التلوث ومدى تأثيره على النباتات والبيئة

اقرأ في هذا المقال


تتأثر النباتات بالتلوث الذي يأتي من عدد لا يحصى من المصادر، حيث يمكن أن يكون مثل تلوث الهواء وتلوث المياه وتلوث الأرض والتربة وحتى التلوث الضوئي، وكلها لها آثار ضارة على النباتات، وفي هذا المقال سوف نشرح كيفية تأثير هذه الملوثات على النباتات.

كيف يؤثر التلوث على النباتات؟

في الأساس يحدث تلوث النباتات عندما تتلامس الملوثات والمواد التي لا تحدث بشكل طبيعي في البيئة أو تتلامس مع النباتات أو تمتصها النباتات، وفيما يلي كيفية تأثير التلوث على النباتات:

  • تلف هيكل الورقة: تؤدي الملوثات الموجودة على مستوى سطح الأرض مثل: الأوزون إلى إتلاف أوراق النبات ماديًا، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالكلور أو اصفرار الأوراق بشكل غير طبيعي، وقد ينتج عن هذا أيضاً نقص في الكلوروفيل، مما يعني أن النبات لن يكون قادرًا على صنع طعامه أو طاقته، ومع وجود تركيز أعلى من الأوزون تموت أوراق النبات ببساطة بسبب التعرض المفرط.
  • تأخر الإزهار: لا يمكن للنبات المجهد أن يزهر لأنه سيستخدم جميع الموارد التي لديه لمحاربة التهديد والنجاة منه، فعلى سبيل المثال تتأخر معظم النباتات المعرضة لعوادم السيارات في الإزهار، لأنها تحارب الانبعاثات المبعوثة منها.
  • تلف الجذر: تخلق التربة الحمضية سواء من تلوث التربة أو المطر الحمضي سيناريو معقدًا للنباتات التي تنتهي بنباتات غير قادرة على الازدهار، حيث تتراكم الظروف الحمضية كثيرًا من أيونات الألومنيوم في التربة، مما يؤدي إلى تدمير أنظمة الجذور ويمنع امتصاص العناصر الغذائية والأيونات الهامة.
  • تلف الثغور: الثغور هي المسام الصغيرة على الأوراق، وتعمل كمواقع لتبادل الغازات بين النبات والجو، حيث يؤثر التلوث على هيكل الورقة، ويقلل من حجم الثغور، وعندما يتم اختراق تبادل الغازات فإن عملية التمثيل الضوئي تبطئ.

كيف يؤثر تلوث الهواء على النباتات؟

  • إتلاف النباتات: بشكل عام يعني تلوث الهواء إدخال مواد كيميائية ضارة في الهواء مثل: الكبريت والكربون وأكاسيد النيتروجين، وتسبب هذه المواد الكيميائية ضررًا للنباتات، حيث تُظهر النباتات الضرر جسديًا بطرق متنوعة، على سبيل المثال من خلال توقف النمو والآفات النخرية والتغيرات في الألوان، حيث يمكن أن يتمثل التغير في اللون في الإصابة بالكلور عندما تتحول أوراق النبات إلى اللون الأصفر أو الاحمرار أو التبقع أو البرنز.
  • عرقلة نمو النبات: أن الأوزون ضار بالجو لأنه يؤدي إلى ثقوب في الغلاف الجوي العلوي، وبذلك يمكن للأشعة فوق البنفسجية المرور عبر الغلاف الجوي، مما يتسبب في مزيد من الضرر للنباتات، حيث يؤدي تدمير الأوزون في الغلاف الجوي السفلي إلى تقييد التنفس وإعاقة الثغور ومنع التمثيل الضوئي وإعاقة نمو النبات.
  • قلة الغلات وتلف المحاصيل: تمتص النباتات الملوثات من الهواء، مما يجعل الهواء أنظف، ومع تراكم الكثير من الملوثات قد تفشل النباتات في النمو كما ينبغي، بما في ذلك عدم القدرة على إجراء عملية التمثيل الضوئي، وهذا بدوره يعني أن النباتات ستفشل في الحصول على غلة أقل مما ينبغي.
    إن انخفاض الغلات خاصة في المحاصيل الزراعية سيعني الجوع للناس والحيوانات، وسيؤدي أيضًا إلى ارتفاع أسعار هذه السلع، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد.
  • المساهمة في الاحتباس الحراري: مع تلوث الهواء الذي يؤثر على النباتات وأوراقها فهذا يعني أنها لن تكون قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون كما ينبغي، وهذا يعني أن المزيد من ثاني أكسيد الكربون سوف يتسرب إلى الغلاف الجوي، مما سيزيد من إتلاف طبقة الأوزون بسبب تراكم المزيد من غازات الدفيئة، وهذا سيساهم أيضًا في الاحتباس الحراري، وبالتالي تغير المناخ.

كيف يؤثر تلوث المياه على النباتات؟

  • حرمان النباتات من العناصر الغذائية الأساسية: تتطلب النباتات مغذيات محددة تحصل عليها من التربة والماء والهواء، وقد تقتل المياه الملوثة بعض هذه العناصر الغذائية، مما يحرم النبات من القدرة على الحصول عليها.
  • تسمم التربة: سيؤدي تلوث المياه إلى إدخال سموم ضارة بالنباتات، حيث سيؤدي تراكم هذه السموم في الماء إلى تسمم التربة حتى بالنسبة للمحاصيل أو النباتات الأخرى، وسيؤثر هذا بدوره سلبًا على قابلية ذوبان العناصر الغذائية الأساسية والأيونات مثل المغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم والتي تعتبر حيوية بشكل خاص لنمو النبات السليم، كما يؤدي تلوث المياه أيضًا إلى إدخال كميات كبيرة من الألومنيوم إلى التربة، مما يضر بالنباتات.
  • تسهيل نمو النباتات المنافسة: يؤدي تلوث المياه إلى ظهور مجال واسع لنمو النباتات الأخرى، وقد لا تكون هذه النباتات الجديدة أصلية في منطقة ما، ويمكن أن تكون ضارة بالنباتات الموجودة، حيث ستنمو هذه الأعشاب جيدًا لأن العناصر الغذائية التي تحتاجها للبقاء يتم جمعها في المياه الملوثة.
  • قتل وإيذاء النباتات: يغير تلوث المياه ظروف نمو النباتات بما في ذلك تآكل العناصر الغذائية الضرورية وجلب مغذيات جديدة وخطيرة، وهذا يعني أن النمو الطبيعي للنباتات سوف يتأثر وسوف تتضرر النباتات نفسها، وإذا استمرت الحالة فسوف تموت النباتات في النهاية، كما يمكن أن يؤدي تلوث المياه أيضًا إلى تغيير مستويات الأس الهيدروجيني المحيطة بالنبات مثل المطر الحمضي الذي يضر أيضًا النباتات ويقتلها.
  • مشاكل إضافية للإنسان والحيوان: الحياة عبارة عن دورة وكلنا نعتمد على بعضنا البعض. يؤثر تلوث المياه على النباتات التي يتغذى عليها البشر والحيوانات، مما يؤدي إلى تسمم أكثر من مجرد البيئة، فإذا كنا نتغذى على سبيل المثال على الخضروات المزروعة باستخدام المياه الملوثة أو إذا أكلنا لحوم الحيوانات التي تأكل هذه المحاصيل فسينتهي بنا المطاف بمشاكل صحية خطيرة.

كيف يؤثر تلوث التربة على النباتات؟

  • تسمم التربة: سوف تدخل السموم إلى التربة وتسممها، مما يتسبب في تفاعل متسلسل، وستكون النتيجة تغييرًا في التنوع البيولوجي للتربة وتقليل المواد العضوية للتربة فضلاً عن قدرتها على العمل كمرشح، وفيما يتعلق بالنباتات تصبح التربة ضعيفة وغير قادرة على الحفاظ على النباتات مقارنة بالسنوات السابقة، وهذا ما يفسر سبب إعطاء معظم المزارع التي تعتمد على الأسمدة عوائد أقل عامًا بعد عام. 
  • الآثار تصل إلى سلسلتنا الغذائية: يؤثر تلوث التربة على النباتات، مما يعني أنها ستمتص الملوثات، وإذا كنا نتغذى على مثل هذه النباتات أو المحاصيل مثل الخضار فإننا ننتهي عن غير قصد بتسميم أنفسنا، وهذا ما يعني أيضًا أننا نفعل الشيء نفسه من خلال استهلاك المنتجات الحيوانية مثل اللحوم والحليب إذا كانت الحيوانات نفسها تتغذى على هذه النباتات المعرضة للخطر.
  • تؤثر على المجاري المائية: عندما تتلوث التربة تتأثر المياه المخزنة في التربة وتحتها أيضًا، مما قد يتسبب في الكثير من المشكلات، حيث يستخدم الملايين هذه المياه بشكل مباشر وغير مباشر، والجزء غير المباشر هو أن الآخرين سيزرعون المحاصيل باستخدام نفس المياه الملوثة، مما ينشر المشكلة إلى المزيد من الأشخاص الذين قد يكونون على بعد أميال عديدة.
  • المساومة على صحة الإنسان: هناك نسبة كبيرة من المضادات الحيوية المستخدمة على نطاق واسع في الزراعة والرعاية الصحية اليوم، كما أنها تؤدي إلى نفايات الأدوية التي تلوث التربة والنباتات والبشر، فعلى سبيل المثال عندما تتسرب المضادات الحيوية إلى التربة وتنتشر في البيئة فإن البكتيريا المقاومة لمضادات الميكروبات تتسبب في جعل المضادات الحيوية غير فعالة.
    اليوم هناك حوالي 700000 حالة وفاة بسبب البكتيريا المقاومة لمضادات الميكروبات، والتي يمكن أن تقتل أشخاصًا أكثر من السرطان وتكلف أكثر بكثير إذا لم يتم علاجها على الفور.

كيف يؤثر المطر الحمضي على النباتات؟

  • يؤدي إلى تلوث المياه الذي يؤثر على النباتات: تتشكل الأمطار الحمضية بسبب الكبريت الجوي وثاني أكسيد النيتروجين المنبعث من مصادر طبيعية ومن صنع الإنسان، حيث ينتج عن تفاعل هذه المركبات مع الغلاف الجوي وجود أحماض الكبريتيك والنتريك في الهواء والتي تسقط على شكل مطر. يتدفق المطر إلى المجاري المائية وعلى الأرض، مما يضاعف من مشاكل النباتات كما ذكر أعلاه حول كيفية تأثير تلوث المياه على النباتات.
  • إيذاء وقتل النباتات: يمكن أن يتجمع المطر الحمضي في المسطحات المائية، مما قد يخفض مستويات الأس الهيدروجيني للمياه، حيث يؤدي التغيير في درجة الحموضة الطبيعية للمحيطات في النهاية إلى إلحاق الضرر بالنباتات بل وحتى قتلها خاصة تلك التي لا يمكنها البقاء في هذه الظروف الحمضية الأكثر.
  • يعطل الحياة الطبيعية للنباتات: يتسبب المطر الحمضي في أضرار مباشرة للنباتات بأكثر من طريقة، حيث قد يؤدي المطر إلى إتلاف الأوراق وجعل عملية التمثيل الضوئي للنباتات أو الأشجار أكثر صعوبة، وهذا يعني أن النباتات والمحاصيل لن تكون قادرة على إطعام نفسها، كما أنه يعطل التبادل الطبيعي وتنظيم الغازات في الهواء.
  • مشاكل إضافية للإنسان والحيوان: يؤدي المطر الحمضي إلى تسمم النباتات التي يأكلها الإنسان والحيوان، مما يؤدي إلى تسمم السلسلة الغذائية بأكملها، حيث ستؤدي مثل هذه الأعلاف إلى مضاعفات صحية خاصة للبشر ليس فقط لتدمير حياتنا، ولكن أيضًا لتعطيل الاقتصادات.

هل النباتات تساعد في مكافحة التلوث؟

بكلمة واحدة نعم، تقوم النباتات بالكثير في المساعدة في مكافحة التلوث وخاصة تلوث الهواء، حيث إنها تساعد على تحسين جودة الهواء عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين وزيادة الرطوبة عن طريق نضح بخار الماء وامتصاص الملوثات بشكل سلبي على سطح الأوراق وعلى نظام جذر النبات، وعن طريق إزالة هذه السموم فإنها تساعد البشر على التنفس عن طريق زيادة إمداد الأكسجين في الغلاف الجوي، وكذلك المساعدة في مكافحة الاحتباس الحراري.
الغابات هي العناصر الحيوية الأخرى على الأرض، حيث إنها بمثابة نظام تنقية الكوكب عن طريق امتصاص المواد الكيميائية المحمولة جواً وإطلاق الأكسجين، ففي غابات الأمازون المطيرة على سبيل المثال هي موطن لأكثر النباتات والحيوانات من أي النظم الايكولوجية الأرضية الأخرى، حيث تحتوي الغابة المطيرة على 90-140 مليار طن من الكربون، وهو ما يعادل قرنًا من انبعاثات الكربون البشرية، كما إنه ضروري في امتصاص ثاني أكسيد الكربون والذي من شأنه أن يساهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ.


شارك المقالة: