اقرأ في هذا المقال
- أتابكية جزيرة ابن عمر (576 – 648 هجري)
- أتابكية سنجار (566 – 617 هجري)
- أتابكية أربل (539 – 630 هجري)
- أتابكية أذربيجان (531 – 622 هجري)
- أتابكة فارس الدولة السلغرية (543 – 686 هجري)
أتابكية جزيرة ابن عمر (576 – 648 هجري):
مؤسس هذه الأتابكية معز الدين سنجر شاه بن غازي بن مودود ابن زنكي، أقطعه والده هذه الجزيرة بأعمالها وقلاعها وكان عمره اثنتي عشرة سنة. وذلك لإبعاده عن حكم الموصل لصغر سنه ولرغبة الأمراء في تنصيب أخاه عز الدين مسعود لرجاحة عقله وشجاعته.
في سنة (605 هجري)، قتل معز الدين وخلفه ابنه غازي الذي حكم يوماً وليلة؛ بسبب عصيان مماليكه عليه فأمسكوه ونصبوا مكانه ابنه محمود الذي لُقِبَ بالمعظم معز الدين. بقي آل زنكي في حكمها إلى أنَّ ضمها صلاح الدين الأيوبي تحت حكمه ثم أصبحت من أملاك العادل أخيه وأولاده إلى الغزو المغولي.
أتابكية سنجار (566 – 617 هجري):
أسسها عماد الدين زنكي الثاني بن مودود الذي لم يحصل على حكم الموصل؛ بسبب تدخل فخر الدين عبد المسيح الذي كان لا يرغب بعماد الدين لحبه وقربه من عمه نور الدين محمود فأقنع الأتابك مودود بالوصاية لابنه سيف الدين غازي، وكان ذلك سبباً لمجيء نور الدين إلى الموصل وتقرير قواعدها سنة (565 هجري)، وقال (انا أولى بتدبير أولاد أخي في ملكهم).
فاستولى على الموصل وأقطع سنجار إلى عماد الدين سنة (566 هجري)، فأنشأ فيها أتابكية مستقلة عن الموصل توارث حكمها أربعة من البيت الأتابيكي، ولمّا توفي الأتابك عماد الدين سنة (594 هجري) خلفه ابنه قطب الدين محمد (594 – 616 هجري).
وما لبث أنّ اضطربت أوضاع الأتابيكية بسبب نشوب صراع بين الأخوين عماد الدين شاهنشاه محمد الذي خلف أباه (616 – 617 هجري)، وأخيه عمر الذي عمل على التخلص منه ثم سلمت سنجار إلى الملك العادل الذي عوضه بالرقة.
أتابكية أربل (539 – 630 هجري):
مؤسس هذه الأتابكية زين الدين علي بن بكتكين أحد الأمراء الأتراك في جيش الأتابك عماد الدين بن زنكي الذي عينه نائباً عنه في قلعة الموصل، كان الأتابك عماد الدين قد أقطعه أربل، وأضاف إليه شهرزور وتكريت وقلاع الأكراد الحميدية والهكاريه.
وكانت أتابيكية أربل تدار بواسطة وكلاء أو نواب يبعثهم زين الدين، في سنة (536 هجري)، فارق زين الدين الموصل ورجع إلى إقطاعه مدينة أربل؛ بسبب كبر سنه وبعد وفاته سنة (571 هجري)، تولى حكم الأتابيكية ابنه زين الدين أبا المظفر يوسف الذي ظل يحكمها إلى سنة (586 هجري).
ثم آل حكمها إلى أخيه مظفر الدين كوكبري وكتبه له السلطان صلاح الدين منشوراً بإعطائه أربل على أنّ يتنازل له عن حران والرها، وسميساط، والموزر. وبعد وفاته رجعت أربل إلى حاضرة الخلافة العباسية سنة (630 هجري)، بسبب عدم وجود وريث للحكم بعده.
أما الفرع الثاني في الشام فكانت أتابيكية حلب (541 – 579 هجري)، الذي أسسها نور الدين محمد بن عماد الدين وقد لعب الأتابك نور الدين دوراً هاماً في الجهاد ضد الصليبيين فقد فتح مدينة دمشق سنة (549 هجري). واستطاع من استرجاع مصر للخلافة العباسية سنة (567 هجري)، ثم توفي الأتابك نور الدين سنة (569 هجري).
فخلفه ابنه الصالح إسماعيل وكان لصغر سنه أثر في تحالف الصليبيين ضده لكن نجدة صلاح الدين حالت دون ذلك وفي سنة (577 هجري)، توفي الملك الصالح وكان قد أوصى بالملك الى ابن أخيه عز الدين مسعود أتابك الموصل. وفي سنة (579 هجري)، استولى صلاح الدين على حلب واستمرت بأيدي الأيوبيين إلى أنّ استولى عليها التتار.
لقد كانت لأتابيكية الموصل الدور المهم في الجهاد ضد الصليبيين وهي الميزة الثانية التي ميزتها عن باقي الأتابيكياتن لقد أعطى ابن الأثير صورة واضحة عن حالة بلاد الشام قبل وبعد مجيء الأتابلك عماد الدين فقد وصف لنا حالة الأفرنج ومدى تطاولهم على المسلمين (كان الأفرنج قد اتسعت بلادهم وكثرت أجنادهم وعظمت هيبتهم، وزادت بلاد الشام أيديهم وضعف أهلها عن كف عاديتهم وتتابعت غزواتهم وساموا المسلمين سوء العذاب).
ويقول في موضع آخر: (ثم زاد أمرهم وعظم شرهم حتى جعلوا على كل بلد أتاوة يأخذونها منهم ليكف أيديهم عنهم). هذه هي حالة بلاد الشام قبل مجيء الأتابك عماد الدين وبعد قيام أتابكيته وجهاده ضد الأفرنج تغيرت الصورة فقد قدمها ابن الأثير بقوله: (فغزا الأفرنج في عقر دارهم وأخذ للموحدين منهم بثأرهم فأصبحت أهلة الإسلام، مبدرة بعد سدارها وشموس الإيمان بعد طموس أنوارها وماس المسلمين فيه هلك من النصر فضفاضة).
أتابكية أذربيجان (531 – 622 هجري):
مؤسس هذه الأتابكية، شمس الدين أيلدكز وهو من مماليك السلطان محمود ثم أصبح من مماليك السلطان مسعود. أشغل عدة وظائف في الحكم السلجوقي حتى وصل إلى مناصب مهمة بحيث تولى ولاية أرانية أقطاعاً، وعمل على توسيع نفوذه في مناطق أذربيجان وكان عسكره يتكون من خمسين ألف فارس وأمتد نفوذه من تفليس إلى مكران. كان أتابكاً للأمير ارسلان شاه بن طغرل بن السلطان محمد، وأسس أتابكية أستمرت تسعون عاماً.
كان الأتابك أيلدكز واسع الطموح وقد أظهر من السياسة الحكيمة ورجاحة العقل ما دفع السلطان مسعود أنّ يزوجه بزوجة أخيه طغرل بن محمد أم السلطان ارسلان شاه. بعد وفاة السلطان محمد (533 هجري)، عمل الأتابك على تنصيب أرسلان شاه سلطاناً للسلاجقة واستطاع بدهائه وذكائه من استمالة معظم الأمراء فسار إلى همذان وأجلس ارسلان شاه على سرير الملك.
استطاع أيلدكز بعمله هذا أنّ يصبح المتنفذ الوحيد في أذربيجان والعراق وهمذان وأنّ يفرض طاعته ومهابته على كل الأمراء، ولم يكن السلطان أرسلان شاه سوى صورة في الملك وأتابك أيلدكز معنى ينفذ الأحكام ويقطع البلاد. توفي الأتابك (570 هجري)، وخلفه ابنه محمد بهلوان الذي أمسك بزمام الأمور وطاعة ملوك الأطراف. أصبح الأتابك محمد بلهوان الحاكم الفعلي في أذربيجان والعراق والريّ وهمذان واستمر بالحكم لحين وفاته سنة (582 هجري)، وكان قد أوصى بالملك لأخيه قزل ارسلان وكان يملك خمسة آلاف مملوك.
كانت علاقة الأتابك قزل أرسلان بالسلطان طغرل الثالث قد ساءت مما هيأت الأرضية لقيام تعاون مع الخليفة الناصر لدين الله فأتفقا على قتال طغرل الثالث وهزيمته ثم وصلت قوات الخليفة إلى همذان وأكرموا الأتابك وأعطوه مراسيم الخليفة بحكم الولاية نيابة عنه ثم قتل الأتابك سنة (587 هجري).
بقيت أتابيكية أذربيجان تتمتع بالنفوذ والسلطة خلال حكم الأتابك أبي بكر الذي توفي سنة (607 هجري)، ثم شهدت اتابيكية أذربيجان انكماش في دورها ومساحتها، واستمر آل أيلدكز في الحكم إلى أنّ استولى على أتابيكيتهم جلال الدين منكبرتي، وقضى على آخر أتابيكيتها أوزبك بهلوان سنة (622 هجري)، شم استولى عليها المغول سنة (628 هجري)،. لقد حكم الايل دكزيون على أساس التبعية للسلطة السلجوقية وبقوا يعترفون بهذه التبعية حتى مقتل آخر سلاطينهم سنة (590 هجري).
لقد منح السلاجقة هذه الأتابيكية نوع من الحكم الذاتي الخاص بإدارة شؤونها الداخلية وفي الشؤون الخارجية فكانت ترتبط بالسلطة السلجوقية حسب الظروف السائدة ومستجداتها. إنَّ سياسة شمس الدين أيلدكز كانت انعكاس للوضع السياسي في فترة اضطراب أوضاع السلاجقة السياسة الإدارية على حد سواء.
أما نظامها الإقطاعي فهو صورة للنظام الإقطاعي السلجوقي فقد كان الأتابك مصدر السلطة وهو الذي يعين كبار أمراء الدولة وموظفيها، لقد أتبع أتابة أذربيجان سياسة إقطاعية قائمة على توزيع الإقطاعات على فترتين أساسيتين، الأولى أفراد البيت الأتابيكي الذين كانت تقطع لهم الولايات كأقطاع إداري من أجل تثبيت دعائم حكم الأتابك من خلال أفراد بيته الإقطاعيين ولضمان ولائهم للسلطة المركزية، فكانت الري إقطاعاً لنصرة الدين بهلوان أخو الأتابك أيلدكز. وهمذان وبروجرد، أقطاعاً لمتحمد بن أيلدكز.
أما الإقطاعات العسكرية فقد وزعت على الأمراء والجنود لكي يأخذوا أرزاقهم منها وكان له الحق في الإستغلال وليس التملك، وكان هؤلاء الإقطاعيين ملزمين بتجهيز قواتهم بالعدة والسلاح وأرسالهم في خدمة الأتابك أثناء حروبه، وكان معظم الأمراء الإقطاعيين يقيمون في عاصمة السلطة تحت خدمة الأتابك.
أتابكة فارس الدولة السلغرية (543 – 686 هجري):
أصبحت ولاية فارس ضمن أملاك الدولة السلجوقية فقد استطاع السلطان ألب ارسلان من ضمها إلى أملاكه سنة (458 هجري)، وأقطعها إلى الأمير أبو العباس بن شبنكار الكردي ولم يستمر حكمه طويلاً إذ دخل في نزاع مع السلطة السلجوقية وأعلن العصيان فقاتله الوزير نظام الملك وأخذه أسيراً ثم عفي عنه.
بعد تولي السلطان طغرل بن محمود السلطنة نازعة الملك مسعود فأنظم إليه قراجة الساقي أتابك فارس الذي قُتِلَ بعد هزيمة قواته أمام العساكر السلطانية، فولّى السلطان طغرل بلاد فارس إلى الأمير منكوبرس وجعله أتابكاً الابنه ألب ارسلان.
كان منكوبرس طموحاً أراد أنّ يوسع أتابكية، فخرج بجيش جرار إلى همذان للاستيلاء عليها فلما علم السلطان مسعود بذلك، خرج إليه واستطاع من هزيمته وأسره وكان يقود جيش الأتابك الأمير بوازيه الذي استطاع من لمّ شمل القوات المنهزمة والهجوم على قوات السلطان (531 هجري). عيّن بوازيه أتابكاً للأميرين محمد وملكشاه ابن السلطان محمود ثم انتهت المعركة بأسر بوازية وقتله ورجع الأميرين إلى فارس بعد أنّ عفى عنهما السلطان.
استطاع الأتابك سنقر بن مودود السلغري من الاستيلاء على شيراز سنة (543 هجري)، وأسس الأتابيكية السلغرية وأمتدت سيطرتهم على فارس وساحل الخليج العربي وخوزستان وأمتد حكمهم مائة وعشرين سنة موزعة على أحد عشر أتابكاً.
من أشهر حكام هذه الأتابكية الأمير تكلا بن زنكي (571 – 591 هجري)، الذي قضى حكمه في ترتيب أوضاع الأتابكة عن طريق توسيع أراضيها وكان يجعل على رأس كل ولاية من أتابكية أميراً من ثقاته واجبه هو حمايتها من الأعداء وكان يمده بالأموال والعساكر.
وشهدت هذه الأتابكية توسعاً ملحوظأً في عهد الأتابك سعد بن زنكي (599 – 623 هجري)، الذي استولى على أصفهان وقد اصطدمت أطماعه مع أطماع علاء الدين خوارزم، الذي استطاع من أسر الأتابك ثم عفى عنه ورجع إلى شيراز على أنّ يحمل إلى خزانة الخوارزميين ثلث خراج بلاده ثم خلفه ابنه نصرة الدين أبو بكر (626 هجري)، الذي استولى على جزر الخليج العربي ثم خضعت هذه الأتابكية إلى حكم التتار المغول.