ما هي المنخفضات الجوية؟

اقرأ في هذا المقال


المنخفضات الجوية:

وهي نوع من أنواع الضغط المنخفض والذي يظهر بعدة أنواع، فقد يكون منخفض حراري (Depression) وقد يكون منخفض جبهوي (Cyclone) والمنخفضات الحرارية بأنواعها المختلفة تظهر في المناطق الاستوائية بالدرجة الأولى، كما تظهر في الفصول الحارة في المناطق المعتدلة، ولسنا هنا بصدد المنخفضات الحرارية، وإنما سنركز على المنخفضات الجوية الجبهوية.
هي الظاهرة الأكثر شيوعاً في العروض الوسطى وهي المسئولة عن الطقس الرديء وتساقط الأمطار في هذه العروض والعروض العليا، ولا نبالغ عندما نقول أن جميع أمطار هذه العروض بسبب هذه المنخفضات عدا عن الأمطار التضاريسية، تتكون المنخفضات الجوية في هذه العروض من التقاء كتلتين هوائيتين باردة ودافئة، فالعروض الوسطى في فصل الشتاء تكون مسرحاً لتنافس الكتل الهوائية القطبية الباردة والكتل المدارية الدافئة.
فعندما يحصل تماس بين هذه الكتل تتكون جبهة هوائية مستقرة بينهما، خاصة عندما تكون الكتلة الباردة تتحرك عكس اتجاه الكتلة الدافئة، في هذه الحالة يبدأ الهواء البارد بالتأثير على الهواء الدافئ ويعمل على أن يتغلغل فيه على شكل لسان ممتد حسب النظرية النرويجية لجيكنز، استمرار العملية يتطور إلى أن يحتل الهواء البارد جزءاً من الحيز الذي كان يشغله الهواء الدافئ، وعندها تظهر في الصورة جبهتان هوائيتان.
والجبهة الهوائية هي منطقة التماس بين هواء بارد وهواء دافئ، الأولى جبهة هوائية باردة، وهي الجبهة في مؤخرة المنخفض والتي يكون فيها الهواء البارد متقدماً على حساب الهواء الدافئ المتراجع، الثانية جبهة دافئة في مقدمة المنخفض الجوي والتي يكون فيها الهواء الدافئ متقدماً ليزيح الهواء البارد الموجود أمامه، إلا أن ثقل الهواء البارد يدفع الهواء الدافئ أن يتسلق عليه.
وتكون منطقة التماس بين الجبهة الباردة والجبهة الدافئة مركزاً للضغط المنخفض حيث يسجل الضغط أقل قيمة له ولابد من التذكير أن قيمة الضغط لا تكون واطئة جداً كما في الأعاصير، وإنما قد يسجل الضغط قيمة 1000 مليبار وفي بعض المنخفضات العميقة قد يسجل 990 مليبار في هذه المرحلة يكون المنخفض الجوي قد ولد ويبدأ بالتحرك شرقاً أو إلى الشمال الشرقي.
بشكل عام جميع منخفضات العروض الوسطى تتحرك شرقاً مع اتجاه الرياح الغربية التي تتولد فيها، وتشير الدراسات الحالية الحديثة إلى أن تكوّن المنخفضات الجوية في العروض الوسطى غالباً ما يرافقها ما يدعم تكوّنها في طبقات الجو العليا، ولأن المنخفضات الجوية دائماً عميقة، فإن تأثيرها يصل إلى المستوى الضغطي 500 مليبار، وغالباً ما تظهر المنخفضات الجوية على السطح أسفل الذراع الصاعد للانبعاج (Trough) في الموجات الهوائية في المستوى 500 مليبار، لأن هذه المنطقة من الموجة يكون الهواء فيها متفرقاً (Divergence) في الأعلى، وحيث أن الهواء السطحي في المنخفض يكون متجمعاً (Convergence) فإنه يحتاج إلى تصريف في الأعلى ليستمر المنخفض الجوي.
فإذا كانت الموجة الهوائية الطويلة بطيئة الحركة أو مستقرة فوق المنطقة، فإن سلسلة من المنخفضات الجوية تتكون فوق المنطقة يعقب أحديهما الآخر وتُسمَّى بعوائل المنخفضات، حيث أن الظروف العليا عند تحلل المنخفض الأول تبقى حتى تكون منخفض ثاني فيتولد منخفض أصغر ويكون أقل عمقاً بعد المنخفض الأول وإلى الجنوب منه وهكذا كلما مر اضطراب موجي (مرور موجة صغيرة مركبة على الموجة الطويلة) على الموجة الطويلة يتولد منخفض جديد.
وفي حالة مرور تيار نفاث (غالباً يظهر في المستوى 300 مليبار) فوق المنطقة فإن المنخفض الجوي على السطح يكون عميقاً جداً، يتكون هواء صاعد سرعان ما يتبدد عن طريق التيار النفاث، لكن بالمقابل يهبط هواء إلى السطح من الذراع النازل من الانبعاج (Ridge) إلى مؤخرة المنخفض الجوي مكوناً ضغط عالي، كما أن المنخفضات الجوية الجبهوية تتكون خلالها ثلاثة أنواع من الرياح، النوع الأول هو الهواء البارد القديم الذي دخل فيه الهواء الدافئ وبدأ ينسحب أمامه مكوناً الجبهة الدافئة.
وهنا نشير إلى أن الهواء الدافئ بسبب وزنه الخفيف يبدأ بالارتفاع على الهواء البارد الثقيل ولكن بشكل مائل، هذا الهواء يكون في مقدمة المنخفض الجوي، والنوع الثاني هو الهواء الدافئ المندفع من الجنوب والذي كما اشرنا يكون جبهة هوائية دافئة (Warm Front) مع الهواء البارد في مقدمة المنخفض الجوي، ويُسمَّى بالقطاع الدافئ ومصدر هذا الهواء العروض المدارية، ولخفة وزن هذا الهواء فإنه يبدأ بالتسلق بشكل مائل فوق الهواء البارد، فإذا كان الهواء الدافئ رطباً، فإنه عندما يصل في ارتفاعه إلى درجة حرارة نقطة الندى فإنه يبدأ بالتكاثف.
فتبدأ الغيوم بالظهور في السماء، حيث تبدأ أولاً غيوم السمحاق (Cirrus) بالظهور وعلى بعد أكثر من 500 كم من موقع الجبهة على الأرض، ثم تليها الغيوم الطبقية المتوسطة، ثم كلما اقتربت الجبهة تظهر الغيوم الطبقية المزنية، وقد تسقط أمطار، وإذا سقطت الأمطار فإنها تكون بقطرات صغيرة وتستمر لفترة طويلة، هذا الهواء هو الذي يتم تغير اتجاهه بواسطة الذراع الصاعد للموجة الهوائية أو بواسطة التيار النفاث، النوع الثالث من الهواء هو الهواء البارد الجديد والذي يقع في مؤخرة المنخفض الجوي ومصدره العروض العليا، لذلك يكون أبرد من الهواء البارد في مقدمة المنخفض.
هذا الهواء الثقيل يتقدم بسرعة أكبر من تقدم الهواء الدافئ، ولثقله فإنه يقلع الهواء الدافئ من الأسفل؛ ذلك لأن شكله يكون على شكل إسفين مكوناً الجبهة الباردة (Cold Front) في مؤخرة المنخفض الجوي، لذلك يكون شكل الجبهة عمودياً تقريباً، ولأن الهواء الدافئ يترفع عمودياً بواسطة الهواء البارد فإن الجبهة الباردة تصل بشكل مفاجئ وبدون أية مقدمات كما في الجبهة الدافئة وتكون أمطار الجبهة الباردة فجائية وبقطرات أكبر ولفترة أقصر وتكون غيومها من نوع التراكمية المزنية.
هذا الهواء البارد المتقدم في مؤخرة المنخفض يساعده هواء هابط من الذراع الهابط من الانبعاج في الموجة الهوائية أو في التيار النفاث، هذا الهواء يشجع على تكوين مرتفع جوي في مؤخرة المنخفض الجوي، لذلك عندما يعبر المنخفض الجوي المنطقة، سرعان ما تصفو السماء وينقطع المطر إيذاناً بوجود مرتفع جوي، كما يظهر المرتفع الجوي أثر انحلال المنخفض الجوي وانتهاء حياته، حيث أن الجبهة الهوائية الباردة أسرع في حركتها من الجبهة الهوائية الدافئة، لذلك فبعد مرور الوقت ستلحق الجبهة الباردة بالجبهة الدافئة وتنطبق عليها مكوناً الجبهة المنطبقة (Front Occluded).
انطباق الجبهة الباردة على الدافئة يعني ذلك انحلال المنخفض وانتهائه، وعلى السطح فإن انطباق الجبهة الباردة على الدافئة يعني رفع الهواء الدافئ بواسطة الهواء البارد إلى الأعلى مكوناً غيوم كثيفة وعلى نطاق واسع تسقط منها أمطار غزيرة وعلى مساحة كبيرة، في الغالب يتحلل المنخفض الجوي فوق اليابس، وإذا ما صادف مرور المنخفض بعد تحلله فوق مسطح مائي فقد يتكون من جديد، كما يحصل غالباً لمنخفضات البحر المتوسط التي تجدد نشاطها بعد الوصول إلى مياه البحر المتوسط الدافئة القادمة من أوربا.
كما أن انحلال المنخفض الجوي يكون أمطار كثيرة وواسعة، ومن الممكن أن يتجدد نشاطه فوق الماء، كما يمكن أن تتكون منخفضات أخرى مباشرة بعد المنخفض الأول إذا كانت الظروف ملاءمة في طبقات الجو العليا، تكثر المنخفضات الجوية في فصل الشتاء، حيث الفصل الذي يكون فيه الهواء على أكبر تباين لدرجات الحرارة، وفي فصل الصيف تصبح المنخفضات الجوية خفيفة ولكنها لا تختفي، حيث يتحرك نطاق سيطرتها إلى شمال الموقع الشتوي وللمنخفضات الجوية نطاق سيطرة وتحرك، كما يوجد هناك عدة مراكز لتكون المنخفضات الجوية، منها ما هو أولي ومنها ما هو ثانوي.
فمناطق التكون الأولية للمنخفضات يتطابق مع وجود الأخاديد (Trough) التي تظهر في شرق القارات حيث أن تماس الماء مع اليابس يشجع على تكون هذه الأخاديد، وغالباً ما يتكون المنخفض أسفل هذه الأخاديد، لذلك فإن أكبر منطقتين لتكوين المنخفضات الجوية هي سواحل أمريكا الشمالية الشرقية، ساحل المحيط الأطلسي الغربي، الثانية تكون على كل من سواحل آسيا الشرقية وساحل المحيط الهادي الغربي، أمَّا الثانوية فهي تظهر على البحر المتوسط، وعلى السفوح الشرقية لجبال الروكي.
تتكون المنخفضات الجوية على الساحل الشرقي لآسيا، فوق اليابان وشرق الصين؛ بسبب التقاء الهواء البارد القادم من المرتفع السيبيري بالهواء الدافئ الرطب فوق ساحل المحيط الهادي، كما يوجد هنا في المستوى 500 مليبار أخدود دائم، كما تتحرك المنخفضات شرقاً منجذبة من الضغط الواطئ الدائم الالوشي في شمال المحيط الهادي، ومن هناك تواصل مسيرتها إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفوق هذه المنطقة تصل إلى مرحلة التحلل حيث تسقط أمطار غزيرة على الساحل الشرقي للمحيط الهادي.
إن مرور الهواء على جبال الروكي بشكله الإعصاري يعمل على تكون منطقة ثانوية لحدوث المنخفضات الجوية على السفوح الشرقية لجبال الروكي، حيث تتكون هذه المنخفضات في الشتاء فقط، تتكون هنا منخفضات جوية ثانوية تتحرك في البداية إلى الجنوب الشرقي ثم إلى الشرق حيث تؤثر على السهول الأمريكية الوسظى وفي الغالب تصل هذه المنخفضات إلى مرحلة التحلل قبل أن تصل الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، إلا إذا مرت في أثناء مسيرتها فوق البحيرات الخمس فإنها تجدد نشاطها.

المصدر: يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.


شارك المقالة: