل بها الرياح الشمسية مع الأرض معقدة للغاية، كما ينحرف بشكل أساسي عن المجال المغناطيسي للأرض، على الرغم من أنّ البعض يدخل عبر المناطق المحيطة بالقطبين الشمالي والجنوبي حيث يدخل الحقل إلى الأرض، وهذا أمر طبيعي ولا يلاحظ أي آثار غير مبررة.

عند حدوث الاضطراب الشمسي وزيادة مستوى الرياح الشمسية يزداد حدوث تغيرات، والعلامة الأكثر وضوحاً هي أنّ الشفق القطبي المرئي يحدث ويضيء السماء الشمالية أو الجنوبية، كما يحدث هذا لأنّ الجسيمات عالية الطاقة تدخل الغلاف الجوي للأرض على طول الخطوط المغناطيسية للقوة التي تدخل الأرض عند القطبين، وأثناء الانتقال تتصادم مع جزيئات في الغلاف الجوي وتطلق أيونات موجبة وإلكترونات سالبة، ممّا يتم توليد كمية صغيرة من الضوء وهذا هو ما يسبب الشفق القطبي الشمالي والجنوبي.

الزيادة في الرياح الشمسية الناتجة عن الاضطراب تتميز بتأثير كبير على الانتشار الراديوي، وهذا بطبيعة الحال له أهمية كبيرة لهواة الراديو، كما وجد أنّ الجسيمات تمر عبر الأجزاء الخارجية من الأيونوسفير مع تأثير ضئيل، ولكن مع انخفاض الارتفاع يصلون إلى الطبقة (E)، كما يبدأون في الاصطدام مع جزيئات الغاز وهذا يزيد من مستويات التأين في هذه المناطق إلى درجة كبيرة جداً، كما أنّ التأين يعكس الإشارات بترددات أعلى بكثير من المعتاد.

يمكن انتاج الاتصالات جيداً في جزء (VHF) من الطيف، وعندما تم اكتشاف انعكاسات عند ترددات تصل إلى حوالي (1000 ميجا هرتز)، وهذا الرقم الأعلى استثنائي إلى حد ما على الرغم من أنّ الحد الأقصى العادي للاتصالات اللاسلكية للهواة يبلغ حوالي (430 ميجاهرتز).

لسوء حظ هواة الراديو عالي التردد، ينتقل العديد من جسيمات البلازما نزولاً إلى الطبقة (D) حيث تزداد مستويات التأين بشكل كبير مرة أخرى، كما يعمل المستوى المتزايد من التأين على امتصاص موجات الراديو عند ترددات أعلى بكثير ممّا تتأثر عادة، وبهذه الطريقة يمكن حجب الكثير من اتصالات النطاق العالي التردد.

يُعد لمسار الشفق الطبيعي تأثر كبير على المناطق القطبية، وكما يسمى الامتصاص بامتصاص الغطاء القطبي (PCA)، وعادةً ما يكون امتصاص الغطاء القطبي مُعتمد على خطوط العرض الأكبر من (60)، وعلى الرغم من أنّه خلال بعض الأحداث الأكبر سيمتد ذلك باتجاه خط الاستواء.

تقدم حدث الشفق على الاتصالات الراديوية:

على الرغم من أنّ الأحداث المتنوعة ستختلف بشكل كبير من حدث إلى آخر، إلّا أنّ هناك العديد من أوجه التشابه، وغالباً ما يبدأ الحدث بعدد من التوهجات الصغيرة كما يؤدي ذلك إلى زيادة مستوى الإشعاع الشمسي وهذا يؤدي إلى تحسين ظروف الراديو في النطاق العالي التردد، وإلى جانب ذلك ترتفع ضوضاء الشمس أيضاً.

تتميز التوهجات الصغيرة بأنّها ليست سوى مقدمة للاضطراب الشمسي الذي يحدث يسبب اضطراباً مفاجئاً في الغلاف الأيوني أو (SID)، وعند هذه النقطة تغلق نطاقات الموجات الديكامترية (HF) للاتصالات الراديوية في الغلاف الجوي المتأين لفترة قصيرة، ومع ذلك فإنّها سرعان ما تتعافى نظراً لزيادة التدفق الشمسي وبعد حوالي (20 إلى 30 ساعة) من النشاط الشمسي، تضرب موجة صدمة الرياح الشمسية الأرض مسببة عاصفة مغناطيسية.

تسوء الاتصالات اللاسلكية على نطاقات التردد العالي ويبدأ الحدث الشفقي الكامل، وفي هذه المرحلة  يتم تعزيز الانتشار الراديوي بالموجات المترية (VHF) ويمكن إجراء الاتصالات عبر مسافات تصل إلى عدة مئات من الكيلومترات ثم بعد أن وصلت إلى الذروة، ينتهي الشفق وتتعافى نطاقات (HF) ببطء وتصبح الترددات المنخفضة صالحة للاستعمال أولاً.

ما هو المسبار الأيوني – ionosonde؟

المسبار الأيوني (ionosonde): هو شكل من أشكال أداة الاختبار التي تنقل نبضات طاقة التردد الراديوي عمودياً إلى أعلى ثم يستقبل الإشارة التي تنعكس، وهذا يظهر تفاصيل كثيرة حول الأيونوسفير فوقه.

كما إنّ الإشارة موجهة لأعلى نحو طبقة الأيونوسفير، وترتفع الإشارة وفي مرحلة ما من الممكن أن تنعكس مرة أخرى على الأرض ويتم استقبالها بواسطة هوائي ونظام استقبال، وعادةً ما تكون الإشارة نبضية مثلها مثل الرادار التقليدي، وباستخدام التأخير الزمني للإشارة المرتجعة يمكن تحديد ارتفاع الانعكاس، كما يمكن ملاحظة أنّ المسبار الأيوني هو بشكل فعال شكلاً متخصصاً من أشكال الرادار النبضي الذي يستخدم للكشف عن التأين في طبقة الأيونوسفير.

يُطلق على مخطط ناتج المسبار الأيوني اسم أيونوجراف (ionograph) وفي الأيام الأولى كان من الممكن طباعته على الورق، ولكن من الواضح أنّ الأنظمة الحديثة ستستخدم تكنولوجيا الكمبيوتر وتخزين البيانات للمعالجة والعرض حسب الحاجة.

تبدأ الإشارة من المسبار الأيوني بتردد منخفض ويتم تصعيدها في التردد، كما تنعكس الإشارة مرة أخرى بواسطة طبقة الأيونوسفير، ولكن مع زيادة التردد تخترق المنطقة ذات الصلة بشكل أعمق ثم تنتقل في النهاية إلى المنطقة المتأينة التالية حيث تحدث نفس العملية مع ازدياد التردد لأعلى، وفي النهاية يتم الوصول إلى نقطة حيث تمر الإشارة على الرغم من جميع مناطق الأيونوسفير ولا تنعكس.

يوجد تأخير زمني بين وقت إرسال الإشارة واستقبال الإشارة المنعكسة، وبمعرفة السرعة التي تنتقل بها الإشارات من الممكن تحويلها إلى مسافة أو رقم ارتفاع، كما يوجد هناك مجموعة متنوعة من الأدوات التي تم استخدامها على مر السنين من جهات تصنيع مختلفة وبمواصفات مختلفة ولكنّها في جوهرها توفر نفس الوظيفة.

كانت هناك العديد من التطورات في تكنولوجيا المسبار الأيوني، كما تم استخدام الأنظمة التماثلية حتى السبعينيات، كما اجتاحت جميع هذه الأنظمة الأجزاء ذات الصلة من الطيف وعادةً من حوالي (1 ميجاهرتز) إلى ما بين (15 و25 ميجاهرتز)، كما يستخدمون بشكل عام مستوى طاقة مرتفعاً نسبياً وغالباً ما يصل إلى (25 كيلو واط)، كما يمكن أن تستغرق عمليات المسح ما بين (30 ثانية) ودقيقتين تقريباً ممّا يمنحها القدرة على النظر إلى الاختلافات قصيرة المدى نسبياً في الأيونوسفير.

تم استخدام الأنظمة الرقمية منذ السبعينيات، حيث توفر هذه بشكل أساسي نفس تلك التي توفرها التماثلية، ولكنّها توفر المزيد من التسهيلات بشكل كبير وهي قادرة على معالجة البيانات بسهولة أكبر لأنّها تستخدم تقنية الحوسبة ومعالجة الإشارات الرقمية، وعلى الرغم من إمكانية إعداد مسبار أيوني في أي موقع مطلوب تقريباً، إلّا أنّ عدداً من المحطات موجود حول العالم ويتم تخزين البيانات من العديد منها في مركز البيانات العالمي (A) في بولدر بالولايات المتحدة الأمريكية.

هناك عدد من محطات المسبار الأيوني قيد التشغيل في جميع أنحاء العالم، ولكن مع انخفاض استخدام الجزء (HF) من الطيف للاتصالات الراديوية هناك عدد أقل من المسابير الأيونية المستخدمة، وعلى الرغم من الوصول إلى بعضها للاستخدام العرضي للبحث.

أمّا (Ionograms) هي مسارات مسجلة للنبضات الراديوية عالية التردد المنعكسة الناتجة عن مسبار أيوني، بحيث توجد علاقات فريدة بين تردد السبر وكثافة التأين التي يمكن أن تعكس ذلك، وبينما يكتسح المؤثر من الترددات المنخفضة إلى الترددات الأعلى، ترتفع الإشارة فوق ضجيج المصادر الراديوية التجارية وتسجل إشارة العودة المنعكسة من طبقات الأيونوسفير المختلفة.

المصدر: Auroral Radio PropagationAuroral radio emission and absorption of medium frequency radio waves observed in IcelandIonosonde & IonogramVertical Incidence Soundings (Ionograms)


شارك المقالة: