كيفية تصنيع الجلد

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الجلد:

الجلد منتج مصنوع من الحيوانات وبفضل عدد كبير من العلاجات المعقدة أصبح صالحاً للاستخدام ومقاوماً للتعفن، من وجهة نظر مجهرية يمكن رؤية الجلد على أنه نسيج محكم للعديد من ألياف الكولاجين ومن وجهة نظر ماكروسكوبية، فإنه يمثل الغلاف الخارجي للكائنات الحية.

عادة ما يكون الجلد أسود اللون وقد اشتهر منذ فترة طويلة بارتداء الملابس والأحذية، كما تشكل جلود البقر المذبوحة الجزء الأكبر من صناعة الجلود وتصنع الجلود الشائعة الأخرى من جلود الأغنام والماعز، كما يوجد جلود جديدة مشتقة من جلود الزواحف مثل التمساح والثعبان وحتى من النعام.

تاريخ صناعة الجلد:

تعود التقنية الأساسية لدباغة الجلود إلى عصور ما قبل التاريخ، وذلك عندما كانت الشعوب البدائية تقوم بدباغة الجلود بالمواد النباتية، قام المصريون القدماء والعبرانيون بدباغة الجلود بالمنتجات النباتية، حيث استعمل العبرانيون لحاء البلوط لدباغة الجلود واستعمل المصريون نبتة تسمى بابول، كما كان لدى الرومان صناعة مزدهرة للدباغة باستعمال بعض لحاء الأشجار والتوت ومستخلصات الخشب، فقدت الدباغة في أوروبا خلال العصور الوسطى، لكن الفن بقي حياً في العالم العربي، وأعيد تقديمه إلى أوروبا في وقت لاحق.

تطور صناعة الجلد:

بحلول القرن الثامن عشر انتشرت الدباغة في العالم القديم، وعلى الرغم من أن الدباغة كانت عملية منخفضة التكنولوجيا نسبياً، إلا أنها لا تزال تتطلب بعض الأدوات المتخصصة مثل سكاكين تقطيع اللحم وكاشطات وأحواض نقع، وحتى أواخر القرن التاسع عشر كانت جميع المواد الكيميائية المستخدمة في الدباغة مشتقات نباتية مثل الشوكران أو البلوط أو السماق.

كان الدباغون يملحون الجلود لإزالة الشعر منها ويضعونها في محلول حامضي عادة ما يكون سماداً، ثم ينقعون الجلود في محاليل قوية بشكل متزايد من التانين النباتي.

وفي نهاية القرن التاسع عشر أصبح الدباغة الكيميائية ممكنة، في هذه الطريقة يكون عامل الدباغة هو كبريتات الكروم، حيث تم اكتشاف هذه العملية في عام 1858م، وكان أول إنتاج تجاري للجلد المدبوغ بالكروم في نيويورك عام 1884م، على الرغم من أن الطريقة الأولية كانت لها بعض العيوب.

إلا أن دباغة الكروم سرعان ما حل محل دباغة النباتات، مع تطور الصناعة في القرن العشرين أصبحت عملية الدباغة آلية بشكل متزايد، كانت المدابغ السابقة تقع عادة بالقرب من مصدر لمواد الدباغة النباتية مثل تلك التي نشأت في فرجينيا وتينيسي وكارولينا الشمالية في الولايات المتحدة بسبب توافر خشب الكستناء.

وبحلول أوائل القرن العشرين تم استيراد العفص النباتي بكميات كبيرة من أمريكا الجنوبية، ولم تكن مكونات دباغة الكروم مرتبطة بأي مكان معين، وبالتالي يمكن بناء المدابغ في أي مكان، ومع دخول القرن الحادي والعشرين بدأت صناعة الدباغة في الولايات المتحدة في الانحدار؛ لأن تكاليف العمالة المنخفضة في أجزاء أخرى من العالم تجعل الجلود المستوردة أكثر اقتصاداً.

كيفية تصنيع الجلد:

تحضير الجلد:

في البداية تُذبح الحيوانات من أجل لحومها ويباع جلدها إلى مدبغة، حيث يتم إزالة الجلد من قبل العمال المهرة الذين يقومون بقصه بعناية للحفاظ على سلامته، يمكن أن تؤثر أي جروح أو علامات طائشة بشكل خطير على جودة الجلد، حيث إنه وفي المسلخ يتم أخذ الجلود وإرسالها عبر آلة التبريد، وهي عبارة عن غسالة كبيرة تنظف الأوساخ السطحية والسماد وتخفض درجة حرارة الجلد حتى تصلب الدهون.

بعد ذلك يقوم العمال بتمرير الجلود من خلال أداة أخرى تسمى آلة اللحم، حيث يتم التخلص من السماد الطبيعي في حاوية واحدة ويتم إدخال الدهون واللحوم المتبقية في حاوية أخرى منفصلة، كما يمكن بيع الدهون واللحوم في المسلخ.

تخزين الجلد:

بعد وضع الجلود في المحلول الملحي لمدة 24 ساعة على الأقل، حيث يقوم عمال المسلخ بشحنها إلى المدبغة، إذ تحتوي  معظم المدابغ على مخازن كبيرة للجلود المعالجة، كما يمكنها تخزين الجلود لمدة تصل إلى عام قبل أي معالجة أخرى، حيث تغيرت هذه الممارسة في أواخر السبعينيات، والآن تعمل معظم المدابغ على مبدأ التصنيع مع الاحتفاظ بالقليل في المخزون.

تجيير الجلد وخلطه:

تمر الجلود المعالجة بعدة خطوات في المدبغة قبل أن تصبح جاهزة للدباغة، حيث يستغرق الوقت الإجمالي في بيت الشعاع من 12 إلى 24 ساعة، كما أن مصطلح بيت الشعاع مشتق من الممارسات القديمة عندما كان الجلد معلقاً على أو طاولة منحنية خاصة، تُعرف باسم عارضة لصناعة الجلد.

يقوم عمال المدابغ أولاً بنقع الجلود المعالجة في الماء البارد في وعاء أو برميل، حيث إن هذا يزيل الملح من محلول ملحي أو إذا تمت معالجة الجلود في ملح جاف فإنها تعيد ترطيبها، كما يضاف الجير أو مادة كيميائية أخرى إلى النقع لفك الشعر وتنتفخ الجلود في هذه المرحلة بحيث تصبح زرقاء وبيضاء ومطاطية، بعد ذلك تمر الجلود بخطوة أخرى للتخلص من الشعر والدهون والجزيئات الأخرى غير المرغوب فيها، كما أنه يقلل ببطء درجة الحموضة للجلود.

بعد ذلك تُغسل الجلود، ثم توضع في الماء الدافئ مع بعض أملاح الكالسيوم والإنزيم، كما يتم تدفق المزيد من الماء الدافئ؛ ممّا يؤدي إلى زيادة درجة الحرارة تدريجياً، يقلل الإنزيم من قلوية الجلد والدهون تتفكك، ثم بشكل تدريجي تنخفض درجة حرارة الماء ويتم غسل الجلد حتى يتم إزالة كل الشعر والدهون والمواد الكيميائية.

دباغة الجلد:

الآن الجلود جاهزة للدباغة، حيث يقوم العمال بتحميل الجلد في أسطوانة دوارة ضخمة، كما تمتلئ الأسطوانة بمحلول الدباغة المصنوع من أملاح الكروم في الماء وتنقع الجلود في محلول الدباغة لمدة ثماني إلى 12 ساعة، حيث يحول التأثير الكيميائي للكروم إلى جلد، كما تعطي الأصباغ في المحلول الجلد لونه أيضاً، وبالنسبة للجلد اللامع فقد يقوم العمال بإزالة الجلد بعد الوقت المناسب من الماء الدافئ وإرساله إلى منطقة التجفيف لمدة 24 ساعة على الأقل.

تشطيب الجلد:

تنطبق جميع الخطوات السابقة على أي نوع من الجلد، وفقط في اللمسات الأخيرة يتم تحويل الجلد إلى منتج معين، حيث إن إحدى تقنيات التشطيب الشائعة هي رش مادة البولي يوريثين أو الأكريليك ولكن نظراً لمخاوف تلوث الهواء فإنه يتم تنفيذ معظم عمليات التشطيب من خلال نوع ما يسمى التشتت المائي.

يوجد طريقة أخرى لعملية التشطيب وهي من خلال استخدام آلة تسمى آلة التدفق، حيث يقوم العمال بتحميل خزان فوق سير ناقل بمادة البولي يوريثين أو الأكريليك السائل، كما تمر الجلود تحت الخزان على الحزام، بحيث يصطدم شلال من السائل الفائض بالجلد المتنقل ويصبح مغطى بطبقة نهائية، ثم يتم شد الجلود النهائية على الألواح وتمر عبر نفق ساخن حتى تجف، بعد أن يجف الجلد يكون جاهز للانتقال إلى المشتري.


شارك المقالة: