يرجع تاريخ ظهور الطراز القوطي إلى القرن الثالث عشر في شمال إيطاليا، لكن هذا الطراز كان متأثّراً بالتقاليد الرومانية القديمة إلى حد كبير، كانت إيطاليا أقل الشعوب حماسية للطراز القوطي؛ وذلك خوفاً من القضاء على فنها وتراثها الروماني القديم، لذلك يمكن القول أن الطراز القوطي الإيطالي كان خليطاً عجيباً يجمع بين العناصر القوطية والإنشاء الروماني والزخارق البيزنطية والروح الأغريقية.
كان التأثير الروماني واضح في إيطاليا على الكنائس، مثلاً الخطوط الرأسية للطراز القوطي أدخلت عليها خطوط عرضية أفقية، وظهرت الكنائس بأسقف مستوية وشبابيك أعتابها مستديرة، وكُسيت الحوائط بأحزمة من الرخام الملون بدلاً من القوالب، كما كانت المداخل ممتدة إلى الخارج بأسقف تحملها أعمدة تركّز على ظهور سباع (ضبع)، كما استمرت أعمال الحفر والنحت على درجة رفيعة من العمل والفن والإخراج، كما بقيت تيجان الأعمدة الكورنثية بأوراقها الجميلة تأخذ مكانها، كما كان يتم التركيز على الحوائط والعناصر المعمارية بتأكيدها بالظلال وشبه الظلال الناتجة من أشعة الشمس.
العوامل التي أثرت على الطراز القوطي الإيطالي:
- من الناحية الجغرافية: تختلف المؤثرات الجغرافية من شمال إيطاليا إلى جنوبها، حيث نجد السهول المنبسطة والجبال المرتفعة، كما نجد أن الجبال والأنهار والخلجان التي تعتبر فواصل طبيعية لحدود إيطاليا، أصبحت طرقاً سريعة لانتشار الفن والتجارة، كما كانت روما دائماً وأبداً مركز إشعاع التقدم.
- من الناحية الجيولوجية: يمتاز شمال إيطاليا بوجود الطين الذي كان يصلح لصناعة أفضل أنواع الطوب وخاصة الموجودة في سهول لمباردى، كما كان يوجد في شمال إيطاليا أجود أنواع الرخام الأبيض والملون، كما يتوفر في جنوب إيطاليا الرخام الملون وخاصة في جزيرة صقلية.
- من الناحية الاجتماعية: كانت إيطاليا في تلك الفترة مفككة ووسائل الحكم ومبادئه متعددة، فالجمهوريون في فينيسيا وفلورنسا وجنوا (مدينة في إيطاليا) وكان حكم دكتاتوري في ميلانو، كما كان حكم ملكي في نابولي، كذلك بخلاف الحكم البابوي، في طبيعية الحال انعكس كل هذا على حوائط ما أقيم من مبانٍ وكنائس ومنشئات، كما كانت المنافسة بين المدن كبيرة جداً، ويظهر ذلك بوضوح على حوائط كاتدرائية ميلانو وفلورنسا وسينا وغيرها.
- من الناحية التاريخية: كانت إيطاليا رائدة في أوروبا من ناحية الفنون والتعليم والتجارة، كما أن عصر النهضة اتخذ مكانه في إيطاليا قبل أن يبدأ في أوروبا بمدة قرن من الزمن، وهذا الأمر ساعد على هجرة العديد من المهندسين والعلماء والفنانين إلى مختلف أنحاء إيطاليا والاستقرار فيها.