من أمثال العرب - رب ملوم لا ذنب له

اقرأ في هذا المقال


رغم اختلاف الناس عبر العصور والأزمنة، وتطور اللغة والآداب عند الإنسان من عصر إلى عصر، ومن حديث لأحدث، إلا أن الأمثال الشعبية والفصيحة بقيت مرتبطة بالإنسان ومستمرة، فنجد الأمثال على إيجازها وخفتها رفيقة الإنسان في المواقف والأحداث المختلفة، تصوّرها وتصفها وصفًا دقيقًا، وهي الأمثال ذاتها التي استخدمها الآباء والأجداد، دون تطور أو تقدم، إنما تُعدّ عند الكثيرين مرآة للحكمة وملاذًا يلجأ إليه المرء عند الحاجة، فإما أن يكون استخدامها للاتعاظ بها، أو لتوجية النصح للآخرين.

ربّ ملوم لا ذنب له:

الآن نحن بصدد التعرف إلى مثل “ربّ ملوم لا ذنب له” ، وبالطبع سنتعرف معًا إلى الموقف الذي يُضرب ويُقال فيه هذا المثل، ومن هم أشهر من ورد على ألسنتهم.

فيم يضرب مثل “رب ملوم لا ذنب له”؟

هذا المثل من أقوال “الأحنف بن قيس”، إذ يُحكى أن رجلًا في مجلس الأحنف بن قيس قال: ليس هناك شيء أبغض إليّ من التمر والزبد، فقال الأحنف: “ربّ ملُوم لا ذنب له”، وفي المثل دعوة إلى التحقق من الأمر قبل توجيه اللوم للبريء، قيل كذلك إن قائل مثل: “ربّ ملوم لا ذنب له” هو أكثم بن صيفي، إذ يقول: “قد ظهر للناس منه أمر أنكروه عليه، وهم لا يعرفون حجّته وعذره، فهو يلام عليه”.

قيل أيضًا إن المثل قد ورد في جواب للإمام علي بن أبي طالب لكتاب معاوية، إذ قال: “وما كنت لأعتذر من أنّي كنت أنقم عليه أحداثًا، فَإِن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له، “فربّ ملوم لا ذنب له”، وقد يستفيد الظنّة المتنصّح وما أردت إِلا الإِصلاح ما استطعت، وما توفيقي إِلا باللّه عليه توكلت وإليه أنيب”، وهذا جزء من كلام لعلي رضي الله عنه بهذا الصدد، حيث اتّهم معاوية الإمام علي بالاشتراك في قتل عثمان فأجاب عنه: بأني كنت ناقمًا عليه لأحداث ارتكبها، وليست هذه النقمة شركة في قتل عثمان، بل كانت هداية له وإرشادًا، فإن كنت تلومني على ذلك “فربّ ملوم لا ذنب له”، وما أنا ذا ملوم، بلا ذنب ارتكبته، مما سبق نرى أن في المثل دعوة إلى التحقق والتأكد قبل توجيه أي اتهام لأي إنسان قد يكون بريئًا من الذنب الذي وُجّه إليه.




شارك المقالة: