الزراعة قطاع مهم في الاقتصاد العالمي وتساهم المحاصيل والماشية والمأكولات البحرية المنتجة بالاقتصاد، فعند تضمين الخدمات الغذائية والصناعات المتعلقة بالزراعة، فإن القطاع الزراعي يساهم في هذه الحالة في الناتج الإجمالي المحلي للاقتصاد.
كيف يؤثر تغير المناخ على الزراعة والإمدادات الغذائية
تعتمد الزراعة ومصايد الأسماك بشكل كبير على المناخ، حيث إن الزيادة في درجة الحرارة وثاني أكسيد الكربون (CO2) يؤدي إلى زيادة بعض المحاصيل في بعض الأماكن، ولكن لتحقيق هذه الفوائد يجب أيضًا تلبية مستويات المغذيات ورطوبة التربة وتوافر المياه والشروط الأخرى، فالتغيرات في حالات الجفاف والفيضانات.
حيث يمكن أن تشكل تحديات للمزارعين ومربي الماشية وتهدد سلامة الأغذية، وفي الوقت نفسه من المحتمل أن تتسبب درجات حرارة المياه الأكثر دفئًا في تغير نطاقات موائل العديد من أنواع الأسماك والمحار مما قد يعطل النظام البيئي.
وبشكل عام إن تغير المناخ يجعل من الصعب زراعة المحاصيل وتربية الحيوانات وصيد الأسماك بنفس الطرق والأماكن كما فعلنا في الماضي، كما يجب أيضًا مراعاة تأثيرات تغير المناخ جنبًا إلى جنب مع العوامل المتطورة الأخرى التي تؤثر على الإنتاج الزراعي، مثل التغييرات في ممارسات الزراعة والتكنولوجيا.
التأثيرات على المحاصيل
تعتبر المحاصيل المزروعة ضرورية لإمدادات الغذاء حول العالم مثلاً توفر المزارع الأمريكية ما يقرب من 25٪ من جميع الحبوب (مثل القمح والذرة والأرز)، في السوق العالمي إن التأثيرات على غلة المحاصيل يمكن أن يكون للتغيرات في درجة الحرارة وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتواتر وشدة الطقس المتطرف تأثيرات كبيرة عليه.
وبالنسبة لأي محصول معين سيعتمد تأثير زيادة درجة الحرارة على درجة الحرارة المثلى للمحصول للنمو والتكاثر، ولكن في بعض المناطق قد يفيد الاحترار أنواعاً من المحاصيل أو قد يسمح للمزارعين بالتحول إلى المحاصيل التي تزرع حاليًا في المناطق الأكثر دفئًا.
على العكس من ذلك، إذا تجاوزت درجة الحرارة الأعلى درجة الحرارة المثلى للمحصول فسوف تنخفض الغلة، ويمكن أن تؤثر مستويات ثاني أكسيد الكربون المرتفعة على غلة المحاصيل، حيث تشير بعض التجارب المعملية إلى أن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، ويمكن أن يزيد من نمو النبات، إلا أنه يقلل أيضًا من القيمة الغذائية لمعظم المحاصيل الغذائية.
ويؤدي ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى تقليل تركيزات البروتين والمعادن الأساسية في معظم الأنواع النباتية، بما في ذلك القمح وفول الصويا والأرز، ويشكل هذا التأثير للارتفاع على القيمة الغذائية للمحاصيل تهديدًا محتملاً لصحة الإنسان، حيث تتعرض صحة الإنسان أيضًا للتهديد؛ بسبب زيادة استخدام مبيدات الآفات بسبب زيادة ضغوط الآفات وانخفاض فعالية مبيدات الآفات.
ومع أن هنالك عوامل أخرى، مثل تغير درجات الحرارة والأوزون والقيود المفروضة على المياه والمغذيات، وقد تعوق هذه الزيادات المحتملة في المحصول. فقد تؤدي درجات الحرارة الشديدة وهطول الأمطار إلى منع المحاصيل من النمو، وأيضاً يمكن للأحداث المتطرفة وخاصة الفيضانات والجفاف أن تضر بالمحاصيل.
التعامل مع الجفاف
يمكن أن يصبح التعامل مع الجفاف تحديًا في المناطق التي يؤدي فيها ارتفاع درجات الحرارة في الصيف إلى جفاف التربة، وعلى الرغم من أن زيادة الري قد تكون ممكنة في بعض الأماكن، إلا أنه في أماكن أخرى قد تنخفض أيضًا إمدادات المياه مما يترك كمية أقل من المياه المتاحة للري عند الحاجة إلى المزيد.
تزدهر العديد من الحشائش والآفات والفطريات تحت درجات الحرارة الأكثر دفئًا والمناخات الرطبة وزيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون، وفي الوقت الراهن، ينفق المزارعون المليارات لمحاربة الأعشاب الضارة، والتي تتنافس مع المحاصيل على الضوء والماء والمغذيات، ومن المرجح أن يزداد مدى انتشار الحشائش والآفات مع تغير المناخ وقد يتسبب هذا في مشاكل جديدة لمحاصيل المزارعين التي لم تتعرض من قبل لهذه الأنواع.
التأثيرات على الثروة الحيوانية
يستهلك سكان العالم ملايين الأطنان من اللحوم والدواجن سنويًا، وتمثل الثروة الحيوانية والدواجن أكثر من نصف الإيرادات النقدية الزراعية في العالم، ويمكن أن تؤثر التغيرات في المناخ على الحيوانات بشكل مباشر وغير مباشر.
إن لموجات الحرارة التي من المتوقع أن تزداد في ظل تغير المناخ أن تهدد الماشية بشكل مباشر، ففي عام 2011 تسبب التعرض لظواهر درجات الحرارة المرتفعة في خسائر مرتبطة بالحرارة تزيد عن مليار دولار للمنتجين الزراعيين، ويؤثر الإجهاد الحراري على الحيوانات بشكل مباشر وغير مباشر، وبمرور الوقت يمكن أن يؤدي الإجهاد الحراري إلى زيادة التعرض للأمراض وتقليل الخصوبة وتقليل إنتاج الحليب.
قد يهدد الجفاف إمدادات المراعي والأعلاف وقد يقلل الجفاف من كمية الأعلاف الجيدة المتاحة لرعي الماشية، بالإضافة أن بعض المناطق قد تعاني من موجات جفاف أطول وأكثر شدة ناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وانخفاض هطول الأمطار أما الحيوانات التي تعتمد على الحبوب فيمكن أن تصبح التغييرات في إنتاج المحاصيل بسبب الجفاف مشكلة أيضًا.
التأثيرات على مصايد الأسماك
تواجه العديد من مصايد الأسماك بالفعل ضغوطًا متعددة بما في ذلك الصيد الجائر وتلوث المياه، وقد يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذه الضغوط وعلى وجه الخصوص يمكن أن تؤدي التغيرات في درجات الحرارة إلى تأثيرات كبيرة. قد تتغير نطاقات العديد من أنواع الأسماك والمحار في المياه، وقد تحولت العديد من الأنواع المهمة اقتصاديًا منذ أواخر الستينيات.
يمكن أن تجد العديد من الأنواع المائية مناطق أكثر برودة من الجداول والبحيرات أو تتحرك على طول الساحل أو في المحيط، ومع ذلك فإن الانتقال إلى مناطق جديدة قد يضع هذه الأنواع في منافسة مع الأنواع الأخرى على الغذاء والموارد الأخرى.
ارتبطت بعض حالات تفشي الأمراض البحرية بتغير المناخ، وقد أدى ارتفاع درجات حرارة المياه وارتفاع ملوحة مصبات الأنهار إلى تمكين طفيلي المحار من الانتشار على طول ساحل المحيط الأطلسي، وهذا يساهم بالاحترار الشتوي في القطب الشمالي، ويؤدي إلى الإصابة بأمراض السلمون في بحر بيرنغ ويؤدي إلى انخفاض إنتاج سلمون يوكون شينوك.
بالإضافة إلى الاحترار أصبحت محيطات العالم تدريجياً أكثر حمضية بسبب الزيادات في ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي (CO2)، وقد تؤدي زيادة الحموضة إلى الإضرار بالمحار عن طريق إضعاف أصدافها التي تتشكل عن طريق إزالة الكالسيوم من مياه البحر، ويهدد التحمض أيضًا هياكل النظم البيئية الحساسة التي تعتمد عليها بعض الأسماك والمحار.
وفي نهاية ذلك تسببت درجات الحرارة الأكثر دفئًا في تفشي الأمراض في الشعاب المرجانية وحشائش البحر وأذن البحر، ويمكن أن تؤثر التغيرات في درجات الحرارة والمواسم على توقيت التكاثر والهجرة، حيث تتحكم درجة الحرارة وتغير الفصول في العديد من الخطوات في دورة حياة الحيوان المائي، بالإضافة إلى جانب التأثيرات المناخية الأخرى، ومن المتوقع أن تؤدي هذه التأثيرات إلى انخفاض كبير في أعداد الكائنات البحرية.