إمارة العبيديين والأمويين في عهد المطيع لله

اقرأ في هذا المقال


إمارة العبيديين والأمويين في عهد المُطيع لله:

الخليفة المطيع لله:

‏هو الفضل بن جعفر المُقتدر، ولد عام (301 هجري)، وأمه أم ولد تدعى (شغلة)، يُكنى أبا القاسم.

إمارة العبيديين:

مات أمير العبيديين أبو القاسم القائم نزار بن عبيد الله المهدي عام (334 هجري)، وتولى الإمر بعده ابنه المنصور أبو طاهر إسماعيل، وكان القائم أخطر من والده، أظهر سب الأنبياء، ومات المنصور إسماعيل العبيدي عام (341 هجري)، وولي الأمر بعده ابنه معد وتلقب بالمعز لدين الله، وكان المنصور حسن السيرة بعد أبيه أبطل المظالم فأحبه الناس.

وبعد أن مات كافور الإخشيدي عام (357 هجري)، اختلّ النظام، وقلّ المال على الجند فراسل جماعة من مصر إلى المُعز يُطالبون منه عسكراً ليسلموا إليه البلد، وكان القرامطة قد قصدوا مصر ليملكوها، فأرسل المعز قائده جوهر الصقلي في مائة ألف فارس فملك مصر، واختط القاهرة وبنى دار الإمارة، وقطع الخطبة لبني العباس، ومنع لباس السواد، وأمر الخُطباء أن يلبسوا البياض، وانتقل المُعز إلى مصر في شهر رمضان من عام (362 هجري).

وإن ما فعله الفاطميون في دمشق من قتل، وحرائق، وفتن قد جعل خُطباءها يلعنون العبيديين على المنابر بل طلب أهلها النجدة من القرامطة وهم على سوئهم أيضاً، ظنوا بأن يكونوا أقل سوءاً من العبيديين وكذا فعلوا بطبريا بعد أن قضوا على أميرها من قبل الإخشيديين وهو فاتك، وكذا بالرملة عندما انتصروا على الوصي، وأمير الرملة الحسن بن عبيد الله بن طنج.

لمّا أرسل جوهر الصقلي قائد العبيديين خبر انتصاراته إلى سيّده وتوسّل له بالقدوم إلى مصر، غادر المُعز حاضرته (المنصورية)، واستخلف على إفريقية شيخ صنهاجة (بلكين بن زيري بن مناد)، ومرّ على جزيرة سردينيا التي خضعت هي وصقلية لنفوذه، ومنها سار إلى القاهرة، حيث غدت حاضرةً له فقلت بذلك سطوته على المغرب فاستقلّ واليه (بلكين بن زيري)، في منطقة تونس عام (362 هجري)، وأسس الدولة الزيرية وإن بقي يدعو للمعز.

وبوجود الخليفة العبيدي في القاهرة أفل نجم بانيها جوهر الصقلي غير أن اشتداد ضغط القرامطة، وزيادة نفوذ الأتراك قد أجبر الخليفة العبيدي على إعادة جوهر إلى قيادة الجيوش، وتوفي المعز لله عام (365 هجري)، وخلفه ابنه نزار أبو منصور المُلقب العزيز بالله، ودعي للعبيديين بالحرمين عام (363 هجري).

ومن قبل قام الخوارج بثوراتٍ على العبيديين في المغرب الأباضيوة، والصفريون على حدٍ سواء، ولكن لم يُكتب لهذه الثورات النجاح، فمذ عجز أبو يزيد مخلد بن كيداد الأباضي عن دخول المهدية انقسمت جيوشه إلى فرق مُختلفة الهوى مُتباينة الرأي، وهذا ما جعل الهزيمة تحل به أمام المنصور عام (335 هجري)، ثم وقع أسيراً وهو مثُخن بالجراح بعد أن توالت عليه الهزائم، ومات في السجن عام (336 هجري)، مُتأثراً بجراحه.

وحاول الفضل بن أبي يزيد القيام بحركة بعد وفاة أبيه ضد المنصور العبيدي غير أنه هُزِمَ وقُتل، وحاول أخوه أيوب بن أبي يزيد زعامة ثورة إلا أنه هُزم واغتيل على يد أحد رؤساء قبيلة (مغراوة)، وأرسل رأسه إلى المنصور العبيدي.

واستغل محمد بن الفتح بن ميمون المُلقب باسم الشاكر لله قيام الأباضيين بحركتهم بإمرة أبي يزيد وانشغال العبيديين بالقضاء عليها فقام يقود الصفرية لقتال العبيديين، وعندما آل أمر العبيديين إلى المعز لله عام (341 هجري)، أثار قبيلة كتامة للقيام بمهمة قتال الشاكر لله لكنها تثاقلت بحجة بُعد الشقة وصعوبة الطريق، وهذا ما زاد من كثرة المُتمردين في المغرب على الحكم العبيدي الأمر الذي جعل المُعز لله يُعدّ حملةً كبيرةً تُعيد للحكم هيبته في المغرب وقد أوكل إمرتها إلى جوهر الصقلي.

سارت الحملة إلى سلجماسة وحاصرتها مُدة ثلاثة أشهر، وحاول قائدها جوهر أن يُعطي الأمان لسكان المدينة مُقابل تسليمهم الشاكر لله فلم يفلح، وتمكن الشاكر لله أن يفرّ من المدينة وأن يلتجئ إلى أحد الحصون القريبة منها، ودخل بعدها جوهر سجلماسة وأصدر عفواً عاماً عن السكان، وبعد مُدة تسلّل الشاكر لله إلى المدينة لقتال خصومه داخلها، فقُبض عليه، وأُخذ أسيراً إلى القيروان، وبقي في سجنه حتى توفي عام (354 هجري).

وعيّن جوهر ولياً من قبله على سجلماسة، ورجع هو إلى المنصورية، وما أن غادر جوهر سجلماسة حتى هجمت الصفرية على الوالي العبيدي، وقامت بقتله، ونصبّت عليها أحد أبناء الشاكر لله أميراً ولقبته المنتصر لله وحتى لا تعود الحرب كتبت الصفرية إلى المعز لله أنهم على الطاعة، وهو بدوره حرصاً على السلامة وعدم تجدد الثورة فقد وافق على تعيين الوالي الذي تمَّ اختياره من قبلهم وهو المنتصر لله ودعاهم لزيارته في المنصورية.

فساروا إليه فاستقبلهم وعفا عنهم وأيّد اختيارهم الأمير وقدم لهم الهدايا وعادوا أدراجهم، غير أنه لم يلبث ابن الشاكر لله الآخر وهو أبو محمد أن ثار على أخيه وقتله وخلع طاعة العبيديين وذلك عام (352 هجري)، وتلقب بإسم المُعتز وانتهى نفوذ العبيديين نهائياً من سجلماسة منذ ذلك الوقت.

وجاءت أعداد كبيرة من الروم والفرنجة عام (353 هجري)، ويزيد عددهم على مائة ألف يُريدون صقلية فقاتلهم المسلمون وانتصروا عليهم ففروا بعد أن فقدوا الكثير منهم فلاحقهم المسلمون في المراكب فأغرقوا عدداً من سفنهم وأسروا عدداً آخر ممن فرّ.

إمارة الأمويون:

كان عبد الرحمن الناصر الخليفة الأموي في الأندلس، وقام ببناء مدينة (سالم)، عام (335 هجري)، وهي في شمال شرقي مدريد (135) كيلومتر. كما بنى مدينة (المرية)، على منطقة البحر المتوسط لتكون قاعدةً للأسطول الأندلسي عام (344 هجري). وحدث في هذا العام قتال بين عبد الرحمن الناصر الأموي والمعز لدين الله العبيدي.

ومات عبد الرحمن الناصر عام (350 هجري)، بعد أن ثبّتَ أركان البلاد وخلفه ابنه الحكم الثاني الذي تلقّب باسم المستنصر بالله، واستمرت أيامه حتى عام (366 هجري)، وكانت أيامه هادئةً، والبلاد مستقرةً على أُسس ثابتٍ، ازدهرت فيها العلوم، ونعمت بالعمران، وقد أعدّ عبد الرحمن الناصر ابنه الحكم إعداداً جيداً وهيأه لتسلّم أمور الأندلس، وكان الحكم ميّالاً للسلم فاستغل النصارى في الشمال هذه النقطة، وظنوا فيه ضعفاً.

فبدأوا بالهجوم على أطراف البلاد فجهز جيشاً قوياً قاده بنفسه لتأديب النصارى فردّهم على أعقابهم خاسرين، وأمّن حدود بلاده. هاجم النورمان في عهده الأندلس، وهم من شمالي أوروبا ولا يزالون على الوثنية وأطلق عليهم اسم المجوس، وأغاروا على عدة مناطق، وقد استقر بعضهم في شمال غربي فرنسا بعد الغارة على تلك الجهات وأخذت اسمهم (نورماندي)، وتشير المصادر إلى أن أصلهم من جهات الدانمارك، وأقام بعضهم في جنوبي إيطاليا، واستعملتهم الكنيسة للهجوم على المسلمين فدخلوا صقلية فيما بعد.

تعرّضت سواحل بحر الغرب (المحيط الأطلسي)، لغارات هؤلاء النورمان المجوس وقد تركزت غاراتهم على منطقة لشبونة وذلك في عام (355 هجري)، وعام (361 هجري)، كما تعرضت السواحل الشرقية سواحل البحر المتوسط لهجمات المغيرين أنفسهم وذلك في عام (354 هجري)، وعام (360 هجري)، وتركّزت غاراتهم على مرفأ (المرية).

ويمكن القول أن المسلمين قاموا بإنشاء لهم دولةً في شمالي مرسيليا أمتدت من ساحل البحر إلى سويسرة وشملت شمالي إيطاليا والجنوب الشرقي لفرنسا وجزءاً من سويسرا، وعرفت باسم دولة جبل القلال، ودامت أيامها من عام (277 – 365 هجري)، وظن الأوربيون أن هذه ذات صلة بالمسلمين في الأندلس لذا فقد انطلقت سفاراتهم إلى قُرطبة لبحث شأن هذه الدولة، ولم يكن لأهل الأندلس علاقة بها.

وفي اليمن قامت عدة دول منها في هذه المرحلة دولة بني زياد في زبيد، ودولة بني يعفر في صنعاء، ودولة بني الرسّ في صعدة، وهم الأئمة الزيود، وكان الإمام في هذه المُدة المنصور يحيى ودام حكمه من عام(325 – 366 هجري).


شارك المقالة: